«الإفتاء» في مصر: سبي «داعش» للمسيحيات والإيزيديات تقنين للاغتصاب ونقض لذمة الله ورسوله

المفتي يعتزم تأسيس أكاديمية دولية.. ويلتقي أول وفد من أئمة فرنسا لمواجهة «الإسلاموفوبيا»

عناصر من «داعش» في الرقة.. وفي الإطار د. شوقي علام مفتي مصر («الشرق الأوسط»)
عناصر من «داعش» في الرقة.. وفي الإطار د. شوقي علام مفتي مصر («الشرق الأوسط»)
TT

«الإفتاء» في مصر: سبي «داعش» للمسيحيات والإيزيديات تقنين للاغتصاب ونقض لذمة الله ورسوله

عناصر من «داعش» في الرقة.. وفي الإطار د. شوقي علام مفتي مصر («الشرق الأوسط»)
عناصر من «داعش» في الرقة.. وفي الإطار د. شوقي علام مفتي مصر («الشرق الأوسط»)

أفتت دار الإفتاء في مصر بأن ما يفعله تنظيم داعش الإرهابي، من سبي واختطاف للمسيحيات والإيزيديات، يمثل تقنينا للاغتصاب ونقضا لذمة الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم). بينما يعتزم مفتي البلاد، الدكتور شوقي علام، تأسيس أول أكاديمية عالمية للتدريب على الفتوى، حيث ستبدأ عملها باستقبال أول وفد من الأئمة في فرنسا للتدريب على الفتوى، وتقديم الدعم الشرعي للأقليات الإسلامية في الخارج لنشر صحيح الدين ومواجهة «الإسلاموفوبيا» التي زادت وتيرتها مؤخرا.
يأتي هذا في وقت استنكر فيه مرصد الإسلاموفوبيا بدار الإفتاء المصرية تصريحات الحاخام الإسرائيلي بينتسكوبتشين، التي أيد فيها حرق المساجد والكنائس في القدس بهدف القضاء على غير اليهود في المدينة. واعتبر مرصد الإفتاء التصريحات عنصرية مقيتة، تسهم بقوة في إذكاء الصراعات العرقية والدينية في المنطقة، وتدفع الكثيرين لتبني خيارات العنف والقوة للرد على تلك التصريحات.
من جانبه، قال مصدر مسؤول بدار الإفتاء، لـ«الشرق الأوسط»، إن «فتوى الدار عن سبي (داعش) للنساء جاءت ردا على سؤال رئيس اتحاد علماء الإسلام في كردستان العراق لمعرفة رأي الدار الشرعي». وقالت دار الإفتاء في فتواها إن «التكييف الشرعي الصحيح لجريمة (سبي النساء) النكراء أنها بيع مُحرم للحرائر وتقنين فاضح للاغتصاب وانتهاك إجرامي للأعراض وإكراه على البغاء، ودعوة إلى الفاحشة وشرعنة للدعارة والزنى وحرابة وإفساد في الأرض»، مشيرة إلى أن كل هذه الأفعال من الكبائر التي حرمتها الشريعة وشددت في عقوباتها وحدودها، وأمرت بالأخذ على يد مرتكبيها، ولا يجوز أن يُنسب ذلك إلى شريعة الإسلام السمحة؛ بل ولا إلى أي شريعة من الشرائع السماوية التي حرمت هذه الكبائر والموبقات.
وقالت الفتوى إن «هؤلاء المجرمين قد جعلوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم خصمهم يوم القيامة»، مؤكدة أن «الإسلام لم يأمر بالرق قط، ولم يرد في القرآن نص على استرقاق الأسرى، وإنما نزل الوحي في وقت كان نظام الرق والاستعباد فيه سائدا في كل أنحاء العالم، وعرفا دوليا يأخذ به المحاربون جميعا، فكان من حكمة الشرع الشريف أنه أذن للمسلمين في مبدأ المعاملة بالمثل، ولم يلغ الرق جملة واحدة؛ بل اختار أن يجفف منابعه وموارده حتى ينتهي هذا النظام كله مع الزمن.. فجعل الحرية هي الأصل وأمر بالإحسان إلى الأرقاء ورغب في عتقهم أيما ترغيب».
وأضافت الفتوى أن التشريع الإسلامي - من أول لحظة - كان واضحا في تشريع ما يقضي على ظاهرة الرق المجتمعية، ثم أُلغي الرق في العالم، وتعاهدت الدول على منع تجارة الرقيق، وأصبح الرق بذلك جريمة باتفاق كل أمم الأرض، وشاركتهم الدول الإسلامية في إقرار هذه المواثيق والتوقيع على تلك العهود التي نصت على منع الرق وتجريمه؛ انطلاقا من مقصد الشارع الحكيم.
وشددت الفتوى على أن هذه الاتفاقيات هي بمثابة عقود مبرمة وعهود منعقدة، فهي ملزمة للمسلمين في ما تم الاتفاق عليه، لقول الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود».. وبذلك ارتفعت كل أحكام الرقيق وملك اليمين المذكورة في الفقه الإسلامي لذهاب محلها.. وصار الاسترقاق محرما لا يجوز وجريمة لا تُقرها الشريعة.
