«ليالي الحلمية 6» تعود في رمضان المقبل بعد 28 عامًا من إنطلاقتها

جدل كبير بين عشاق المسلسل.. واتهامات بتشويه تراث أسامة أنور عكاشة

يحيى الفخراني جسّد دور سليم باشا
يحيى الفخراني جسّد دور سليم باشا
TT

«ليالي الحلمية 6» تعود في رمضان المقبل بعد 28 عامًا من إنطلاقتها

يحيى الفخراني جسّد دور سليم باشا
يحيى الفخراني جسّد دور سليم باشا

بعد 28 عامًا من بداية عرضها، أعلنت شركة «MBA» للإنتاج الفني عن إنتاج الجزء السادس من الملحمة الدرامية «ليالي الحلمية» لعرضه في موسم دراما رمضان 2016. وقال المنتج محمود شميس، إنه «تم التعاقد مع الشاعر والسيناريست المعروف أيمن بهجت قمر، لكتابة السيناريو والحوار بالاشتراك مع عمرو نجل الفنان الكبير محمود ياسين، على أن يكون المخرج الكبير مجدي أبو عميرة هو مخرج العمل».
وأثار هذا الخبر سجالاً واسعًا بين مؤيد ومعارض على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث هنأ الفنانون المصريون الشاعر الغنائي على تلك الخطوة الهامة، في حين أبدى عشاق المسلسل غضبهم كون كتابات أيمن بهجت قمر السينمائية لم يحالفها نجاح كبير بعكس نجاحه كمؤلف أغانٍ لمشاهير المطربين العرب، مثل: عمرو دياب، وهشام عباس، وحسين الجسمي، وغيرهم.
واعتبر البعض أن استكمال المسلسل بكتاب آخرين يعد تشويهًا للمسلسل، في حين طالب البعض بالحيادية والانتظار للحكم على التجربة. كما استنكر حشد كبير من جمهور المسلسل تنازل أسرة السيناريست الكبير أسامة أنور عكاشة عن حقوق الملكية الفكرية وموافقتهم على إنتاج جزء جديد من المسلسل الخالد الذي تابعه الملايين حول العالم العربي، في حين علق الشاعر أيمن بهجت قمر على حسابه على موقع «فيسبوك» مطالبًا مهاجميه بأنه «كاتب أغانٍ» أن يتذكروا أسماء علامات في السينما المصرية كانوا بالأساس أهم من كتبوا أعظم الأغاني المصرية ومنهم «بديع خيري، وأبو السعود الإبياري، وصلاح جاهين، ومدحت العدل»، مضيفًا أنه يملك رصيدًا جيدًا من الكتابة الدرامية.. «أكتب حاليًا فيلمي السابع وتعاملت مع كبار المخرجين».
ورغم حالة التكتم الشديدة حول أبطال الجزء الجديد، كشف عمرو ياسين عن أسماء بعض أبطال الجزء الجديد، ومنهم: ممدوح عبد العليم، وهشام سليم، وصفية العمري، ولوسي، ومحمد متولي، ومحسنة توفيق، وحنان شوقي.
وعن رأيها في استكمال مسلسل ليالي الحلمية، قالت النجمة إلهام شاهين التي لعبت دور «زهرة سليمان غانم» في المسلسل لـ«الشرق الأوسط»: «لا أستطيع أن أجزم بأن تلك الخطوة سديدة أم لا، فلا أعلم تحديدًا وجهة النظر في استكمال مسلسل من عمل كاتب آخر بقيمة أسامة أنور عكاشة، ولا أعلم كيف ستتم معالجة الشخصيات التي وصل أغلبها لمرحلة الكهولة! كما أن المسلسل عالج حقبة زمنية مرتبطة بتغيرات سياسية واجتماعية انعكست على حي الحلمية وحياة سكانه، ولكي أصدقك القول لا أستطيع الحكم على المسلسل قبل أن يفسر لي الكاتبان وجهة نظرهما ومعالجتهما الدرامية، فإذا كانت الحقبة الزمنية التي ستتطرق لها حلقات المسلسل الجديدة هي حقبة مبارك والثورة فلا أعلم كيف سيتطرق إليها من خلال حي الحلمية تحديدًا».
وتدور أحداث الجزء الجديد من المسلسل في الفترة ما بين 2005 وحتى الآن، وكان الجزء الأول من «ليالي الحلمية» قد عرض في 1987، وحقق نجاحًا جماهيريًا مذهلاً، فاستمر عرض أجزائه في الموسم الرمضاني لعدة سنوات، وكان آخر جزء منه هو الخامس، وقد عرض عام 1995، وشارك فيه أكثر من 300 ممثل. وترصد سلسلة «ليالي الحلمية» التي أخرجها إسماعيل عبد الحافظ؛ تاريخ مصر الاجتماعي والسياسي منذ أواخر عصر الملك فاروق وحتى تسعينات القرن الماضي، عبر قصة حي «الحلمية» الذي عرف بأنه حي أرستقراطي يقطنه الباشوات وأعرق العائلات وتحوله بعد عدد من التغييرات السياسية في مصر إلى حي شعبي. لعب بطولة المسلسل الفنان القدير الراحل أحمد مظهر، مجسدًا الشخصية التاريخية الوحيدة بالمسلسل أحمد حسنين باشا، والفنان الكبير يحيى الفخراني في دور «سليم باشا البدري»، وصلاح السعدني في دور «العمدة سليمان غانم»، والفنان الكبير حسن يوسف في دور «توفيق البدري»، والفنانة الراحلة هدى سلطان في دور «نفيسة هانم»، والفنانة صفية العمري في دور «نازك هانم السلحدار»، كما شاركت فيه النجمة إلهام شاهين بدور «زهرة سليمان غانم».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».