بغداد تتهم أنقرة بانتهاك سيادة العراق وتطالب بسحب جنودها من أطراف الموصل

لجنة الأمن البرلمانية طالبت العبادي بقصف القوة التركية إذا لم تنسحب

متطوعون من أبناء العشائر خلال تمرين شرقي الرمادي (إ.ب.أ)
متطوعون من أبناء العشائر خلال تمرين شرقي الرمادي (إ.ب.أ)
TT

بغداد تتهم أنقرة بانتهاك سيادة العراق وتطالب بسحب جنودها من أطراف الموصل

متطوعون من أبناء العشائر خلال تمرين شرقي الرمادي (إ.ب.أ)
متطوعون من أبناء العشائر خلال تمرين شرقي الرمادي (إ.ب.أ)

تباينت ردود الفعل الرسمية والسياسية العراقية حيال نشر تركيا مئات الجنود على أطراف الموصل. فقد عدت رئاستا الجمهورية والوزراء ومعهما غالبية الأوساط الشيعية، الخطوة التركية، انتهاكا للسيادة العراقية، في حين استغربت أوساط سنية الضجة، مذكرة بأن الوجود العسكري التركي في العراق يعود إلى عهد النظام السابق، وكذلك بالنفوذ الإيراني في البلاد.
واستنكر الرئيس فؤاد معصوم التدخل التركي، عادا إياه في بيان له بمثابة «انتهاك للأعراف الدولية ومس بالسيادة الوطنية»، وبينما دعا المسؤولون في الحكومة التركية إلى سحب تلك القوات، طالب الحكومة ووزارة الخارجية العراقية بـ«اتخاذ الإجراءات القانونية التي تحفظ سيادة واستقلال العراق».
وفي هذا السياق، أكد شيروان الوائلي، المستشار الأمني لرئيس الجمهورية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تجاوز القوات التركية ما هو متفق عليه يعد خرقا للسيادة الوطنية وهو أمر غير مقبول على الإطلاق ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا كيف تسمح تركيا لنفسها دخول أراضي الغير بهذه الطريقة، بينما هي لم تتحمل طائرة خرقت أجواءها لنحو 17 ثانية».. وأضاف الوائلي أن «المطلوب عدم الاكتفاء بالبيانات من قبل الحكومة، وإنما البدء بإجراءات عملية سواء من قبل الحكومة أو البرلمان؛ حيث إننا في الواقع نستغرب السلوك التركي، ففي الوقت الذي يقف فيه العالم موحدا حيال الإرهاب، فإن تركيا تعمل على إحداث خروقات هنا وهناك من أجل خلط الأوراق وهو ما ينعكس على الجبهة الداخلية العراقية التي عادة ما تتأثر بالمتغيرات والمواقف الخارجية».
وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي أعلن، بدوره، رفضه الخطوة التركية. وقال في بيان صدر عن مكتبه: «تأكد لدينا بأن قوات تركية تعدادها بحدود فوج واحد مدرعة بعدد من الدبابات والمدافع دخلت الأراضي العراقية وبالتحديد محافظة نينوى»، مبينا أن «ذلك جاء بحجة تدريب مجموعات عراقية من دون طلب أو إذن من السلطات الاتحادية العراقية». واعتبر المكتب ذلك «خرقا خطيرا للسيادة العراقية ولا ينسجم مع علاقات حسن الجوار بين العراق وتركيا»، داعيا تركيا إلى «احترام علاقات حسن الجوار والانسحاب فورا من الأراضي العراقية».
إلى ذلك، أكد المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان، سفين دزيي، أن الوجود التركي في ناحية بعشيقة هو في إطار التحالف الدولي، وهي تقوم بتدريب القوات العراقية في محافظة نينوى. وقال دزيي في بيان نشر على الموقع الرسمي للحكومة: «في إطار التحالف الدولي ضد (داعش)، وضعت الدولة التركية قاعدتين للتدريب خاصة بقوات البيشمركة في سوران وقلاجولان، كما افتتحت قاعدة أخرى لتدريب القوات الأخرى العراقية في محافظة نينوى، وتم تقديم المساعدات العسكرية اللازمة. وبهدف توسيع القاعدة في محافظة نينوى، وصل في هذه الأيام خبراء ومعدات ضرورية للقاعدة».
من جهته، استغرب مصدر مقرب من أسامة النجيفي، زعيم ائتلاف «متحدون»، الضجة، مشيرا إلى أن القوات التركية موجودة أصلا داخل الأراضي العراقية في إطار اتفاقية مبرمة منذ نحو عقدين من الزمن بين العراق وتركيا ضمن الشريط الحدودي بين البلدين. وتابع أن هذه الضجة «إنما تهدف إلى التغطية على فضيحة معبر زرباطية الحدودي مع إيران (الأسبوع الماضي)، وذلك بدخول أكثر من نصف مليون إيراني من دون تأشيرة بمن فيهم 150 ألف أفغاني حتى بلا جوازات سفر أو أوراق ثبوتية».
وأضاف المصدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تركيا ليست لعبة بيد السيد مسعود بارزاني (رئيس إقليم كردستان) أو أسامة النجيفي بحيث تأتمر بأمرهما حين يطالبانها بإرسال قوات أو ما شاكل ذلك، بل هي دولة تتصرف في ضوء مصالحها وسياساتها. يضاف إلى ذلك أن المنطقة التي دخلتها، وأقصد بذلك بعشيقة، لا تزال ضمن سيطرة البيشمركة الكردية، وإن كانت من الناحية الإدارية جزءا من الموصل، وهو ما يعني أن تحرك هذه القوة إنما تم بتنسيق مع حكومة إقليم كردستان؛ حيث إن هذه القوة موجودة أصلا داخل الأراضي العراقية وبعلم الحكومة العراقية وفي إطار اتفاق قديم على عهد النظام السابق».
وردا على سؤال بشأن ما يقال عن وجود تنسيق مع آل النجيفي مع هذه القوة من أجل تحرير الموصل، قال المصدر المقرب إن «النجيفي ليس لديه أرض الآن حتى يستدعي قوات أجنبية دون تنسيق وتوافق سواء مع الحكومة العراقية أو كردستان أو المجتمع الدولي، لأن الموصل بيد تنظيم داعش. وبالتالي لا معنى لحديث عن دخول قوات تركية أو غيرها إليها كما أن النجيفي (محافظ نينوى السابق) لديه معسكر لتدريب متطوعين من أهالي الموصل، رفضت الحكومة العراقية تدريبهم وتسليحهم؛ حيث يوجد 13 مدربا تركيا فقط وبعلم بغداد».
وكان جاسم محمد جعفر، عضو البرلمان عن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي ووزير الشباب والرياضة السابق، قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «دخول قوات تركية داخل الأراضي العراقية أمر ليس جديدا في الواقع؛ حيث إن الأكراد كانوا قد طلبوا من تركيا التدخل بإرسال قوات تركية عندما توجه تنظيم داعش إلى أربيل وبدأ تهديدها، وقد بقيت هذه القوات عند الحدود لكنها توغلت داخل الأراضي العراقية بمباركة مع رئاسة إقليم كردستان»، كاشفا عما أسماه بـ«اتفاق بين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وبارزاني وأسامة النجيفي في إطار مشروع تحرير الموصل».
في السياق نفسه، كشف القيادي في التيار الصدري ورئيس لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، حاكم الزاملي، لـ«الشرق الأوسط»، أن اللجنة دعت رئيس الوزراء إلى ضرب القوات التركية التي دخلت إلى محافظة نينوى في حال عدم انسحابها. وأضاف الزاملي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «القوة التركية التي دخلت تتكون من 1200 جندي و25 مدرعة وثلاث كاسحات ألغام»، مؤكدا أن «هذه القوة انتهكت سيادة العراق ولا يوجد فرق بينها وبين (داعش)».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.