زهرة دوار شمس ذكية تولد الطاقة للحدائق

سعرها يتجاوز 10آلاف يورو وبأحجام مختلفة

زهرة قرب «مركز سونيو» ببرلين
زهرة قرب «مركز سونيو» ببرلين
TT

زهرة دوار شمس ذكية تولد الطاقة للحدائق

زهرة قرب «مركز سونيو» ببرلين
زهرة قرب «مركز سونيو» ببرلين

يقول المبتكر ألكسندر شفاتيك إن حدائق البيوت الصغيرة ستتحول بفضل «الزهرة الذكية» إلى محطات صغيرة للتزود بالطاقة من أشعة الشمس. ويضمن شفاتيك أن زهرته، التي تشبه زهرة دوار الشمس شكلاً، ستكون أيضًا إضافة جمالية للحديقة، وتقتصد للمنزل بكثير من الطاقة المستهلكة. بل إن الزهرة ستحول الحديقة من مستهلك للطاقة إلى منتج لها.
أسس المبتكر النمساوي شركة «سمارت فلور إينرجي تكنولوجي» كي تتكفل بتسويق وتوزيع شجرته السولارية. والحقيقة أن زهرة دوار الشمس السولارية عبارة عن شجرة كبيرة نسبيًا ذات وريقات تشبه ورق شجرة الموز، لكن تتميز بإمكانية طيها كما يتم طي المروحة الإسبانية اليدوية المشهورة. وقد تسد الشجرة حاجة البيت من الطاقة، بل وأن تبث الطاقة الزائدة عن حاجة البيت في شبكة الكهرباء العامة، بمعنى بيع الطاقة الزائدة من قبل صاحب البيت إلى الحكومة أو إلى شركات إنتاج الطاقة الكبرى.
ومثل هذا التركيب يمنحها إمكانية تقليل المكان الذي تحتله، ويجعلها متحركة وقابلة للنقل من مكان إلى آخر، بحسب وضع البيت واتجاهات الشروق والغروب، كما يمنح المالك قدرة لم أوراقها مساء وتحويلها إلى ما يشبه «بطارية» تخزن الطاقة الزائدة، بهدف استخدامها في المساء.
يمكن إنتاج زهرة دوار الشمس السولارية بأحجام مختلفة، لكن الحجم المناسب إلى حديقة بيت عائلة متوسطة، يبلغ نحو 5 أمتار وهي متفتحة الأوراق (3 أمتار وهي مضمومة الأوراق)، وتشكل أوراقها الكبيرة مساحة خلايا كهروضوئية، لإنتاج الكهرباء من الشمس، تبلغ مساحتها السطحية 18 مترًا مربعًا. وهذا رقم قياسي بالمقارنة مع المساحة التي تحتلها ألواح الخلايا السولارية التقليدية على السطوح، لأن الشجرة لا تأخذ مساحة تذكر عند لم أوراقها.
وبحسب تصريحات شفاتيك، يمكن لمثل هذه الشجرة السولارية أن تنتج 4000 كيلوواط ساعة في السنة في أجواء وسط أوروبا المعروفة بقلة أيام الشمس فيها. والمهم أن الورقة الواحدة من زهرة دوار الشمس السولارية تنتج 2.31 كيلوواط بالمقارنة مع ألواح خلايا سولارية مماثلة على سقف البيت، وتحتل نصف مساحة السطح، لكنها تنتج نصف هذه الطاقة فقط.
وسر هذه الإنتاجية العالية من الطاقة من ضوء الشمس الساقط عليها يكمن في أن أوراق الزهرة تتجه آليًا إلى الشمس كما تفعل زهرة دوار الشمس، في حين أن تغير زاوية سقوط الشمس على الألواح السولارية يقلل قدرتها على الاستفادة الكاملة من ضوء الشمس. ثم أن الزهرة تتفتح صباحًا تلقائيًا بمجرد شروق الشمس، ثم تغير الأوراق زاويتها كي تصبح مقابل الشمس تمامًا وبعدها تدور مع الشمس وهي تتجه نحو الغروب. وتختفي الأوراق مساء، تلقائيًا أيضًا، وتختفي داخل جذع الشجرة.
ومن يود اقتناء هذه الشجرة الآن عليه أن يوّرق 10500 يورو، أو أن ينتظر دخولها مرحلة الإنتاج الكبير كي ينالها بسعر أقل. لكن مصادر الشركة تقول إن السعر الحالي قليل لأن زهرة دوار الشمس تضمن لصاحب المنزل تقليل استهلاك الطاقة بنسبة 60 في المائة. ومن يود حفظ الطاقة الزائدة، المنتجة في الأيام المشمسة، عليه أن يقتني بطارية مكملة لعمل الزهرة الذكية يرتفع سعرها إلى 5000 - 8000 يورو.
وهذه البطارية ليس غالية أيضًا، من وجهة نظر الشركة المنتجة، لأنها قابلة للتفريغ والشحن 10 آلاف مرة قبل أن تتطلب الحال تغييرها. كما أن البطارية قادرة على العمل بكفاءة كبيرة رغم تغير درجات الحرارة صيفًا بين 20 درجة مئوية (وسط أوروبا) و50 درجة (أفريقيا). وباختصار يمكن للبطارية أن ترافق الزهرة الذكية في عملها طوال 15 سنة قبل أن يضطر صاحبها لشراء بطارية أخرى.
تتولى الشركة تثبيت الزهرة الذكية على أرضية من الكونكريت بواسطة براغي يبلغ طول الواحد منها نحو 1,6 متر. يمكن بعدها ربط الزهرة كهربائيًا بواسطة كابل صغير (2.5 × 3 ملم)، بحسب رغبة صاحب البيت، مع بطارية تتولى حفظ وتوزيع الطاقة، أو ربط الشجرة مباشرة بشبكة الكهرباء في البيت.
نصبت شركة «سمارت فلور إينرجي تكنولوجي» حتى الآن شجرة واحدة في ألمانيا، وذلك في ساحة بوتسدام في العاصمة برلين، وذلك بهدف استعراض المنتج. لكنها، ولأسباب دعائية، «زرعت» 900 زهرة من أزهار دوار الشمس السولارية في 30 دولة أخرى من مختلف بلدان العالم، لا سيما في النمسا، وفي البلدان التي تشرق بها الشمس دائمًا، بحسب تصريح شفاتيك. ويفترض أن تنتج الزهرة الذكية الطاقة في البلدان المشمسة بمعدل 6200 كيلوواط ساعة في السنة. وواضح أن زرع شجرة دوار الشمس البرلينية تم توقيته من قبل الشركة مع انعقاد قمة المناخ في باريس، ويفترض أن تكون إعلانا بيئيًا عن رغبة العالم في التحول إلى الطاقة البديلة. وقال شفاتيك ببرلين إنه يريد للطاقة البديلة أن تبعث روح المرح أيضًا في الإنسان.
ويبدو أن برلين تتخلف في هذا الموضوع وراء باريس، لأن شركة «سمارت فلور إينرجي تكنولوجي» تنتج، في هذه المرحلة من الإنتاج، مائة شجرة في الشهر، تذهب 30 منها إلى باريس. ويعود الفضل في مشروع تشجير العاصمة الفرنسية بزهور دوار الشمس السولارية إلى عمدة المدينة آن هيدالغو، وإلى أنجح قمة للمناخ انعقدت مؤخرًا في باريس.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».