معرض «هذا المساء» .. رحلة إلى الماضي في صالات سينما لبنانية

يضم 250 ملصقًا سينمائيًا جمعها الناشر عبودي أبو جودة على مدى20 عامًا

ركن خاص في معرض «هذا المساء» يمثّل مدخل صالات السينما في لبنان أيام زمان
ركن خاص في معرض «هذا المساء» يمثّل مدخل صالات السينما في لبنان أيام زمان
TT

معرض «هذا المساء» .. رحلة إلى الماضي في صالات سينما لبنانية

ركن خاص في معرض «هذا المساء» يمثّل مدخل صالات السينما في لبنان أيام زمان
ركن خاص في معرض «هذا المساء» يمثّل مدخل صالات السينما في لبنان أيام زمان

يستمتع اللبنانيون، هذه الأيام، باستعادة شريط ذكرياتهم المتعلّق بالسينما اللبنانية من ألفها إلى يائها، ضمن معرض «هذا المساء» في نادي اليخوت (زيتونة باي)، في بيروت والذي يتضمّن 250 ملصقا أصيلا جمعها الهاوي عبودي أبو جودة على مدى 20 عاما. «نغم في حياتي» و«حسناء البادية» و«أفراح الشباب» و«بيّاع الخواتم» وغيرها من ملصقات الأفلام السينمائية يتضمّنها المعرض.
وإضافة إلى تلك الملصقات، يمتعك بصور فوتوغرافية ومقالات صحافية وإعلانات تجارية، تدور مواضيعها في فلك السينما اللبنانية منذ نشأتها في عام 1929 حتى عام 1979 أي في عز أيامها الذهبية. وثمة كتاب وثّقت فيه هذه المعلومات والصور وحمل نفس عنوان المعرض (هذا المساء السينما في لبنان)، وقّعه الناشر اللبناني المعروف عبودي أبو جودة خلال الافتتاح، بعد أن استغرق منه نحو الثلاث سنوات لكتابته وتحضيره.
وتوزّعت الملصقات على أنحاء المعرض الذي نظّمته «مؤسسة سينما لبنان»، بشكل يحرّك ذكريات مشاهدها. واستحدث ركن في عمق الباحة، يمثّل شكل مدخل صالة سينما لبنانية من أيام زمان، يستقبلك بستائره المخملية الحمراء التي كتب فوقها «بلكون» (مائة قرش) و«أوركسترا» (600 قرش)، وذلك إشارة إلى المقاعد الفخمة التي كانت تدرج في حجوزات صالات السينما يومها. وعندما تدخل هذه القاعة وراء الستائر تلك، يتسنّى لك مشاهدة مقتطفات من أفلام سينمائية لبنانية مثل «حسناء البادية»، و«حبيبة الكل» و«بنت الحارس» و«الجبابرة» وغيرها، في مدة عرض لا تزيد على الدقيقتين، فقط من أجل ملامسة هذه الذكريات عن قرب.
هناك الملصقات التي روّجت، ذات يوم، لأفلام لبنانية وأخرى ذات إنتاجات مشتركة مع مصر وسوريا وتركيا وإيران، وأخرى لأفلام أجنبية وجميعها صوّرت في لبنان.
وتشاهد على ذاك الحائط، مثلا مجموعة ملصقات، تحمل عناوين أفلام ذاع صيتها عربيا، كـ«جيتار الحب» للراحلين صباح وعمر خورشيد أنتج عام 1973، وعلى حائط آخر ثلاثة ملصقات مجتمعة وهي لـ«أجمل أيام حياتي» لنجلاء فتحي وحسين فهمي و«كلنا فدائيون» للمخرج غاري كارابيتيان و«سفر برلك» لفيروز. ويحملك المعرض أيضا إلى مقالات صحافية حول السينما اللبنانية، كتبها سمير نصري أحد أهم نقاد السينما في تلك المرحلة.
ومن بين الأفلام الأجنبية التي عرضت ملصقاتها الترويجية في «هذا المساء»، «Echappement libre» للفرنسي جان بول بلموندو (1964)، و«Baraka a Beirut» للأميركي شون كونوري (1972) و(1976) La dama de Beirut»».
والجدير ذكره أن انفتاح لبنان على السينما الأجنبية، أسهم يومها بمشاركته فعليا بها، من خلال ممثلين لبنانيين استعين بهم للعب أدوار فيها، مثل إحسان صادق الذي شارك في فيلم «كوبرا»، وكذلك شارك كل من شكيب خوري والراقصة ناديا جمال في فيلم «24 ساعة قتل في بيروت».
ولبرهة من الوقت ستشعر وكأنك تعايش تلك الحقبة من أيام العزّ للسينما اللبنانية، عندما تقف أمام لائحة تتضمن عناصر تروّج لدخولك هذه الصالة أو تلك. فتقرأ العنوان بالخط العريض (صالة مبرّدة)، يندرج تحته مكوّنات التسلية المقدّمة إليك أثناء مشاهدتك العرض، كـ«كازوز» (15 قرشا) و«فوشار» (20 قرشا) و«ترمس» (10 قروش) وشوكولاته (ربع ليرة) و«بوظة دقّ» (نصف ليرة).
