تحولت عبارة «كلّنا للوطن للعلا للعلم» المأخوذة من النشيد الوطني اللبناني لتصبح رنة لهواتف اللبنانيين بعد أن أطلقتها شركتا الجوال «إم تي سي» و«ألفا» احتفاء بعيد الاستقلال.
ففي هذا العيد الوطني الذي يقع في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، أرادت الشركتان المذكورتان تلوينه هذه السنة بخطوة جديدة من نوعها، بحيث وضعت مقطعا من النشيد اللبناني، ليكون بمثابة رنّة الهاتف التي تصدح في أذنك بصورة مباشرة عند قيامك بأي عملية اتصال من خلال جهازك الجوال الذي تحمله.
في البداية لم يستوعب اللبنانيون هذه الخطوة فبينما اعتقد البعض أنه أمر استحدثه المتصل به، فإن شريحة أخرى أبعدت الجهاز عن أذنها وراحت تتأكد من الرقم الذي طلبته علها أخطأت في كتابته.
وتبين فيما بعد أن هذه المبادرة الوطنية قامت بها شركتا الجوال في لبنان، احتفاء بالعيد من ناحية ولحثّ اللبنانيين ولأي فئة أو حزب سياسي انتموا، أن يتوحّدوا ولو صوريا من خلال رنّة النشيد الوطني على أجهزتهم الجوالة.
وستبقى هذه الرنّة تطنّ في آذان اللبنانيين لثلاثة أيام متتالية، أي طيلة أيام عطلة الأسبوع الذي سيتضمن احتفالات بعيدي العلم والاستقلال معا.
وجاءت ردّات فعل اللبنانيين متفاوتة، ففيما غمر بعضهم الشعور بالفرح فتحرّكت في أعماقهم روح الوطنية بعد أن ارتسمت ابتسامة لاشعورية على وجوههم لدى سماعهم النشيد على هواتفهم، فإن نسبة أخرى اعتبرت الموضوع خرقا لخصوصيتها ونوعا من فرض قرار عليهم لا يرغبون في تنفيذه. حتى إن البعض تساءل إذا ما كانت هاتان الشركتان قامتا بهذه الخطوة لجبي المزيد من المال من جيوب المشتركين، تماما كما سبق وفعلت عندما تعاونت مع شركتي «رنات» و«سمعني»، وفرضت رنّات هاتف مع جباية تلقائية من فواتيرهم الشهرية. إلا أن بيانا رسميا صدر عن وزارة الاتصالات اللبنانية أكد أن الرنّة الخاصة بالنشيد الوطني التي تسمع على الهواتف الجوالة، تم إطلاقها لمناسبة عيدي العلم والاستقلال، وأنها مجانية بناء على قرار من وزير الاتصالات بطرس حرب، وبالتالي لا يترتّب على المشترك أي تكلفة إضافية.
وكان وزير الاتصالات بطرس حرب قد دعا اللبنانيين في المناسبة، للمشاركة في احتفالات عيد العلم الذي يسبق عيد الاستقلال بيوم. وكان هو نفسه قد أطلقه شخصيا في عام 1979 عندما كان وزيرا للتربية. ومن بين هذه الاحتفالات رفع علم ضخم للبنان وتثبيته عند تقاطع نزلة فندقي «فينيسيا» و«مونرو» وسط بيروت، وصولا إلى الخطّ الساحلي من الصيفي إلى فندق «السان جورج». وسيتخلله إلقاء كلمات لممثل رئيس الحكومة تمام سلام، ووزير السياحة ميشال فرعون، ووزير الاتصالات بطرس حرب. كما وضع في التداول بطاقات تخابر «تلكارت» و«كلام» تحمل علم لبنان، وصدر طابع بريدي جديد يحمل الصورة ذاتها.
وأطلق أيضا في المناسبة فيديو مصوّر عن المراحل التي مرّ فيها علم لبنان، عبر الحقب التاريخية التي تعاقبت قبل أن يصبح في صيغته الحالية.
