شهلا زلاند.. مطربة أفغانية مناضلة تتسلح بالموسيقى والأغاني

عادت إلى بلادها بعدما حققت نجاحا في أميركا

شهلا زلاند
شهلا زلاند
TT

شهلا زلاند.. مطربة أفغانية مناضلة تتسلح بالموسيقى والأغاني

شهلا زلاند
شهلا زلاند

تعد شهلا زلاند واحدة من أهم نجوم الغناء في أفغانستان. وهي تنتمي لأسرة فنية؛ فوالدها وشقيقها من الفنانين المعروفين في إيران وأفغانستان، ولوالدتها سارة زلاند وخالتها جيلا أغان جميلة يتذكرها الجيل الأفغاني الأقدم.
ويعد جليل زلاند والد شهلا من قدامى الملحنين الأفغان؛ فقد لحن مجموعة من الأغاني القديمة الرائعة لعدد من المطربين البارزين في إيران وأفغانستان، منها أغنية «من آمده ام» (أنا قادمة) للمطربة الإيرانية الشهيرة كوكوش التي نالت شهرة واسعة في إيران. كذلك لحن فريد شقيق شهلا الكثير من الأغاني الرائعة لجيلين من ألمع نجوم الغناء الإيراني حققت شهرة واسعة.
والمعروف أن شهلا توجهت إلى إيران وهي في الثامنة من عمرها، حيث عاشت فترة الانفتاح الثقافي الذي كان سائدا في عهد الشاه. وشهدت قيام الثورة الإسلامية، من ثم غادرت في منتصف الثمانينات إيران متوجهة إلى الولايات المتحدة لتلحق بأسرتها الفنية.
وبدأت في الغناء في الولايات المتحدة بتشجيع من والدها الذي حرص على إحياء الطرب والموسيقى الأفغانية في المهجر. وسعت شهلا زلاند وأسرتها في الولايات المتحدة إلى إحياء الذكريات الجميلة لسنوات ما قبل الحرب للمواطنين الأفغان، في الوقت الذي شنت فيه حكومة طالبان في أفغانستان حملة اقتلاع الفن والفنانين في أفغانستان.
وقررت شهلا زلاند، وخلافا للكثير من الفنانين الأفغان، أن تعود إلى أفغانستان منذ ثلاث سنوات بعد تحسن الأوضاع في البلاد. وأدت أغنيتها الشهيرة «دخت أفغان» (البنت الأفغانية) في الولايات المتحدة قبيل عودتها إلى أفغانستان، إذ أظهرت هذه الأغنية بوضوح نوايا شهلا في العودة إلى بلادها.
وهذه الأغنية من تلحين شقيقها فريد بينما كتبت نادية أنجمن كلماتها التي تحكي قصة الصعوبات والظلم الذي تواجهها المرأة الأفغانية وخاصة خلال فترة حكومة طالبان المظلمة على البلاد. وتقول مقتطفات من الأغنية: «لا أملك الشوق لتأدية الأغاني فما يا ترى لماذا أغني؟ ولا يختلف الأمر سواء أغني أم لا أغني، لأن الزمان لعنني. لا أستطيع أن أتكلم عن الشهد لأن طعمه مر في فمي. الويل من الظالم الذي لكمني في فمي».
ولقيت نادية التي تعد من المواهب في قطاع الشعر والموسيقى في أفغانستان مصيرا مرًّا مثل كلمات الأغنية حيث راحت ضحية العنف الأسري وهي في الخامسة والعشرين من عمرها، عندما قتلها زوجها.
وتزور شهلا العاصمة الأفغانية كابل في هذه الأيام بعدما جرى اختيارها للمشاركة باعتبارها المرأة الوحيدة في لجنة التحكيم التي تضم أربعة أعضاء في برنامج «نجم أفغانستان» الذي يسعى إلى كشف المواهب الغنائية الجديدة في أفغانستان. وتبث قناة «طلوع» غير الحكومية هذا البرنامج الذي تحول إلى أكثر البرامج التلفزيونية شعبية في أفغانستان، ووفر فترة تسلية تبعد المواطن عن الحروب، والعنف، وسفك الدماء، وتمنحه أملا جديدا.
