أصول المصرفية الإسلامية تتضاعف بحلول عام 2020

توقعات بنموها من 1.8 إلى 3.2 تريليون دولار

أصول المصرفية الإسلامية تتضاعف بحلول عام 2020
TT

أصول المصرفية الإسلامية تتضاعف بحلول عام 2020

أصول المصرفية الإسلامية تتضاعف بحلول عام 2020

توقع تقرير صادر عن «تومسون رويترز» والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب التابع للبنك الإسلامي للتنمية نمو أصول المصرفية الإسلامية بنسبة تصل إلى مائة في المائة بحلول 2020، وسترتفع أصول الصيرفة الإسلامية على مستوى العالم، والمقدرة في نهاية عام 2014 بنحو 1.8 تريليون دولار، ومن المتوقع تضاعف هذا الرقم تقريبًا بحلول عام 2020 ليصل إلى 3.2 تريليون دولار.
في غضون ذلك، وتمهيدًا لانعقاد المؤتمر العالمي للمصارف الإسلامية 2015، تنطلق في الأول من ديسمبر (كانون الأول) المقبل حلقة نقاش بعنوان «اقتناص فرص النمو في الأسواق الناشئة للتمويل الإسلامي».
وتهدف حلقة النقاش إلى تسليط الضوء على فرص الاستثمار في الأسواق الناشئة للتمويل الإسلامي التي تتميز بمعدلات نمو مرتفعة وتشمل مناطق رئيسية، منها آسيا الوسطى وشمال أفريقيا والأميركتان، ويشارك في حلقة النقاش مسؤولون رفيعو المستوى، يمثلون بعض الأسواق الناشئة للتمويل الإسلامي، مثل نورلان كوسيانوف، نائب محافظ «بنك كازاخستان الوطني»، وجانيت ل. إيكر رئيسة مجلس إدارة والرئيسة التنفيذية لتحالف «تورنتو» للخدمات المالية، وفادي الفقيه الرئيس التنفيذي لبنك الخرطوم، وعدد من ممثلي الحكومات والشركات.
وكشفت أمس «تومسون رويترز»، المزود العالمي للمعلومات الذكية للشركات والمحترفين، والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، التابع لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية، عن سلسلة من التقارير الرائدة المزمع إطلاقها خلال حلقة نقاش متخصصة، ويقام المؤتمر العالمي للمصارف الإسلامية 2015 تحت رعاية الأمير خليفة بن سلمان بن حمد آل خليفة، رئيس وزراء البحرين.
ووفقا لبيانات مؤشر التنمية المالية الإسلامية الصادر عن «تومسون رويترز» والمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص، وفي ظل النمو المستمر لتقبل التمويل الإسلامي على مستوى العالم، فإن كثيرا من الدول غير الإسلامية بدأت بإطلاق مبادرات للتمويل الإسلامي، من خلال إدخال أنظمة التمويل الإسلامي لأول مرة، ومساعدة مؤسسات التمويل الإسلامية على بدء نشاطها، ومن ثم الاستفادة من أسواق المال الإسلامية من خلال إصدار الصكوك السيادية.
ووفق هذه التقارير، تعد كندا التي يصنف نظامها المصرفي ضمن الأكثر فعالية والأكثر أمانًا في العالم، واحدة من الدول التي تسعى إلى التحول لمركز إقليمي للتمويل الإسلامي في أميركا الشمالية، بينما تأتي المنافسة على استقطاب مؤسسات التمويل الإسلامي ضمن أميركا الشمالية من الولايات المتحدة، في حين تتبنى كازاخستان - حاليًا - نظام التمويل الإسلامي ضمن جهودها الرامية إلى تنويع اقتصاد البلاد القائم على عائدات النفط، خصوصا في ظل الانخفاض الحاد بأسعار النفط الخام، كما تخطط لتصبح أستانا، ثاني أكبر مدينة في البلاد، مركزًا ماليًا دوليًا على طريق الحرير الجديد، ومركزًا إقليميًا للتمويل الإسلامي.
وفي عام 2009 أصبحت كازاخستان أول بلد في رابطة الدول المستقلة وآسيا الوسطى يطبق تشريعات للخدمات المصرفية الإسلامية، ويضع الأساس القانوني لتطوير هذه الصناعة، إلا أن قطاع التمويل الإسلامي في البلاد ما زال في مراحله الأولى، حيث بلغ إجمالي قيمة أصوله 75 مليون دولار بنهاية عام 2014، كما أنه لا يوجد في كازاخستان سوى بنك إسلامي متكامل واحد فقط، إلا أن كازاخستان وبحسب تقارير المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب وضعت خريطة طريق لتطوير التمويل الإسلامي حتى عام 2020 تحدد تطوير وتطبيق التمويل الإسلامي في الجمهورية، الأمر الذي يهيئ الظروف لتوسع أنشطة التمويل الإسلامي، ويتوقع وفق الخطة أن تنمو الأصول المصرفية الإسلامية لتصل إلى 5 في المائة من إجمالي الأصول المصرفية على المدى القصير والمتوسط.
وبحسب تقارير «تومسون رويترز» والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، يوجد في السودان حاليًا 34 مصرفًا إسلاميًا و16 مزودًا لخدمات التكافل، جميعها تعمل في ظل نظام مالي إسلامي بالكامل، إلا أن السودان لا يزال يواجه نقصًا في عدد المؤسسات المالية، في ظل تركز أغلبها في العاصمة الخرطوم، ويتمتع السودان بسوق محلية للصكوك نشطة نسبيًا، وتمثل 60.4 في المائة من الصكوك المتداولة في أفريقيا.



