جوار الرمادي الهدف التالي بعد استعادة مركزها.. وتحرير الفلوجة سيكون أصعب

عملية الموصل تحتاج الى 80 ألف جندي.. ومتطوعو العشائر لا يتجاوزون الـ5 آلاف

نازحون من الرمادي يحتفلون بتحرير مدينتهم في مخيم قرب بغداد أمس (أ.ف.ب)
نازحون من الرمادي يحتفلون بتحرير مدينتهم في مخيم قرب بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

جوار الرمادي الهدف التالي بعد استعادة مركزها.. وتحرير الفلوجة سيكون أصعب

نازحون من الرمادي يحتفلون بتحرير مدينتهم في مخيم قرب بغداد أمس (أ.ف.ب)
نازحون من الرمادي يحتفلون بتحرير مدينتهم في مخيم قرب بغداد أمس (أ.ف.ب)

يعكس الخراب الذي خلفه تنظيم داعش في مدينة الرمادي هزيمته النفسية قبل المادية في هذه المدينة التي تنطوي على رمزية خاصة لدى طرفي الصراع.. الحكومة العراقية الباحثة عن نصر سريع ترفع به معنويات الجيش والمواطن العراقي بعد سلسلة النكسات العسكرية والإحباطات الاقتصادية والسياسية، وتنظيم داعش الذي بدأ يدرك أنه لم يعد بمقدوره التمسك بالمدن التي يريد من خلالها توسيع نطاق خلافته فراح يحولها إلى رماد بعد الانسحاب منها أو الهزيمة فيها مثلما حصل لمدن ومناطق أخرى في العراق لا سيما تكريت وبيجي.
وبينما بدأت الحكومة العراقية تتلقى برقيات التهاني بتحرير الرمادي من قادة دول وزعامات سياسية، حيث كان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أول المهنئين وتبعه أمين عام الجامعة العربية نبيل العربي، فإن مناطق عدة في القاطع الشرقي لمدينة الرمادي، وطبقا لما أعلنه رئيس اللجنة الأمنية في مجلس قضاء الخالدية في محافظة الأنبار إبراهيم الفهداوي، لا تزال تحت سيطرة تنظيم داعش. وأضاف الفهداوي أن «عناصر التنظيم الإرهابي يتمركزون في مناطق القاطع الشرقي للرمادي بعد هروبهم من مركز المدينة خلال الأيام القليلة الماضية»، مشددا على أن «تكون أولويات المرحلة الأمنية الحالية بتحرير تلك المناطق من بقايا التنظيم».
مع ذلك، فإن مجرد فقدان الرمادي ذات الرمزية العالية من قبل «داعش» هو من وجهة نظر تحالف القوى العراقية وعلى لسان القيادي فيه وعضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار محمد الحلبوسي «مفتاح لاستكمال صفحات تحرير باقي مدن محافظة الأنبار المغتصبة من تنظيم داعش الإرهابي». وأضاف الحلبوسي لـ«الشرق الأوسط» أن «فرحتنا بتحرير مركز مدينة الرمادي لا يمكن أن ينسينا أو يلهينا عن استثمار نشوة النصر والثقة بالنفس والمعنويات العالية لقواتنا المسلحة وأبناء العشائر في الاندفاع لتحرير مدن الفلوجة وحديثة والقائم وتنظيفها من براثن (داعش) الإجرامي».
من جهته، يفصل الخبير الأمني المتخصص هشام الهاشمي، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، الأوضاع في مدينة الرمادي خصوصا ومحافظة الأنبار بشكل عام لا سيما بعد تحرير مركز المدينة، قائلا إنه «يمكن تقسيم الرمادي إلى ثلاث مناطق صعبة وصعبة جدا ومهمة، حيث تم الآن تحرير المناطق المهمة وهي المجمع الحكومي والأحياء القريبة منه والصعبة جدا، وهي المناطق الغربية والجنوبية من المدينة، فيما بقيت المناطق الصعبة وهي الشمالية والشرقية والتي تشكل نحو 60 في المائة من مقتربات مدينة الرمادي، علما بأن الرمادي هي في الواقع 43 حيا ومنطقة».
