صدمة وإدانة في لبنان لإطلاق سراح سماحة.. والحريري: القرار مكافأة مجانية لمجرم

محكمة التمييز العسكرية أفرجت عن وزير الإعلام السابق بكفالة وتستأنف محاكمته الخميس > وزير الداخلية قال إن القرار «إدانة للمحكمة} .. وجنبلاط اعتبره «تشريعًا للجريمة»

ميشال سماحة وزير الإعلام والسياحة الأسبق يتحدث إلى المصورين في منزله بحي الأشرفية في بيروت بعد الإفراج عنه بكفالة أمس (إ.ب.أ)
ميشال سماحة وزير الإعلام والسياحة الأسبق يتحدث إلى المصورين في منزله بحي الأشرفية في بيروت بعد الإفراج عنه بكفالة أمس (إ.ب.أ)
TT

صدمة وإدانة في لبنان لإطلاق سراح سماحة.. والحريري: القرار مكافأة مجانية لمجرم

ميشال سماحة وزير الإعلام والسياحة الأسبق يتحدث إلى المصورين في منزله بحي الأشرفية في بيروت بعد الإفراج عنه بكفالة أمس (إ.ب.أ)
ميشال سماحة وزير الإعلام والسياحة الأسبق يتحدث إلى المصورين في منزله بحي الأشرفية في بيروت بعد الإفراج عنه بكفالة أمس (إ.ب.أ)

