عراقي ينتقد الحكومات لابتزازها المواطن بعمل فني.. في العراء

استخدم جسده وسط ساحة التحرير

الفنان التشكيلي العراقي قادر فاضل يعرض عمله الفني، قادر فاضل
الفنان التشكيلي العراقي قادر فاضل يعرض عمله الفني، قادر فاضل
TT

عراقي ينتقد الحكومات لابتزازها المواطن بعمل فني.. في العراء

الفنان التشكيلي العراقي قادر فاضل يعرض عمله الفني، قادر فاضل
الفنان التشكيلي العراقي قادر فاضل يعرض عمله الفني، قادر فاضل

في العراء ووسط أهم ساحات بغداد رمزية في موضوعة الحريات والتظاهرات، قدم الفنان التشكيلي العراقي قادر فاضل عمله الفني ضمن أعمال فن الأداء، في ساحة التحرير وأمام الجمهور مجسدًا ما يعانيه المواطن من سوء وتراجع الأوضاع الاقتصادية والسياسية وتزامنًا مع المظاهرات المطالبة بالإصلاح.
ركز العمل الذي استقطب جمهورًا كبيرًا على سوء أداء وابتزاز شركات الاتصالات للهاتف الجوال العاملة في العراق، وقيامهم برفع قيمة كارت الشحن، التي دفع المواطن ضريبة زيادتها ليضاف إلى أجور أزمة السكن والإيجار وأجور المولدات الأهلية نتيجة انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة وسلسلة المصاريف الأخرى التي أرهقت المواطنين، وولدت مظاهرات مستمرة وإرباكًا للأوضاع العامة في البلاد.
وبين الفنان فاضل قادر، أن العمل نقل ما يواجه الناس من صعوبات الحياة إذ إن الجميع يعمل مصاصًا للدماء ويدفع الشعب الثمن، فوزارة الاتصالات تقف مكتوفة الأيدي بعد غلاء كروت الرصيد لرفع ثمنها 20 في المائة قبل عدة أشهر، حيث بإمكان الوزارة إطلاق شركة اتصالات وطنية تنافس الشركات الخاصة الموجودة حاليا، وتدخل منافسا لهم وتجبرهم على عدم التحكم في أسعار خدماتها وتأثيرها على ميزانية الفرد العراقي، كذلك رفض سوء خدمات وزارة الكهرباء وعمل المولدات الأهلية، وتكاليف أخرى لا تنتهي أثرت على دخل الفرد اقتصاديًا.
وأشار الفنان إلى أن «العمل جاء بعد تولد أفكار عند الوصول لساحة التحرير ووجود أعداد كبيرة ممن يشكون ويرفعون أصواتهم بالتظاهر والتعبير عن الظلم الذي يواجههم، الأمر الذي دعاني لفعل أمر ما يجذب انتباههم فقمت بخلع ملابسي الخارجية، ونجحت بجذب الأنظار جميعًا، بعد ذلك ارتديت البيجامة الخضراء المخصصة للمستشفيات، وفيها دلالة على المرض، أو أن مرتدي هذه البيجامة بحاجة لرعاية صحية، وبعد ذلك قمت بربط (بطلين) قنينتي ماء مغذٍ لونته باللون الأحمر وربطته على ذراعي اليمنى واليسرى، ومنه تخرج أنابيب بلاستيكية أحدها قمت بتوصيله بجهاز الهاتف الجوال ومن خلال خدعة بصرية بسيطة كان الموجودون في ساحة التحرير يشاهدون أن الهاتف جارٍ شحنه، وكأنه يستمد طاقته من خلال دمي».
وأضاف قادر فاضل: «هنا وصلت الفكرة للمشاهد بأن هذه الشركات تقتات على دماء المواطنين دون اهتمام من الدولة، ومن الجهة الأخرى قمت بإيصال الأنبوب الآخر من الدم إلى لوحة كهرباء، وهنا نستطيع أن نقول إن هاتين الخدمتين (موبايل) و(كهرباء) تستنزفان دمائنا».
والفنان التشكيلي قادر فاضل، مواليد 1977 تخرج في جامعة بغداد وكان الأول على كلية الفنون الجميلة، ولم يحظَ باهتمام من الوزارة أو الجامعة من ناحية التعيين، حاصل على جائزة عشتار للفنانين الشباب عام 2015، ومن الفنانين المؤسسين لمهرجان تركيب للفن المعاصر في بغداد الذي لم يسبق وجوده في العراق وتشكيل بجهود نخبة من الفنانين بينهم شباب قبل أشهر حاصل على جائزة عشتار للشباب عن عمله (باركود) الذي أدخل فيه الشفرة الإلكترونية وباستخدام مواد مختلفة وتقنيات جديدة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».