فيلم «الشاة» الإثيوبي يفتتح عروض أيام قرطاج السينمائية

يصور واقعين متناقضين في إثيوبيا.. بشاعة الفقر وآخر سعيداً

فيلم «الشاة» الإثيوبي يفتتح عروض أيام قرطاج السينمائية
TT

فيلم «الشاة» الإثيوبي يفتتح عروض أيام قرطاج السينمائية

فيلم «الشاة» الإثيوبي يفتتح عروض أيام قرطاج السينمائية

انطلقت الدورة 26 لأيام قرطاج السينمائية بعرض فيلم «الشاة» للمخرج الإثيوبي الشاب يارد زيليكي، وقد اختير هذا الفيلم ليعرض في تونس لأول مرة على المستويين العربي والأفريقي وسبق لنفس العمل السينمائي أن اختير ضمن مهرجان كان السينمائي في فرنسا في دورته الأخيرة، ليعرض كأول فيلم إثيوبي يشارك في قسم «نظرة ما» في إشارة إلى السينما الأفريقية الواعدة. وانطلقت الدورة الجديدة لأيام قرطاج السينمائية يوم السبت 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي وتتواصل إلى غاية يوم السبت 28 من نفس الشهر.
ويروي هذا الشريط، الذي أنتج سنة 2015 ويدوم عرضه 94 دقيقة، قصة طفل في التاسعة من عمره يدعى «أفرائيم» يعيش مع والديه في التلال البركانية الإثيوبية. وبعد موت والدته تحت وقع المجاعة والفقر يطلب منه والده التحول للعيش مع أقاربه في منطقة خصبة بعد أن عقد العزم بدوره على الرحيل للعمل بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
يشد أفرائيم الرحال نحو أهل والده وتصاحبه شاته المسماة «شوني» في طريق يحمل عددا من المفاجآت والمغامرات ويعرض عبر الكاميرا مشاهد طبيعية خلابة، وعند وصوله يقرر الفتى الهرب والرجوع إلى موطنه بعد أن طلب منه عمه ذبح الشاة التي تربطه بها علاقة ود وإخلاص.
الشريط يصور واقعين متناقضين في إثيوبيا، واقع بشع سمته الفقر والتهديد بالموت جوعا والجفاف وقساوة الحياة وشظف العيش، وآخر سعيد ترجمته الكاميرا عبر المشاهد الطبيعية الفاتنة ورغد العيش ومظاهر الخصب.
كما حاول المخرج الإثيوبي يارد زيليكي البحث في معاني الحب والوفاء التي تجلت من خلال علاقة أفرائيم بشاته شوني، فقد فضل العودة إلى مسقط رأسه وقبول قساوة العيش بدل التضحية بشاته الحميمة.
ورغم بساطة القصة المعروضة وإمكانية كتابتها في أكثر من بلد أفريقي، فإن المخرج يارد زيليكي احتفى بشكل كبير بالطبيعة الخلابة في إثيوبيا وأبرز خصوصياتها وأعطى للطبيعة وللعلاقات الإنسانية جوانبها المشرقة وكشف عن صفات الوفاء والإخلاص والانتصار للحياة رغم شظف العيش وقساوته.
وكانت السينما الإثيوبية قد توجت في الدورة 22 لأيام قرطاج السينمائية من خلال فيلم «تيزا» للمخرج الإثيوبي هايلي جيرما.
وتعرض السينما الإثيوبية خصوصيات مختلفة عن سينما أفريقيا الغربية ممثلة في مالي وبوركينا فاسو والسنغال، وهي سينما المتناقضات على أكثر من مستوى. وتنقل السينما الإثيوبية الواقع اليومي بصدق وصفاء ومعاناة كبرى.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».