شكّل قرار محكمة التمييز العسكرية في لبنان، القاضي بإطلاق سراح ميشال سماحة، المستشار السياسي للرئيس السوري بشار الأسد، صدمة في الأوساط اللبنانية، خصوصًا أن الإفراج عنه جاء قبل الانتهاء من استجوابه في جلسة محددة يوم الخميس المقبل بتهمة «إدخال 24 عبوة ناسفة من سوريا إلى لبنان، بالاتفاق مع مدير مكتب الأمن القومي السوري اللواء علي مملوك ومدير مكتبه العقيد عدنان، ووضع مخطط يفضي إلى تفجير هذه العبوات في منطقة عكار بشمال لبنان بموائد إفطار رمضانية، ومحاولة قتل نواب ورجال دين بينهم مفتي عكار، ومعارضين للنظام السوري ومواطنين».
فقد وافقت أمس محكمة التمييز العسكرية برئاسة القاضي طوني لطوف، على طلب الإفراج عن سماحة الذي تقدم به وكيلاه المحاميان صخر الهاشم ورنا عازوري، وذلك لقاء كفالة مالية قدرها 150 مليون ليرة لبنانية (نحو مائة ألف دولار أميركي)، وقد سارع وكيلا الدفاع إلى تسديد قيمة الكفالة وإخراج سماحة من مكان توقيفه في سجن الريحانية (جبل لبنان) ليعود حرًّا طليقًا بعد ثلاث سنوات وخمسة أشهر ويومين من توقيفه، بعدما داهمه فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي وأوقفه في منزله في المتن في 12 أغسطس (آب) 2012 إثر ضبط المتفجرات التي نقلها بسيارته من مكتب علي مملوك في دمشق، وسلّمها إلى المخبر السري ميلاد كفوري وكلّفه بتفجيرها بواسطة أشخاص لديهم باع طويل في حقل التفجير، إلا أن كفوري سلّم المتفجرات إلى فرع المعلومات وكشف المخطط.
القرار الذي صدر خلافًا لرأي النيابة العامة التمييزية التي طلبت بردّ مذكرة إخلاء سبيل سماحة وإبقائه موقوفًا، اقترن بمصادرة جوار السفر العائد للمتهم ومنعه من السفر لمدة سنة من تاريخ الإفراج عنه (أمس) ومصادرة جواز سفره، ومنعته من تناول ملف هذه القضية وكل ما يتعلّق بإجراءات التحقيق الأولي والاستنطاقي والمحاكمة الحالية، مع أي وسيلة إعلامية مقروءة أو مرئية أو مسموعة أو حتى عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلى حين صدور الحكم النهائي في هذه القضية، تحت طائلة إصدار مذكرة توقيف جديدة بحقه.
المحكمة استندت في حيثيات قرارها، إلى أنها «صاحبة الصلاحية المطلقة لاتخاذ القرار بإخلاء سبيل المتهم ومتابعة محاكمته وهو حرّ طليق، أو إبقائه قيد التوقيف بموجب قرار معلّل». وخلصت إلى إخلاء سبيل سماحة لقاء الكفالة المالية المذكورة ما لم يكن موقوفًا في قضية أخرى.
ويعدّ قرار محكمة التمييز مبرمًا وغير قابل للإبطال أو لأي طريق من طرق المراجعة لكون قرارات وأحكام محكمة التمييز نهائية باعتبارها صادرة عن واحدة من أعلى الهيئات القضائية التي لا تقبل قراراتها الإبطال.
واعتبر رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق ورئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري، أن «إجماع الضباط على القرار بشأن سماحة هو عار ومشبوه ومكافأة للمجرم، ولن أسكت عنه»، فيما رأى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط أنه «يشكل طعنًا عميقًا في العمل الجبار الذي قامت وتقوم به الأجهزة الأمنية في مكافحة الإرهاب» معتبرًا إياه «تشريع للجريمة إن لم يكن تشجيعًا لها».
وقال الحريري في سلسلة تغريدات نشرها في حسابه في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «مهما كانت أوجه التعليل لقرار محكمة التمييز العسكرية بإطلاق ميشال سماحة، فإنه قرار بإطلاق مجرم متورط بواحدة من أقذر الجرائم بحق لبنان»، مضيفًا: «إجماع الضباط في المحكمة على القرار، هو إجماع على تقديم مكافأة مجانية للمجرم باسم القانون، وانتهاك لمشاعر معظم اللبنانيين، إن إجماع الضباط على القرار بشأن سماحة هو عار ومشبوه ومكافأة للمجرم ولن أسكت عنه».
وأكد الحريري أن «البعض سيرى في القرار بشأن سماحة تدبيرًا قضائيًا صرفًا ونخشى أن يكون وصمة عار في جبين القضاء العسكري، واللبنانيين في كل الأحوال حكموا على ميشال سماحة بأنه مجرم أوقف بالجرم المشهود وهو يشرع بالقيام بأعمال إرهابية ويخطط لقتل مواطنين أبرياء، إن مجرمين على هذا المستوى يستحقون القصاص العادل، الذي أنزل بكثيرين من طراز ميشال سماحة في عالم الجريمة المنظمة».
وتابع الحريري: «نشعر في هذا اليوم بالقرف من عدالة منقوصة وبالخوف على أمن اللبنانيين طالما ستبقى الأبواب مفتوحة للمجرمين للهروب من الحكم العادل، لكنها مناسبة لأتوجه بالتحية في هذا اليوم إلى روح الشهيد وسام الحسن، وإلى أبطال فرع المعلومات الذين يقومون بدورهم في حماية لبنان»، علما بأن شعبة المعلومات برئاسة اللواء الراحل وسام الحسن، كانت أوقفت سماحة وسلمته للقضاء اللبناني.
