صفقة تبادل سجناء بين طهران وواشنطن تسبق إعلان تنفيذ الاتفاق النووي رسميًا

إيران: الإفراج وفق مصالحنا العليا.. وطائرة سويسرية تنقل السجناء الأميركيين إلى الولايات المتحدة

الشاب سعيد عابديني بعد إفراج السلطات الإيرانية عنه (أ.ف.ب)
الشاب سعيد عابديني بعد إفراج السلطات الإيرانية عنه (أ.ف.ب)
TT

صفقة تبادل سجناء بين طهران وواشنطن تسبق إعلان تنفيذ الاتفاق النووي رسميًا

الشاب سعيد عابديني بعد إفراج السلطات الإيرانية عنه (أ.ف.ب)
الشاب سعيد عابديني بعد إفراج السلطات الإيرانية عنه (أ.ف.ب)

أفرجت السلطات الإيرانية عن مراسل صحيفة «واشنطن بوست» في طهران، جيسون رضائيان وثلاثة آخرين بحسب ما ذكرت وكالة «فارس» التابعة للحرس الثوري الإيراني في إطار صفقة تبادل سجناء قبل تنفيذ الاتفاق النووي رسميًا بين طهران و«مجموعة 5+1»، فيما أطلقت واشنطن 7 من المعتقلين الإيرانيين.
وقال مراسل «نيويورك تايمز» في طهران إن تبادل السجناء جرى في عمان، لكن مسؤولا إيرانيًا نفى ذلك، بينما ذكرت مصادر إعلامية أخرى أن السجناء الأميركيين غادروا طهران باتجاه سويسرا على متن إحدى طائراتها وبتسهيل من حكومتها. وأوضح المسؤولون لـ«الشرق الأوسط» أنه تم بالفعل خروج الأربعة أميركيين من السجون الإيرانية، حيث يتم الترتيب لعودتهم إلى الولايات المتحدة على متن طائرة سويسرية من مدينة برن إذا سمح الطقس بذلك، وقد يحدث في موقع مختلف إذا ساءت الأحوال الجوية في برن السويسرية..
وبعد نقل الأميركيين الأربعة من طهران سيتم أخذهم إلى مركز لاندشتول الطبي في ألمانيا، وهو مستشفى عسكري أميركي، حيث يتلقى الأميركيون العلاج الطبي الفوري وإجراء فحوصات طبية، قبل عودتهم إلى الولايات المتحدة وقال مسؤول كبير بالإدارة الأميركية: «المواطنون الأميركيون لم تتم إعادتهم جوا من إيران بعد، ولا نريد أن نفعل شيئا من شأنه أن يعقد مسألة عودتهم»، موضحًا أنه تلقى تأكيدات أنه تم بالفعل إطلاق سراحهم من السجون الإيرانية.
من جانبها، قالت وسائل إعلام إيرانية نقلا عن الادعاء العام في محكمة الثورة الإيرانية إنه تم الإفراج عن أربعة سجناء من حملة الجنسية المزدوجة مقابل إفراج السلطات الأميركية عن سبعة إيرانيين مدانين بانتهاك العقوبات الدولية على إيران ونقلت وكالات أنباء إيرانية عن المدعي العام في طهران، عباس جعفري قوله إن المفرج عنهم في إيران هم مراسل «واشنطن بوست» جيسون رضائيان والقس سعيد عابديني وأمير حكمتي ونصرة لله خسروي.
في هذه الأثناء، قال عباس جعفري إن الإفراج جرى وفق قرار المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني و«المصالح العليا للنظام» واعتقل رضائيان المولود في كاليفورنيا والذي يحمل الجنسيتين الأميركية والإيرانية في يوليو (تموز) 2014 وأدين لاحقا بعد محاكمته بتهم التجسس وتقويض الأمن القومي الإيراني وحوكم رضائيان العام الماضي في الفرع 15 لمحكمة طهران الثورية، التي عادة ما تنظر في القضايا السياسية وتلك المتعلقة بالأمن القومي.
ولا تعترف طهران بالجنسية المزدوجة، وقالت إن حالات رضائيان وغيره هي شأن إيراني بحت وأبرز الإعلام الإيراني قضية رضائيان الذي اتهم بالتجسس وتسليم معلومات حول إيران لمسؤولين في الحكومة الأميركية وبعد محاكمة غلفتها السرية أكد القضاء الإيراني إدانة رضائيان في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي والحكم عليه بالسجن، إلا أنه لم يذكر مدة السجن.
وصرحت ليلى إحسان محامية رضائيان لوكالة الصحافة الفرنسية أنه لا علم لها بالإفراج عن موكلها وقالت: «ليست لدي أدنى معلومات عن ذلك» واعتقلت إيران القس عابديني منذ أكتوبر 2012 بعد إدانته بتقويض الأمن القومي ونشر الديانة المسيحية وتأسيس كنائس غير مرخصة.
ومن جانبه أكد ناصر سربازي محامي القس عابديني الإفراج عن موكله.
من جانبه، أكد محامي حكمتي، محمود عليزاده طباطبائي الإفراج عن موكله في تصريح لوكالة «إيسنا» الإيرانية ويمضي أمير حكمتي الجندي السابق في قوات المارينز الأميركية حكما بالسجن عشر سنوات بتهمة التعاون مع حكومات معادية.
وكانت الشعبة 15 في محكمة الثورة الإيرانية أصدرت في البداية، حكما بالإعدام على حكمتي في يناير (كانون الثاني) 2012 بعد اعترافات تلفزيونية لكنها عدلت عن ذلك بعد الطعن المقدم من فريق المحاماة وأصدرت حكما بالسجن عشر سنوات.