وأجرت «الشرق الأوسط» حوارا هاتفيا مع شهلا زلاند التي تحدثت عن المصائب والآمال، وعن كيفية الاستقبال بـ«رفع القبضات» لدى قدومها إلى أفغانستان حيث طلب منها مغادرة البلاد والعودة إلى الولايات المتحدة، ولكنها تصر على عدم مغادرة أفغانستان والبقاء فيها من أجل مواصلة الكفاح حتى النهاية.
* تحول برنامج «نجم أفغانستان» إلى أكثر برامج التسلية مشاهدة في أفغانستان. هل تعتقدين أن البرنامج يهدف إلى تسلية المشاهدين فقط؟
- كما تعلمون أن أفغانستان تعيش حالة حرب. وقدمت قناة «طلوع» التلفزيونية برامج موسيقية وثقافية كثيرة منذ انطلاقتها، ومنها برامج «نجم أفغانستان» الذي حقق نجاحا باهرا ونسبة مشاهدة عالية. وقد ارتفعت نسبة متابعي البرنامج في السنتين الأخيرتين، ولا أعني أن السبب في النجاح الذي حققه البرنامج يعود إلى انضمامي للجنة الحكم خلال السنتين الأخيرتين. لم يكن الكثير من الناس يعرفونني شخصيا في بدايات قدومي إلى أفغانستان، بل تعرفوا علي بسبب عائلتي، ولكنهم عرفوني أكثر فيما بعد وأدركوا أنني أكنُّ حبا كبيرا لوطني، وأنوي أن أقدم خدماتي لصالح الوطن، الأمر الذي كان السبب في مغادرة الولايات المتحدة والعودة إلى أفغانستان.
إن البرنامج ذو أغراض متعددة، منها التسلية وأهداف ثقافية، وتقديم وجوه غنائية وموسيقية جديدة إلى المجتمع الأفغاني.
* هل تعتقدين أن برنامج «نجم أفغانستان» تمكن من ترك تأثير ثقافي في أفغانستان؟
- لقد ترك البرنامج تأثيرا ثقافيا كبيرا وحقق نجاحا باهرا. ينتظر الكثير من المشاهدين المقيمين في أفغانستان وفي خارج البلاد موعد عرض البرنامج يومي الخميس والجمعة. أحب الناس برنامج «نجم أفغانستان»، وأقبلوا على العروض الموسيقية بكل شوق، إذ يتحدث المواطنون في الشوارع وفي سيارات الأجرة عن هذا البرنامج والموسيقى.
* كان اللافت في إحدى الحلقات أنك خضت جدالا مع سائر أعضاء لجنة التحكيم بسبب تقديم الدعم لإحدى المشاركات في البرنامج. وكنت تقولين بأنه ينبغي على البنات المشاركات أن يحصلن على دعم أكبر في الوقت الذي رأى فيه الأعضاء الآخرون في لجنة التحكيم أنه يجب دعم المشتركين الموهوبين بغض النظر عن الجنس أو الوظيفة.
- كنت أتابع الأخبار بقلق وألم خلال هذه السنوات الطويلة الحافلة بالمرارة، والمصائب في أفغانستان. وكنت وما زلت ألاحظ الظلم الذي تتعرض له المرأة الأفغانية. قررت بعد وفاة والدي أن أترك كل شيء في الولايات المتحدة ورائي وأن أعود للبلاد لأنني شعرت بحب والدي الكبير للوطن. طلب مني بعض الأصدقاء أن أبقى في الولايات المتحدة، وأترقب تحسن الأوضاع الأمنية في أفغانستان، ومواصلة نشاطاتي في الولايات المتحدة. لكنني اتخذت قراري، لم أكن أستطيع أن أشاهد ما يجري في البلاد وأنا في بلد آخر. وكنت أشعر بالألم عندما كانوا يرتكبون جرائم بحق النساء، منها قطع الأذن والأنف، وينتهكون الكرامة الإنسانية للمرأة.
