«روميو» و«جولييت».. قصة محظورة في أفغانستان

عاشقا «باميان» يتمسكان بالحب في مواجهة خطر الموت

كان محمد على يقين من أن زكية تبادله نفس الاهتمام، الذي يبديه نحوها
كان محمد على يقين من أن زكية تبادله نفس الاهتمام، الذي يبديه نحوها
TT

«روميو» و«جولييت».. قصة محظورة في أفغانستان

كان محمد على يقين من أن زكية تبادله نفس الاهتمام، الذي يبديه نحوها
كان محمد على يقين من أن زكية تبادله نفس الاهتمام، الذي يبديه نحوها

هي تبدو في عينيه «جولييت»، أما هو فيمثل لها «روميو»، لكن عائلة «جولييت» تهدد بقتل العاشقين. جولييت فهي «زكية»، 18 سنة، وأما روميو فهو «محمد علي»، 21 سنة، وكلاهما أبناء لمزارعين يعيشان في ولاية باميان الجبلية النائية. ولو أنهما بمقدورهما الاجتماع معا، فسوف يمثلان نهاية رائعة لقصة حب مدهشة.
تعلو ضحكات زكية، التي ترتدي غطاء رأس وردي زاهي اللون وكنزة برتقالية، عندما تتحدث عن محمد، الذي يبدو متأنقا، بشعره الأسود ووشاحه الأبيض الحريري وحذائه الجلدي ذي اللونين. ويمتلك الحبيبان عيون لها نفس اللون العسلي المدهش، ويحيط بها ظلال برونزية منحتها إياها أشعة الشمس.
لم يسبق لهما أن التقيا في مكان واحد ليبوحا لبعضهما بمكنون قلبيهما، لكنهما أعلنا حبهما لبعضهما على الملأ، كما أعلنا نيتهما في الزواج رغم الاختلاف العرقي والمذهبي. يقول العاشقان بأن ذلك الإعلان كان كافيا لنبذهما ومدعاة لقتلهما بسبب عدم احترام عائلتيهما، لا سيما عائلة زكية.
لجأت زكية إلى مأوى للسيدات. ورغم أن زكية تُعد بالغة وكاملة الأهلية حسب القانون الأفغاني، فإن إحدى المحاكم المحلية أمرت بإعادتها إلى عائلتها. تقول زكية عن عائلتها «إذا تمكنوا من الإمساك بي، فسوف يقتلونني حتى قبل أن يعيدوني إلى المنزل».
لا يجيد أي منهما القراءة، ولم يسمعا مطلقا عن قصة شكسبير عن الحب المحكوم بالفشل، غير أن هناك الكثير من أوجه الشبه بين تلك القصص، التي انتهت نهاية مأساوية، وحالة الحب التي يعيشها الحبيبان محمد وزكية.
وبينما تتحدث عن حبيبها محمد ومكوثها الطويل في مأوى النساء انتظارا لإتمام الزواج منه، تستشهد زكية بواحدة من تلك القصص الفارسية التراثية عن الأميرة شيرين وفرهاد، تقول زكية «سأظل أنتظر حتى أحقق حلمي في الاجتماع بحب حياتي، مهما طال الانتظار».
في أفغانستان القرن الحادي والعشرين، لا تبدو الحياة وردية، لا سيما في المناطق الريفية مثل ولاية باميان. فالشباب، الذين يريدون اختيار توأم الروح بكامل إرادتهم، يواجهون الواقع بأعرافه وتقاليده التي ما زالت لها اليد العليا على القوانين والحقوق، التي منحها العصر الحديث للجميع، ذلك الواقع الذي ما زال ساريا فيه عُرف جرائم الشرف.
وما زال أولياء الأمور هم الذين يرتبون إتمام الزيجات لأبنائهم وبناتهم، حيث تتسلم الأسر ثمن زيجة بناتهم، الذي من الممكن أن يكون كبيرا، أو قد لا يتعدى، بالنسبة لبعض العائلات – كعائلتي محمد وزكية – مجرد عدد من ماعز. وتستطيع المحاكم الأفغانية أن تطبق الشريعة الإسلامية، وتفسرها بالشكل الذي يتماشى مع فرض سلطة الآباء حتى على أبنائهم البالغين كاملي الأهلية.
يقول رضا فارزام، أستاذ بإحدى الجامعات الأفغانية، بأن «قصة الحب الحقيقي في أفغانستان تتحول حتما إلى قصة قتل وموت». تعرف محمد وزكية إلى بعضهما منذ نعومة أظفارهما، حيث كانا يعملان في حقلين متجاورين في إحدى القرى القريبة من عاصمة ولاية باميان.
يقول محمد عن تلك الأيام «كنا نذهب معا إلى المناطق الصحراوية مصطحبين الماشية للرعي في مناطق الكلأ، واعتدنا على قضاء تلك الأيام في الأكواخ، التي كنا نبنيها بالقرب من الحيوانات لرعايتها».
لم تكن فصول قصة الحب بين محمد وزكية قد بدأت بعد، يقول محمد «كنا ما زلنا صغارا على معرفة تلك الأمور». غير أن علاقة الصداقة بينهما كانت قوية، لكن سرعان ما امتدت إليها يد الفرقة. يقول محمد «للأسف، لم أستطع رؤية زكية مجددا بعد أن كبرت وصارت شابة». فحالما تصل البنت إلى مرحلة البلوغ، يتوجب عليها أن تبقى بعيدة عن الأنظار ولا يُسمح لها بالخروج إلا في رفقة أقاربها من الرجال.
ومما زاد الأمر تعقيدا أن محمد ينتمي إلى مجموعة عرقية تسمى الهزارة، التي تنتمي غالبيتها إلى الطائفة الشيعية. بينما تنتمي زكية إلى مجموعة عرقية تسمى الطاجيك، التي تنتمي غالبيتها إلى طائفة السنة.
وكان محمد يتمكن في بعض الأوقات من رؤية زكية في الحقل حيث تتلاقى عيناه بعينيها اللتين يغطيهما الحجاب. كان محمد على يقين من أن زكية تبادله نفس الاهتمام، الذي يبديه نحوها، ويعلق على ذلك بقوله «كنت متأكدا مائة في المائة أنها تبادلني نفس مشاعر الحب». وكان محمد يعرف فتاة صغيرة تقوم بمهمة الوسيط بينهما، فأعطاها هاتفا جوالا لتسلمه لزكية.
أخفت زكية الجوال في مكان لا يستطيع أحد الوصول إليه، واستمرا الحبيبان في الحديث إلى بعضهما عبر ذلك الجوال على مدى الأربع سنوات الماضية مرة كل أسبوع. وكلما استطاعت زكية أن تختلي بنفسها، تسارع بالاتصال بمحمد.
يقول محمد بأنه في إحدى المرات، التي تحدث فيها الحبيبان عبر الهاتف: «كان ردها لي أنها مستعدة أن تنتظرني 50 سنة حتى تتوج قصة حبهما بنهاية سعيدة».
* خدمة «نيويورك تايمز»



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.