ليبيا: شائعات عن وصول زعيم «داعش» إلى سرت

انطلاق جولة جديدة من الحوار السياسي اليوم في تونس

ليبيا: شائعات عن وصول زعيم «داعش» إلى سرت
TT

ليبيا: شائعات عن وصول زعيم «داعش» إلى سرت

ليبيا: شائعات عن وصول زعيم «داعش» إلى سرت

التزم أمس تنظيم داعش في نسخته المحلية في ليبيا الصمت حيال معلومات غير رسمية عن وصول زعيمه أبو بكر البغدادي، برفقة المسؤول عن تنظيم متطرف آخر في نيجيريا، إلى مدينة سرت الساحلية، ومسقط رأس لعقيد الراحل معمر القذافي بوسط ليبيا.
وزعمت صفحة منسوبة إلى غرفة عمليات «فجر ليبيا» وصول البغدادي، برفقة قائد بوكو حرام، للتخطيط لسلسلة عمليات كبرى إلى مدينة سرت، التي تخضع بالفعل منذ بضعة شهور لسيطرة شبه كاملة للتنظيم المتطرف، وذلك في غياب أي قوات حكومية تابعة للسلطات الشرعية في البلاد.
لكن سكانا محليين بالمدينة قالوا إنه ليس بوسعهم تأكيد هذه المعلومات، فيما أبلغ مسؤول في الحكومة الانتقالية، التي يترأسها عبد الله الثني والتي تتخذ من مدينة البيضاء بشرق ليبيا مقرا لها، «الشرق الأوسط» بأن حكومته لا تملك أي تأكيدات قاطعة على وجود البغدادي بالفعل في المدينة، مشيرا إلى أن الحكومة تسعى للحصول على معلومات مؤكدة في هذا الإطار.
وكان تنظيم داعش قد أقر أمس في بيان له بمصرع 9 من عناصر ميليشياته يحملون جنسيات أجنبية، في غارة جوية لسلاح الجو الليبي على محور الليثي في مدينة بنغازي بالشرق. ميدانيا، استمرت أمس مواجهات عنيفة بين قوات الجيش الليبي والجماعات المتطرفة في المدينة، حيث قتل أفراد من الجانبين وأصيب 4 آخرون، فيما قصف سلاح الجو الليبي رتلا، ودبابة للجماعات الإرهابية بالقرب من مصنع الإسمنت، بالإضافة إلى 4 مخازن للذخيرة في القوارشة، وتحرك للآليات بالقرب من ميناء المريسة. وطبقا لما أعلنه ناطق باسم غرفة عمليات الكرامة، التي يقودها الفريق خليفة حفتر، القائد العام للجيش ضد المتطرفين العام الماضي، فقد شنت الطائرات هجومًا أيضًا في منطقتي بوعطني وسيدي فرج لمساندة القوات البرية على الأرض.
إلى ذلك، قالت مصادر ليبية لـ«الشرق الأوسط» إن جولة جديدة من الحوار بين الأطراف المتنازعة على السلطة في ليبيا ستعقد اليوم (الخميس) في تونس برعاية بعثة الأمم المتحدة، وذلك لبحث وضع ما وصفته المصادر باللمسات الأخيرة على توقيع اتفاق ينهي الأزمة السياسية في البلاد.
وسيشارك في هذه الجولة وفد من مجلس النواب، الذي يحظى بالشرعية ويتخذ من مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي مقرًا له، إضافة إلى ممثلين عن المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته، الموجود في العاصمة طرابلس، ومارتن كوبلر رئيس البعثة الأممية، بالإضافة إلى سفراء الدول المعنية بالحوار الليبي.
وقال محمد شعيب رئيس وفد مجلس النواب إلى الحوار، الذي رعته بعثة الأمم المتحدة في منتجع الصخيرات بالمغرب خلال شهر يوليو (تموز) الماضي، إن اجتماع اليوم سيعقد بحضور كل المشاركين في حوار الصخيرات لبحث إجراءات التوقيع على الاتفاق.
وانتقد شعيب في تصريحات له مساء أول من أمس توقيع أحد أعضاء مجلس النواب على اتفاق في تونس مع ممثلين عن برلمان طرابلس، مضيفا أن «إعلان تونس مخالف للائحة الداخلية وغير قانوني، ومن وقع غير مخول بالتوقيع»، لافتا إلى أن «قرار العودة للدستور الملكي هذا أمر يملكه البرلمان مجتمعا».
من جهة أخرى، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن الأدوية المضادة لفيروس نقص المناعة البشري، التي تم التبرع بها لليبيا، كانت غير صالحة للاستخدام. وقالت المنظمة في بيان أصدرته، ردا على تقارير تحدثت عن عدم صلاحية أدوية فيروس نقص المناعة البشري المرسلة إلى ليبيا، إن هذه الأدوية كانت فعالة وقت تم شحنها إلى ليبيا، وأضاف البيان أن «تاريخ صلاحيتها انتهى أثناء عملية الشحن والتصريح بالخروج من الجمارك. وقد أخذت هذه العملية وقتًا طويلاً بسبب الوضع الأمني في ليبيا»، مشيرة إلى أنه تم إرسال الأدوية - وهي ذات مدة صلاحية قصيرة - بموافقة السلطات الليبية، استجابة للاحتياجات العاجلة للمتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشري. كما أكدت المنظمة أن «لا أحد من المرضى الليبيين قد تناول هذه الأدوية»، مشيرة إلى أنه تم تحويل هذه الشحنة إلى إدارة النفايات الصحية بوزارة الصحة الليبية للتخلص منها.
وأعلنت بعثة الأمم المتحدة أن الفريق المعني بالشؤون الإنسانية في ليبيا قد عقد أمس اجتماعًا تنسيقيًا مع منظمات غير حكومية ليبية لمناقشة المشاركة، والتواصل على نحو أفضل بشأن الاستجابة الإنسانية الحالية في ليبيا.
وقال علي الزعتري، نائب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في ليبيا، إن ما يعوق الاستجابة الإنسانية بشكل خطير صعوبة الوصول إلى المناطق المتضررة. ووصف الاجتماع بأنه «خطوة حيوية في تحسين هذه العلاقات، وتحسين الاستجابة الإنسانية في ليبيا في نهاية المطاف».
من جهتها، أكدت مريم محمد أوحيدة رئيسة رابطة النازحين في بنغازي، أن «هناك حاجة لإعطاء المزيد من الثقة للمنظمات غير الحكومية المحلية العاملة على الأرض، وإيلاء الأولوية الكبرى للمأوى في أقصر وقت ممكن، وبالأخص بعد حلول فصل الشتاء».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».