بدوره، رأى وزير الداخلية نهاد المشنوق أن «قرار إطلاق سراح ميشال سماحة إدانة واضحة ومؤكّدة لمحكمة التمييز العسكرية بكلّ المعايير الوطنية والقانونية والمنطقية»، مشيرًا إلى أنه «سيكون لنا موقف من هذا الموضوع، كتيّار سياسيّ، من الذين ما زالوا يتصرّفون على قاعدة إلغاء الوطن لصالح القَتَلَة أمثاله»، مشيرًا إلى أنه سيكون «موقفًا أعلى بكثير ممّا يظن زبانية تبرير القتل والتفجير من قبل النظام السوري».
من جهته، علق وزير العدل أشرف ريفي بعد جلسة مجلس الوزراء، على قرار إخلاء سماحة، بالقول: «مرة جديدة أجد نفسي مضطرا لأن أنعى المحكمة العسكرية إلى الشعب اللبناني، هذه المنظومة القضائية الاستثنائية بكافة درجاتها، يبدو أن هذه المنظومة تميز بين متفجرات من هنا وأخرى من هناك، ويبدو أنها تميز بين إجرام تعتبره صديقا وإجرام تعتبره عدوا. إنها بذلك تضرب بعرض الحائط الأمن الوطني اللبناني وأمن اللبنانيين».
أضاف ريفي: «يتحمل كل من شارك في قرارات هذه المنظومة مسؤوليته الوطنية. وأنا على ثقة أن اللبنانيين الشرفاء الوطنيين يدينون هذه القرارات المشبوهة».
أسف ريفي على الوضع قائلاً: «بئس هذا الزمن الذي يتآمر فيه قاض على أمن وطنه. بئس هذا الزمن الذي يتآمر فيه ضابط على أمن وطنه. سأقوم بما يمليه علي ضميري وواجبي الوطني تجاه هذه القضية. لن نغفر ولن نتساهل في أمننا الوطني».
إلى ذلك، أعلن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أنه «ولو لم أكن خبيرًا بالقانون، فإطلاق سراح ميشال سماحة مرفوضٌ بكل المقاييس»، موضحًا: «بمنطق عفوي بسيط، كيف لي أن أفهم أن لبنانيًا تآمر مع جهة خارجية لارتكاب أعمال قتل وتفجير في بلاده ونقل متفجرات لهذه الغاية، وجنّد أشخاصًا لتنفيذها وجرى وقف المخطط في آخر لحظة من قبل فرع المعلومات؟ كيف لي أن أفهم إطلاق سراح هكذا شخص؟»
وأضاف جعجع: «أي رسالة بعثها رئيس المحكمة والضباط المعاونون إلى اللبنانيين بهكذا قرار؟» مردفًا: «أي أمل يتركونه لهم بمستقبل بلادهم وسيادتها والحفاظ على أمن أبنائها وعلى حرياتهم». ووعد جعجع «إننا لن نرضخ وإننا كل شيء فاعلون حتى الخروج من هذا الزمن إلى زمنٍ أفضل».
وبغض النظر عن التداعيات السياسية التي تركها هذا الحكم، فإن رئيس المحكمة القاضي طوني لطوف، أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «القرار الذي اتخذته المحكمة بإجماع أعضائها، هو قرار قضائي معلّل بالأسباب الموجبة التي حملته على إخلاء سبيل سماحة». وأشار إلى أن القرار «بعيد عن الاعتبارات السياسية، وهو اتخذ في مذاكرة سرية حصلت داخل أروقة المحكمة». مشددًا على أن «لا سبيل لدخول أي عوامل خارجية إلى صلب العمل القضائي للمحكمة».
غير أن مصدرًا قانونيًا قال لـ«الشرق الأوسط»: «القرار مفاجئ، ولم يكن في الحسبان أن تقدم محكمة التمييز التي يرأسها قاضٍ مشهود له بخبرته على إخلاء سبيل ميشال سماحة، خصوصًا وأن المحكمة وضعت يدها على كامل اعترافاته المسجلة بالصوت والصورة، والتي أقرّ بها أثناء استجوابه في الجلسة الماضية»، مستغربًا كيف «سارعت إلى اتخاذ هذا القرار، حتى قبل أن تنتهي من استجواب المتهم في قضية لو قدّر لها أن تتحقق لكانت أحدثت فتنة طائفية في لبنان، خصوصًا وأن القرار خالف رأي النيابة العامة التمييزية التي دعت إلى ردّ طلب إخلاء السبيل وإبقاء سماحة موقوفًا، سيما وأن الجرائم التي تتطابق مع الجرم الذي ارتكبه سماحة تنص على عقوبة الأشغال الشاقة 20 سنة».
أضاف المصدر: «إذا ضبط شخص ينقل غرامين من المخدرات يحكم عليه بالأشغال الشاقة مدة سبع سنوات وأحيانا تشدد العقوبة أكثر، أما سماحة الذي نقل 24 متفجرة من سوريا إلى لبنان، ووضع مع المخبر ميلاد كفوري المخطط والأهداف التي سيفجرها ومنها اغتيالات وإثارة فتنة، يحكم عليه بالسجن لثلاث سنوات ونيف». برأي المصدر أن «الاعتبارات التي دفعت بالمحكمة العسكرية إلى إصدار حكم مخفف على سماحة الصيف الماضي (4 سنوات ونصف السنة، لكنها فعليًا 3 سنوات و5 أشهر، لأن السنة السجنية هي تسعة أشهر بدلاً من 12 شهرًا)، ما زالت قائمة».
ويفترض أن تواصل محكمة التمييز العسكرية اعتبارًا من يوم الخميس المقبل محاكمة سماحة، باستكمال استجوابه في هذه القضية، وهو سيحضر حرًا وسيغادر إلى منزله بعد كلّ جلسة، إلى أن يصدر الحكم النهائي بحقه.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.