كما أقدم دعمي في برنامج «نجم أفغانستان» للمشتركات، لأنني أعتقد أنه ينبغي ممارسة التمييز الإيجابي لصالح المرأة بهدف تشجيعها بشكل أكبر للانخراط في النشاط المجتمعي، وعدم الشعور بالعزلة. يجب أن تصل المرأة الأفغانية إلى قناعة تفيد بأن المجتمع ليس حكرا على الرجال، وأن تشعر المرأة بالانتماء إلى هذا المجتمع بنفس قدر انتماء الرجال. وقد تكون المرأة أكثر كفاءة من الرجال في بعض القطاعات. ولا يعني الدعم الذي قدمته لمشتركات البرنامج تجاهل المواهب الرجالية، ولا أقصد أبدا تجاهل النقاط التي يكتسبها الشباب في البرنامج لصالح المشتركات.
* قدمت أغنية باسم «البنت الأفغانية» التي أخذت شهرة واسعة. هل توجهت إلى أفغانستان بعد انتشار الأغنية؟
- نعم زرت أفغانستان عام 2011 بعد أن أديت الأغنية التي لحنها شقيقي فريد زلاند في الولايات المتحدة. ولقيت الأغنية رواجا وترحيبا جماهيريا. وكتبت نادية أنجمن كلمات الأغنية. كانت نادية تدير أمسيات شعرية نسائية في مدينة هرات تحت عنوان «فن التطريز»، وكانت تعمل على تعليم النساء، وتعرضت للأسف للقتل على يد زوجها عام 2005. تحمل هذه الأغنية ذكريات مؤلمة لي، لأنني غنيتها بعد وفاة والدي. لقد وجهت قناة «طلوع» التلفزيونية دعوة لي للمشاركة في هذا البرنامج
* هل تعرضت للقيود في ممارسة نشاطاتك منذ عودتك لأفغانستان قبل ثلاثة أعوام؟
- نعم، تعرضت لقيود كثيرة. أنتم على دراية بالأوضاع التي تمر بها أفغانستان حيث تتعرض المرأة القادمة من خارج البلاد التي تنوي القيام بنشاط لكثير من المضايقات والقيود. ولكنني أواصل الكفاح، ولا أسمح لهم بقمعي. لقد عدت لأفغانستان لأخوض الكفاح، وأتعرض للمضايقات الهاتفية والإساءة والتهديد في شبكات التواصل الاجتماعي مثل «فيسبوك». يريد هؤلاء الظالمون أن أترك أفغانستان ليحكموا القبضة عليها. بعض الفتيات الأفغانيات يقلن لي إنك جلبت الأمل لنا، ويطلبن مني البقاء هنا.
لقد بكيت في الكثير من البرامج الترفيهية لأنني أرى الآلام والقيود التي تتعرض لها الفتيات اللاتي يجرين اتصالات هاتفية ولكنهن يخشين الغناء أمام الجماهير.
* تكثر الأحاديث في هذه الأيام حول مغادرة القوات الأجنبية البلاد في نهاية 2014 والاتفاقية الأمنية بين الولايات المتحدة وأفغانستان. وتبرز مخاوف بشأن وضع المرأة الأفغانية في المستقبل. فما رأيك أنت بهذا الشأن؟
- سيشهد وضع المرأة تدهورا ملحوظا وسط زعزعة الاستقرار في البلاد. ستتعرض البلاد لرياح عاتية وسيكون وضع المرأة مأساويا. لا أعلم ماذا يدور وراء كواليس السياسة ولكن على الساسة أن يحرصوا على صيانة الأمن في البلاد. إن وضع المرأة في الوقت الحاضر مأساوي أصلا حيث ينتشر الفقر بين النساء والأطفال، وسيزداد سوءا إذا وصلت حركة طالبان إلى الحكم، ما سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار.
* ما مستقبل الموسيقى والغناء في أفغانستان؟
