«عاصفة الحزم» تعيد الأمل في اليمن

بعد تمرد الحوثيين وحليفهم المخلوع صالح

«عاصفة الحزم» تعيد الأمل في اليمن
TT

«عاصفة الحزم» تعيد الأمل في اليمن

«عاصفة الحزم» تعيد الأمل في اليمن

عاش اليمن الأشهر الأخيرة من عام 2014، والأشهر الأولى من العام المنقضي 2015، تطورات دراماتيكية متلاحقة، ابتدأت بجدل وانقلاب ورفض لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني، الذي انتهى مطلع عام 2014، ووافقت عليه كل الأطراف المشاركة في المؤتمر، بما فيها حزب الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح والحوثيين، ففجأة رفضوا تلك المخرجات التي أشرفت عليها الأمم المتحدة ودول الخليج الراعية للتسوية السياسية اليمنية، عبر المبادرة الخليجية، ثم تحول الجدل إلى عمل عسكري من صعدة إلى عمران شمالا، حتى وصل إلى العاصمة صنعاء في الـ21 من سبتمبر (أيلول) 2014، ففي هذا التاريخ وافق الرئيس عبد ربه منصور هادي على التوقيع على ما سمي «اتفاق السلم والشراكة»، لتجنيب البلاد الاقتتال، كما أعلن حينها، وضمن ذلك الاتفاق للحوثيين مشاركة واسعة في السلطة والثروة.
لكن وفي نفس يوم التوقيع انقلب الحوثيون على الاتفاق واحتلوا العاصمة صنعاء أمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي ومبعوث الأمم المتحدة السابق إلى اليمن، جمال بنعمر، واستمرت التطورات حتى وصلت إلى احتلال دار الرئاسة واحتجاز الرئيس عبد ربه منصور هادي تحت الإقامة الجبرية في منزله، وكذلك الحال مع رئيس حكومة الكفاءات، خالد بحاح، وأعضاء حكومته.
كان مشهد الانقلاب سياسيا وعسكريا مكتمل الأركان، غير أن الرئيس هادي تمكن من الفرار من مقر إقامته الجبرية إلى عدن في الـ21 من فبراير (شباط)، غير المعادلة السياسية وجعل تحالف الحوثي – صالح يهرع إلى احتلال المحافظات الجنوبية والشرقية، وابتلاع باقي المحافظات الشمالية، وقد سعى الانقلابيون حثيثا إلى قتل الرئيس هادي واستخدام الطيران الحربي في تلك العمليات.
مع الأيام الأخيرة لشهر مارس (آذار) الماضي، كانت عدن على وشك أن تصبح كاملة في أيدي الانقلابيين الذين لم يتمكنوا من السيطرة عليها وعلى تعز وبعض المحافظات كمأرب، بشكل كامل.. في تلك اللحظات التي اختطف فيها الحوثيون وحليفهم المخلوع صالح، الدولة اليمنية، لجأ الرئيس هادي إلى دول الجوار وفي المقدمة السعودية التي بادرت إلى تشكيل حلف عسكري وتدخلت عسكريا لوقف التمادي الحوثي ووقف ابتلاع اليمن من قبل الحوثيين ومن ورائهم القوى الإقليمية التي لم تعد خافية على أحد، وهي إيران التي تتهمها السلطات الشرعية اليمنية بالوقوف وراء انقضاض الميليشيات على الدولة اليمنية.
قبل «عاصفة الحزم» كان المشهد مرعبا لليمنيين ودول المنطقة، أن تسقط دولة بكاملها في يد ميليشيات وتبدأ الأخيرة في شن حرب على دول الجوار، وجاءت العاصفة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، لتوقف هذا الزحف. وخلال الأشهر الماضية تمكنت من استعادة معظم المحافظات الجنوبية ومأرب والجوف وباتت المعارك اليوم على بعد عشرات قليلة من الكيلومترات من صنعاء، ورغم ذلك تتواصل المساعي الدولية لحل الأزمة في اليمن وسط ترحيب يمني ومن دول التحالف بالجنوح إلى السلام الذي يتأرجح بين قوى ترفض إعادة الدولة المختطفة سلميا، عبر الحوار، وبين مجتمع دولي مؤيد لشرعية وبلد انتهكت سيادته.

