الاستجابة الأمنية لهجمات باريس تشير إلى ضعف هيكل الشرطة الفرنسية

وحدة مكافحة الإرهاب وصلت إلى مسرح «باتاكلان» بعد نصف ساعة من الهجوم

ضباط فرقة مكافحة الإرهاب الفرنسية وصلوا بعد نصف ساعة إلى  قاعة الحفلات الموسيقية «باتاكلان» التي قتل بها 90 شخصًا من أصل 130 ضحية منذ لحظة بدء الهجمات (نيويورك تايمز)
ضباط فرقة مكافحة الإرهاب الفرنسية وصلوا بعد نصف ساعة إلى قاعة الحفلات الموسيقية «باتاكلان» التي قتل بها 90 شخصًا من أصل 130 ضحية منذ لحظة بدء الهجمات (نيويورك تايمز)
TT

الاستجابة الأمنية لهجمات باريس تشير إلى ضعف هيكل الشرطة الفرنسية

ضباط فرقة مكافحة الإرهاب الفرنسية وصلوا بعد نصف ساعة إلى  قاعة الحفلات الموسيقية «باتاكلان» التي قتل بها 90 شخصًا من أصل 130 ضحية منذ لحظة بدء الهجمات (نيويورك تايمز)
ضباط فرقة مكافحة الإرهاب الفرنسية وصلوا بعد نصف ساعة إلى قاعة الحفلات الموسيقية «باتاكلان» التي قتل بها 90 شخصًا من أصل 130 ضحية منذ لحظة بدء الهجمات (نيويورك تايمز)

