إعادة افتتاح مسرح في مصراتة بليبيا بعد سنوات من الإهمال

أُضيئت الأنوار وامتلأت القاعة بالجمهور.. لأول مرة منذ أكثر من 15 عامًا

مسرح في مصراتة بليبيا
مسرح في مصراتة بليبيا
TT

إعادة افتتاح مسرح في مصراتة بليبيا بعد سنوات من الإهمال

مسرح في مصراتة بليبيا
مسرح في مصراتة بليبيا

أُضيئت أنوار مسرح في مصراتة وامتلأت قاعته بالجمهور لأول مرة منذ أكثر من 15 عاما. فقد أغلق مسرح البلد في المدينة الليبية أبوابه عام 1996 قبل أن يعود الممثلون الآن لخشبته بعرض مسرحي يضع لمساته على السياسة الراهنة للبلاد.
تصور المسرحية واسمها «سقالة» الانقسامات الاجتماعية والسياسية التي تعم ليبيا منذ الإطاحة بمعمر القذافي قبل أكثر من أربع سنوات غرقت خلالها البلاد في حالة مستمرة من الصراع وعدم الاستقرار، حسب تقرير لـ«رويترز».
افتتح عرض المسرحية مساء السبت الماضي. وشرح الممثل أحمد العيساوي وهو من بنغازي كيف أوحت الأحداث الراهنة بالمسرحية.
أضاف العيساوي: «المسرحية تحكي على الوضع الاجتماعي والسياسي في ليبيا بشكل عام وشق الصف الذي صار بين الشرق والغرب وبين الأطياف السياسية بمختلف اتجاهاتهم وأفكارهم. حاولنا أن ننبذ الفرقة ونطالب بلم الشتات في ليبيا».
وارتدى الممثلون جميعا ملابس برتقالية اللون مثل عمال البناء بينما يمثل كل منهم شخصية مختلفة كأحد الأطراف المتحاربة في ليبيا اجتماعيا وسياسيا.
وبين الممثلين من قام بدور تنظيمي داعش والقاعدة اللذين صعدا منذ سقوط نظام القذافي. كما قام ممثلون آخرون بدور ليبراليين وقام آخرون بدور رجال قبائل.
وفي أحد المشاهد قضى متشددون إسلاميون بأن ليبراليا لم يذكر اسم الله قبل أن يسكب الماء في كوب بأنه كافر ونفذوا فيه حكم الإعدام.
وامتلأ المسرح ببساطة بسقالات تمثل من يصعد ومن يسقط في المجتمع الليبي مع محاولة كل من يقوم بدور شخصية ما شق طريقه إلى القمة.
وقال ممثل هاوٍ من مصراتة قام بدور في المسرحية ويدعى مصطفى اخشيم: «شاركت في المسرحية والحمد لله يعني نجحت ونتمنى أن تدعم الدولة المسرح ويلقى نجاحًا أكثر من هذا. المسرحية ولله الحمد نجحت وتعطي حافز أنك أنت تشارك في مسرحيات أخرى».
واحتاجت عملية تجديد المسرح وتجهيزه لهذا العرض جهودا استمرت نحو عامين من 20 ممثلا ومتطوعين لجمع تبرعات من السكان المحليين لهذا الغرض.
وقال ممثل شارك في العرض إنه على الرغم من النجاح الذي حققه العرض فيما يبدو، فإن ليبيا أمامها طريق طويل قبل إمكانية مقارنة مسرحها بالمسرح في دول أخرى.
أضاف الممثل المسرحي أنور التير، وهو من مصراتة: «المسرح الليبي مقارنة بالمسرح في الدول الأخرى صراحة، مسرح فقير بالإنتاج، فقير بالمشاركات.. مشاركات ضئيلة. مشاركات ضعيفة طبيعي جدا في هذا الحال الآن. لكن أنا شاهدت بعض العروض الجيدة جدا.. بعض العروض راقية على قلتها في مشاركات تمثل ليبيا».
وبعد سقوط القذافي انقلبت الفصائل التي كان يوحدها قتال نظامه ووجهت السلاح لبعضها بعضا من أجل السلطة والسيطرة على النفط.
ويسيطر فصيل يدعى «فجر ليبيا» على العاصمة الليبية طرابلس منذ العام الماضي وطرد خصومه من المدينة وشكل حكومة وبرلمانا.
وتمارس الحكومة المعترف بها دوليا وبرلمانها المنتخب مهامهما حاليا من مدينة طبرق في شرق ليبيا.
ودعت القوى الغربية إلى وقف إطلاق النار في ليبيا يوم الأحد الماضي لتمهيد الطريق أمام التوصل إلى اتفاق لتشكيل حكومة وحدة وطنية قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إن غالبية الفصائل مستعدة للتوقيع عليه.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».