غارات جوية على تجمعات المتمردين في الحزام الأمني لصنعاء

الانقلابيون تسببوا في انهيار الريال اليمني وتفاقم الأوضاع المعيشية

غارات جوية على تجمعات المتمردين في الحزام الأمني لصنعاء
TT

غارات جوية على تجمعات المتمردين في الحزام الأمني لصنعاء

غارات جوية على تجمعات المتمردين في الحزام الأمني لصنعاء

قصفت طائرات التحالف العربي، فجر أمس، مواقع عسكرية للرئيس السابق علي عبد الله صالح وحلفائه الحوثيين في محيط الحزام الأمني بالعاصمة اليمنية صنعاء، وقال سكان وشهود عيان إن الطائرات حلقت على علو منخفض في أجواء صنعاء لساعات عدة، وتصاعدت سحب الدخان من المواقع المستهدفة.
وذكر شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، أن الطائرات الحربية شنت أكثر من 4 غارات جوية استهدفت معسكر الاستقبال بمنطقة ضلاع همدان غربي صنعاء، ومعسكر الدفاع الجوي «الغوش»، كما قصفت مواقع في بلدة سنحان مسقط رأس المخلوع صالح، بمنطقة عمد، التي تصاعدت منها أعمدة الدخان.
وفي مديرية خولان المحاذية لمحافظة مأرب النفطية، قصفت الطائرات مواقع للمتمردين تتمركز فيها معدات وآليات عسكرية، ويقع بالقرب من هذه المواقع معسكر العرقوب التابع للحرس الجمهوري الموالي لصالح الذي يعد من أكبر المعسكرات التي ترفد الميليشيات بمقاتلين ومعدات عسكرية ثقيلة، ولا يبعد عن معسكرات قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية الموالي للشرعية سوى عشرات الكيلومترات في مديرية صرواح المتاخمة لصنعاء.
وأفاد سكان في صنعاء بأن طائرات التحالف العربي حلقت بكثافة في سماء العاصمة صنعاء لساعات عدة، بالتزامن مع تكثيف غارات على مواقع وتجمعات الحوثيين في مأرب وتعز وإب، وأكد مدنيون مشاهدتهم لطائرات التحالف بالعين المجردة، وعلى علو منخفض، بعد توقف الغارات لبضعة أيام في صنعاء، واختلطت أصوات الطائرات بأصوات المضادات الأرضية التي لا تزال الميليشيات تحتفظ بالكثير منها في مواقع عدة جبلية مطلة على صنعاء.
في سياق آخر، اتهم تقرير اقتصادي المتمردين بالتسبب في انهيار العملة المحلية، الريال اليمني، وهو ما انعكس على الهزة العنيفة التي أصابت الاقتصادي أخيرا، حيث هوى سعر الصرف إلى 270 ريالا يمنيا مقابل الدولار الواحد، مقارنة بـ214 مع بداية العام الحالي وبنسبة تراجع 27 في المائة.
وكشف تقرير أطلقه مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي ضمن مشروع رصد، أمس، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن تراجع سعر الريال وانعدام الدولار والعملات الصعبة من الأسواق، ضاعف من الحالة الاقتصادية الصعبة التي تعيشها اليمن، ويبلغ عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية 81 في المائة من السكان.
وأشار التقرير إلى ارتفاع تصاعدي لأسعار المواد الأساسية في تعز بمتوسط ارتفاع 9.23 في المائة، مقارنة مع الفترة ذاتها من الشهر الماضي، تلتها محافظة حضرموت بمتوسط ارتفاع بلغ 6.76 في المائة، مقارنة مع الفترة ذاتها من شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.
وتضمن التقرير الذي يغطي محافظات رئيسية هي تعز، وعدن، وصنعاء، وحضرموت والحديدة ومأرب، انخفاضا بسيطا في أسعار المواد الأساسية في كل من محافظة الحديدة بنسبة 9.55 في المائة، تلتها محافظة مأرب بنسبة 8.05 في المائة، ثم محافظة عدن بنسبة 2.97 في المائة، ثم محافظة صنعاء بنسبة انخفاض 2.12 في المائة، مقارنة بالفترة ذاتها من شهر سبتمبر الماضي.
ولفت التقرير إلى أن الريال اليمني تعرض لانهيار كبير أمام الدولار الأميركي في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ليصل سعره إلى 270 ريالا، مقابل الدولار الواحد، مقارنة بـ214 مع بداية العام الحالي وبنسبة تراجع 27 في المائة.
وذكر التقرير أن الميليشيات المتمردة تقف وراء انهيار الريال اليمني بشكل مباشر، موضحا أن من أهم الأسباب في ذلك هو قرار التعويم للمشتقات النفطية الذي أقرته الميليشيات في صنعاء، التي ساهمت في إتاحة المجال للقطاع الخاص للاستيراد، مما أدى إلى استنزاف ما تبقى من عملة الدولار الشحيحة أصلا في السوق اليمنية، إضافة إلى القرارات والإجراءات التعسفية التي اتخذتها جماعة الحوثي ضد رجال الأعمال ووضع القيود على سفرهم والمبالغ المسموح السفر بها.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.