بروكسل: أنباء عن هروب المطلوب الأول في تفجيرات باريس إلى سوريا.. وارتفاع في مستوى الإنذارات الكاذبة

9 دول أوروبية معنية بالتهديدات الإرهابية تعتزم تعزيز تبادل الاستخبارات

إجراءات أمنية في شوارع العاصمة بروكسل ما زالت مستمرة عقب تفجيرات باريس («الشرق الأوسط»)
إجراءات أمنية في شوارع العاصمة بروكسل ما زالت مستمرة عقب تفجيرات باريس («الشرق الأوسط»)
TT

بروكسل: أنباء عن هروب المطلوب الأول في تفجيرات باريس إلى سوريا.. وارتفاع في مستوى الإنذارات الكاذبة

إجراءات أمنية في شوارع العاصمة بروكسل ما زالت مستمرة عقب تفجيرات باريس («الشرق الأوسط»)
إجراءات أمنية في شوارع العاصمة بروكسل ما زالت مستمرة عقب تفجيرات باريس («الشرق الأوسط»)

تعتزم فرنسا وبلجيكا تعزيز تبادل الاستخبارات ضمن «مجموعة الدول التسع»، التي تضم تسع دول أوروبية معنية بالتهديدات الإرهابية بعد اعتداءات باريس. ويأتي ذلك بعد أن أعلن رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال، أن بلاده كان لديها لائحة تضم عددا من المتشددين الخطرين لم تكن بحوزة السلطات الفرنسية، مما سهَّل عدم التعرف على صلاح عبد السلام أثناء توقيفه من جانب الشرطة الفرنسية على الحدود مع بلجيكا، بعد وقت قصير من التفجيرات.
وتزامن هذا مع تقارير إعلامية في بروكسل، أشارت إلى احتمالية هروب المطلوب أمنيًا صلاح عبد السلام إلى سوريا، ولكن لم يتم تأكيد هذه الأنباء رسميا من سلطات الأمن البلجيكية. وبالتزامن مع هذا أيضًا، سجلت قيادة الشرطة الفيدرالية في بروكسل، ارتفاعًا واضحًا في عدد الإنذارات الكاذبة التي تم الإعلان عنها في مختلف أنحاء البلاد، منذ وقوع هجمات باريس في الثالث عشر من الشهر الماضي، وأكدت مصادر الشرطة أن الإنذارات تزايدت بشكل ملحوظ في محطات المترو ومحطات القطارات وأمام مباني المدارس والهيئات القضائية وبعض المساجد في مختلف أنحاء البلاد.
وقالت مصادر مقربة من رئيس الوزراء الفرنسي مساء أول من أمس، إن مانويل فالس ونظيره البلجيكي شارل ميشال اجتمعا على هامش افتتاح مؤتمر المناخ الدولي في باريس، واتفقا على «إطلاق مبادرة» في هذا الاتجاه. وأضافت المصادر أن المبادرة تشمل «تمديد واستكمال عمليات تبادل معلومات الاستخبارات المتعددة الأطراف على أساس الدول التسع» في الاتحاد الأوروبي وإعطاءه طابعا رسميا أكثر. وقالت المصادر إن الأمر يتعلق بـ«تنسيق» تبادل بيانات أجهزة الاستخبارات الفرنسية حول الأشخاص الذين يعتبرون خطيرين أو متطرفين مع بيانات الدول الأخرى عبر نظام المعلومات «شينغن»، وجعل هذا التبادل «منهجيا». وبحسب وكالة الأنباء البلجيكية «بلجا» فإن اجتماعا ثنائيا فرنسيا - بلجيكيا يمكن أن يُعقد «في الأسابيع المقبلة». لكن المصدر الفرنسي قال إنه لم يتم تحديد أي موعد بعد. وسبق أن عقدت مجموعة الدول التسع (فرنسا، بلجيكا، إيطاليا، بريطانيا، ألمانيا، هولندا، إسبانيا، آيرلندا، والسويد) اجتماعا بمبادرة فرنسية - بلجيكية في يونيو (حزيران) 2014 بعد الاعتداء على المتحف اليهودي في بروكسل. وكشف هذا الهجوم أن ألمانيا كانت أبلغت فرنسا بعودة مهدي نموش المنفذ المفترض لهذا الاعتداء من سوريا، لكنها لم تبلغ بلجيكا بسبب عدم وجود تعاون متعدد الأطراف. وفي ختام هذا الاجتماع، تم اتخاذ سلسلة إجراءات حول متابعة الرعايا الذين يتوجهون إلى سوريا والإبلاغ عنهم.
يذكر أن اعتداءات 13 نوفمبر (تشرين الثاني) التي تبناها «داعش» نفذتها مجموعة بلجيكية وفرنسية بشكل خاص، بينها أفراد قدموا من مولنبيك في ضواحي بروكسل بحسب التحقيق، وترددت أخيرًا أنباء عن احتمال أن يكون المطلوب الأمني الأول في بلجيكا وفرنسا، وهو صلاح عبد السلام، ربما قد نجح في الهروب إلى سوريا.
