وزير المالية الروسي الأسبق يحذر من عواقب اقتصادية للانخراط في الأزمة السورية

قال إن إسقاط الطائرة الروسية أظهر حجم الخسارة في حوادث كهذه

وزير المالية الروسي الأسبق يحذر من عواقب اقتصادية للانخراط في الأزمة السورية
TT

وزير المالية الروسي الأسبق يحذر من عواقب اقتصادية للانخراط في الأزمة السورية

وزير المالية الروسي الأسبق يحذر من عواقب اقتصادية للانخراط في الأزمة السورية

أعرب وزير المالية الروسية الأسبق أليكسي كودرين عن اعتقاده بأن الإنفاق على العملية العسكرية الروسية في سوريا ليس ضخمًا كما يظن البعض، موضحًا على سبيل المثال أن الصواريخ المجنحة التي أطلقتها السفن والغواصات الروسية على مواقع في سوريا، كانت ستُستخدم بكل الأحوال ويتم إطلاقها خلال مناورات قادمة، إلا أنه تم استخدامها في العملية العسكرية الروسية في سوريا عوضًا عن ذلك. إلا أن الوزير الروسي الأسبق، الذي يترأس حاليًا «لجنة المبادرة المدنية» المعارضة، أشار خلال حديثة لوكالة «إنترفاكس» الروسية إلى عواقب اقتصادية، لا علاقة لها بأعباء الإنفاق على العملية العسكرية في سوريا، وقد تنجم عن انخراط روسيا في الأزمة السورية. وحذر في هذا السياق من احتمال تكرار حادثة مثل إسقاط المقاتلات التركية لقاذفة «سو - 24» الروسية، الأمر الذي سيؤدي حسب قوله إلى تدهور علاقات روسيا مع شركائها.
وأوضح كودرين مخاوفه هذه، لافتًا إلى أن عددا من دول العالم التي تجمعها مع روسيا علاقات تعاون اقتصادي إيجابية ومثمرة قد أرسلت قواتها إلى سوريا لتنفيذ مهام قتالية هناك، بينما ما زال خطر تكرار حوادث غير متوقعة قائمًا، بل وينمو، حسب قناعة كودرين، الذي اعتبر أن حادثة الطائرة الروسية التي أسقطتها تركيا أظهرت كم هي كبيرة العواقب الاقتصادية لحوادث كهذه في سوريا. من ثم عاد كودرين ليؤكد أن هناك بكل الأحوال تكلفة مالية عن العملية العسكرية الروسية في سوريا، لكنه وضع الأمر في ترابط ما بين التكلفة الاقتصادية والمكاسب السياسية متسائلا: «لكن وبغض النظر عن الثمن الاقتصادي الذي ندفعه مقابل ذلك، هل ستأتي المشاركة الروسية في الأزمة السورية بمكاسب سياسية لروسيا؟»، كودرين نفسه قال إنه لن يعلق على هذا الأمر، وفضل أن تكون الإجابة عنه بتحليل عميق للمكاسب الاستراتيجية الروسية.
جدير بالذكر أن مراكز دراسات ومؤسسات إعلامية وبحثية فضلا عن منظمات روسية، كانت قد حذرت منذ بداية العملية العسكرية الروسية في سوريا من الثمن الاقتصادي والسياسي لتلك العملية. في الجانب الأول صدرت دراسات عدة أشارت كلها تقريبًا إلى أن روسيا تنفق يوميًا على العمليات القتالية في سوريا ما بين 2.3 إلى 4 ملايين دولار، وفي حال استمرت العمليات لعام كامل فإن إجمالي ما ستنفقه روسيا لن يتجاوز 3 في المائة من ميزانيتها العسكرية.
إلا أن رجال سياسة واقتصاد روسًا، ومن بينهم أليكسي كودرين، اعتبروا منذ الشهر الأول للعملية العسكرية الروسية في سوريا، أن الثمن الاقتصادي لا يقتصر على الإنفاق لتمويل العمليات القتالية، بل وعلى جوانب أخرى منها، مثلاً، تأثير انخراط روسيا في الأزمة السورية بشكل مباشر على الاستثمارات في روسيا، وكذلك التوتر السياسي مع عدد من الدول وما قد ينجم عن ذلك من تدهور للعلاقات الاقتصادية، بينما يمر الاقتصاد الروسي بمرحلة حرجة جدًا على خلفية هبوط أسعار النفط.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.