النظام السوري يعتقل عضوين من «الهيئة العليا لمؤتمر الرياض»

اجتماع الأحد يمهد للقاء دي ميستورا مطلع الأسبوع المقبل

المسؤول السعودي عبد العزيز الصقر يتوسط المعارض السوري الدكتور لؤي صافي والمعارضة هند قبوات أثناء مؤتمر صحافي في العاصمة السعودية عقب اجتماع الرياض (أ.ف.ب)
المسؤول السعودي عبد العزيز الصقر يتوسط المعارض السوري الدكتور لؤي صافي والمعارضة هند قبوات أثناء مؤتمر صحافي في العاصمة السعودية عقب اجتماع الرياض (أ.ف.ب)
TT

النظام السوري يعتقل عضوين من «الهيئة العليا لمؤتمر الرياض»

المسؤول السعودي عبد العزيز الصقر يتوسط المعارض السوري الدكتور لؤي صافي والمعارضة هند قبوات أثناء مؤتمر صحافي في العاصمة السعودية عقب اجتماع الرياض (أ.ف.ب)
المسؤول السعودي عبد العزيز الصقر يتوسط المعارض السوري الدكتور لؤي صافي والمعارضة هند قبوات أثناء مؤتمر صحافي في العاصمة السعودية عقب اجتماع الرياض (أ.ف.ب)

