«شيء آخر» تظاهرة عالمية تغمر القاهرة بالفنون البصرية

بمشاركة 110 فنانين من 34 دولة

«شيء آخر» تظاهرة عالمية  تغمر القاهرة بالفنون البصرية
TT

«شيء آخر» تظاهرة عالمية تغمر القاهرة بالفنون البصرية

«شيء آخر» تظاهرة عالمية  تغمر القاهرة بالفنون البصرية

استخدم الثنائي أنجريد موانجي وروبرت هوتر جسديهما كلوحٍ لترديد الصوت لاستكشاف أساليب معرفة الذات، في عرض أدائي راقص بعنوان «الحركة مع خط الحياة» ركز على الخبرة الإنسانية، ضمن عدد من العروض الأدائية والبصرية في فعالية «شيء آخر OFF Biennale» التي ينظمها معهد غوته بالقاهرة مع عدد من المراكز والمعارض بوسط القاهرة، ومنها درب 1718، وشركة الإسماعيلية للاستثمارات العقارية التي تسعى لإحياء وسط القاهرة والاحتفاء بالحراك الحضاري لها، وتستمر حتى نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي. يشارك في تظاهرة «شيء آخر» الفنية 110 فنانين من مختلف أنحاء العالم، من 34 دولة، من بينها: ألمانيا، وإيطاليا، وإسبانيا، وتونس، ومدغشقر، وكينيا، وأوروغواي، والمكسيك، والأردن. وهي مبادرة مستقلة غير هادفة للربح في مجال الفنون البصرية، تهدف لدعم الفنانين المعاصرين المصريين والدوليين، إضافة إلى توجيه دعوة لفناني العالم إلى مصر كجهة نابضة منتجة للثقافة والفنون. تتضمن الفعالية إلى جانب المعارض الفنية؛ ورش عمل عن فنون الموسيقى والسينما.
كسرت التظاهرة الفنية حالة من الجمود الفني في قلب القاهرة بخلق حالة من عبور الحواجز بين الثقافات والهويات بالفنون التي تبدو حاضرة في الشارع المصري الدائر في صراع البقاء وكسب لقمة العيش فهيأت مساحات وفضاءات للتحليق مع الفنون.
ويقول الفنان السويسري سيمون نيجامي، قوميسير معارض «شيء آخر» لـ«الشرق الأوسط»: «نود خلق علاقة وتفاعل بناء بين الفنان والشارع، أردنا خلق حالة من مشاركة المشاعر التي تثيرها الفنون الأدائية المختلفة في أماكن متعددة في العاصمة المصرية لتنتشر وتفجر بيئة حيوية قوامها التفكير والعاطفة بعيدًا عن الهويات والأديان، فأنا أعتبر (شيء آخر) وسيلة لخلق عوالم أخرى بطريقة جديدة لتصور حياتنا».
كما صرحت أحد منسقي فعالية «شيء آخر» الفنانة التونسية ألفة الفقي بأن «المشروع هو فكرة جديدة تهدف للخروج من مفهوم الفنون في الغاليري ووجود الفن في الحياة اليومية للمواطنين العاديين وخروجه للشارع وللمحال لكي يتاح للجمهور العادي الاستمتاع وتذوق الفن».
وأمام سينما راديو بوسط القاهرة، أقام الفنانان نورا البدري ويان نيكولاي معرضهما المتعدد الوسائط بعنوان «تركيب (installation)» المستلهم من سؤال طرحه المفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد «هل من الممكن تقديم الآخر بطريقة قوية ومن دون اختزال؟ في محاولة للبحث عن إجابة من خلال إثارة الوعي الجماهيري عبر الفن. يقدم المعرض رؤيتهما بقوة حول تحدي هذه العلاقة السيادية من خلال تفكيكها». بينما شاركت الفنانة التونسية منى الجمل بـ«فيديو آرت» عن أم فقدت ابنها تعبيرًا عما يحدث في العالم العربي، وقدم الفنان الألماني روبرت هوتر عرضًا فنيًا معاصرًا عن صراع البشر، وقدمت يارا مكاوي والجيزاوي عرضًا موسيقيًا ضمن فعالية عن الموسيقى الإلكترونية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
كما تستضيف سينما «زاوية» بوسط القاهرة عروضًا لأفلام قصيرة من مصر وتونس.
فيما استخدمت الفنانة السويسرية ساندرين بيليتيه، الزجاج والأخشاب لتجسيد عملها الفني «المهجور» معبرة عن رؤيتها الفنية لمفهومي النسيان والتلاشي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».