محطات عاصفة الحزم

* 19 يناير (كانون الثاني): الحوثيون يهاجمون منزل الرئيس عبد ربه منصور هادي، بعد اشتباكات مع الحرس الرئاسي، في صنعاء، ويقتحمون مقرات وسائل الإعلام الحكومية.
* 22 يناير: الرئيس هادي ورئيس الوزراء خالد بحاح يقدمان استقالتيهما، لكن البرلمان لم يعقد جلسة حسب الدستور لقبول الاستقالة أو رفضها.
* 6 فبراير (شباط): الحوثيون يعلنون حل البرلمان، بينما الرئيس هادي ورئيس الوزراء قيد الإقامة الجبرية.
* 15 فبراير: مجلس الأمن الدولي يصدر القرار رقم 2201 يطالب فيه الحوثيون بسحب مسلحيهم من المؤسسات الحكومية، والانخراط في مفاوضات السلام التي يرعاها مبعوث الأمم المتحدة.
* 21 فبراير: هادي يتمكن من الخروج من صنعاء ويتوجه إلى اليمن ويعلن في خطاب للشعب أن انقلاب الحوثيين غير شرعي، وقراراتهم باطلة منذ دخولهم العاصمة في 21 سبتمبر (أيلول) 2014.
* 26 فبراير: عبد الملك الحوثي، زعيم المتمردين، يرد بخطاب تحريضي جديد يصعد فيه ضد شرعية الرئيس هادي، ويجنح إلى خيار الحرب.
* 19 مارس (آذار): القوات التابعة للرئيس هادي تستعيد السيطرة على مطار عدن الدولي. ويتزامن ذلك مع اشتباكات عسكرية بين أنصار هادي وقوات أمنية مرتبطة بالرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، بدعم من الحوثيين.
* 26 مارس: التحالف العربي يبدأ عملية الحزم، ويسيطر على أجواء اليمن ويدمر الدفاعات الجوية ونظم الاتصالات العسكرية للانقلابيين، ويحذر من الاقتراب من الموانئ اليمنية.
* 21 أبريل (نيسان): قيادة عملية عاصفة الحزم تعلن توقف العملية وبدء عملية «إعادة الأمل» وذلك بعد أن تمكنت قوات التحالف من تدمير الأسلحة الثقيلة والصواريخ الباليستية والقوة الجوية التي كانت بحوزة ميليشيا الحوثيين وقوات صالح الموالية لها. لكن الحوثيين يردون بالتصعيد مجددا.
* 7 مايو (أيار): العميد ركن أحمد عسيري، المتحدث الرسمي لقوات التحالف، يحذر الميليشيات الحوثية بأن العمليات العسكرية لعملية «عاصفة الحزم» قد تُعاود إذا استمروا في استهداف المدنيين والحدود السعودية.
* 18 مايو: انتهاء مدة الهدنة الإنسانية في اليمن التي استمرت خمسة أيام، ومقاتلات التحالف تشن غارات على عدة أهداف تابعة للحوثيين والوحدات العسكرية الموالية لصالح في محافظتي صعدة وحجّة شمال وغرب اليمن، وفي عدن والضالع.
* 5 يونيو (حزيران): التحالف العربي يتمكن من القضاء على خطر ترسانة الصواريخ الباليستية وتدميرها، وإعطاب وتحييد المتبقي منها. والإعلان عن عمل استخباراتي كبير لتحديد أماكن المواقع غير المعروفة وتدقيق المعلومات الواردة بشأنها، ومن ثم استهدافها وتدميرها.
* 23 يوليو (تموز): تدشين جسر جوي من التحالف العربي لحمل المواد الإغاثية إلى اليمن، بعد أن حطت أول طائرات الإغاثة السعودية في مطار عدن، واتخاذ إجراءات عسكرية من أجل تأمين سلامة طائرات المساعدات.
* 31 يوليو: العميد الركن أحمد عسيري يستنكر تقرير الأمم المتحدة الذي حمل كلا الطرفين مسؤولية ما يجري في اليمن، ويرفض ما جاء فيه من مساواة بين من يحترم الشرعية وينسجم مع القرار 2216، وبين من يرفض التعامل مع الأمم المتحدة.
* 22 أغسطس (آب): العميد أحمد عسيري، في أول تعليق له على نبأ استشهاد طيارين سعوديين في سقوط مروحية أباتشي بقطاع جازان، يقول: «لم تنشئ الدولة القوات المسلحة إلا لمثل هذا اليوم، وأرواحنا ترخص ولا تطأ أقدام معادية حدودنا».
* 5 سبتمبر: الإعلان عن «استشهاد» 10 جنود سعوديين في انفجار مخزن أسلحة بمعسكر صافر في مدينة مأرب اليمنية، والذي أدى أيضا إلى استشهاد 45 جنديا إماراتيا وخمسة جنود بحرينيين وأربعة جنود يمنيين.
* 9 أكتوبر (تشرين الأول): بعد أيام من إشاعة الميليشيات الحوثية لأخبار مزعومة عن تعهدها بوقف إطلاق النار والإقرار بالحكومة الشرعية اليمنية وانسحاب المسلحين من المدن، يعلن التحالف العربي أنه مستمر في تنفيذ العمليات العسكرية، ويقول إنه لم يصله شيء بخصوص تعهدات الميليشيات الحوثية.
* 7 نوفمبر (تشرين الثاني): وصول الدفعة الثانية من القوات المسلحة الإماراتية المشاركة ضمن قوات عملية «عاصفة الحزم» في اليمن، وذلك لتسلم مهامها، بعد أن كانت الدفعة الأولى من القوات المسلحة الإماراتية قد غادرت الأراضي اليمنية بعد تحرير عدد كبير من المدن التي كانت قد سيطرت الميليشيات.
* 16 ديسمبر (كانون الأول): تحذيرات من جانب التحالف العربي، من مغبة انهيار الهدنة في اليمن، على خلفية الانتهاكات المستمرة من جانب المتمردين الحوثيين وميليشيات صالح، حيث كان قد جرى رصد نحو 150 انتهاكا. وقام التحالف العربي بالرد على تلك الخروقات.
* 20 ديسمبر: الأمم المتحدة تقول على هامش المحادثات اليمنية التي جرت في سويسرا إنه يجري الاتفاق على إطار واسع لإنهاء الحرب، رغم العثرات. وإن ممثلي الجانبين سيلتقيان مجددا في 14 يناير المقبل في مكان لم يتحدد بعد.