وحذرت دار الإفتاء في فتواها من الانجرار وراء أفكار هؤلاء «الخوارج» (داعش)، مشددة على أن الإسلام قد حذر منهم، ونبهت الآيات القرآنية إلى عدم الاغترار بما يسوقونه من كلام باطل؛ يُضلون به عن سبيل الله ويسعون به للتلبيس على العقول ويشوهون دين الله وشريعته، مبررين إفسادهم في الأرض وإهلاكهم للحرث والنسل وانتهاكهم للحرمات والأعراض، مشيرة إلى أن القرآن قد كشف حقيقة هؤلاء المجرمين؛ مبينة أن سلوكهم هذا ناجم عن أمراض نفسية يلبسونها ثوب الإسلام كذبا وزورا، وإنما هي جرائم وآثام ولدتها أحقاد القلوب واللدد في الخصومة، فقال سبحانه وتعالى: «ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام.. وإذا تولى سعى في الأرض ليُفسد فيها ويُهلك الحرث والنسل والله لا يُحب الفساد».
في السياق ذاته، قال مفتي مصر إنه «قريبا سيتم إطلاق قوافل إفتائية تجوب قارات العالم الخمس لعقد لقاءات مع المسؤولين في دول العالم، بهدف نشر الوعي الإفتائي الصحيح وتصحيح صورة الإسلام ومواجهة الإسلاموفوبيا التي زادت وتيرتها مؤخرا»، لافتا إلى أن دار الإفتاء ستقوم بتأسيس مركز دراسات استراتيجي لقضايا التشدد والتطرف تكون مهمته التواصل مع دوائر صناعة القرار السياسي والإعلامي ومراكز الأبحاث والجامعات الدولية، وتفنيد مزاعم المتطرفين وأفكارهم الشاذة والرد عليها ردا علميا منضبطا، وكذلك دراسة ظاهرة انضمام الشباب إلى «داعش» سواء من دول الشرق أو الغرب، من أجل وضع حلول جذرية تحول دون انجرار الشباب إلى براثن التطرف والإرهاب.
وأشار مفتي مصر إلى أن الدار ستقوم كذلك بوضع دليل إرشادي باللغات لمعالجة التطرف، بهدف مساعدة صانعي القرار في دول العالم للتعامل الأمثل مع الظاهرة وكيفية مواجهتها بطريقة سليمة، لافتا إلى أنه في محاولة من الدار للتواصل مع أكبر قدر ممكن من المسلمين في مختلف دول العالم، سوف يتم التوسع في إدخال لغات جديدة لقسم الترجمة، وذلك لترجمة الفتاوى والأبحاث الشرعية منها اللغة الإسبانية للتواصل مع دول أميركا اللاتينية، وكذلك اللغة الإيطالية لتزيد عدد اللغات إلى اثنتي عشرة لغة.
وكشف المفتي علام أمس عن أن دار الإفتاء سوف تطلق خلال عام 2016 تطبيقات للفتوى على أنظمة «أندرويد»، و«آي أو إس» لأجهزة الهواتف الذكية، إيمانا من الدار بضرورة مواكبة التكنولوجيا الحديثة في وسائل الاتصال، لضمان الوصول لأكبر شريحة ممكنة من المسلمين حول العالم.
في سياق آخر، استنكر مرصد الإسلاموفوبيا التابع لدار الإفتاء المصرية تصريحات الحاخام الإسرائيلي، التي أكد فيها أن الوجود المسيحي في القدس غير مرحب به، وهو ما يجب أن يترجم إلى ممارسات وأفعال. وشدد مرصد الإفتاء، في بيان له أمس، على ضرورة توضيح الموقف اليهودي من المسلمين والمسيحيين في القدس وغيرها، واتخاذ مواقف حاسمة ورادعة لمثل تلك التصريحات التي قد تتسبب في حدوث الكثير من أعمال العنف والقتل بحق المسلمين والمسيحيين في فلسطين بشكل عام ومدينة القدس بشكل خاص.
ولفت المرصد إلى أن تلك التصريحات تمثل الزاد والمعين لجماعات العنف والتطرف لتروج بضاعتها وتسوقها بين الشباب؛ بل وتدفع الكثير من غير اليهود إلى اتخاذ مواقف عدائية تجاه اليهود في القدس وغيرها، وتسهم بشكل كبير في إذكاء نار الصراعات الدينية وحروب التطهير العرقي التي تهدد المنطقة برمتها.
ودعا المرصد إلى اتخاذ مواقف قوية تجاه تلك التصريحات، وتوضيح حقيقة الموقف اليهودي من المسلمين والمسيحيين، بالإضافة إلى اتخاذ التدابير اللازمة لمنع هذه التصريحات العنصرية، وحماية المسلمين والمسيحيين في القدس، وتوفير الحماية اللازمة للمقدسات الإسلامية والمسيحية من الممارسات العنصرية من جانب الفئات اليهودية المتطرفة.



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.