منذ الهجمات المدمرة التي وقعت يوم 13 نوفمبر (تشرين الثاني) في باريس، لم تقدم الشرطة الفرنسية سوى بيان متناثر عن استجابتها للمأساة، وعن كيفية نشرها فرقا وقوات لمحاربة الإرهاب. وأسكتت الكآبة والتضامن في الأسابيع التي أعقبت الهجوم الانتقادات العلنية، فلم يُعلَن عن أية مراجعة لأداء الشرطة منذ ذلك الحين.
ومع ذلك، أوضحت حسابات بعض الناجين من الهجمات وضباط شرطة، بالإضافة إلى تحليل الخبراء الخارجيين، أن المهاجمين عملوا لفترات طويلة دون عرقلة السلطات جهودهم، وأن سلسلة القيادة الفرنسية - التي قلصت دوريات الأحياء لصالح الوحدات المتخصصة - ساهمت في تأخير رد السلطات على الإرهابيين.
وصل الضابط الأول لأسوأ مذبحة - قاعة الحفلات الموسيقية باتاكلان، التي قتل بها 90 شخصا من أصل 130 ضحية في تلك الليلة - بعد نحو 15 دقيقة من الهجوم. وتمكن الضابط - المسلح بمسدس الخدمة فقط - من تعطيل المذبحة من خلال إطلاق النار على أحد المهاجمين، فتفجر الحزام الناسف الذي يرتديه الإرهابي، بينما كان الضابط يحاول إنقاذ الضحايا من حوله.
ومع ذلك، تلقى الضابط أمرا بالانسحاب من أجل تدخل وحدة مكافحة الإرهاب الأكثر تخصصا، التي وصلت بعد نصف ساعة من الهجوم، وذلك عقب إرسالها في البداية إلى المواقع التي انتهى العنف بها بالفعل. وكانت هناك وحدة متخصصة أخرى في الجوار يبدو أنها لم تُنشر أبدا، وفقا لتقرير إخباري فرنسي.
وفي هذه الأثناء، حصّن المهاجمان المتبقيان في قاعة باتاكلان نفسيهما بالرهائن، في حين تناثر عشرات الجرحى، متظاهرين بأنهم ميتين أو مشلولين بسبب الخوف، في صمت غريب، وكانوا ينزفون على أرض قاعة الحفل وسط عشرات الجثث. حدث ذلك قبل نحو ثلاث ساعات من إنهاء الشرطة هذا الاعتداء.
وبكل المقاييس، كانت أحداث 13 نوفمبر بمثابة سيناريو كابوسي؛ حيث كانت هناك ثلاث فرق من الإرهابيين، وتعرض رئيس البلاد للتهديد، إلى جانب قتلة انتحاريين يحملون أسلحة عسكرية ويضربون ستة مواقع في غضون دقائق. ولا يوجد أدنى شك في أن الشرطة الفرنسية تصرفت بشجاعة. وربما كان يستحيل على أي قوة شرطة أخرى الرد بمثل هذه السلاسة والرشاقة.
ورغم ذلك، يرى كثير من خبراء الشرطة الفرنسية - وبالنظر إلى التسلسل الزمني - أن تأخر الاستجابة يشير إلى وجود ضعف في هيكل الشرطة الفرنسية التي تحظى بدرجة عالية من المركزية. وكان من الممكن الحد من عمليات القتل عبر تدخل الشرطة المحلية بشكل أكبر، بحسب عدد من الخبراء.
وقال كريستيان مهنا، قائد وحدة تركز على القانون والنظام في المركز الوطني للبحوث العلمية، وهو إحدى المؤسسات البحثية في فرنسا: «لدينا آلة كبيرة، لكنها مثقلة نسبيا».
وأضاف مهنا: «بحلول الوقت، تخرج المعلومات وتصل إلى الجميع، وتستغرق تعبئة الوحدات المتخصصة وقتا طويلا نسبيا». وتابع: «قوات الشرطة لدينا غير منظمة على طول الخطوط المحلية. يجب تصفية كل شيء والإبلاغ به إلى التنظيم المركزي في المقاطعة».
وذكر أحد زملاء مهنا، رينيه ليفي، وهو خبير في مجال الشرطة، أن استجابة قوات الشرطة أثارت تساؤلات حول إذا ما كان النظام يحتاج إلى التغيير. وكما كان الحال مع الهجوم المميت على صحيفة «شارلي إبدو» الساخرة، أفلت الإرهابيون من السلطات في قلب العاصمة باريس، بعد شنهم هجمات بارعة ودموية.
وقال ليفي: «هذا يجعلني أفكر في الاستراتيجية، المتمثلة في أن لا أحد يفعل شيئا، بينما ينتظر الآخر وصول المتخصصين». وتابع: «ربما هناك شيء ينبغي التفكير فيه، لأنه في الواقع، قلصت الشرطة النظامية من حدة الضرر».
غير أن الشرطة المحلية - التي تقوم بدوريات سيرا على الأقدام - ليس لها وجود في فرنسا أساسا. ولم تحظ محاولة لتأسيس «شرطة محلية» في أواخر تسعينات القرن الماضي بشعبية لدى اتحادات الشرطة، وتوقفت بمجرد انتقال السلطة السياسية إلى اليمين بعدها بسنوات قليلة.
وأردف مهنا: «لدينا قوة شرطة منقطعة عن مجالها».
كان لذلك الانقطاع ضرر واضح، مع وقوع الكثير من عمليات إطلاق النار والقصف في عدة مواقع في آن واحد، مما جعل رسم خريطة هجمات نوفمبر غامضا في مهمة حرجة تقوم بها قوة تخضع لقيادة مركزية.
وما وراء باتاكلان، واجهت شرطة باريس هجمات وقعت سريعا على بُعد أميال وهددت الرئيس فرنسوا هولاند، الذي كان حاضرا في استاد لكرة القدم، فجّر انتحاريان نفسيهما فيه. أصيب العشرات، بشكل يفوق طاقة المستشفيات.
لذلك، كان هناك ارتباك كبير داخل وحدة مكافحة الإرهاب المتخصصة، فرقة البحث والتدخل، فقد توجهت في البداية نحو المطاعم في شارع شارون، حيث انتهى الهجوم قبل أكثر من 20 دقيقة، وفقا لوسائل إعلام فرنسية. وبحلول ذلك الوقت، كان الإرهابيون قد اختفوا منذ فترة طويلة.
وبعد ذلك، استغرق الوقت نصف ساعة لوصول فرقة البحث والتدخل إلى قاعة باتاكلان، إذ وصلت نحو الساعة العاشرة والربع مساء، وكانت المذبحة قد انتهت في ذلك الوقت، وفقا لبيانات الشرطة الواردة في وسائل الإعلام الفرنسية.
قال كريستوف مولمي، رئيس فرقة البحث والتدخل، لصحيفة «ليبراسيون»، معترفا بالخطأ: «هناك، لقد أخفقنا في عملنا».
مرت ساعتان أخريان قبل إنهاء فرقة البحث والتدخل حصار باتاكلان، باقتحام غرفة في الطابق العلوي كان الإرهابيون يحتمون فيها خلف مجموعة من الرهائن المرعوبين.
وأكد خبراء آخرون على أهمية السرعة، حيث قال جون ميلر، نائب مفوض مكافحة الإرهاب والاستخبارات في قسم شرطة نيويورك: «عملك هو تقليص الوقت على الهدف، وهو مدى الوقت الذي يقضيه الشخص هناك، وينخرط بفعالية في القتل، قبل أن تتمكن من الدخول هناك ووقفه».
ولا بد للمآسي الكبرى أن تفضح العيوب. عقب هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، وجدت لجنة فيدرالية مستقلة أن استجابة قوات الشرطة وإدارات الحرائق تقوضت بفعل سوء التخطيط، ونقص المعدات، والخلل في الاتصالات، وتنافس بين وكالات عمره أجيال.
ورفض مركز شرطة باريس - الذي يشرف على وحدات الشرطة كافة في المدينة تحت إطار وزارة الداخلية - إتاحة الضباط للمقابلات، كما فعلت وزارة الداخلية واتحاد الشرطة.
غير أن كثيرًا من الضباط تحدثوا على التلفزيون وفي الصحف في الأيام التي أعقبت الهجمات. ويؤكد وصفهم التفصيلي لحصار باتاكلان على هول الموقف. وقال مولمي، لصحيفة «فيغارو»: «لقد كان مشهدا لا يصدق».
وكذلك يتحدث الوصف عن الطبيعة المفتتة داخل الشرطة الفرنسية.
*خدمة «نيويورك تايمز»



الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات جديدة على روسيا

أعلام الاتحاد الأوروبي (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي (رويترز)
TT

الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات جديدة على روسيا

أعلام الاتحاد الأوروبي (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي (رويترز)

وافقت دول الاتحاد الأوروبي الـ27 اليوم الأربعاء على فرض جولة جديدة من العقوبات على روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، وتستهدف العقوبات أسطول ناقلات النفط التابع للكرملين، حسبما قالت الرئاسة المجرية للاتحاد الأوروبي على منصة «إكس».

وتمنع الجولة الأخيرة من الإجراءات العقابية نحو 50 سفينة جديدة من شحن النفط الروسي والمنتجات النفطية من مواني الاتحاد الأوروبي ومن استخدام خدمات الشركات الأوروبية.

وكان الاتحاد الأوروبي قد فرض بالفعل عقوبات على أكثر من 24 سفينة تنقل النفط الروسي في يونيو (حزيران) الماضي.

وتواجه روسيا اتهامات منذ فترة طويلة باستخدام السفن التي لا تملكها شركات شحن غربية أو المؤمن عليها من قبل شركات تأمين غربية للتهرب من الحد الأقصى الذي حددته الدول الغربية لأسعار صادرات النفط الروسية إلى دول ليست أعضاء في الاتحاد الأوروبي.

وتتضمن الجولة الأخيرة من العقوبات، خططا لاستهداف أكثر من 30 فردا ومنظمة من دول خارج الاتحاد الأوروبي لها صلات بقطاع الدفاع والأمن الروسي.

ووفقا للعقوبات الأخيرة، تشمل العقوبات شركات يقع مقرها في الصين وتشارك في إنتاج الطائرات المسيرة للحرب الروسية ضد أوكرانيا.

ويتعين على وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي تبني حزمة العقوبات في اجتماعهم في بروكسل يوم الاثنين المقبل. وسوف يتم بعد ذلك نشر الإجراءات العقابية المتفق عليها في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي، وهي سجل لقوانين التكتل، وتصبح سارية المفعول.