وفي مايو (أيار) من العام الماضي، استضافت بروكسل اجتماعات وزراء الداخلية في ست دول أوروبية وأربع دول عربية وإسلامية، بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية للتباحث حول ملف سفر أعداد من المقاتلين الأجانب إلى سوريا، وكيفية مواجهة هذا الأمر. وقالت جويلية ميلكيه وزيرة الداخلية البلجيكية وقتها، إنها دعت إلى هذا الاجتماع في إطار استمرار للنقاشات والاجتماعات الوزارية التي انعقدت في يونيو وأكتوبر (تشرين الأول) وديسمبر (كانون الأول) من عام 2013 بين دول أوروبية ومعها الولايات المتحدة وأستراليا وكندا، وبحثت في الإجراءات المطلوبة للتعامل مع تسفير أعداد من المقاتلين الأجانب إلى سوريا، وتداعيات هذا الأمر على الأمن الوطني بالدول المشاركة في الاجتماع.
وأضافت وزيرة الداخلية البلجيكية أن الاجتماع جاء بهدف توسيع النقاش بمشاركة دول جديدة مهتمة بهذا الملف ولهذا السبب تشارك كل من تونس والمغرب والأردن وتركيا، وشكل فرصة للدول المشاركة للتباحث حول الإجراءات الوطنية التي قامت بها لمواجهة مسألة تسفير الشباب إلى سوريا للقتال، وأيضًا سبل تعزيز التعاون والعمل المشترك بين الدولة المشاركة للتصدي لهذا الأمر، وكان الاجتماع فرصة لكل وزير لعرض تجربه بلاده في هذا الصدد والتعريف بالإجراءات التي قامت بها على الصعيد الوطني، ثم بعد ذلك سبل تعزيز التعاون مع دول أخرى حول هذا الصدد.
إلى هذا، سجلت قيادة الشرطة الفيدرالية في بروكسل ارتفاعًا واضحًا في عدد الإنذارات الكاذبة التي تم الإعلان عنها في مختلف أنحاء البلاد، منذ وقوع هجمات باريس في الثالث عشر من الشهر الماضي، وأكدت مصادر الشرطة أن الإنذارات تزايدت بشكل ملحوظ في محطات المترو ومحطات القطارات وأمام مباني المدارس والهيئات القضائية وبعض المساجد في مختلف أنحاء البلاد: «نتعامل مع الإنذار بشكل جدي، الأمر الذي يتطلب إجراءات مكلفة بشريًا وماليًا»، حسب المصادر نفسها، وتركز المصادر على خطورة التورط في إنذارات كاذبة، مشيرة إلى أن مرتكبي مثل هذه الأعمال يعرضون أنفسهم للعقوبات «تتضمن العقوبات السجن لمدة تتراوح بين ثلاثة أشهر وعامين، بالإضافة إلى غرامة بقيمة 1800يورو»، حسب قولها. وتقوم السلطات بتعقب من يقوم بإعطاء مثل هذه الإنذارات لمعرفة ما إذا كان يرتكب العمل بدافع الخوف أم الإساءة المتعمدة ودهمت الشرطة الفيدرالية مساء الأحد مسكنين في مولنبيك إثر معلومات مصدرها شخص من سكان الحي مفادها أن صلاح عبد السلام يختبئ في منزل شاغر. ولم تفضِ عمليتا الدهم إلى أي نتيجة بحسب النيابة العامة الفيدرالية المكلفة قضايا الإرهاب في بلجيكا.
وأوضحت النيابة العامة في بروكسل التي تعنى من جهتها بقضايا الحق العام، أول من أمس، في بيان: «على الأرجح نقلت معلومات كاذبة عن عمد إلى أجهزة الشرطة». والرجل الذي يقف وراء هذه المعلومات الكاذبة تم استجوابه مساء الأحد كما استمع إلى أقواله، أمس (الاثنين)، بصفة «مشبوه» بحسب النيابة. واستمع أيضًا إلى أشخاص آخرين كشهود. وقالت النيابة: «الأمر يتعلق الآن بمعرفة ما إذا كان الشخص الذي استجوب هو نفسه الذي وضع الشرطة عمدا على الطريق الخطأ».
وستقرر النيابة ما إذا كان يتوجب أن يمثل أمام قاضي تحقيق ليقرر إما توجيه التهمة إليه أو إخلاء سبيله. وبموجب القانون البلجيكي فإن هذا النوع من المعلومات الكاذبة يُعاقب عليه بغرامة وعقوبة السجن لمدة تتراوح بين 15 يومًا وسنتين، كما أشار البيان.
وبعد أكثر من أسبوعين على اعتداءات باريس التي أوقعت 130 قتيلا في 13 نوفمبر، لم يعثر بعد على صلاح عبد السلام شقيق أحد الانتحاريين الذين فجروا أنفسهم، والذي يبدو أنه قام بدور لوجيستي في الاعتداءات. وفقد أثره بعد ساعات من الاعتداءات في العاصمة البلجيكية حيث وُجهت التهمة إلى أشخاص كثيرين يشتبه بأنهم تولوا نقله في سياراتهم.