حفل استقبال في السفارة السعودية بباريس بمناسبة اليوم العالمي للتضامن الإنساني

سفير المملكة السعودية في باريس فهد الرويلي مع ضيوف الحفل الذي أقامته السفارة بمناسبة اليوم الدولي للتضامن الإنساني (الشرق الأوسط)
سفير المملكة السعودية في باريس فهد الرويلي مع ضيوف الحفل الذي أقامته السفارة بمناسبة اليوم الدولي للتضامن الإنساني (الشرق الأوسط)
TT

حفل استقبال في السفارة السعودية بباريس بمناسبة اليوم العالمي للتضامن الإنساني

سفير المملكة السعودية في باريس فهد الرويلي مع ضيوف الحفل الذي أقامته السفارة بمناسبة اليوم الدولي للتضامن الإنساني (الشرق الأوسط)
سفير المملكة السعودية في باريس فهد الرويلي مع ضيوف الحفل الذي أقامته السفارة بمناسبة اليوم الدولي للتضامن الإنساني (الشرق الأوسط)

اغتنم سفير المملكة السعودية في باريس، فهد الرويلي، مناسبة حفل الاستقبال الذي دعا إليه في دارته بمناسبة اليوم الدولي للتضامن الإنساني، الذي يحل كل عام في العشرين من شهر ديسمبر (كانون الأول)، ليؤكد أن المملكة العربية السعودية «تضع التضامن الإنساني والحوار في صميم عملها الوطني والدولي» بعدّهما «قيماً متجذّرة بعمق في ثقافتها ومبادئها الدينية، وتشكّل ركيزة أساسية في رؤيتها المستقبلية الجديدة، رؤية السعودية 2030». واستطرد السفير السعودي قائلاً «إن التضامن الإنساني ليس مجرد مبدأ أخلاقي، بل هو مسؤولية جماعية تقوم على الاحترام والتعاون والتكافل بين الشعوب دون تمييز»، حيث إن «إنسانيتنا مشتركة ومستقبلنا واحد».

انطلاقاً من هذه المبادئ، أشار السفير الرويلي إلى ما تقدمه المملكة من مساعدات عبر العالم «دون تمييز على أساس الأصل أو الدين»، حيث يلعب مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية «دوراً رائداً في تقديم المساعدات الغذائية، والرعاية الطبية، والتعليم، والمساعدات الطارئة في زمن الأزمات، كما يقوم الصندوق السعودي للتنمية بتمويل 741 مشروعاً في 93 دولة عبر العالم».

