2015 اللبناني: تفجيران يهزان الاستقرار

الانتحاريون أبرز التحديات.. والتنسيق الأمني يضاعف الإنجازات الداخلية بتفكيك خلايا «داعش»

عنصر من الدفاع المدني اللبناني يعاين الأضرار الناجمة عن أحد تفجيرين انتحاريين نفذهما تنظيم داعش في برج البراجنة بالضاحية الجنوبية لبيروت وأسفر عن مقتل 37 شخصا (إ.ب.أ)
عنصر من الدفاع المدني اللبناني يعاين الأضرار الناجمة عن أحد تفجيرين انتحاريين نفذهما تنظيم داعش في برج البراجنة بالضاحية الجنوبية لبيروت وأسفر عن مقتل 37 شخصا (إ.ب.أ)
TT

2015 اللبناني: تفجيران يهزان الاستقرار

عنصر من الدفاع المدني اللبناني يعاين الأضرار الناجمة عن أحد تفجيرين انتحاريين نفذهما تنظيم داعش في برج البراجنة بالضاحية الجنوبية لبيروت وأسفر عن مقتل 37 شخصا (إ.ب.أ)
عنصر من الدفاع المدني اللبناني يعاين الأضرار الناجمة عن أحد تفجيرين انتحاريين نفذهما تنظيم داعش في برج البراجنة بالضاحية الجنوبية لبيروت وأسفر عن مقتل 37 شخصا (إ.ب.أ)

