«كريسبر».. تقنية مبتكرة مثيرة للجدل لقصّ الجينات وتصحيحها

تعد بشفاء عدد من الأمراض الوراثية إلا أنها قد تشوه التركيبة الجينية للإنسان

«كريسبر».. تقنية مبتكرة مثيرة للجدل لقصّ الجينات وتصحيحها
TT

«كريسبر».. تقنية مبتكرة مثيرة للجدل لقصّ الجينات وتصحيحها

«كريسبر».. تقنية مبتكرة مثيرة للجدل لقصّ الجينات وتصحيحها

في الأشهر التسعة الأخيرة، ضخ أصحاب الأموال المغامرون أكثر من 200 مليون دولار في شركات ناشئة تطور تقنية «كريسبر» CRISPR، وهي تقنية مبتكرة للتعديل الجيني اعتبرتها مجلة «إم آي تي تكنولوجي ريفيو» في 2014 «اكتشاف القرن في مجال التقنيات الحيوية». وهذا المصطلح اختصار للتعبير الإنجليزي Clustered Regularly Interspaced Palindromic Repeats (التكرارات العنقودية المتناوبة منتظمة التباعد).

تقنية جينية مبتكرة

وعلى أقل تقدير، تعتبر «كريسبر» أهم ابتكار في مجال البيولوجيا المركبة صناعيا منذ نحو 30 عامًا. وبالقياس على أي معيار قائم - مثل عدد براءات الاختراع والنشرات العملية أو حجم التمويل الحكومي والتمويل من القطاع الخاص - يتبين أن الاهتمام بتقنية «كريسبر» سجل طفرة هائلة منذ 2013.
وتقول الجهات التي تدعم «كريسبر» إن هذه التقنية توفر طريقة سريعة وسهلة وفعالة لتعديل جينات أي فصيل حي - بما في ذلك البشر. وبينما تستغرق الوسائل الأخرى الشبيهة شهورًا أو سنوات لإنجاز المهمة، فإن «كريسبر» تختصر تلك الفترة الزمنية إلى مجرد أسابيع.
إن القدرة على قص ولصق الجينات بهذه السرعة والدقة تفتح الباب لتطبيقات ممكنة في مجالات صنع أنواع جديدة من الوقود الحيوي والمواد الخام والأدوية والأغذية في أطر زمنية أقصر وبكلفة منخفضة نسبيًا.
باختصار، فإن «كريسبر» هي أسلوب في علم البيولوجيا المركبة صناعيا (الصناعية)، يستغل أجهزة المناعة المعقدة للبكتيريا (وهذا الأسلوب نفسه هو عبارة عن تتابعات للحمض النووي يستخدمها كثير من البكتيريا للدفاع عن نفسها). ولذا يخدع الباحثون بالأساس البكتيريا لتقطع خيوط الحامض النووي في منطقة محددة، حتى يتسنى لهم حينئذ استبدال أو تغيير أو تعطيل أحد الجينات. وبينما تعود الأبحاث العلمية للتعرف على آليات الدفاع لدى الميكروبات إلى أواخر ثمانينات القرن الماضي، إلا أن نتائجها الجينية الهائلة لم تتضح إلا في عام 2012.