الإفراج عن الصحافية الإيطالية المعتقلة في إيران

ميلوني مستقبلة الصحافية سالا في روما بعد الإفراج عنها من سجن إيفين بطهران يوم 8 يناير (أ.ف.ب)
ميلوني مستقبلة الصحافية سالا في روما بعد الإفراج عنها من سجن إيفين بطهران يوم 8 يناير (أ.ف.ب)
TT

الإفراج عن الصحافية الإيطالية المعتقلة في إيران

ميلوني مستقبلة الصحافية سالا في روما بعد الإفراج عنها من سجن إيفين بطهران يوم 8 يناير (أ.ف.ب)
ميلوني مستقبلة الصحافية سالا في روما بعد الإفراج عنها من سجن إيفين بطهران يوم 8 يناير (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الإيطالية، الأربعاء، أن الصحافية الإيطالية تشتشيليا سالا التي اعتقلت في 19 ديسمبر (كانون الأول) في إيران بتهمة «انتهاك قوانين» إيران، أُفرج عنها. ونشرت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، صورة لاستقبالها الصحافية، بعد ماراثون دبلوماسي واستخباراتي لتأمين الإفراج عنها.

حراك دبلوماسي

وقبل ساعات من وصول سالا إلى بلادها، أعلن مكتب رئيسة الوزراء الإيطالية في بيان: «أفرجت السلطات الإيرانية عن مواطنتنا، وهي في طريقها إلى إيطاليا. تعرب رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني عن امتنانها لجميع الأشخاص الذين ساعدوا في جعل عودة تشتشيليا أمراً ممكناً، ما يسمح لها بالعودة إلى عائلتها وزملائها»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وجاء في البيان أن «الطائرة التي تقل الصحافية تشتشيليا سالا غادرت طهران قبل دقائق»، بعد «تحرك مكثف عبر القنوات الدبلوماسية والاستخباراتية». وبحثت ميلوني، في زيارة قصيرة ومفاجئة إلى مارالاغو، قضية الصحافية المحتجزة مع الرئيس الأميركي المنتخب وفريقه الانتقالي الأسبوع الماضي.