ومن النشاطات الأخرى التي سيشهدها لبنان في مناسبة عيد الاستقلال مسيرة تحت عنوان «نازلين نختار الوطن»، التي سيقوم بها تحرّك شعبي في العاشرة والنصف من صباح يوم العيد، والتي ستنطلق من المتحف باتجاه ساحة الشهداء وسط بيروت.
وفي العودة إلى رنّة النشيد الوطني، فقد تساءل بعض اللبنانيين عن سبب عدم ترك الحرية للمشتركين بخدمة الجوال، في إمكانية الخروج من هذه المبادرة تلقائيا وحسب رغبة كلّ شخص.
وبينما انهمرت على وسائل التواصل الاجتماعية تعليقات تندد بهذه المبادة القائمة على أساس الفرض وكأنها تعززّ الديكتاتورية، فإن تعليقات إيجابية انتشرت في المقابل أشادت بهذه الخطوة.
الممثل زياد عيتاني علّق بالقول: «الله يسامحكن على هالشغلة قولوا إنو مدخلين النشيد الوطني على الاتصالات، لأني افتكرت خطّي علّق على وزارة الدفاع فقلت راحت علينا!».
بينما كتبت ناشطة أخرى تقول: «كم نحن بحاجة إلى هذه الوحدة الوطنية في أيامنا العصيبة، فنحن نشكر كل من ساهم في هذه المبادرة، وجعلنا نردد نشيدنا صباحا كما ينبغي علينا يوميا لنوفيه حقّه». وغرّد نجيب خير الله على حسابه على موقع «تويتر» يقول: «سخفاء هم من انزعجوا من هذه المبادرة الوطنيّة، فيا شباب كل شي بوقتو حلو، ومعليه إذا تذكرنا بلدنا مرة بالسنة في عيد الاستقلال الذي استشهد من أجل تحقيقه أفضل الرجال».
أما الناشطة ثريا صعب فعلقت تقول: «عن أي استقلال تتحدثون وما زال هناك أطفال في لبنان يبيعون العلكة على الطرقات؟».
من ناحية أخرى انتشر على مواقع التواصل الإلكترونية من «يوتيوب» و«فيسبوك»، فيديو مصور لنسخة موسيقية جديدة للنشيد الوطني اللبناني ساهمت به منظمة الأمم المتحدة لمناسبة عيد الاستقلال السبعين للبنان (في عام 2013) وتظهر فيه المنسّقة العامة لمنظمة الأمم المتحدة في بيروت سيغريد كاغ، وتقول فيه بالعربية: «من 70 سنة بلّشنا سوا بشراكة وتعاون بين لبنان والأمم المتحدة من أجل لبنان والمستقبل». ويطلّ فيه النائب غسان مخيبر يدير الفرقة الموسيقية التي تعزف النشيد، إضافة إلى عدد من الممثلين والإعلاميين في لبنان كجورج خباز وبولا يعقوبيان ينشدونه.
أما السوبرانو اللبنانية هبة القوّص، فقد اختارت تلامذة مدرسة «تأهيل وتوجيه الصم والبكم» التابعة لجمعية رعاية اليتيم في صيدا، لتصوير النشيد الوطني اللبناني بلغة الإشارة، تحت عنوان «ليعلا الصمت بأحلى نشيد كلنا لبعض كلنا للوطن». وسيتم عرض هذا النشيد على جميع المحطات التلفزيونية اللبنانية، لمناسبة عيد الاستقلال.
رنّة النشيد اللبناني على الجوال تفرض الوحدة الوطنية على المواطنين بكل أطيافهم
الاحتفال بعيد الاستقلال من خلال نسخة موسيقية جديدة وبطاقات اتصال وطابع بريدي
رنّة النشيد اللبناني على الجوال تفرض الوحدة الوطنية على المواطنين بكل أطيافهم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة