الجزائر تخشى على أمنها من الأوضاع المضطربة في الجارة الشرقية

العاصمة الجزائرية في حالة استنفار عقب اكتشاف قطع سلاح مهربة من ليبيا

الجزائر تخشى على أمنها من الأوضاع المضطربة في الجارة الشرقية
TT

الجزائر تخشى على أمنها من الأوضاع المضطربة في الجارة الشرقية

الجزائر تخشى على أمنها من الأوضاع المضطربة في الجارة الشرقية

تتوجس أجهزة الأمن الجزائرية من عودة الأعمال الإرهابية إلى عاصمة البلاد، بعد إعلان قوات الدرك مساء الأربعاء الماضي، عن اكتشاف 13 قطعة سلاح من صنع أميركي، تم تهريبها من ليبيا. وتبذل الحكومة الجزائرية جهودا كبيرة، لحمل الأطراف المتنازعة في ليبيا على تشكيل «حكومة وحدة وطنية»، ترى فيها أول خطوة للتحكم في الوضع الأمني المتردي.
وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، إن أجهزة الأمن تشك في وجود شبكة لتهريب السلاح من ليبيا لوضعها بين أيدي أهم تنظيمين ينشطان في بعض مناطق البلاد، هما «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» وبدرجة أقل تنظيم «جند الخلافة»، الذي أعلن ولاءه لـ«داعش» مباشرة بعد تأسيسه في صيف 2014. وأعلن الدرك الجزائري بأنه حجز قطع السلاح بشارع كريم بلقاسم، في قلب العاصمة. وذكر متحدث باسمه أنه تم اعتقال شخصين على علاقة بالسلاح، بعد تحريات دامت أياما تركزت حول حركة مشبوهة لشخصين غريبين عن الشارع الذي يوجد على مقربة من قصر الحكومة، مشيرا إلى أن السلاح أميركي الصنع ومن نوع «ماغنوم» و«سكوربيو» و«كوبلات». ولم يقدم الدرك تفاصيل أكثر عن العملية، خاصة أنه كان للمهربين المعتقلين صلة بالجماعات الإرهابية. وتعيد قضية السلاح الليبي المحجوز، طرح إشكالية الأمن بالعاصمة ومدى استعداد أجهزة الأمن لإحباط الأعمال الإرهابية قبل وقوعها. وتقول السلطات إنها تملك تجربة كبيرة في محاربة الإرهاب، وإنها تصدر هذه التجربة لبلدان أخرى تعيش الظاهرة حاليا، مثل تونس، كي تستأنس بها.
وجمعت وزارة الخارجية الجزائرية أحزابا ليبية على طاولة الحوار، عدة مرات، في محاولة لدفعها إلى إطلاق حكومة «وحدة وطنية»، تكون مهمتها الأولى العمل على إعادة الأمن إلى البلاد. ويعد هذا الأمر أولوية في السياسة الخارجية للجزائر حاليا، لأنها تخشى على أمنها القومي من إفرازات الوضع في الجارة الشرقية. ورفعت قوات الأمن في اليومين الأخيرين، من درجة الاستنفار التي تعيشها العاصمة منذ 20 سنة. وانتشر رجال الأمن بكثافة بالقرب من مبنى الرئاسة ووزارة الخارجية، وبعض السفارات الغربية خاصة الفرنسية والأميركية. وتم غلق بعض الطرق المؤدية إلى المباني المذكورة على سبيل الاحتراز. وأعطت العاصمة أمس الانطباع بأنها تتوقع خطرا داهما، رغم رفع حالة الطوارئ عنها في 2012 بعد 20 سنة من فرضها، على خلفية اندلاع أعمال الإرهاب. وطلبت سفارة فرنسا بالجزائر، من سلطات البلاد تعزيز الإجراءات الأمنية بمقر السفارة والقنصليات الثلاث المتواجدة في البلاد، ومقار الشركات الفرنسية بالجنوب. وجاء ذلك عقب هجمات باريس في 13 من الشهر الماضي.
وتعود آخر الأعمال الإرهابية التي وقعت بالعاصمة إلى 2007. عندما تبنت «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» تفجير قصر الحكومة (50 قتيلا)، وتفجير مبنى الأمم المتحدة (48 قتيلا). وفي خريف نفس العام تعرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لمحاولة اغتيال، عندما كان في زيارة لمدينة شرق البلاد. إذ كاد إرهابي أن يفجر نفسه وسط جمع من سكان المنطقة كان الرئيس بصدد مصافحتهم، لولا تدخل شرطي في آخر لحظة لمنعه.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.