ألعاب الصغار قد تكون مفيدة لذاكرة الكبار

نصف ساعة يوميًا لألعاب فيديو ثلاثية الأبعاد تنشط العقل

ألعاب فيديو ثلاثية الأبعاد
ألعاب فيديو ثلاثية الأبعاد
TT

ألعاب الصغار قد تكون مفيدة لذاكرة الكبار

ألعاب فيديو ثلاثية الأبعاد
ألعاب فيديو ثلاثية الأبعاد

تشير دراسة أميركية صغيرة إلى أن لعب ألعاب فيديو ثلاثية الأبعاد لمدة نصف ساعة فقط يوميا ربما تؤدي إلى تقليل احتمال تلاشي الذكريات الجديدة. ولمدة أسبوعين طلب باحثون من 69 لاعبا مبتدئا في ألعاب الفيديو تخصيص نصف ساعة يوميا للعب إما لعبة «أنجري بيردز» الثنائية الأبعاد أو «سوبر ماريو وورلد» ثلاثية الأبعاد أو لا شيء على الإطلاق. وبناء على الاختبارات التي أُجريت في بداية التجربة ونهايتها لم يحدث تحسن لذاكرة أحد إلا من لعبوا ألعابا ثلاثية الأبعاد وذلك حسبما وجدت الدراسة.
وقال كريج ستارك الذي شارك في إعداد الدراسة وهو أخصائي البيولوجيا العصبية في جامعة كاليفورنيا في ارفاين عن طريق البريد الإلكتروني «الألعاب ثلاثية الأبعاد لديها أشياء كثيرة غير متوافرة في الألعاب ثنائية الأبعاد».
«هناك مسألة المنظور وكم المعلومات المكانية الموجودة فيها والجانب (الذاتي) أو(الاندماجي) بها حيث تشعر كأنك موجود هناك - أو مجرد مجمل كم الأشياء التي يمكن أن تتعلمها مصادفة».
وقال ستارك وجريجوري كليمسون المشارك في الدراسة وهو أيضا من جامعة كاليفورنيا في دورية علم الأعصاب على الإنترنت في التاسع من ديسمبر (كانون الأول) إنه على الرغم من أن الدراسة لم تكن تهدف إلى إظهار كيفية تحسين الألعاب ثلاثية الأبعاد للذاكرة فمن المحتمل أن لعب هذه الألعاب يحفز منطقة الحصين في المخ أو قرن أمون.
وترتبط منطقة الحصين في المخ بعمليات التعلم المعقدة والذاكرة. ولمعرفة الطريقة التي قد تحسن بها نوعية اللعبة الإدراك جند الباحثون أشخاصا تتراوح أعمارهم بين 18 و22 عاما قالوا: إنه ليس لديهم خبرة مسبقة بالألعاب وطلبوا منهم اللعب في منشأة اختبار يوم في الأسبوع بإجمالي عشرة أيام. وقبل وبعد الفترة التي استمرت أسبوعين أُجريت للمشاركين اختبارات ذاكرة شملت منطقة الحصين في المخ.
وتم إعطاؤهم سلسلة من الصور لأشياء تحدث يوميا لدراستها. وبعد ذلك عُرضت عليهم صور لنفس الأشياء وأشياء جديدة وأشياء أخرى لا تختلف إلا بشكل طفيف عن الصور الأصلية وطلبوا منهم تصنيفها. وقال ستارك إن التعرف على الأشياء المختلفة بشكل طفيف يتطلب استخدام منطقة الحصين.
ويشير الباحثون إلى أن التحسن الذي بلغ 12 في المائة والذي سُجل في نتائج الاختبار بالنسبة للاعبي الألعاب ثلاثية الأبعاد هو تقريبا نفس قدر تراجع الذاكرة فيما بين سن 45 و70 عاما.
وبالإضافة إلى الحجم الصغير للدراسة أقر الباحثون بقيود أخرى تشمل احتمال التفاوت في مدى التعقيد في اللعبتين وليس فقط مجرد الفارق بين اللعبة ثنائية الأبعاد والأخرى ثلاثية الأبعاد لتفسير على الأقل بعض الاختلافات في أداء اختبارات الذاكرة بعد اللعب.
وأشار الدكتور آدم غزالي وهو باحث في طب الجهاز العصبي في جامعة كاليفورنيا بسان فرانسيسكو والذي لم يكن له دور في الدراسة إلى احتمال أيضا أن الاختبارات على شبان ربما لا تؤدي إلى نفس النتائج في لاعبين أكبر سنا أو أن اللاعبين عديمي الخبرة ربما لا يحققون نفس نتائج اللاعبين المخضرمين.
وقال الدكتور بريان بريماك مدير مركز أبحاث وسائل الإعلام والتكنولوجيا والصحة في جامعة بطرسبرغ «إذا تأكدت مثل هذه النتائج ومددت فإن هذا قد يفتح الباب أمام استكشاف دور لاستخدام ألعاب البعد الثلاثي للمرضي المصابين بمشكلات في الذاكرة».
ولكنه قال عبر البريد الإلكتروني إن من المحتمل أن ألعاب الفيديو ليست دواء لتحسين الذاكرة.
وقال «هناك أمور كثيرة ثبت أنها تحسن النتائج مثل نوعية الحياة بين الناس الذين يعانون من خلل في الذاكرة وتشمل إقامة كثير من التجارب الاجتماعية بشكل شخصي مع آخرين والمشاركة في نشاط بدني بشكل منتظم. سيكون من العار جعل ألعاب الفيديو ثلاثية الأبعاد تؤثر بشكل سلبي دون قصد على أساليب العلاج المستندة إلى أدلة».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».