اعتقلت قوات النظام السوري أمس (الأربعاء)، أحمد العسراوي ومنير بيطار، عضوي هيئة التنسيق الوطنية المعارضة والهيئة العليا للمفاوضات، عند نقطة الحدود اللبنانية السورية، وذلك لدى توجههما إلى العاصمة السعودية الرياض، للمشاركة في اجتماع للهيئة المقرر يوم الأحد المقبل. ولم يصدر أي توضيح من قبل السلطات السورية حول خلفيات وأسباب عملية الاعتقال التي اعتبرت قوى المعارضة أنها بمنزلة صفعة كبرى لمساعي الحل السياسي الذي أقرت الأمم المتحدة خطواته الأولى في القرار «2254». غير أن هيئة التنسيق أصدرت بيانا حول ما حدث.
المكتب التنفيذي لهيئة التنسيق، ومقره دمشق، أصدر بيانا أفاد فيه باعتقال العسراوي وبيطار صباح أمس (الأربعاء)، «من قبل جهات أمنية عند نقطة الحدود السورية اللبنانية خلال توجههما لحضور اجتماع الهيئة العليا في الرياض». ووصف البيان العملية بـ«الإجراء التعسفي الذي يتعارض مع الجهود السياسية التي يدفع بها المجتمع الدولي ومجموعة العمل الدولية»، مشددا على أنه يندرج أيضًا في إطار «تقويض قرار مجلس الأمن (2254) لعام 2015 لإنجاز حل سياسي تفاوضي». وإذ دانت هيئة التنسيق «هذا الإجراء الذي لا يصب في الجهود الدولية لإنجاز حل سياسي عادل يحقق الحرية والكرامة للشعب السوري»، طالبت بالإفراج الفوري عنهما، محملة النظام مسؤولية سلامتهما.
واعتقلت السلطات االسورية عددا من قياديي هيئة التنسيق في السنوات الثلاث الماضية، أبرزهم رجاء الناصر وعبد العزيز الخير، وهما لا يزالان مسجونين من دون أي معلومات عنهما. كما اعتقلت السلطات السورية مؤخرا المتحدث باسم الهيئة منذر خدام وعضو المكتب التنفيذي طارق أبو الحسن، لكنها أفرجت عنهما بعد ساعات من توقيفهما. وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، قال خلف داهود، عضو المكتب التنفيذي في هيئة التنسيق، إن توقيف كل من العسراوي وبيطار ممثلي هيئة التنسيق في الهيئة العليا للمفاوضات هو «عمل مدان، ويدل على عدم جدية النظام في السير بالعملية السياسية، بل ومحاولة تقويضها من خلال الاستمرار في نهجه بتوقيف واعتقال المعارضين السلميين». وأكد داهود أن «هذه الممارسات القمعية لن تثني هيئة التنسيق عن نهجها بمعارضة النظام من الداخل السوري وتمسكها بالحل السياسي التفاوضي على أساس بيان جنيف وقرارات الشرعية الدولية».
من جهته، اعتبر يحيى عزيز، أمين سر هيئة التنسيق، في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، أن اعتقال العسراوي وبيطار «إجراء غير طبيعي ممن يريد الحل السياسي»، مشددا على أن «من يريد الحل السياسي لا يقدم على هذا العمل».
وكان عضوا هيئة التنسيق المعتقلين في طريقهما إلى الرياض عن طريق لبنان، للمشاركة في اجتماع الهيئة العليا للتفاوض التي انبثقت عن الاجتماعات التي احتضنتها الرياض يومي 9 و10 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وحضر المؤتمر 116 شخصية من مختلف أطياف المعارضة السورية. وتضم الهيئة، التي تعد الأولى من نوعها لجهة حجم تمثيل قوى المعارضة فيها، 34 شخصا، و11 ممثلين للفصائل العسكرية، ينقسمون ما بين أربعة أعضاء عن الجبهة الجنوبية، وأربعة عن الجبهة الشمالية، ممثل واحد عن «حركة أحرار الشام الإسلامية»، وممثل واحد عن «جيش الإسلام».
كما تضم الهيئة تسعة أعضاء من الائتلاف المعارض هم: رياض حجاب، وفاروق طيفور، وجورج صبرا، وعبد الحكيم بشار، وسهير الأتاسي، ومنذر ماخوس، وخالد خوجة، ورياض سيف، وسالم المسلط، بالإضافة إلى ثماني شخصيات مستقلة، وهم أحمد الجربا، وحسام الحافظ، وهند قبوات، ويحيى قضماني، ورياض نعسان آغا، وعبد العزيز شلال، ولؤي حسين، وأحمد معاذ الخطيب. وتضمنت القائمة أسماء خمسة أعضاء من هيئة التنسيق الوطنية، هم: منير بيطار، وصفوان عكاش، وأحمد عسراوي، ومحمد حجازي، وزياد أبو وطفة.
واعتبر جورج صبرا، عضو الهيئة العليا، أن عملية اعتقال العسراوي وبيطار «تتجاوز موضوع توجيه رسالة إلى كونها محاولة سافرة لاغتيال العملية السياسية التي انطلقت بإجماع دولي من خلال القرار (2254)»، لافتا إلى أن النظام السوري «ينصب الكمائن والأفخاخ في طريق هذه العملية، باعتبار أنه قد سبق عملية الاعتقال هذه اغتيال قائد (جيش الإسلام) زهران علوش، وهو ما يؤكد أن النظام لا يريد حلا سياسيا، مستفيدا من الغزو الروسي لسوريا، ميدانيا وسياسيا». وأوضح صبرا، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الهيئة «تعقد اجتماعا الأحد لوضع اللمسات الأخيرة على وفدها التفاوضي، كما تحضر للقاء يعقد مع المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا الأرجح في الرابع من يناير (كانون الثاني) المقبل».
وفي أول تعليق رسمي للنظام السوري على المفاوضات المزمع عقدها في جنيف في 25 يناير المقبل، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن رئيس الحكومة السورية، وائل الحلقي، قوله في كلمة أمام مجلس الشعب أمس الأربعاء، إن الحكومة السورية مستعدة للمشاركة في حوار جنيف الشهر المقبل، «بإشراف الأمم المتحدة ودون أي تدخل خارجي، والبدء في تطبيق القرارين (2253) و(2254) معًا، أي العمل على مساري مكافحة الإرهاب والحل السياسي».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.