«الهيئة العليا التفاوضية» للمعارضة السورية تُعد لمواجهة النظام بخبراء مفاوضات

موسكو تتحدث عن «حركة ديناميكية إيجابية» لتسوية الأزمة السورية

مصور صحافي سوري يساعد طفلة أصيبت في غارة جوية لطيران النظام على بلدة النشابية في الغوطة الشرقية  لدمشق أمس (أ.ف.ب)
مصور صحافي سوري يساعد طفلة أصيبت في غارة جوية لطيران النظام على بلدة النشابية في الغوطة الشرقية لدمشق أمس (أ.ف.ب)
TT

«الهيئة العليا التفاوضية» للمعارضة السورية تُعد لمواجهة النظام بخبراء مفاوضات

مصور صحافي سوري يساعد طفلة أصيبت في غارة جوية لطيران النظام على بلدة النشابية في الغوطة الشرقية  لدمشق أمس (أ.ف.ب)
مصور صحافي سوري يساعد طفلة أصيبت في غارة جوية لطيران النظام على بلدة النشابية في الغوطة الشرقية لدمشق أمس (أ.ف.ب)

لا تبدو «الهيئة العليا التفاوضية» المعارضة التي تشكلت في ختام مؤتمر الرياض الذي انعقد الأسبوع الماضي، مستعجلة كثيرا لتسمية أعضاء الوفد الذي سيفاوض النظام السوري، نظرا لعدم اتضاح موعد انطلاق هذه المفاوضات وجهوزية هذا الأخير للجلوس على الطاولة بعد أيام على إعلان رئيسه بشار الأسد، أنه لن يتفاوض مع «جماعات مسلحة».
إلا أن عدم الحماسة الذي يظهره الأسد للدخول في حلقة جديدة من المفاوضات، يقابله إصرار من قبل حليفته موسكو على وجوب المضي بمسار التسوية بالتزامن مع العملية العسكرية التي تشنها في أكثر من منطقة سوريا، وهو ما عبّر عنه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بالأمس، متحدثا عن «حركة ديناميكية إيجابية في تسوية الأزمة السورية بعد نجاح جمع اللاعبين الخارجيين للمباحثات»، مشددا على أهمية «تحقيق نتائج عملية».
وتعقد «الهيئة العليا التفاوضية»، بحسب جورج صبرة، وهو أحد أعضائها وعضو الائتلاف السوري المعارض، اجتماعا في الرياض، الخميس المقبل، لترتيب أوضاعها التنظيمية وتحديد مسؤولياتها وتعيين لجان عمل، كما للبحث بموضوع تشكيل الوفد الذي سيفاوض النظام. وقال صبرة لـ«الشرق الأوسط»: «سيتم عرض السير الذاتية للمرشحين الذين قد يشاركون بهذا الوفد باعتبار أن قسما منهم سيكون من أعضاء الهيئة والقسم الآخر من خارجها»، لافتا إلى أن عدد أعضائها سيتراوح ما بين 15 و30 عضوا.
وأوضح صبرة أن «هؤلاء الأعضاء سيكونون إما خبراء بالقانون الدولي أو بعمليات التفاوض، والأرجح ممن خاضوا مفاوضات جنيف السابقة، كما سيكون بعضهم من السياسيين الذين سيشكلون الخط الخلفي». وأضاف: «وفد المعارضة سيكون واحدا، ولكنه مؤلف من خطين، خط أمامي مفاوض يستلم العمل اليومي بمواجهة النظام ويتولى المناقشات، وخط خلفي يدرس كل خطوة ويقدّم النصائح والتوجيهات، وبهذا يكون الوفد عبارة عن فريق عمل متكامل». واستبعد صبرة أن تتم تسمية أعضاء الوفد خلال اجتماع الهيئة يوم الخميس، «فالوقت لا يزال مبكرا، كما لم يتم تحديد أي مواعيد لمؤتمرات مقبلة ولا حتى المعالم الأساسية للحل السياسي». وأضاف: «نحن سنهيئ أنفسنا في هذا الوقت وسننصرف لإعداد البنية التنظيمية للهيئة، خاصة وأن هناك الكثير من الأعمال التي تنتظرنا».
