عام 2016 يسلب الإنترنت من 40 مليون شخص حول العالم

تحديثات أمنية أخيرة تعرقل تقليص الفجوة الرقمية بين الدول النامية والمتطورة

عام 2016 يسلب الإنترنت من 40 مليون شخص حول العالم
TT

عام 2016 يسلب الإنترنت من 40 مليون شخص حول العالم

عام 2016 يسلب الإنترنت من 40 مليون شخص حول العالم

يبدأ معظم مقتني الجوالات الذكية نهارهم بجولة سريعة حول العالم من خلال تصفح الأخبار على تطبيقات كـ«فيسبوك» و«تويتر» و«غوغل» وغيرها. ولكن في صباح الأول من يناير (كانون الثاني) 2016، سيستيقظ نحو 40 مليونًا ممن يملكون جوالات ذكية وكومبيوترات تاريخ صنعها أكثر من خمس سنوات، من دون إنترنت. إذ تشير آخر تقارير تقنية إلى إجراء تحديثات على مواقع الشبكة العنكبوتية لزيادة الأمن الإلكتروني في العالم الافتراضي لن تستوعبها الأجهزة القديمة. مما قد يزيد الفجوة الرقمية بين الدول النامية والمتطورة، في وقت دعت الأمم المتحدة فيه لتقليصها.
فبالنسبة لمدن مهووسة بالمنتجات الإلكترونية كنيويورك ولندن وسان فرانسيسكو، قد يعتبر سكانها جوالا ذكيا أطلق قبل خمس سنوات قطعة أثرية. ولكن تشير الإحصائيات إلى أن 7 في المائة من مستخدمي الإنترنت حول العالم يقتنون جوالات ذكية أطلقت قبل عام 2010، وهم الفئة المعرضة لخسارة حقوق تصفح أهم المواقع على النت ومعظمهم في الصين والكاميرون واليمن. وذلك حسبما نشر كل من «فيسبوك» وشركة كلاود فلير وهي خدمة شبكة توصيل المحتوى وتوزيع أسماء النطاقات عبر مواقعهم الإلكترونية الأسبوع الحالي.
وفي ذلك الصدد، قال ماثيو برينس المدير التنفيذي لشركة «كلاود فلير» خلال مقابلة لموقع «باز فيد» الإخباري، إنه لمن المهم التذكر أن الإنترنت ليست مجرد خدمة مقتني أحدث الأجهزة الذكية فحسب. وستتضمن التحديثات الأمنية نظاما جديدا لتشفير المعلومات لضمان سلامة وخصوصية بيانات المستخدمين والحماية من الاختراق والقرصنة وذلك باستبدال نظام «إس إتش إيه 1» بنظام محدث «إس إتش إيه 2». وحول ذلك، أشار برينس مع أن تلك التحديثات ستقدم تصفحا آمنا، إلا أن الأجهزة القديمة لن تستطيع استيعابها، مما سيحجب مواقع عدة كمحرك البحث «غوغل» ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها عن ملايين المستخدمين.
وزودت مدونة «كلاود فلير»، قائمة كاملة بالدول الأكثر تضررا جراء التحديثات الأمنية وكانت على رأسها الصين. ومن الدول العربية المتضررة أيضا اليمن والسودان ومصر وليبيا وسوريا والجزائر. وسيصل إجمالي المستخدمين الذين سيحرمون من استخدام شبكة الإنترنت إلى 37 مليون شخص. إلى ذلك، عقب برنس، للأسف، معظم الدول المدرجة على القائمة المتضررة هي دول نامية تعاني من الفقر والحروب. وأضاف، وإن كانت المشاريع الدولية بتقليص الفجوة الرقمية بين الدول المتطورة والنامية، سيعرقل ذلك التحديث فلن يستطيع من هم الأقل حظا امتلاك أحدث الأجهزة الباهظة الثمن. وأكد فريق «فيسبوك» الأمني على مدونة «كلاود فلير» بتصريح على الموقع الإلكتروني. وأعلن مدير الوحدة الأمنية لدى الشركة أليكس ستاموس أن «فيسبوك» يعتزم التوصل لحلول ضمن التحديثات الأمنية ليستطيع مستخدمو الأجهزة القديمة تصفح وسيلة التواصل الاجتماعي.
وتأتي تلك التحديثات في وقت دعت فيه الأمم المتحدة إلى تقليص الفجوة الرقمية أو الإلكترونية. إذ قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يمكن أن تكون دافعا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، لكنه حذر من أنه يجب التغلب على الفجوات الرقمية. وذلك خلال اجتماع رفيع المستوى قبل أمس لاستعراض نتائج القمة العالمية لمجتمع المعلومات بعد مضي عشر سنوات على انعقادها في تونس.
وقال كي مون إنه، في الوقت الراهن يتمكن أكثر من 80 في المائة من الأسر في البلدان المتقدمة من الوصول إلى شبكة الإنترنت، في حين لا يتمكن ثلثا سكان البلدان النامية من الوصول إلى الإنترنت. وأشار إلى أنه على الرغم من أن النساء يشكلن نصف سكان العالم، فإن فرصتهن في الوصول إلى الإنترنت تقل عن فرصة الرجال، داعيا إلى التغلب على هذه الفجوات.
وذكر بان أنه من المتوقع أن يتضاعف استخدام الأجهزة الجوالة والاتصال بالإنترنت بمقدار ست مرات بحلول 2020، وطالب الدول بالتعاون لتطوير الشبكة لتصبح مكانا مفتوحا آمنا وموثوقا وثابتا وشاملا للجميع. وقال إن ذلك يتطلب أيضا عملا مشتركا بين الشركات لبناء وتعزيز الثقة وتعزيز ثقافة عالمية للأمن على شبكة الإنترنت.
ومن الجدير ذكره أن الشبكة العنكبوتية اخترقت كل جانب من جوانب الحياة المعاصرة، وأصبحت دافعا للابتكار والعمل والترويج والتبادل الاجتماعي والنشاط الاقتصادي بشكل لا يمكن تصوره قبل عقد من الزمن فقط. إذ كشفت التوقعات أنه في عام 2017 سيكون هناك أجهزة مشبوكة بالإنترنت تقدر بثلاثة أضعاف سكان الأرض. وأظهرت بيانات معلوماتية نشرتها شركة إنتل الأميركية أن 4.1 مليون عملية بحث تتم عبر موقع «غوغل» كل دقيقة، في حين تتم مشاركة 3.3 مليون قطعة عبر «فيسبوك»، سواء أكانت صورة أو مادة مكتوبة أو غيرها، بينما يتم إرسال 347222 تغريدة عبر موقع «تويتر»، ويتم تحميل 38194 صورة على موقع «إنستغرام»، وذلك حسبما نقلت قناة «سكاي نيوز» الأميركية. إلا أن التقرير العالمي لتكنولوجيا المعلومات لعام 2015 من المنتدى الاقتصادي العالمي كان قد كشف في سبتمبر (أيلول) المنصرم عن فشل اقتصادات الدول النامية على مستوى العالم في استثمار إمكانات وقدرات تقنيات الاتصالات والمعلومات (قطاع تكنولوجيا المعلومات)، لدفع عجلة التغيير والارتقاء الاجتماعي والاقتصادي، من أجل اللحاق بركب الدول المتقدمة. وقد تشكل التحديثات الأمنية الأخيرة على أنظمة التشفير على الإنترنت عاملا إضافيا لتعميق الفجوة الرقمية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».