يؤكّد صاحب هذه الملصقات والتي هي بمثابة غيض من فيض ما يملكه (20 ألف ملصق)، أن هدف المعرض هو تسليط الضوء على هذه الصناعة ورواّدها، في زمن كان الملصق الوسيلة الإعلانية الوحيدة للترويج لفيلم سينمائي معيّن. فقد كانت تستقطب الرواّد، من خلال صورها المرسومة باليد على مرحلتين، بحيث يتم حفرها في المرحلة الثانية على لوح من الزنك بعد رسمها باليد. ومن أهم رسامي تلك الملصقات خليل الأشقر وغازي خليل وعبد الله الشهّال وزهراب وشعبان لاوند. «لقد أردت تكريم هؤلاء واستذكارهم في أعمالهم من خلال تلك الملصقات» يقول عبودي أبو جودة في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «الملصق بحدّ ذاته عمل صعب ويلزمه الاهتمام للمحافظة عليه، فلا يجب أن يرى الشمس أو يتعرّض للرطوبة أو المياه. أما تنفيذه فكان يتطلّب طبع الرسمة على حدة وألوانها بشكل منفصل». ويتابع: «لقد شهدت السينما اللبنانية أيام عزّ لأن لبنان كان بلدا منفتحا على كل الصناعات، وكان يعدّ من الأبرز في عالم الفن بعد مصر. وكان يتلقّف هذه الفنون. وشهد لبنان غزارة مشتركة مع سوريا عندما تحوّل الحكم فيها إلى الاشتراكية، ومع مصر عندما شهدت نكسة من عام 1967».
أما عن دوافع هوايته هذه فيقول: «لطالما تملّكني شغف مشاهدة الأفلام السينمائية، وكنت أقف مطوّلا أمام ملصقاتها الإعلانية، فأقصد صالة السينما قبل وقت من موعد عرض الفيلم لأمتع نظري بمشاهدتها. وكان الملصق يحفر في ذاكرتي وأستعيده في خيالي في كلّ مرة أردت استذكار فيلم معيّن سبق ورأيته. وأول ملصق حصلت عليه كان لفيلم أجنبي لكلينت استوود بعنوان (من أجل حفنة من الدولارات)، والثاني لفيروز عن فيلمها (سفر برلك). يومها لم يكن ثمن تلك الملصقات التي كنت أحصل عليها بعد تقرّبي من موظفي صالات السينما، يتجاوز الليرة أو الليرتين، ولكن هذا المبلغ يومها كان يساوي كثيرا».
لم يتوان عبودي أبو جودة عن شراء هذه الملصقات من المهرجانات السينمائية التي كانت تدور في عدد من البلدان العربية، كما لم يفوّت عليه فرصة حصوله على واحدة منها في كل مرة زار فيها بلدا عربيا ودخل إحدى صالاتها السينمائية، وعما إذا كانت هذه الملصقات تحرّك لديه شعورا بالحنين وبذكريات الطفولة، مما يجعله يشعر بالسعادة كما يقول في كل مرة يشاهدها فيقول: «طبعا إنها تشكّل لي واحدة من الحقبات التي أحبها، كما أنني معجب بهذه الصناعة كرسم وطباعة». وعن المكان الذي يحتفظ فيه بأرشيفه الكبير منها والذي يصل إلى 20000 ما بين ملصق أصلي وقصاصات جرائد، وكل ما له علاقة بالدعاية السينمائية في تلك الحقبة يردّ متحفظا: «أحتفظ بها في مكان خاص لها في مركز عملي، وأهتم بها دائما حتى تبقى على جودتها، وأحيانا عندما أحصل على فرصة تبديل بعضها، لامتلاكي أكثر من نسخة منها بأخرى يملكها هاو آخر فأنا لا أتردد عن القيام بذلك لإثرائها وتطويرها».
نجح معرض «هذا المساء» الموثّق بكتاب يحمل الاسم نفسه، في تعريف الجيل الجديد من الشباب على تلك الحقبة التي يجهلها بكلّ تفاصيلها. كما لوّن أفكار الجيل القديم الذي عايش تلك الحقبة، بحنين لذكريات ما زالت تخطر على البال. يعيد المعرض زائره إلى لحظات كانت ثمينة، عندما كان يقصد إحدى صالات السينما في بيروت متأبطّا ذراع والده بفرح، أو ممسكا بيد أحد أصدقائه بفخر ليدخل إحداها في شارع الحمراء (السارولا والأتوال والإلدورادو)، أو أخرى في البرج المعروفة بأسواق بيروت حاليا (دنيا وراديو سيتي والريفولي)، أو تلك المناطقية كسينما (ليدو) في الأشرفية و(يريفين) في برج حمود وسينما (طانيوس) في عالية.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».