جدل طبي

وتمكن «كريسبر» أساسا الباحثين من تعديل الحامض النووي لأي فصيل حي في موقع محدد. وفور أن تتمكن من تحديد «التباعد» الذي يفصل بين «التكررات المتناوبة»، تستطيع أن تقطع وتغير الجينات في أي مكان تقريبًا من الجينوم. وفي السيناريو الأكثر إثارة، ستجعل تقنية «كريسبر» الشفاء من الأمراض الجينية مثل أنيميا الخلايا المنجلية وضمور العضلات أمرًا ممكن الحدوث.
وعلى الرغم من أن اسمها الذي لا يشي بأي سوء، كما أن تطبيقاتها الطبية المحتملة قد تغير وجه الحياة، فإن تقنية «كريسبر» أصبحت بؤرة جدل حام حول مستقبل البيولوجيا المركبة صناعيا. ويدعو البعض إلى اتخاذ قرار عالمي بتعليق العمل بتقنية التعديل الجيني بسبب مخاوف أخلاقية وأمنية. والسبب أن تعديل الحامض النووي الميكروبي في الأنابيب المخبرية يسهل الانزلاق إلى تعديل الحامض النووي البشري في الخلايا الحية. ويقول فيفيك وادوا، الباحث في «مركز روك للحوكمة المشتركة» بجامعة ستانفورد: «لا أحد مستعد لعصر يصبح فيه تعديل الحمض النووي سهلا مثل تعديل مستند أو وثيقة في برنامج (مايكروسوفت وورد)».
وفي أحد السيناريوهات المثيرة للجدل، قد يصبح من الممكن نظريًا تغيير المادة الجينية التي تسيطر على السمات الوراثية، وليس المادة الجينية لخلايا الجسد فحسب. وفي مرحلة ما، يخشى الباحثون أنه قد يكون من الممكن التحكم في الصفات المحددة التي ننقلها إلى نسلنا عبر التدخل في جينات الأجنة البشرية. وهذا هو سيناريو «أطفال فرانكشتاين» التقليدي، وفيه يؤدي العبث بعدد قليل من الجينات من أجل خلق «طفل مصمم» إلى مجموعة كاملة من التداعيات الجينية التي لا رجعة فيها.

بشر معدلون جينيًا

إننا لا نتحدث هنا عن أمر من أمور الخيال العلمي، ففي وقت سابق من هذا العام كشف باحثون صينيون عن كيفية تطبيق أساليب «كريسبر» من الناحية النظرية على جنين بشري غير قابل للحياة، ما أطلق حينئذ عاصفة من الجدل المحتدم حول النواحي الأخلاقية لاستخدام هذه التقنية. ورفضت الدوريات العلمية التقليدية نشر النتائج، بدعوى مخاوف أخلاقية وأمنية إزاء إنتاج بشر معدلين جينيًا.
من جهته، نشر مركز العلوم الجينية والمجتمع The Center for Genetics and Society بيانا إعلاميا أورد فيه 7 أسباب تعلل خطورة البشر المعدلين جينيًا، ويتمثل السبب الأول في «مخاطر صحية عميقة على الأطفال المستقبليين»، إذ إن العبث بجينات طفل لم يولد هو عمل خطير. كما أن مجرد التعديل في جين واحد (لون العين على سبيل المثال) يمكن أن يخلف تبعات غير متوقعة: «تعديل الجينوم الخاص بنسلنا - لا يؤثر على الجيل الأول فقط ولكن على الأجيال التالية أيضًا - يعني تغيير كل خلية في أجسامهم دون رجعة وللأبد».
ولذلك يركز أصحاب الأموال المغامرون على الشركات التي تعمل في إطار منطقة أكثر أمانًا في ميدان الجينوم، حيث يمكن لتقنية «كريسبر» أن تعالج أمراضا جينية من دون المخاطرة بالعبث بالصفات الوراثية.
إن الصفقة الكبرى التي عرفت الجمهور العام بتقنية «كريسبر» هي الدفعة الاستثمارية الثانية بقيمة 120 مليون دولار التي نالتها هذا الصيف شركة «إيدتاس ميدسن»، والتي يقودها بعض من كبار الأسماء في عالم «كريسبر»: فينغ زانغ، الباحث في معهد برود التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وجنيفر دودنا وديفيد ليو من معهد هاورد هيوز الطبي، علاوة على جورج تشيرش وجيه كيث يونغ من كلية الطب في هارفارد.
بالطبع يمكن أن تكون هناك مبالغة في الاهتمام بتقنية «كريسبر»، فرغم كل شيء هي ليست منتجا أو خدمة، بل أداة أو أسلوب. ويعني ذلك أن المنافسين يمكنهم يومًا ما أن يتوصلوا إلى أداة أو أسلوب آخر أرخص أو أجود أو أسرع من «كريسبر»، على نفس النحو الذي طغت بها «كريسبر» سريعًا على أساليب تعديل جيني أخرى مثل «تالينز» وأصابع الزنك.
ومن المقرر عقد اجتماعات دولية كبرى في وقت لاحق من هذا العام لبحث التعديل الجيني، وبالتأكيد فإنها ستسفر عن وضع قواعد استرشادية ومناقشات أوسع حول ما هو ممكن وطبيعة الخطوات التالية في ما يتعلق بتعديل الجينات. ورغم ذلك، وبغض النظر عن المخاوف المبررة إزاء التطبيقات الممكنة لتقنيات تعديل الجينات، يصعب ألا نعترف بأن تقنية «كريسبر» أخرجت الجين (وليس الجني) بالفعل من القمقم.

• خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»



دراسة: المشي بهذا العدد من الخطوات يقي من الاكتئاب

الأحياء الحضرية تشجع السكان على المشي (جامعة ويسترن أونتاريو)
الأحياء الحضرية تشجع السكان على المشي (جامعة ويسترن أونتاريو)
TT

دراسة: المشي بهذا العدد من الخطوات يقي من الاكتئاب

الأحياء الحضرية تشجع السكان على المشي (جامعة ويسترن أونتاريو)
الأحياء الحضرية تشجع السكان على المشي (جامعة ويسترن أونتاريو)

قالت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية إنه من المعروف أن مشي عدد معين من الخطوات اليومية يعزز الصحة، والآن حددت دراسة جديدة عدد الخطوات التي تحتاجها للوقاية من الاكتئاب.

وأضافت أن فريقاً بحثياً بقيادة برونو بيزوزيرو بيروني من جامعة كاستيلا لامانشا الإسبانية، حلّل 33 دراسة شملت 96 ألفاً و173 شخصاً.

وفي مقارنة عدد الخطوات اليومية ومعدلات الاكتئاب، وجدوا أن الأشخاص الذين لديهم عدد أكبر من الخطوات اليومية يميلون إلى الإصابة بأعراض اكتئاب أقل، وفقاً لنتائج الدراسة، التي نُشرت في «جاما» الأسبوع الماضي.

ووجد الباحثون أن الحصول على 5 آلاف خطوة أو أكثر كان مرتبطاً بانخفاض أعراض الاكتئاب، في حين ارتبط عدد الخطوات البالغ 7 آلاف أو أكثر، بانخفاض خطر الإصابة بالاكتئاب.

وقال الباحثون: «أظهرت نتائجنا ارتباطات مهمة بين ارتفاع عدد الخطوات اليومية وانخفاض أعراض الاكتئاب، فضلاً عن انخفاض انتشار الاكتئاب».

المشي اليومي يسهم في تعزيز الصحة ودعم الحالة النفسية (رويترز)

وذكر بيروني: «هناك بالفعل مجموعة كبيرة من الأدلة، بما في ذلك هذه الدراسة، على أن التمرينات مرتبطة بتحسين الحالة المزاجية، وأنها مضاد طبيعي للاكتئاب».

وذكر أن السبب وراء انخفاض الاكتئاب بسبب زيادة عدد الخطوات، ليس نفسياً فحسب؛ بل جسدياً أيضاً. وأضاف أن «التمارين الرياضية تزيد من إفراز هرمونات السعادة - الدوبامين والسيروتونين والأوكسيتوسين».

وقد وجدت دراسات سابقة أن المشي له تأثيرات على شبكات الدماغ التي تعدّ ضرورية لتحسين الحالة المزاجية والاكتئاب والقلق، وفقاً للطبيب النفسي ريتشارد بيرموديز.

المشي قد يسهم في تحسين الصحة النفسية (جامعة ليدز)

وقال بيرموديز، الذي لم يشارك في الدراسة: «كلما كنا أكثر خمولاً، أو كلما جلسنا أكثر، زاد اكتئابنا»، وأشار إلى أن العوامل الوراثية والعوامل النفسية والضغوط الاجتماعية تلعب أيضاً دوراً في الاكتئاب.

ومع ذلك، «فإننا نعلم أن التعرض للضوء الطبيعي والمشي في الأماكن الطبيعية لهما تأثيرات إيجابية على المزاج».

ويشجع بيرموديز أولئك الذين يعانون من الاكتئاب على «زيادة عدد خطواتهم 100 خطوة كل يوم»، وقال: «إذا كنت تعمل وتجلس على مكتبك معظم الأيام، فقم بجدولة فترات راحة مدتها 15 دقيقة لتدريب عقلك من خلال المشي».