موسم الجوائز.. 21 فيلما تتنازع السيادة

عناوين صحافية عريضة وأفلام خيالية تزيّن نهاية العام

الجزء الأخير من «ألعاب الجوع»
الجزء الأخير من «ألعاب الجوع»
TT

موسم الجوائز.. 21 فيلما تتنازع السيادة

الجزء الأخير من «ألعاب الجوع»
الجزء الأخير من «ألعاب الجوع»

هطلت خلال الأيام الماضية مجموعة كبيرة من الأفلام ذات المواضيع المتباينة. هذا أمر متوقع في موسم الجوائز الحالي الذي يفرز 21 فيلما من مختلف التصنيفات والأنواع، من الفيلم التسجيلي إلى الروائي ومن الأفلام التي تأمل أن تظهر في عناوين ترشيحات الجوائز القادمة إلى تلك التجارية المحضة التي لا غنى للسوق عنها على مدار السنة.
لكن المثير للاهتمام أن مواضيع بعض الأفلام تشمل قضايا متعددة ثم تحبك حسب تجاربها بصرف النظر عن أي تلك الأفلام سيحقق الإيرادات العليا وأي منها قد لا يحوز مركزا متقدما. طبعًا لا تزال المنافسة حامية بين تلك الإنتاجات الكبيرة مثل «كريد» و«ألعاب الجوع: موكينجاي 2» و«الليلة السابقة» و«الديناصور الطيّب»، لكن الكم الكبير يشي بفترة خصبة لا تستطيع أفلامها أن تنتظر بحثًا عن وقت تقل فيه المنافسات بغية تسجيل حضورها.
* ديناصور وصبي
الجمهور، كالعادة، ينصرف إلى الفيلم الذي يحكي خيالاً وليس واقعًا. والأسبوع الحالي بدأ بتسلق الجزء الأخير من «ألعاب الجوع» المركز الأول بأكثر من 110 ملايين دولار من الإيرادات. الفيلم هو استكمال لما سبق من أحداث كما خطّته الكاتبة سوزان كولينز وكما نفّذه على نحو يشارف الإجادة من دون ولوجها كاملاً فرنسيس لورنس وقامت ببطولته جنيفر لورنس (لا قرابة) لجانب طاقم الأخيار الذين يحاربون معها (منهم ليام همسوورث وجوش هتشرسون ووودي ألن و - الراحل - فيليب سايمور هوفمن) وطاقم الأشرار (بقيادة دونالد سذرلاند).
الوعد هنا لا يزال على حاله: في عالم مستقبلي شمال أميركي سينقسم العالم إلى قلّة تعيش في مدن محصّنة وغالبية تعيش كالدجاج البرّي في القرى والغابات وسيؤول أمر تحرير الغالبية من جور الأقلية إلى امرأة محاربة تنتقل من معسكر إلى آخر مع عدد متزايد من الثوار.
ليس أن الجمهور الأميركي يتبنّى المضمون أعلاه، بل إن المغامرات الخيالية والعالم المستقبلي من دون غزو للفضاء أو غزو منه ومحاربة أنثى تستطيع القتال ورمي السهام ولديها قلب من ذهب خالص، كلها عناصر دفعت الجزء الأخير (ولجانب إنه الأخير) إلى القمّة في غضون ساعات من العرض. وهذا ما حدث في الأجزاء السابقة التي إذا ما جمعنا إيراداتها كلها لوجدناها تتجاوز مليارين و315 مليون دولار.
«سبكتر» الذي جمع 156 مليون دولار في الولايات المتحدة وحدها حتى الآن، هو أيضًا خيالي ولو أن أحداثه تدور، افتراضا في الزمن الحاضر. كذلك «المريخي» المنتقل ببطله (توم هانكس) وبمجمل إيراداته الأميركية (214 مليون دولار) إلى الفضاء البعيد.
ليس من بين هذين الفيلمين من يطلب منا تصديقه، كذلك «الديناصور الطيب»، فيلم أنيميشن يسرد كل ما هو متوقع من قصّة بطلها حيوان واحد وبشر واحد: الحيوان هو ديناصور من نوع أباتوسوروس والفرد هو صبي، والاثنان سيؤولان إلى الجمهور الذي ينشد متابعة ما يمكن تأليفه من مغامرات بينهما.
في الجعبة ذاتها، يتقدم «فيكتور فرانكنستاين» دراما حيّة من بطولة جيمس ماكفوي ودانيال ردكليف وجسيكا فرندلاي مأخوذة بتصرف شديد عن رواية ماري أشلي المعروفة «فرانكنستاين». الفيلم حول العالم ومخلوقه، وكلاها نبيل ويطلب التعاطف، مشغول بكثرة تفاصيله وخال من أي عمق لحمل حكايته إلى مستوى أعلى من الضحالة.
* حدث في بوسطن
إذا ما تركنا هذه الأعمال، ومعها فيلم رديء آخر عنوانه «الليلة المسبقة» The Night Before، وحدها، طالعتنا في صفوف خلفية ولو قريبة ثلة من الأفلام ذات المعاني التي تود أن تدلو بدلوها أمام جمهور المقترعين في جمعيات السينما مثل الغولدن غلوبس وجمعيات المخرجين والممثلين والكتاب وباقي الحرف المهمّة في الصناعة. ثلاثة أفلام منها مقتبسة عن أحداث وقعت وهي «سبوتلايت» و«الـ33» و«الفتاة الدنماركية».