وكانت ميلوني استقبلت والدة الصحافية في مقر الحكومة في الثاني من يناير (كانون الثاني)، وتحادثت هاتفياً مع والدها. وكتبت على منصة «إكس» إنها «أبلغتهما شخصياً عبر الهاتف» بالإفراج عن ابنتهما.

من جهتها، أعربت منظمة «مراسلون بلا حدود» غير الحكومية عن «ارتياحها الكبير». وأضافت في بيان مقتضب: «الآن يجب أيضاً إطلاق سراح الصحافيين الـ25 الذين ما زالوا محتجزين في السجون الإيرانية». واعتقلت سالا خلال زيارة مهنية لطهران بتأشيرة صحافية، لكن السلطات الإيرانية لم تعلن أبداً عن أسباب الاعتقال. وكانت الصحافية، البالغة من العمر 29 عاماً، محتجزة منذ ذلك الحين في زنزانة بسجن إيفين بطهران. وتكتب سالا لصحيفة «إل فوليو»، وتقدّم مدونة صوتية إخبارية.

وكان وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاياني، استدعى السفير الإيراني في 2 يناير، مطالباً بـ«الإفراج الفوري» عن الصحافية. وطالبت إيطاليا أيضاً بمعاملة المعتقلة «بطريقة تحترم كرامة الإنسان»، بينما ذكرت الصحافة الإيطالية أنها في الحبس الانفرادي وتنام على الأرض وحُرمت من نظارتها. وفي 3 من الشهر الحالي، استدعت طهران بدورها السفيرة الإيطالية لدى إيران.

ورقة مساومة

أوقفت سالا بعد فترة قصيرة على توقيف الولايات المتحدة وإيطاليا مواطنين إيرانيين اثنين بتهمة انتهاك العقوبات التي تفرضها واشنطن على طهران. واعتُقل محمد عابديني (38 عاماً) في ديسمبر بإيطاليا، بناءً على طلب السلطات الأميركية. أما مهدي محمد صادقي (42 عاماً) الذي يحمل جنسية مزدوجة، فمسجون في الولايات المتحدة.

ترمب وميلوني في صورة جمعتهما مع المرشّحين لمنصبي وزير الخزانة سكوت بيسنت (يسار) والخارجية ماركو روبيو في مارالاغو 4 يناير (إ.ب.أ)

واتهمهما القضاء الأميركي رسمياً في 17 ديسمبر بـ«تصدير مكونات إلكترونية متطورة إلى إيران»، في انتهاك للعقوبات الأميركية المفروضة على إيران. وبحسب وزارة العدل الأميركية، تم استخدام هذه المكونات خلال هجوم بطائرة من دون طيار في الأردن أودى بحياة ثلاثة جنود أميركيين في يناير 2024. ونفت إيران أي تورط لها، وندّدت بادعاءات «لا أساس لها». لكن طهران شددت، الاثنين، على عدم وجود «صلة» بين اعتقال سالا وعابديني. وتُتّهم إيران، التي تحتجز العديد من الرعايا الغربيين أو مزدوجي الجنسية، من قِبَل المنظمات غير الحكومية باستخدامهم ورقة مساومة في المفاوضات بين الدول.

وتتهم السلطات الإيرانية سيسيل كوهلر، وجاك باري، وهما زوجان فرنسيان مسجونان منذ عام 2022 خلال زيارة سياحية بـ«التجسس»، وهو ما «ينفيه أقاربهما بشدة». كما يعتقل فرنسي ثالث يُدعى أوليفييه، ولم يكشف عن اسمه الكامل، في إيران منذ عام 2022. وتصف باريس هؤلاء السجناء بأنهم «رهائن دولة». كما دعا وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، الثلاثاء، الرعايا الفرنسيين إلى عدم السفر إلى إيران حتى «الإفراج كلياً» عن المعتقلين الفرنسيين في هذا البلد.