وكان وزير الخارجية الأميركية جون كيري في رده على أسئلة الصحافيين في السابق حول المسجونين الأميركيين لدى إيران قد أصر على أن إدارة الرئيس أوباما تصر على فصل قضية الأميركيين المحتجزين لدى إيران عن المفاوضات الجارية حول البرنامج النووي الإيراني، وأشار إلى أنه لا يريد أن يكون السجناء الأميركيون رهينة لنتائج المفاوضات النووية.
وقد تلقت وسائل الإعلام الأميركية أخبار تبادل السجناء بين البلدين بالترحيب من جانب، وطرح الكثير من التساؤلات من جانب آخر، حيث إنه ليس من المعتاد الإعلان عن صفقة تبادل سجناء قبل وصول السجناء الأميركيين إلى الولايات المتحدة، فيما تدافع مرشحو الرئاسة الجمهوريون للاحتفاء بعودة السجناء الأميركيين، وفي الوقت نفسه أثيرت تساؤلات حول الجوانب المخفية في صفقة التبادل والهجوم على رفع العقوبات عن إيران.
وتهكم المرشح الجمهوري دونالد ترامب على مكتسبات الولايات المتحدة من الاتفاق وقال: «لقد حصلت إيران على سبعة سجناء وحصلت على 150 مليار دولار، وفي المقابل حصلنا على أربعة سجناء فقط». وأضاف: «إنني سعيد بعودتهم وقد كانت وصمة عار بقاءهم هناك وقتا طويلا». ورحب المرشح الجمهوري للرئاسة تيد كروز بخبر إطلاق سراح السجناء الأميركيين، لكنه تشكك في أن يكون في صفقة تبادل السجناء عناصر مخيبة للآمال. وقال كروز عبر حسابه على «تويتر» «الحمد لله أن شيئا جيدا خرج من صفقة أوباما السيئة مع إيران».
وانتقد السيناتور الجمهوري ماركو روبيو وأحد مرشحي الحزب الجمهوري للرئاسة صفقة تبادل الأسرى، مشيرا إلى أن تلك المبادلة قد تكون حافزا لدول أخرى لاعتقال أميركيين وأخذهم رهائن، وقال روبيو: «إذا كانت التقارير عن تبادل الأسرى صحيحة فإننا بالطبع سعداء لهم ولأسرهم لكن ما قام به الرئيس يخلق حافزا لمزيد من الحكومات أن تفعل ذلك في جميع أنحاء العالم»
وشدد روبيو على أنه يريد أن يعرف ما هي التنازلات التي حصلت عليها إيران من وراء تخفيف العقوبات ومقابل الإفراج عن الأميركيين المحتجزين في إيران.
وقال حاكم نيو جيرسي كريس كريستي المرشح الجمهوري للرئاسة: «نحن سعداء لعائلات الأميركيين المفرج عنهم لكني أريد أن أسمع الجانب الآخر من الصفقة، وما إذا كان الرئيس سيقوم بالإفراج عن المزيد من الإرهابيين من غوانتانامو»، وأضاف: «لا ينبغي علينا مبادلة السجناء، فالأميركيون المعتقلون في إيران لم يرتبكوا جريمة وتم اعتقالهم بصورة غير قانونية في خرق للقانون الدولي وكان ينبغي الإفراج عنهم دون قيد أو شرط»
في المقابل أمر الرئيس الأميركي باراك أوباما بالعفو عن ثلاثة من الإيرانيين المسجونين في الولايات المتحدة، وتخفيف عقوبة السجن لأربعة إيرانيين آخرين، وقالت وكالة أنباء «إيرنا» الرسمية إن السبعة الذين أفرجت عنهم واشنطن هم نادر مدانلو وبهرام مكانيك وخسرو افقهي وآرش قهرمان وتورج فريدي ونيما غلستانة وعلي صابونجي، كما اشترطت إيران توقف الشرطة الدولية (إنتربول) عن ملاحقة 14 إيرانيا آخرين مطلوبين لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (إف بي آي)، بحسب ما ذكرت وسائل الإعلام الرسمية، وبحسب مواقع إيرانية فإن المدير التنفيذي لشركة «فاراتل» الرائدة في الصناعة الكهربائية الإيرانية خسرو افقهي، اعتقل بعد اتهامه باختراق عقوبات وزارة الخزانة الأميركية على إيران، ومن المقرر أن يتم خروجهم من السجون الأميركية بمجرد وصول الأميركيين المفرج عنهم في إيران إلى الولايات المتحدة.
وتأتي عملية التبادل في وقت يتوقع أن تطبق الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه في يوليو الماضي ويقضي برفع العقوبات المفروضة على طهران.
وسرت تكهنات لأشهر بشأن تبادل سجناء بين واشنطن وطهران لكن إيران رفضت تأكيدها، على الرغم من تلميح حكومي بالترحيب بها وكان أميركي خامس هو عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) السابق روبرت ليفنسون فقد في جنوب إيران قبل ثماني سنوات. ولا يزال مصيره غامضا، وبدورها أكدت الخارجية الأميركية خبر الإفراج عن السجناء وقالت إن إيران تعهدت بالتعاون في كشف مصير روبرت ليفنسون.