وإذ جزم صبرة بأن «الهيئة لن تكون بديلا عن المكونات والكيانات الحالية للمعارضة السورية وعلى رأسها الائتلاف»، شدد على أن «مهمتها واضحة وحددها البيان النهائي لمؤتمر الرياض وهي تنحصر بعملية التفاوض حين يحين أوانها». وقال: «يبقى الائتلاف الممثل الشرعي لقوى الثورة علما بأنه سيكون هناك دور أيضا للكيانات المعارضة الأخرى ببناء وفد التفاوض».
ولفت بالأمس حديث وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، عن «تحقيق تقدم في التسوية السورية من خلال جمع جميع اللاعبين الخارجيين الذين يؤثرون بشكل واقعي على الوضع في هذا البلد وراء طاولة مفاوضات واحدة»، قائلا: «الآن، بعد تشكيل مجموعة دعم سوريا وعرض أولوياتها التي يجب أن تدفعنا إلى الأمام في تسوية هذه الأزمة، بحسب اللاعبين الخارجيين، من المهم جدا تحقيق نتائج عملية».
وأشار الوزير الروسي إلى أن «الأولويات واضحة وتتمثل في مكافحة الإرهاب دون أي حلول وسط، خاصة مكافحة (داعش) و(جبهة النصرة) وأمثالهما، وكذلك تحريك العملية السياسية بمشاركة كل القوى السياسية السورية»، آخذا في الاعتبار «تأمين مصالحها»، مؤكدا تمسك بلاده بمبادرة الرئيس الروسي حول إقامة تحالف موحد لمكافحة الإرهاب، مضيفا أنه لا يمكن تحقيق طموحات جيوسياسية في مكافحة «داعش». وقال: «المساعي الرامية إلى إقامة جزر أمن وجدران للحماية من الجيران غير المستقرين، لا تنجح. ومن الواضح تماما بالنسبة لنا الآن ضرورة التخلي عن كل الأمور الثانوية والتركيز على مكافحة الإرهاب»، مؤكدا أن مكافحة الإرهاب يجب أن تقوم على «القاعدة المتينة من القوانين الدولية وتحت إشراف الأمم المتحدة ودون معايير مزدوجة».
من جهته، اعتبر الناطق الجديد باسم الخارجية الإيرانية، حسين جابر أنصاري، أن «المعارضة السورية تعقد في الوقت الراهن سلسلة من الاجتماعات، وأحد أسباب تعقد الأزمة السورية أن المعارضة ليس لديها كيان منسجم، وتعدد الخلافات بينها أحيانا أكبر من خلافاتها مع الحكومة»، مشددا على أنه «يتعين على الذين يستضيفون اجتماعات الأحزاب السورية المعارضة عدم فرض آرائهم ومواقفهم على هذه الأحزاب أو التمييز بينها».
وشدّد أنصاري على أن سياسة إيران في سوريا «واضحة منذ البداية، فقد استجبنا حتى الآن لما طلبته الحكومة السورية كتقديم المساعدات وإرسال المستشارين العسكريين».
ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إرنا) عنه القول: «لم يتم حتى الآن تقديم أي طلب لطهران من أجل إرسال قوات لقمع المتمردين، وإذا ما قدمت الحكومة السورية طلبا بهذا الخصوص، فإن طهران ستقوم بدراسته وفق أسس ومبادئ سياستها الخارجية». وكانت تقارير استخباراتية ذكرت أن إيران بدأت سحب قوات النخبة التابعة لها من سوريا بسبب خلافات بينها وبين روسيا. كذلك أكد مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية حسين أمير عبد اللهيان، عدم وجود خلاف بين إيران وروسيا حول سوريا. وقال أمير عبد اللهيان، إن البلدين «يدعمان الجيش السوري بجدية في محاربة الإرهاب». وأضاف عبد اللهيان أن «المستشارين العسكريين الإيرانيين يواصلون إجراءاتهم في محاربة الإرهاب دون توقف، وإجراءات موسكو في محاربة الإرهاب بسوريا تجري بالتنسيق مع الحكومة السورية وتقيّم بأنها إيجابية».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.