سفير المملكة السعودية في باريس فهد الرويلي في حفل الاستقبال (الشرق الأوسط)

ونوه السفير الرويلي بالدور الذي تقوم به المنظمات والجمعيات السعودية في مختلف مجالات العمل الإنساني، ذاكراً منها مؤسسة الأمير سلطان بن عبد العزيز الخيرية أو رابطة العمل الإسلامي التي تتخذ من مكة المكرمة مقراً لها وهي تعمل بشكل خاص على «مكافحة التطرف والتشدد وخطابات الكراهية». وقد أثبتت الرابطة أهليتها، ما يعكس اعتراف الأمم المتحدة بدورها وتسميتها عضواً استشارياً ومراقباً لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة. كما أشار السفير الرويلي لدور المملكة في تقديم المساعدات في مناطق عديدة للمدنيين في غزة، وسوريا، ولبنان، وصولاً إلى أوكرانيا وغيرها.

أما على صعيد الحوار، فقد شرح السفير الرويلي دور بلاده الفاعل في تعزيز ثقافة الحوار خصوصاً بين الأديان والثقافات ودعمها الدائم «للمبادرات الرامية إلى تعزيز التفاهم المتبادل، ومكافحة التطرف، وترسيخ قيم التعايش السلمي بين الشعوب»، فيما تعكس رؤية 2030 «تشجيع الانفتاح، والتعاون الدولي، والشراكات المتعددة الأطراف، من أجل بناء مجتمعات أكثر عدلاً وتسامحاً وقدرة على الصمود».

وشدد السفير على أن «التضامن الإنساني والحوار الصادق يشكّلان ركيزتين أساسيتين لتحقيق السلام والاستقرار والازدهار على مستوى العالم»، خصوصاً أن نظرة فاحصة تبين كم أن عالم اليوم يعاني من أزمات ونزاعات وإرهاب... الأمر الذي يبين الحاجة إلى التضامن البشري والإنساني لغرض «صون السلام والاستقرار والكرامة الإنسانية».

وفي السياق عينه، أبرز السفير الرويلي التزام بلاده بـ«تعزيز التنمية المستدامة، والتعاون الدولي، والحوار بين الثقافات»، وأنها «تؤمن إيماناً راسخاً بأن التضامن الإنساني ركيزة أساسية لبناء عالم أكثر عدلاً وأمناً وازدهاراً». ومن من الفعاليات التي أقامتها الرياض في هذا السياق انعقاد «المنتدى العالمي الحادي عشر لتحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة»، مؤخراً، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة وعدد من كبار المسؤولين والشخصيات المرموقة من مختلف أنحاء العالم، الذي يهدف إلى تعزيز الاحترام والتفاهم بين الثقافات والأديان.

حضرت الحفل شخصيات دبلوماسية ودينية واجتماعية وإعلامية عربية وأجنبية مرموقة ومتعددة المشارب، ما يعكس بمعنى ما، صورة مصغرة عن التلاقي والتضامن الإنسانيين.


الرئيس الفرنسي في زيارة مزدوجة الأهداف إلى أبو ظبي

الرئيس ماكرون مع رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد بقصر الإليزيه في فبراير الماضي (أ.ف.ب)
الرئيس ماكرون مع رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد بقصر الإليزيه في فبراير الماضي (أ.ف.ب)
TT

الرئيس الفرنسي في زيارة مزدوجة الأهداف إلى أبو ظبي

الرئيس ماكرون مع رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد بقصر الإليزيه في فبراير الماضي (أ.ف.ب)
الرئيس ماكرون مع رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد بقصر الإليزيه في فبراير الماضي (أ.ف.ب)

ما بين لبنان والإمارات العربية المتحدة، اختار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أبو ظبي للقيام بالزيارة التقليدية للقوات الفرنسية المنتشرة خارج البلاد بمناسبة أعياد نهاية السنة. كان الخياران مطروحين، ففي جنوب لبنان، تشارك وحدة فرنسية من 700 رجل في قوة «اليونيفيل» المنتشرة جنوب لبنان. وتعد فرنسا من أقدم الدول التي أسهمت في القوة الدولية بمسمياتها المختلفة منذ عام 1978.

