آلان ريكمان.. الممثل الذي أغاظ إسرائيل

اشتهر في السينما والمسرح.. وبمواقفه السياسية الجريئة

في دور بروفيسور سنيب في «هاري بوتر» - خلال تصوير أحد أفلام «هاري بوتر» - آلان ريكمان مع إيما طومسون في «لوف أكتشوالي» - آلان ريكمان خلال العرض الأول لفيلمه «ليتل كايوس»
 في لندن (فوضى صغيرة» العالم الماضي (إ.ب.أ)
في دور بروفيسور سنيب في «هاري بوتر» - خلال تصوير أحد أفلام «هاري بوتر» - آلان ريكمان مع إيما طومسون في «لوف أكتشوالي» - آلان ريكمان خلال العرض الأول لفيلمه «ليتل كايوس» في لندن (فوضى صغيرة» العالم الماضي (إ.ب.أ)
TT

آلان ريكمان.. الممثل الذي أغاظ إسرائيل

في دور بروفيسور سنيب في «هاري بوتر» - خلال تصوير أحد أفلام «هاري بوتر» - آلان ريكمان مع إيما طومسون في «لوف أكتشوالي» - آلان ريكمان خلال العرض الأول لفيلمه «ليتل كايوس»
 في لندن (فوضى صغيرة» العالم الماضي (إ.ب.أ)
في دور بروفيسور سنيب في «هاري بوتر» - خلال تصوير أحد أفلام «هاري بوتر» - آلان ريكمان مع إيما طومسون في «لوف أكتشوالي» - آلان ريكمان خلال العرض الأول لفيلمه «ليتل كايوس» في لندن (فوضى صغيرة» العالم الماضي (إ.ب.أ)

