قرية تونس المصرية.. متحف فني مفتوح

شهدت فعاليات المهرجان الدولي الخامس للخزف والفخار والحرف اليدوية

نماذج من أعمال القرية ({الشرق الأوسط})
نماذج من أعمال القرية ({الشرق الأوسط})
TT

قرية تونس المصرية.. متحف فني مفتوح

نماذج من أعمال القرية ({الشرق الأوسط})
نماذج من أعمال القرية ({الشرق الأوسط})

على ضفاف بحيرة قارون، وبين أحضان الطبيعة الخلابة البكر، تجمع المئات من عشاق فن الخزف والفخار والفنانين والمبدعين، للمشاركة في فعاليات مهرجان قرية «تونس الدولي للخزف والفخار والحرف اليدوية» بمحافظة الفيوم، التي احتضنت على مدار الأيام الثلاثة الماضية هذه التظاهرة الفنية والتراثية للسنة الخامسة.
ورغم الغياب الإعلامي عن الحدث المهم، بدت القرية كمتحف مفتوح وسط إقبال كبير من الشباب المصري وعدد من السائحين الذين شاركوا مظاهر تلك التظاهرة الفنية التي تجلت أمام منازل أهل القرية بطرازها المعماري البيئي المميز، والتي شيدها المعماري العالمي الراحل حسن فتحي، من الطوب اللبن والرمال والطين، تعلوها قباب وتحيطها المساحات الخضراء. فعرضت كل أسرة أمام منزلها منتجاتها من الخزف والفخار المزخرف لزوار القرية، والتي صنعتها أيادي الكبار والصغار الذين توارثوا تلك الحرفة عن أجدادهم.
وعلى أعتاب منزله، استعد الفنان محمد يوسف للمهرجان بعرض القطع الخزفية الرائعة التي قام بصناعتها على مدار الأشهر الماضية، وحولها من مجرد كميات من الطين إلى قطع رائعة من الخزف المطلي بطبقة الجليز الزجاجية التي تضفي المظهر اللامع على تلك القطع فتزيدها بهاء وجمالا. فيما قام الفنان محمد صادق، أحد أبرز فناني الخزف في الفيوم، بصناعة أكبر قطعة فخار أمام الحضور وسط تساؤلات منهم عن سر عشقه لهذا الفن.
أما الفنان إبراهيم سمير فقام برسم «وجوه الفيوم» أو «بورتريهات الفيوم» الأيقونية، على أطباق الخزف والفخار، تلك البورتريهات الملونة الشهيرة التي كان يرسمها المصريون قديما في القرن الأول الميلادي للصقها على المومياوات، جعل منها الفنان الشاب تحفا يمكن اقتناؤها كهدايا تذكارية ولاقت إقبالا كبيرا من قبل السائحين.
الفنان التشكيلي المصري محمد عبلة، مؤسس مركز الفيوم للفنون، كان منشغلا على مدار الأيام الثلاثة بتدريب عدد كبير من أبناء القرية على فن تشكيل الخزف، ومرافقة زوار القرية لمتحف الكاريكاتير للتعريف به، وهو أول متحف لفنون الكاريكاتير في الشرق الأوسط، أسسه الفنان للحفاظ على ذلك الفن من الاندثار. بينما قام الفنان السينمائي شفيع شلبي بعرض عدد من الأفلام التسجيلية لتنمية الوعي السينمائي بالقرية، ومن بينها سلسلة من الأفلام الوثائقية عن فنون الحرف اليدوية في مصر، ومنها: «أوركسترا»، و«صانع الفرح»، و«ذلك اليوم»، و«الحرف التراثية»، فضلا عن فنون «الأراجوز» والعروض الترفيهية للأطفال.
ووسط عدد من عشاق القراءة وفن التصوير الفوتوغرافي، وقف الأديب والروائي المصري عبده جبير، أحد المقيمين في قرية تونس ومؤسس فندق «زاد المسافر»، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «أعاد المهرجان الوهج للقرية وقد فاق الإقبال الجماهيري على المهرجان كل توقعات أهل القرية، بعد حالة الركود التي أعقبت ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، وفترات التناحر بين أهالي القرية والفيوم عامة بسبب الانتماءات السياسية، فضلا عن تراجع معدلات السياحة في مصر التي انعكست بشكل مباشر على قرية تونس»، مضيفا: «تجاوزت الأعداد 6 آلاف مشارك، وتميز هذا العام بإضافات نوعية، حيث كان المهرجان في البداية يقتصر على منتجات الفخار والحرف اليدوية الأخرى كالمنتجات المصنوعة من النخيل والحصير، إلا أننا هذا العام أقمنا معرضا لفن التصوير الفوتوغرافي في قاعة الفنون التابعة لفندق (زاد المسافر)، تضم إبداعات الفنان الكبير خالد جويلي، وهو معرض استعادي يضم مراحل طويلة من احترافه للتصوير على مدار 40 عاما. كما يضم المركز الثقافي التابع للفندق معرضا للكتاب، فضلا عن قاعة الاطلاع المتاحة لزوار القرية للاطلاع على أمهات الكتب وأحدث الإصدارات التي تضمها مكتبة الفندق».
وبسعادة بالغة، أضاف جبير: «أعتبر الدورة الخامسة من المهرجان بداية جديدة له، فمنذ تأسيسه قبيل ثورة 25 يناير كان الهدف منه أن يكون مهرجانا شاملا للفنون والأدب والشعر، لكن بعد أن توقف عقب الثورة تغيرت هويته وأصبح مقصورا على الصناعات اليدوية، ومع ضعف الإقبال والركود فقد المهرجان بريقه، ويعتبر العام الماضي بداية عودة الروح له حينما شاركت ثلاث شاعرات مصريات قمن بإلقاء الشعر بمصاحبة الموسيقى، صحيح أن مشاركتهن هذا العام تعذرت، لكن المهرجان هذا العام ضم أنشطة ثقافية متنوعة منها سهرات غناء بدوي في عدة أماكن بمشاركة فرق شعبية مصرية طوال ليالي المهرجان، ولديّ أمل كبير في أن يتوسع المهرجان العام المقبل بمشاركة المزيد من الأدباء والشعراء».
أعطى المهرجان قبلة الحياة لقرية تونس التي كانت تعاني قبل أشهر قليلة من إهمال المسؤولين، حيث عانت على مدار أكثر من شهر من انقطاع المياه، وتضرر عدد من الفنادق السياحية بها. أقيم المهرجان برعاية محافظ الفيوم المستشار وائل مكرم، وبنك الإسكندرية، وهيئة تنشيط السياحة بالفيوم. وقدم المهرجان فرص عمل مباشرة وغير مباشرة لشباب أكثر من أربعين قرية مبدعة بالفيوم؛ حيث أحيا المهرجان ضمن فعالياته عددا من الأنشطة الترفيهية، منها رحلات سياحية لزيارة المزارات الأثرية والطبيعية التي تشتهر بها مدينة الفيوم، فضلا عن مغامرات مراقبة الطيور المهاجرة والنادرة، وزيارة المحميات الطبيعية كمحمية وادي الريان ووادي الحيتان وحفلات الشواء على ضفاف بحيرة قارون.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.