ولفرنسا في الإمارات قاعدتان عسكريتان بحرية وجوية {الظفرة) وقوة برية من 900 رجل. وأفاد الإليزيه بأن زيارة الرئيس الفرنسي ستكون ليومين (الأحد والاثنين)، ومن شقين: الأول، زيارة رسمية مخصصة للعلاقات الثنائية بين باريس وأبو ظبي، وسيتوِّجها اجتماع مرتقب، الأحد، بين ماكرون ورئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد لبحث الملفات المشتركة. ويقوم بين الطرفين حوار استراتيجي ــ سياسي رفيع المستوى. والشق الثاني لتفقد القوة العسكرية الفرنسية؛ حيث من المقرر أن يتوجه بخطاب إلى العسكريين بهذه المناسبة سيعقبه عشاء تكريمي أعده تحديداً مطبخ الإليزيه. وسترافق ماكرون وزيرة الدفاع كاترين فوترين. ومن ضمن برنامج الزيارة، حضور ماكرون نشاطاً عسكرياً في إحدى القواعد الصحراوية للقوة الفرنسية، ويرجح أن تشارك فيها قوة إماراتية على غرار التمارين العسكرية المشتركة بين الطرفين لتنسيق المواقف إزاء الأزمات الإقليمية والملفات الساخنة.

جنود فرنسيون يقومون بمناورة بدبابات من طراز «لوكلير» في مدينة زايد العسكرية 20 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

باريس وأبو ظبي تعاون وثيق

ترتبط فرنسا والإمارات بعلاقات استراتيجية قوية ومتنوعة؛ إذ تشمل الجوانب السياسية والدفاعية والاقتصادية والتجارية والثقافية. ومنذ عام 2009 وقّعت باريس وأبو ظبي اتفاقاً دفاعياً ما زال قائماً، ويرفده تعاون وثيق في مجال التسليح، حيث وُقِّعت بين الطرفين عقود بالغة الأهمية آخرها عقد حصول الإمارات على 80 طائرة قتالية من طراز «رافال» التي تصنعها «شركة داسو». ووُقّع العقد في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2021، وتبلغ قيمته الإجمالية مع الصيانة والتدريب 16.6 مليار يورو. ومن المنتظر أن تتسلم القوات الجوية الإماراتية أول النماذج بدءاً من عام 2026، بينما تنتهي عملية التسليم في عام 2031. ويشمل التعاون الدفاعي القيام بتمارين عسكرية مشتركة غرضها تسهيل التعاون بين جيشي البلدين. وما يدفع في هذا الاتجاه أن القوات الإماراتية تستخدم كثيراً من الأسلحة والمعدات التي تستخدمها القوات الفرنسية في قطاعي الطيران والعربات المصفحة والدبابات.

ليس القطاع الدفاعي والاستراتيجي وحده يستأثر بالتعاون الثنائي؛ فالطرفان يرتبطان بشراكة استراتيجية في قطاع الطاقة الذي يشمل، إلى جانب النفط، الطاقات المتجددة والنووية والهيدروجين, وبالتوازي، ثمة تعاون في قطاع الذكاء الاصطناعي.

كما طور الطرفان التعاون الأكاديمي (جامعة السوربون)، والثقافي (متحف اللوفر أبو ظبي) والصحي. ومن الجانب التجاري، تعد الإمارات الشريك الأول لفرنسا في منطقة الخليج؛ حيث بلغت قيمة المبادلات، العام الماضي، 8.5 مليار يورو. وتتركز المشتريات الإماراتية على الطائرات والتجهيزات والمكونات الكيميائية والعطور والمستحضرات الطبية والتجميلية والثياب والأقمشة. وتفيد وزارة الاقتصاد بأن ما لا يقل عن 600 شركة فرنسية تعمل في الإمارات، وتوفر فرصاً لآلاف المتخصصين والعمال.