«سبوتلايت»، من إخراج توم ماكارثي وبطولة مارك روفالو وراتشل ماكادامز ومايكل كيتون، يستوحي من أحداث عاشتها صحيفة «ذا بوسطن غلوب» عبر طاقم من محرريها الذين كشفوا اللثام عن ممارسات بعض رهبان الكنيسة الكاثوليكية في المدينة الذين أقدموا على ممارسات شاذة مع الأولاد وذلك في أحداث وقعت فعلاً على رحى سنوات وتم الكشف عنها، من خلال عنوان رئيس في الصفحة الأولى من الجريدة في السادس من يناير (كانون الثاني) سنة 2002.
الدراما التي يسوقها المخرج ماكارثي بعناية تأخذ شكل أفلام جادّة سابقة. في الأجواء العامة هي مثل «كل رجال الرئيس» الذي حاكى أحداث صحيفة «واشنطن بوست» خلال فترة الكشف عن «ووترغيت»، وفي المعالجة التي تأخذ وقتها لبناء تشويقها وللوصول إلى ذروتها وما بعد هي قريبة من فيلم ديفيد فينشر «زودياك». كذلك هو الفيلم الرئيس الأول للمثل مايكل كيتون الذي نفض فيلم «بيردمان» الغبار عنه قبل نحو عام واحد.
أما «الـ33» فهو أكثر مباشرة مع موضوعه. مقتبس عن الساعات الحالكة والأيام الطويلة التي مرّت على 33 رجلاً علقوا تحت الأرض بعد انهيار المنجم الذي كانوا يعملون فيه.
لتسع وستين يومًا عايش هؤلاء أسباب الموت وأسباب الحياة منتقلين بين دفتيهما كلما ارتفعت الآمال أو انخفضت وهم على عمق 2300 قدم تحت سطح الأرض التشيلية كما نقلتها الأنباء في العام 2010 حينما وقعت الحادثة.
الخطر في مثل هذه الأفلام هو معرفتك النتيجة. في الواقع من قرأ التفاصيل في كتاب هكتور توبارDeep Down Dark أو - على الأقل - ما ورد على الإنترنت من أخبار ومقالات، يستطيع تكوين صورة شبه كاملة عما يقوم الفيلم عليه. لكن الإضافة التي يمثّلها الفيلم في هذا المجال إخلاص العاملين، ومنهم الممثلون الجيدون أنطونيو بانديراس وغبريال بيرن ولو دياموند فيليبس وجولييت بينوش (رفضت جنيفر لوبيز الدور الذي قامت به بينوش لاعتقادها أن الدور صغير بالنسبة لها)، للمشروع وقدر ملموس من التفاني في سبيل تقديم شريحة حياة صعبة، وقدرة المخرجة غير المعروفة باتريشا ريغين على التوازن بين الفيلم الواقعي والحس التشويقي العام.
* سخونة وبرودة
أما الفيلم الثالث فهو «الفتاة الدنماركية» الذي شوهد في مهرجان فينسيا السابق وأحداثه تبتعد أكثر صوب الماضي. الممثل الذي وُلد على الشاشة عملاقًا حينما لعب «نظرية كل شيء» مؤديًا الدور الصعب لشخص وحياة العالم الفيزيائي الشهير ستيفن هوكينغ، يعود في دور لا يقل صعوبة، لكن عوض صعوبة الأداء البدنية ينحو صوب تأدية صعوبة من نوع آخر مجسدًا شخصية رجل يُصاب بكهرباء خفية عندما يرتدي ملابس زوجته النسائية ويدرك بعد حين إنه يريد أن يصبح مثلها.
ينضم «الفتاة الدنماركية» إلى فيلم آخر يطرح المشكلة الشائكة بدوره هو «كارول»، عن رواية وضعتها المؤلّفة الراحلة باتريشا هايسميث في الخمسينات وحاولت التملّص منها بعد نشرها لأن الحياة آنذاك لم تكن ترغب في استيعاب هذا النمط من الروايات. «كارول» الماثل على الشاشة الآن بإدارة من تود هاينز هو ما زال قصّة حب بين بطلتيه كايت بلانشيت، في دور الثرية المتزوّجة المتبرّمة وروني مارا، الفتاة التي تعمل في محل ملابس. لمعة كهربائية أخرى تقع بينهما لكن ضمن ما يمكن للسينما الأميركية اليوم قبوله وليس على غرار فيلم عبد اللطيف قشيش الشهير «الأزرق هو اللون أكثر دفئًا».
الفيلم معالج بنعومة زائدة عن الحاجة لكن ما سيتأكد حدوثه بعد أن يطوي الفيلم عروضه هو أن مثل هذه المواضيع ربما كانت ساخنة قبل نيل المثليين ما يرونه من حقوق أما الآن فتدخل في أنبوب الأعمال الباردة والمتكررة.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».