نجح لبنان عمليًا في منع امتداد اللهيب السوري إلى الأراضي اللبناني في العام 2015، إذ قلصت الإجراءات الرسمية، الاضطرابات الأمنية وحُصر التوتر بتفجيرين فقط، بعد عشرات الأحداث التي شهدها عاما 2013 و2014، وذلك إثر نجاح الإجراءات بتقويض حركة الجماعات المتشددة، وملاحقة المطلوبين، وضبط الحدود اللبنانية مع سوريا، ما منع تنفيذ تفجيرات بسيارات مفخخة، كما كان الوضع في العامين السابقين، مستعينة بتدابير «الأمن الاستباقي».
وفيما منحت المساهمات الدولية لبنان مظلة ساهمت بحماية الاستقرار اللبناني، بقيت مواجهة الخلايا النائمة، التحدي الأبرز أمام السلطات اللبنانية التي ضبطت الخلايا وفككتها، كما ظلت محاولات هز الأمن عبر الانتحاريين، بمثابة تحد كبير بعد القضاء على محاولات إدخال المركبات المفخخة إلى الداخل اللبناني. واخترق تفجيران انتحاريان الهدوء اللبناني، أحدهما في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، واستهدف منطقة جبل محسن ذات الأغلبية العلوية في طرابلس، فيما استهدف الثاني، وهو تفجير انتحاري مزدوج، منطقة برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت، مركز نفوذ حزب الله اللبناني، في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وكان الأكثر دموية في سلسلة التفجيرات التي استهدفت لبنان منذ افتتاح عهد التفجيرات التي ضربت لبنان في يوليو (تموز) 2013.
وتحولت الجهود الأمنية، إلى منحى مختلف، تمثل في رفع مستوى التنسيق بين الأجهزة الأمنية الرسمية، وملاحقة المتورطين والمشتبه بهم، وصولاً إلى تفكيك الخلايا النائمة المنتشرة في شمال وشرق لبنان. ولا تنفي مصادر لبنانية واسعة الاطلاع أن ما رُصد أخيرًا في لبنان، هو «النقلة الجديدة التي حققها تنظيم داعش، عبر اللجوء إلى الدراجات النارية المفخخة والأفراد الانتحاريين لهز الاستقرار الداخلي»، مشيرة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تلك الاستراتيجية «تعد الأخطر على مستوى المواجهة»، وعليه: «بدأ العمل الأمني على ثلاثة مستويات، تمثلت في مضاعفة الاحتياطات في الداخل اللبناني، وملاحقة المتسببين إلى مواقع وجودهم، وتفكيك الخلايا المرتبطة بالداخل السوري».
وتوضح المصادر أن النجاح الذي تحقق بعد تفجيري برج البراجنة الأخيرين، تمثل في «رفع مستوى التنسيق بين كافة الأجهزة الأمنية لملاحقة الشبكات والمشتبه بهم ومراقبة حركة الأفراد ومتابعتها، كل من موقعه ومكان انتشاره»، أضيفت إلى «الإجراءات الداخلية بينها تفتيش الدراجات النارية والتدقيق بداتا الأشخاص من جديد، وتفعيل دور المراقبة». وأشارت المصادر إلى أن حزب الله اللبناني أوكل أيضًا جزءًا من تلك المهام في الضاحية الجنوبية لبيروت، قائلة إن «تلك التدابير التي تستدعي التنسيق مع جميع الأطراف، من الطبيعي أن تتحقق بعد أي حدث».
وأكدت المصادر أن المستوى الثاني من العمل الأمني «اتخذ طابع اللحاق بالمجموعات المتشددة والمشتبه بضلوعها في الأعمال التخريبية في لبنان، إلى المكان الذي تنطلق منه سواء في لبنان أم سوريا»، مشيرة إلى أن «إجراءات ضبط الحدود التي اتخذتها السلطات اللبنانية، إضافة إلى المعارك التي خاضها حزب الله في القلمون الغربي في الصيف الماضي، ساهمت إلى حد كبير في منع إدخال السيارات المفخخة التي كانت تُعد للتفجير في جرود وبلدات القلمون السوري، وكان ضروريًا البناء على تلك التجربة وتفعيلها للتقليل من الخطر في الداخل».
وقالت المصادر إن المستوى الثالث من العمل الأمني، «تمثّل في ملاحقة الشبكات العنقودية في الداخل اللبناني التي تعد امتدادًا لشبكات تبين أنها موجودة في سوريا، وتمثل قاعدة التخطيط لضرب لبنان»، في إشارة إلى تنظيم داعش الذي تبين أنه المسؤول عن التفجيرين الأخيرين اللذين ضربا الضاحية الجنوبية، رغم أن الخلية الأخيرة تم تفكيكها، وإنهاؤها بشكل كامل، بحسب ما أكد وزير الداخلية نهاد المشنوق بعد 48 ساعة على التفجيرين.
وكانت تعززت إجراءات الجيش اللبناني على الحدود، بموازاة تعزيز قدراته التي تمثلت بهبات عسكرية من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، فضلاً عن تسلم الجيش في أبريل (نيسان) 2015 من فرنسا، الدفعة الأولى من معدات عسكرية من ضمن الهبة السعودية التي أعلنت عن تقديمها له في شهر أغسطس (آب) 2014. وخاض الجيش عملية عسكرية في جرود رأس بعلبك وجرود عرسال، تمكن خلالها من السيطرة على تلال استراتيجية والتقدم إلى عمق المنطقة الجردية الحدودية مع سوريا، كما واصل استهدافه لتحركات المسلحين في الجرود. هذا، واتخذت العمليات العسكرية في الجرود الحدودية مع سوريا الطابع الأمني بعد صفقة تحرير العسكريين في شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي، تمثلت في استهداف القادة العسكريين المتشددين في الجرود الحدودية، أثناء تحريكاتهم، ما ساهم في تقويض حركتهم، وقد تبنى حزب الله عمليتين على الأقل خلال تلك الفترة.
في الداخل، نشطت الملاحقة الأمنية للجماعات المتشددة، وسط استقرار سياسي وحوارات بين الأطراف اللبنانية، ساهمت بالتخفيف من الاضطراب السياسي في البلاد. وأفضت الإجراءات الحازمة إلى توقيف العشرات من المطلوبين وتفكيك الخلايا التابعة للجماعات المتشددة، كان أبرز المطلوبين الشيخ المتشدد أحمد الأسير الذي أوقف في مطار بيروت في أغسطس الماضي أثناء محاولته مغادرة البلاد بجواز سفر مزور، وتلاه توقيف عدد من المرتبطين بمجموعته، فضلاً عن توقيف طليقة زعيم تنظيم داعش سجى الدليمي التي تمت مبادلتها ضمن صفقة للإفراج عن العسكريين اللبنانيين المختطفين لدى تنظيم «جبهة النصرة» أواخر عام 2015. وهي الصفقة التي أنهت جزءًا من ملف شائك يعود إلى أغسطس 2014، إثر مهاجمة الجماعات المتشددة نقاط الجيش في عرسال. ولا يزال 9 عسكريين محتجزين لدى «داعش» حتى الآن.
وطالت التوقيفات، زياد خالد الرفاعي الذي خطّط مع آخرين لإنشاء إمارة لـ«داعش» في مناطق من شمال لبنان، بعد أشهر على تحذيرات قائد الجيش العماد جان قهوجي في تصريحات له في فبراير (شباط) الماضي، من أن الهدف الأساس لـ«داعش» وفق ما أفاد به موقوفوها الكبار، هو إشعال فتنة شيعية - سنية في لبنان، كما أنه «يريد الوصول إلى البحر اللبناني في الشمال، وليس لديه مثل هذا الممر لا في العراق ولا في سوريا». وتتالت التوقيفات، مستهدفة تفكيك خلايا «داعش» العنقودية، وكافة المرتبطين بالتنظيم عبر إجراءات الأمن الاستباقي، وكان أبرزهم «أمير التنظيم في شمال لبنان» الذي أوقفه الأمن العام أواخر العام الحالي، وقبله شرعي التنظيم في المنطقة.
وفيما تواصل الأجهزة الأمنية الرسمية لاحقة المشتبه بهم، محافظة على مستوى جهوزيتها الأمنية، يواصل القضاء اللبناني محاكمة المتهمين، ما يجعل عام 2015، عام الإنجازات الأمنية للسلطات اللبنانية.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.