رغم أن الممثل البريطاني الآن ريكمان اشتهر بأدوار الشر في أفلام مثل «روبن هود، أمير اللصوص» ودوره الشهير في سلسلة أفلام «هاري بوتر» فإن طوفان الرثاء الذي نشر عنه أول من أمس بعد إعلان خبر وفاته عن 69 عاما، تشير كلها إلى إنسان دمث الخلق، كريم وصاحب مبدأ سياسي وأيضًا صاحب حس فكاهي. ريكمان رحل بعد معاناة قصيرة مع مرض السرطان ولكنه أصر على توديع أصدقائه المقربين قبل وفاته. وتوالت أمس كلمات الرثاء من جميع أطياف المجتمع، سواء من الوسط الفني أو من السياسيين أو من أفراد الجمهور العادي الذي كتبوا يصفون لحظات التقوا فيها بالممثل وتأثير أدواره عليهم.
صديقته الممثلة إيما طومسون كتبت أنها ودعت «صديقها» و«حليفها» ووصفته بأنه «إنسان نادر ومتميز. آلان كان صديقي ولهذا أجد صعوبة في الكتابة عنه فقد قبلته قبلة الوداع. ما أذكر في لحظة الوداع المؤلمة هو حبه للفكاهة وذكاؤه وحكمته وطيبته.. كان الحليف الدائم في الحياة والفن والسياسة».
أما دانيل رادكليف الذي قام بدور «هاري بوتر» فقال إن ريكمان «من دون شك أحد أعظم الممثلين الذين عملت معهم، وهو من أكثر العاملين في مجال صناعة الأفلام وفاء ودعما. الناس عادة يكونون انطباعات عن الممثلين اعتمادا على أدوارهم ولهذا سيدهش البعض عندما يعرفوا أن بعكس الشخصيات القاسية أو المرعبة التي قدمها، أن الآن كان طيب الخلق وكريم ومرح». أما جي كي رولينغ فكتبت على «تويتر»: «لا توجد كلمات للتعبير عن صدمتي وتأثري عند سماع خبر وفاة الآن ريكمان، لقد كان ممثلا عظيما ورجلا رائعا».
وعرف ريكمان بأنه صاحب الصوت المميز الذي وصفته الممثلة هيلين ميرين بأنه «يوحي بالعسل أوبسكين حادة مخفية». ولكن هذا الصوت لم يسطع فقط في عالم التمثيل، بل أضاف الكثير لدعم مواقف ريكمان السياسية سواء عبر التعليق على أفلام تسجيلية مثل آخر كليب منحه صوته والذي خصصت مرات النقر عليه في «يوتيوب» لحملات التوعية بأزمة اللاجئين أو دعمه للحقوق الفلسطينية.
ريكمان وزوجته ريما هورتون عرفا بنشاطهما لدعم حزب العمال البريطاني وأول من أمس رثاه جيرمي كوربن رئيس الحزب بقوله: «حزين جدا لسماع خبر وفاة الآن ريكمان، من أعظم الممثلين في جيله». كذلك رثاه ديفيد ميليباند وزير الخارجية السابق وإد ميليباند رئيس الحزب السابق. أما جماعة «جويش فويس فور بيس» (الصوت اليهودي للسلام) فقد اعتبرت وفاته بمثابة فقد لأحد الساعين نحو السلام وأحد الداعمين للحقوق الفلسطينية.
بشكل خاص عمل ريكمان بدأب مع جمعيات خيرية مثل «سيفينغ فايسيس» التي تساعد من يعانون من تشوهات في الوجه ومرضى السرطان، وجمعية أخرى تعنى بمساعدة الدول الفقيرة عبر الفنون. وعبر عن أهمية المواقف السياسية التي يؤمن بها وتأثيرها على عمله الفني في إحدى المقابلات، حيث قال: «فيلم واحد أو عمل مسرحي أو قطعة موسيقى أو كتاب يمكنهم أن يحدثوا فرقا، يمكنهم تغيير العالم». ولعل أبرز الأمثلة لذلك هو إخراجه لمسرحية «اسمي راتشيل كوري» والتي ساهمت في كتابتها كاثرين فاينر رئيسة تحرير صحيفة «الغارديان»، ومعالجتها لقصة الناشطة راتشيل كوري التي قتلتها الجرافات الإسرائيلية في عام 2003. المسرحية التي اتخذت مادتها من كلمات راتشيل كوري تصور الناشطة على أنها شخصية ذكية وشجاعة. وامتدت حماية ريكمان (وهو يهودي) لشخصية الناشطة ضد حملات الهجوم التي تعرضت لها على الإنترنت، إلى حماية لوالديها فحسب ما ذكرت كاثرين فاينر أول من أمس في رثاء صديقها وزميلها: «عندما سئل ريكمان مؤخرا حول أكثر اللحظات التي يشعر فيها بالفخر خلال عرض المسرحية، لم تكن إجابته حول عمل شخصي وإنما قال إنها اللحظة التي اصطحب فيها والد ووالدة راتشيل كوري لخارج المسرح ليريهما اسم ابنتهما مضاء بالنيون». وأضاف قائلا إن المسرحية «ليست حول فلسطين أو إسرائيل وإنما حول مواطنة تنتمي للعالم كله». المسرحية نجحت في لفت نظر العالم لقضية راتشيل كوري وعرضت في أماكن كثيرة وعند محاولة عرضها في نيويورك أدت حملات الجماعات الموالية لإسرائيل لتأخير موعد العرض وهو ما اعتبره ريكمان «رقابة». وأضاف: «أن نقول إن هذه المسرحية قد تأجل عرضها لا يخفي الحقيقة وهي أنها ألغيت، هذه رقابة وليدة الخوف». وفي حديث لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية قال ريكمان في مقابلة عام 2007: «لم أتخيل أبدا أن تخلق المسرحية هذا الجدل الحاد، هناك الكثير من الشخصيات اليهودية التي دعمتها، المنتج في مسرح نيويورك كان يهوديًا أيضًا، وكنا نقوم بعقد مناقشات بعد كل عرض وشارك في المناقشات فلسطينيون وإسرائيليون ولم يعلُ صوت معترض خلال العروض».
رحيل ريكمان كان مفاجأة للجمهور ولأصدقائه وحتى لجيرانه الذي لم يشعروا بمرضه، وبدا من طوفات الكلمات التي كتبت في رثائه من أصدقاء وزملاء ومعجبين أن هناك الكثير من الجوانب التي لا يعرفها الناس عن آلان ريكمان.

* من أقواله:
«في كل مرة كنت أرتدي ملابس شخصية بروفسور سنيب في (هاري بوتر) شيء غريب كان يتقمصني».
- حول الجوائز:
«الأدوار تفوز بجوائز وليس الممثل».
- حول الموهبة:
«الموهبة هي صدفة جينات.. ومسؤولية».
- حول جي كي رولينغ (مؤلفة «هاري بوتر»)
- أعطتني معلومة صغيرة جدا ساعدتني على التفكير بشخصية سنيب على أنها شخصية معقدة، وأن تسلسل القصة لن يكون متوقعا».
- حول قوة القصص:
«ما دام يحكمنا حمقى وما دمنا لا نستطيع التحكم في أقدارنا، تزيد حاجتنا لأن نحكي قصصًا لبعض: من نحن وأين نعيش ومن أين أتينا وما هو الممكن».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».