«الغارديان» و«الأوبزرفر» تنظمان حملة تبرعات لصالح اللاجئين في أوروبا

أكثر من مليون دولار خلال أسبوعين فقط والتبرع بها لصالح 6 مؤسسات خيرية

الحملة انطلقت بداية الشهر الحالي وستستمرّ إلى منتصف الشهر المقبل
الحملة انطلقت بداية الشهر الحالي وستستمرّ إلى منتصف الشهر المقبل
TT

«الغارديان» و«الأوبزرفر» تنظمان حملة تبرعات لصالح اللاجئين في أوروبا

الحملة انطلقت بداية الشهر الحالي وستستمرّ إلى منتصف الشهر المقبل
الحملة انطلقت بداية الشهر الحالي وستستمرّ إلى منتصف الشهر المقبل

مع اقتراب موسم الأعياد ونهاية العام الميلادي، تنظم منظمات المجتمع المدني في بريطانيا وجهات إعلامية فعاليات لجمع التبرعات لصالح قضية معينة أو فئات مجتمعية ضعيفة. واختارت صحيفتا «الغارديان» اليومية، و«الأوبزرفر» الأسبوعية البريطانيتان (مملوكتان لمجموعة غارديان ميديا غروب) هذا العام تخصيص حملتهما الخيرية المشتركة لصالح اللاجئين في أوروبا، وفي مخيمات اللجوء في الأردن ولبنان وتركيا، وفي دول الاستقبال الفقيرة.
واعتمدت كل من «الغارديان» و«الأوبزرفر» على تقنية مبتكرة لجمع التبرعات، داعية قرّاءها إلى الاتصال بالصحيفتين والتحدث مع صحافي من اختيارهم، ثم التبرع عبر الهاتف بالمبلغ الذي يحدّدونه. وشارك عشرات الصحافيين في المبادرة، من رئيسة التحرير إلى كبار المحررين والمراسلين، مرورا بكتاب الرأي والمدوّنين.
وأوضحت لوسي لايل، المشرفة على تنظيم الحملة الخيرية في بريطانيا، لـ«الشرق الأوسط» أن «الحملة انطلقت بداية شهر ديسمبر (كانون الأول) وستستمرّ إلى منتصف الشهر المقبل. وتشمل الحملة دعاية إلكترونية وعلى الطبعة الورقية، تتخللها (حملة الهاتف) حيث يتصل القراء بصحافييهم المفضّلين للتبرع بمبالغ متفاوتة». وجمعت الصحيفتان منذ بداية الحملة إلى يوم أمس نحو 760 ألف جنيه إسترليني (مليون و156 ألف دولار)، فيما ساهمت الاتصالات عبر الهاتف بـ40 ألف جنيه (60 ألفا و884 دولارا) في يوم واحد، مما يعكس اهتمام القراء بأزمة اللاجئين، وفقا للايل.
وعن سبب اختيار أزمة اللاجئين كقضية السنة، قالت كاثرين فاينر، رئيسة تحرير «الغارديان»، إن «أزمة اللاجئين هي أزمة العصر، واستجابتنا لها يمثل امتحانا لقيمنا وضمائرنا وعطائنا». وأضافت: «في حين يبدو التوصل إلى حل سياسي مناسب صعب المنال، ينبغي أن لا نغلق قلوبنا في وجه أولئك الذين يحتاجون الدعم والمساعدة، وأن لا نتجاهل دورنا الإنساني».
وستتبرّع «الغارديان» بالمبالغ التي جمعتها خلال ستة أسابيع إلى ست منظمات خيرية عبر العالم، تشمل الصليب والهلال الأحمر، «مواس» التي تساهم في إنقاذ المهاجرين عبر البحر الأبيض المتوسط، و«أطباء العالم» التي توفّر الدعم الطبي للاجئين في أنحاء أوروبا وخصوصا في مخيمات «كاليه» على الحدود البريطانية - الفرنسية، و«مجلس اللاجئين» في بريطانيا، و«مركز موارد طالبي اللجوء» في أستراليا، وشبكة «مدينة اللجوء» التي توجه المواطنين لأفضل سبل استقبال اللاجئين ودعمهم معنويا وإشراكهم في المجتمع.
من ناحية أخرى، تقدم مطبوعات «الغارديان» مساحات إعلان مجانية للمؤسسات الخيرية المذكورة بهدف رفع الوعي العام حول أزمة اللاجئين، كما تتبرع بنسبة صغيرة من سعر «كتب الغارديان» لصالح الحملة.
وتجدر الإشارة إلى أن الحملة جمعت في العام الماضي إجمالي 400 ألف جنيه (608 آلاف دولار) لصالح الحملة الخيرية للصحة العقلية، أي نحو نصف المبلغ الذي جمّعته خلال أسبوعين فقط من انطلاق حملة هذه السنة. ويمكن التبرع لحملة «الغارديان» الخيرية لصالح اللاجئين.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».