صورة لأحد التمرينات العسكرية التي قام بها الجنود الفرنسيون المرابطون في دولة الإمارات بمناسبة المناورات التي تُجرى سنوياً (أ.ف.ب)

مهمات القوة الفرنسية في الإمارات

تؤكد مصادر الإليزيه أن اختيار أبو ظبي يعود لرغبة فرنسية في إظهار أن باريس، رغم تركيزها على الأزمة الأوكرانية التي تهم أمنها وأمن القارة الأوروبية، ما زالت «تواصل جهودها العسكرية، السياسية والدبلوماسية، على مستوى العالم بأسره، في كل مكان ترى فيه تهديداً لمصالحها وقيمها». ومن جانب آخر، ترى باريس أنها معنية بالأزمات والتحديات الأمنية القائمة في المنطقة سواء كان من بينها أمن الخليج والممرات المائية والتحديات التي يمثلها الحوثيون أو الإرهاب ممثلاً بتنظيم «داعش» الذي عاد إلى البروز في الشهر الأخيرة. وفي هذا السياق، تشير المصادر العسكرية في الإليزيه إلى أن القوات الفرنسية تشارك في «عملية شمال»، وهي جزء من التحالف الدولي في الحرب على الإرهاب. كذلك، فإنها جزء من «العملية الأوروبية أسبيدس» المنخرطة في حماية حركة الملاحة البحرية من هجمات الحوثيين.

من هذه الزاوية، يمكن تفهُّم حرص ماكرون على التوجه إلى الإمارات التي تعد، وفق مصادر الأليزيه «موقعاً محورياً تتقاطع حوله الأزمات كما يعكس اهتمامنا الكبير بهذه المنطقة الجغرافية الرئيسية من أجل الاستقرار الإقليمي وحماية الحركة الملاحية وأمن العراق والعلاقة مع إيران ومكافحة الإرهاب». وتشير المصادر الفرنسية إلى الحرب مع إيران، وللدور الذي قامت به الطائرات الفرنسية في محاربة «داعش» زمن احتلالها جزءاً من العراق، فضلاً عن محاربة أنشطة المرتزقة البحرية في المنطقة. وركزت المصادر المشار إليها على وجود «هيئة أركان فرنسية مشتركة» يرأسها الأميرال هيوغ لين، قائد القوة الفرنسية في الإمارات، ولكن أيضاً القوة الفرنسية العاملة في المحيط الهندي لمحاربة عمليات القرصنة والتهريب متعدد الأنواع.


عبدالله بن زايد يشدد على وقف فوري لإطلاق النار بالسودان

الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي (وام)
الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي (وام)
TT

عبدالله بن زايد يشدد على وقف فوري لإطلاق النار بالسودان

الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي (وام)
الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي (وام)

جدّد الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي، التأكيد على أن الوقف الفوري لإطلاق النار في السودان، وضمان وصول إنساني آمن من دون عوائق إلى المدنيين، يمثلان أولوية قصوى في ظل تفاقم الاحتياجات الإنسانية واتساع دائرة المعاناة.

ورحّب الشيخ عبد الله بن زايد بتصريحات وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بشأن السودان، التي شدد فيها على أن الهدف العاجل لواشنطن يتمثل في وقف الأعمال العدائية مع دخول العام الجديد بما يسمح للمنظمات الإنسانية بإيصال المساعدات إلى مختلف أنحاء البلاد.

وأثنى وزير الخارجية الإماراتي على ما تضمنته التصريحات الأميركية من تركيز على دفع مسار التهدئة الإنسانية والتخفيف من وطأة الأزمة، مؤكداً أن أي تقدم عملي يبدأ بوقف إطلاق النار على نحو عاجل، بما يوفر حماية للمدنيين ويؤسس لتهيئة بيئة سياسية أكثر قابلية للحل. كما رأى أن تثبيت الهدنة الإنسانية وفتح الممرات أمام الإغاثة «يمهدان الطريق» لمسار سياسي يفضي إلى انتقال مدني مستقل يحقق تطلعات السودانيين في الأمن والاستقرار والسلام.

وفي هذا السياق، أكد الشيخ عبد الله بن زايد التزام دولة الإمارات بالعمل مع المجموعة الرباعية بقيادة الولايات المتحدة، ضمن جهود تستهدف دعم مسار سياسي مدني مستدام يضع مصلحة الشعب السوداني فوق كل اعتبار.

وكان روبيو قد قال في مؤتمر صحافي إن بلاده منخرطة «بشكل مكثف» مع أطراف إقليمية، لافتاً إلى محادثات أجرتها واشنطن مع مسؤولين في الإمارات والسعودية ومصر، وبالتنسيق مع المملكة المتحدة، في إطار الدفع نحو هدنة إنسانية تسمح بتوسيع عمليات الإغاثة.