- ترتبط كل الأمور بالاستقرار الأمني والأوضاع الأمنية خلال السنوات المقبلة، وبأي حال فإن الكثير من الناس في الوقت الحاضر يرجحون الاستماع إلى الأغاني القديمة التي كانت دارجة منذ ثلاثين أو أربعين سنة. فنحن لم نتمكن من تقديم مواهب غنائية جيدة، وشهد مستوى الأغاني والكلمات تدنيا ملحوظا بسبب عدم التحلي بالعلوم الموسيقية، إذ يمكن لأي شخص يرغب في الغناء والتلحين أن يمارس هذه المهنة، مما أدى إلى تدني مستوى الأغاني. لا أقصد بكلامي هذا جميع المطربين والملحنين، بل هناك أشخاص محترفون يمارسون هذه المهنة، غير أن الأوضاع بالإجمال ليست جيدة. ويمكن التعويل على تحسن الأوضاع في مجال الموسيقى والغناء إذا عاد المتعلمون وأصحاب التجربة إلى البلاد. لقد اعتزمت العودة إلى البلاد مع العلم بحجم المشكلات والاضطرابات التي وصلت حد الانفجار، وذلك بهدف تحسين وضع الموسيقى في وطني.
* هل تتابعين الموسيقى الإيرانية؟
- بالطبع. أرسل والدي شقيقي إلى إيران وهو في الثانية عشرة من عمره بهدف إكمال دراساته، إذ قام بتلحين أول أغنية للسيدة كوكوش وهو في السابعة عشرة من عمره. أدى شقيقي دورا بارزا في الموسيقى الإيرانية ولحن لعدد من المغنين الإيرانيين مثل إبي، وداريوش.
ويعمل شقيقي فريد في الوقت الحاضر مع الجيل الجديد، لأنه يرى أن كبار المطربين وجدوا طريقهم، ويجب الانتباه إلى الجيل الجديد. ويحرص على التعامل مع المطربين الجدد في أفغانستان، ولكنه يجب توفير الظروف.
* لقد شهد البرنامج صعود نجم آرش، ولكن لجنة التحكيم احتجت في البداية بسبب لهجة آرش التي تشابه لهجة الإيرانيين؟
- لا. لقد عارضت باقي أعضاء لجنة التحكيم بشأن احتجاجهم على لهجته. نستمع في الوقت الحاضر إلى الأغاني الصينية والأميركية، وينبغي الاستماع إلى جميع الأغاني في عالم الموسيقى. لقد قلت لأعضاء لجنة التحكيم بأن لهجة آرش القريبة من الإيرانيين يعود إلى انحداره من ولاية هرات، وإذا كان لهجته قريبة من الإيرانيين فهم إخوتنا. لا يجوز إدخال قضية لهجة المشتركين في إصدار حكم فني عليهم.
* هل سيحين الوقت برأيك بأن تشارك المواهب الغنائية في برنامج لكشف المواهب الغنائية بغض النظر عن الجنسية لتخوض المنافسة؟ ألا يمكن أن نشهد منافسة مشتركين من طاجيكستان، وإيران وأفغانستان؟
- أعرب عن أملي بأن نشهد تحسن الأوضاع الأمنية في أفغانستان في 2014 مما يوفر الأرضية لطرح هذه الفكرة. لقد عاد شقيقي فريد إلى أفغانستان الأسبوع الماضي بعد أن قضى 43 سنة في الغربة. نعتزم تأسيس معهد يحمل اسم والدي. وسيقدم المعهد فرصة لأن تخوض المواهب الغنائية من إيران، وطاجيكستان، وأفغانستان المنافسة في كابل. أستبعد إقامة مثل هذا البرنامج في طهران، ولكننا نطمح لتنظيم هذا المشروع وأتمنى أن نتمكن من تطبيقه.
* اعداد {الشرق الأوسط} بالفارسية
{شرق بارسي}



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.


رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».


ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».