المعارضة السورية تقدم ورقة عمل للمبعوث الدولي اليوم.. وتنتظر إجراءات ثقة

بكين تسعى للعب دور الوسيط بين المعارضة والنظام

رجل من قرية التح بريف إدلب يتفحص الدمار الذي لحق بمخبزه إثر استهدافه بقذائف من قوات الأسد أول من أمس (رويترز)
رجل من قرية التح بريف إدلب يتفحص الدمار الذي لحق بمخبزه إثر استهدافه بقذائف من قوات الأسد أول من أمس (رويترز)
TT

المعارضة السورية تقدم ورقة عمل للمبعوث الدولي اليوم.. وتنتظر إجراءات ثقة

رجل من قرية التح بريف إدلب يتفحص الدمار الذي لحق بمخبزه إثر استهدافه بقذائف من قوات الأسد أول من أمس (رويترز)
رجل من قرية التح بريف إدلب يتفحص الدمار الذي لحق بمخبزه إثر استهدافه بقذائف من قوات الأسد أول من أمس (رويترز)

تلتقي الهيئة العليا للتفاوض المنبثقة عن لقاء قوى المعارضة السياسية والعسكرية في الرياض، اليوم، المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا في المملكة العربية السعودية قبل أن ينتقل نهاية الأسبوع إلى دمشق تحضيرا للمفاوضات المنتظر انطلاقها مجددا بين المعارضة والنظام السوري في جنيف نهاية الشهر الجاري. وبالتزامن، يصل رئيس الائتلاف السوري المعارض خالد خوجة إلى بكين حيث يعقد محادثات مع مسؤولين صينيين يسعون للعب دور الوسيط بين فريقي الصراع السوري.
وكشفت مصادر في الهيئة العليا لـ«الشرق الأوسط» عن إعداد ورقة عمل تتضمن رؤية قوى المعارضة للمفاوضات المرتقبة مع النظام، سيتم تقديمها للمبعوث الدولي، لافتة إلى اتفاق تم بشأنها خلال الاجتماعات المفتوحة والمستمرة منذ يوم الأحد في المملكة العربية السعودية. وأوضحت أنه تم خلال هذه الاجتماعات أيضا مناقشة القرار الأممي رقم 2254 ووضع ملاحظات أعضاء الهيئة عليه، كما دراسة اللائحة التنظيمية للهيئة وتسمية اختصاصات الوفد المفاوض.
ورغم انكباب الهيئة العليا التفاوضية على البحث في تفاصيل عملية التفاوض وبرنامج المحادثات، فإن قوى المعارضة لم تحسم حتى الساعة موقفها النهائي من الجلوس مجددا على الطاولة مع وفد النظام، وهي تشترط وجود ضمانات مسبقة وخاصة بما يتعلق بمصير الرئيس السوري بشار الأسد. وهو ما عبّر عنه عضو الائتلاف السوري عبد الباسط سيدا الذي شارك في اجتماعات الرياض في 9 و10 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لافتا إلى أن «أي محاولة لاعتماد سياسة المناورة في هذا الموضوع ستعيدنا إلى المربع الأول، باعتبار أن المعارضة حسمت موقفها ولا يمكن أن تتراجع عن مبدأ رفضها استمرار الأسد في الحكم حتى ولو لمرحلة انتقالية محدودة».
وكان البيان الختامي لمؤتمر الرياض الذي جمع لأول مرة منذ اندلاع الأزمة في سوريا في مايو (أيار) 2011 القوى البارزة في المعارضة السياسية والعسكرية، أعلن عن تشكيل هيئة عليا للمفاوضات، واشترط «ترك الأسد وزمرته سدة الحكم مع بداية المرحلة الانتقالية وحل الكيانات السياسية المعارضة حال تكوين مؤسسات الحكم الجديد».
وطلب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254. الذي صدر في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ودي ميستورا بذل مساعٍ وجهود لدعوة ممثلي الحكومة والمعارضة على وجه السرعة إلى مفاوضات بشأن عملية انتقال سياسي في سوريا.
وقال مسؤولون في المعارضة السورية لوكالة «رويترز» إنها ستطلب «خطوات لبناء الثقة من الحكومة تشمل إطلاق سراح سجناء على أن تسبق انعقاد المفاوضات بين الطرفين هذا الشهر».
وأوضح المسؤولون الذين لم يفصحوا عن أسمائهم وهم على دراية بالتحضيرات للمفاوضات أن قادة المعارضة وبينهم ممثلو جماعات مسلحة، يخططون لإبلاغ هذه الرسالة إلى دي ميستورا لدى لقائهم به في الرياض. من جهته، قال سيدا لـ«الشرق الأوسط»: «قبل الانطلاق في عملية تفاوض جديدة، يجب أن نرى إجراءات فعلية على الأرض تمهد للجلوس على الطاولة وخاصة من قبل موسكو والنظام السوري اللذين يصعدان حاليا من قصفهما الوحشي للمدنيين»، مشددا على وجوب أن «تثبت روسيا أنها دولة راعية للحل السياسي بعدما ارتأت أن تكون طرفا يقاتل إلى جانب النظام».
ونبّه سيدا من أن «أي محاولة لفرض أسماء معينة على وفد المعارضة المفاوض ستبوء بالفشل لأننا بالمرصاد لمحاولات موسكو المستمرة في هذا المجال»، وأضاف: «كما أنّه وإذا ارتأى دي ميستورا الذي يفترض أن يكمل دوره كمبعوث دولي مستقل، أن يتدخل بمسائل تعني المعارضة، فذلك يعني أن مهمته ستكون مسدودة الأفق». ويبدو أن بكين دخلت مباشرة على خط المساعي المتواصلة للعب دور الوسيط بين طرفي الصراع السوري، فبعد نحو أسبوعين على زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم للصين، من المتوقع أن يصل رئيس الائتلاف المعارض خالد خوجة إلى بكين اليوم الثلاثاء في زيارة تستمر حتى يوم الجمعة المقبل.
وأوضحت مصادر في الائتلاف لـ«الشرق الأوسط» أن الزيارة إلى بكين تندرج بإطار المساعي المستمرة لتحريك المسار السياسي لحل الأزمة وشرح أبعاد القضية السورية، كما للاستماع لوجهة نظر الصين من التطورات التي يشهدها الملف، مشددة على «التمايز الحاصل بين الموقفين الروسي والصيني والذي يعوّل عليه».
وكانت المتحدثة باسم الخارجية الصينية هوا تشون ينغ قالت في تصريح صحافي إن خوجة سيجتمع بوزير الخارجية الصيني وانغ يي: «لدعم التسوية السياسية للقضية السورية».
وأضافت هوا: «نعتقد أن الشعب السوري هو الذي يجب أن يقرر مستقبل سوريا والصين تفعل الآن كل ما يمكن لدفع القضية السورية في المسار الصحيح للحوار السياسي بأسرع وقت ممكن»، لافتة إلى أن «موقف الصين لقي تقديرا كبيرا وتأكيدا من المجتمع الدولي خاصة الشعب السوري».
وحثت هوا كل الأطراف على «العمل معا لمحاربة الإرهاب والدفع باتجاه التوصل إلى وقف لإطلاق النار في سوريا». ودعت الصين مرارا إلى حل سياسي وحذرت من أن العمليات العسكرية لن تنهي الأزمة.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».