مسؤول في «طالبان» يحث على إلغاء حظر تعليم الفتيات والنساء في أفغانستان

شير محمد عباس ستانيكزاي الذي يشغل منصب نائب وزير الخارجية الأفغاني (إعلام أفغاني)
شير محمد عباس ستانيكزاي الذي يشغل منصب نائب وزير الخارجية الأفغاني (إعلام أفغاني)
TT

مسؤول في «طالبان» يحث على إلغاء حظر تعليم الفتيات والنساء في أفغانستان

شير محمد عباس ستانيكزاي الذي يشغل منصب نائب وزير الخارجية الأفغاني (إعلام أفغاني)
شير محمد عباس ستانيكزاي الذي يشغل منصب نائب وزير الخارجية الأفغاني (إعلام أفغاني)

حثَّ مسؤولٌ بارزٌ بحركة «طالبان» قادةَ الحركة على إلغاء حظر تعليم النساء والفتيات الأفغانيات، قائلاً إنه «لا يوجد سبب لذلك»، وذلك في انتقاد علني نادر لسياسة الحكومة. وأدلى شير عباس ستانيكزاي، النائب السياسي بوزارة الخارجية، بهذه التصريحات خلال خطاب، السبت، في إقليم خوست بجنوب شرقي البلاد.

أفغانيات يتظاهرن ضد قرار حرمانهن من التعليم (متداولة – أرشيفية)

وقال للحضور، خلال مراسم دينية بمدرسة، إنه «لا يوجد سبب لحرمان النساء والفتيات من التعليم»، بحسب تقرير لـ«أسوشييتد برس»، الأحد.

وأضاف: «لم يكن هناك مبرر لذلك في الماضي، ولا يجب أن يكون هناك مبرر على الإطلاق». وكانت الحكومة قد منعت تعليم الفتيات بعد الصف السادس.

وقال ستانيكزاي، في مقطع فيديو نشره الحساب الرسمي له على موقع «إكس»: «نطالب القيادة مجدداً بفتح أبواب التعليم».