وردا على سؤال في ما يتعلق في مرحلة ما بعد الرمادي، قال الهاشمي إن «الأولوية الأولى هي لمناطق جزيرة الخالدية وهيت لقطع طرق إمدادات (داعش)». وحول الوضع في الفلوجة والصمت المطبق حولها، قال الهاشمي إن «وضع الفلوجة أصعب بكثير من الرمادي بسبب كثرة مقاتلي تنظيم داعش الذين يفوق عددهم الـ1500 مقاتل، بالإضافة إلى التحصينات وطرق الحماية، حيث إن الفلوجة هي تحت سيطرة (داعش) منذ سنتين تحديدا، وبالتالي فإن العمل على تحريرها يتطلب توفير بين 23 و25 ألف مقاتل، وهو ما لم يتوافر حتى الآن».
وفي ما يتعلق بوضع الموصل كونها هي الأخرى محتلة من قبل تنظيم داعش، ومتى يمكن أن يتم التوجه إليها في ظل ارتفاع معنويات الجيش العراقي، قال الهاشمي إن «عامل المعنويات مهم بالتأكيد، لكن المسألة تتعلق بالإمكانيات المتاحة، حيث إن ما هو مطلوب لتحرير الموصل هو 80 ألف جندي، في حين أن مجموع ما تم توفيره على صعيد الحشد الوطني والعشائر هناك لا يتعدى الـ5 آلاف مقاتل، فيما أعلنت قوات البيشمركة الكردية أنها لا تقاتل إلا في المناطق المتنازع عليها».
في السياق نفسه، قال وزير المالية العراقي هوشيار زيباري إن الجيش العراقي سيحتاج إلى مساعدة البيشمركة لاسترداد الموصل، متوقعا أن يكون الهجوم المزمع في غاية الصعوبة. وقال زيباري، وهو كردي، لوكالة «رويترز»: «الموصل تحتاج إلى تخطيط جيد واستعدادات والتزام من كل الأطراف الرئيسية». وشدد على أن «البيشمركة قوة رئيسية، ولا يمكنك استعادة الموصل من دون البيشمركة». وقال زيباري إن معركة الموصل ستكون «صعبة جدا جدا».
وتصدرت العملية المرتقبة لتحرير الموصل محادثات بين رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني ورئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري في أربيل أول من أمس. وذكر بيان رسمي أن الجانبين تدارسا في أربيل «مستجدات الوضع السياسي والتطورات الميدانية الأخيرة التي شهدتها محافظة الأنبار، والتي تمثلت بتحرير مدينة الرمادي»، مضيفا: «كما بحث اللقاء بشكل مفصل ملف تحرير مدينة الموصل والتحضيرات اللازمة لذلك، وأهمية استثمار زخم الانتصارات التي تحققت في الأنبار وانعكاساتها الإيجابية التي سيكون لها أثر كبير في التقدم نحو تحرير المدينة».
إلى ذلك، ذكر مصدر محلي أن عناصر من تنظيم داعش بدأوا في حفر خنادق فاصلة بين مناطق يسيطرون عليها بامتداد المناطق التي تقع على مشارف جبال حمرين (على بعد 160 كم شمال بغداد)، والتي تضم قوات الجيش العراقي والشرطة الاتحادية وميليشيات الحشد الشعبي. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن المصدر أن «عناصر التنظيم استقدموا حفارات وقاموا بحفر ثلاثة ممرات قرب قرية الأصفر والذربان والمناطق المحاذية لجبال حمرين، لمنع مرور المركبات والمقاتلين في حالة ترجل القوات العراقية المتجمعة في جبال حمرين والفتحة (على بعد 80 كم جنوب وغرب كركوك)». وأوضح أن «عناصر التنظيم قاموا بتوزيع أراض زراعية، جرت مصادرتها من رموز وشيوخ ووجهاء وعناصر أمن، رفضت مبايعة (داعش) وتركت مناطق جنوب كركوك وغربها، على مقاتليه وشخصيات موالية له تعمل على تجنيد مقاتلين من الأطفال والشباب له».
يذكر أن مناطق جنوب كركوك وغربها ما زالت تخضع لسيطرة تنظيم داعش منذ يونيو (حزيران) من العام الماضي، وهي تضم قضاء الحويجة ونواحي الزاب والرياض والعباسي والرشاد. وتنتشر وحدات الجيش العراقي والشرطة الاتحادية وميليشيات الحشد الشعبي في مرتفعات حمرين، وهي تستعد للنزول من الجبال وخوض عملية تحرير الحويجة ونواحيها.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.