فتيات أفغانيات في الطريق إلى المدرسة قبل قرار حظر التعليم (متداولة)

فعل ظالم بحق 20 مليون شخص

وأضاف: «نحن نرتكب فعلاً ظالماً بحق 20 مليون شخص من بين 40 مليون شخص، ونحرمهن من جميع حقوقهن. هذا ليس من صفات الإسلام، ولكن خيارنا الشخصي أو الطبيعة». يُشار إلى أن ستانيكزاي كان يترأس في السابق فريق «طالبان» خلال المباحثات التي أدَّت للانسحاب الكامل للقوات الأجنبية من أفغانستان.

طابور من الأفغانيات في انتظار حصولهن على المعونات الغذائية في العاصمة كابل (متداولة)

يذكر أن الحكومة الأفغانية كانت قد منعت الإناث من التعليم بعد الصف السادس، وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، وردت تقارير تفيد بأن السُلطات أوقفت أيضاً تدريب النساء في القطاع الطبي، والدورات التعليمية المُخصصة لهن في هذا المجال.

وفي أفغانستان، لا يمكن للنساء والفتيات تلقي العلاج إلا على أيدي طبيبات ومتخصصات في الرعاية الصحية. وحتى الآن، لم تؤكد السلطات حظر التدريب الطبي.

وقال ستانيكزاي، في مقطع فيديو نشره على حسابه الرسمي على منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي: «ندعو القيادة مرة أخرى إلى فتح أبواب التعليم. نحن نرتكب ظلماً بحق 20 مليون شخص من أصل 40 مليون نسمة، بحرمانهم من جميع حقوقهم. هذا ليس في الشريعة الإسلامية، بل هو نتيجة لخياراتنا الشخصية أو طبيعتنا».

أفغانية تعمل على الحاسوب من منزلها في كابل (أ.ف.ب)

وهذه ليست المرة الأولى التي يقول فيها ستانيكزاي إن النساء والفتيات يستحققن الحصول على التعليم، حيث أدلى بتصريحات مماثلة في سبتمبر 2022، أي بعد عام من إغلاق المدارس للفتيات، وقبل أشهر من فرض حظر على دخولهن الجامعات.

أول دعوة علنية لزعيم الحركة

لكن تصريحات ستانيكزاي الأخيرة تُمثَّل أول دعوة علنية له لتغيير السياسة، وأول نداء مباشر إلى زعيم «طالبان» هبة الله أخوند زاده.

وقال إبراهيم بهيس، وهو محلل في برنامج جنوب آسيا بمجموعة الأزمات الدولية، إن ستانيكزاي كان يدلي بتصريحات مماثلة بشكل دوري يؤكد فيها أن التعليم حق لجميع النساء الأفغانيات. وأضاف: «مع ذلك، يبدو أن التصريح الأخير يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث إنه يدعو فيه علناً إلى تغيير السياسة، ويشكك في مدى شرعية النهج الحالي».

أفغانيات عاملات بالتطريز (أرشيفية)

وفي العاصمة الباكستانية إسلام آباد، دعت الحائزة جائزة «نوبل للسلام»، ملالا يوسفزاي، القادة المسلمين، في وقت سابق من الشهر الحالي، إلى تحدي «طالبان» بشأن تعليم النساء والفتيات.

الحائزة جائزة «نوبل للسلام» ملالا يوسفزاي تتحدث خلال جلسة لمناقشة تعليم الإناث في العالم الإسلامي حضرها مندوبون عن «منظمة التعاون الإسلامي» في إسلام آباد بباكستان في 12 يناير 2025 (إ.ب.أ)

جاء ذلك خلال حديثها في مؤتمر استضافته «منظمة التعاون الإسلامي» و«رابطة العالم الإسلامي».

وقالت الأمم المتحدة إن الاعتراف بحكومة «طالبان» يكاد يكون مستحيلاً في ظل استمرار حظر تعليم الإناث وتوظيفهن، وعدم السماح لهن بالخروج إلى الأماكن العامة دون ولي أمر ذكر.

ولا تعترف أي دولة بحركة «طالبان» حكومةً شرعيةً لأفغانستان، إلا أن دولاً مثل روسيا بدأت في بناء علاقات معها، كما تعمل الهند على تطوير علاقاتها مع السلطات الأفغانية الحالية.

وفي دبي، في وقت سابق من الشهر الحالي، أظهر اجتماع بين أكبر دبلوماسي هندي فيكرام ميستري، ووزير الخارجية الأفغاني أمير خان متقي، مدى عُمق التعاون بين البلدين.