"جونز هوبكنز أرامكو" يعزز الاستثمارات الأميركية والرعاية الصحية السعودية

مركز جونز هوبكنز أرامكو الطبي (الشرق الأوسط)
مركز جونز هوبكنز أرامكو الطبي (الشرق الأوسط)
TT

"جونز هوبكنز أرامكو" يعزز الاستثمارات الأميركية والرعاية الصحية السعودية

مركز جونز هوبكنز أرامكو الطبي (الشرق الأوسط)
مركز جونز هوبكنز أرامكو الطبي (الشرق الأوسط)

في قلب مدينة الظهرن شرق السعودية، حيث تتقاطع الاستثمارات الأجنبية، وخاصة الخبرة الأميركية المتقدمة مع "رؤية 2030"، يبرز مركز «جونز هوبكنز أرامكو الطبي» نموذجا متقدما للرعاية الصحية المتكاملة.

يجمع المركز بين الإرث الطبي الطويل لـ«أرامكو السعودية»، وخبرة عالمية في الابتكار السريري، والتعليم الطبي، ليعيد تعريف معايير الرعاية الصحية، ويضع المنطقة الشرقية في السعودية على خريطة الوجهات الإقليمية، والعالمية للرعاية الطبية المتقدمة.

يعد المركز أحد أبرز مزوّدي خدمات الرعاية الصحية في البلاد، وتأسس في عام 2014 بشراكة بين «أرامكو السعودية» و«جونز هوبكنز الطبية».

يعتمد المركز على الجمع بين الإمكانات المحلية، وخبرة «جونز هوبكنز الطبية»، عبر نماذج رعاية مبتكرة تشمل الطب عن بُعد، والرعاية المنزلية، والتشخيص المدعوم بالذكاء الاصطناعي، لتقديم خدمات صحية شاملة تلبي احتياجات كل مريض على حدة.

كما يركز على تطوير الطب الدقيق، وتعزيز الابتكار في الرعاية الصحية الرقمية، وتأهيل كوادر وطنية متمكّنة لضمان استدامة التحول الصحي في المملكة.

نقل التقنيات الطبية

في قلب هذه الاستراتيجية، أكدت الدكتورة نفيسة الفارس، مديرة مركز طب الأورام في «مركز جونز هوبكنز أرامكو الطبي»، أن المركز يسهم في رفع مستوى المنافسة داخل القطاع الصحي، ويجعل المنطقة الشرقية وجهة للرعاية الطبية ليست فقط للمرضى المحليين، بل أيضاً للزوار من دول الخليج القريبة، وهو ما يعود بالفائدة على سوق العمل المحلية.

وقالت مديرة طب الأورام لـ«الشرق الأوسط» إن المركز يضم حالياً نخبة سعودية من الأطباء، والممرضين، والإداريين في مختلف المستويات، مع التركيز على جذب المزيد من الكفاءات الوطنية، وتدريبها، بما يعزز التوطين، ويتيح نقل أفضل المعارف، والخبرات، والتقنيات الطبية العالمية إلى السعودية، ما يرفع مستوى سوق العمل في القطاع الطبي.

قسم الطب المهني في المركز يعمل بشكل وثيق مع المجلس الوطني للسلامة والصحة المهنية التابع لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودية، والسبب أرجعته الدكتورة نفيسة الفارس إلى "تطبيق قرار إلزام الشركات بفحص السلامة المهنية".

وبفضل خبرة المركز التي تتجاوز 50 عاماً في الطب المهني، فإنه يسهم في تطوير أسس الصحة، والسلامة المهنية محلياً، مما يقلل الخسائر الناتجة عن الإصابات، والأمراض المهنية، ويزيد العائد على الاستثمار في الرعاية الصحية للشركات، كما يدعم بناء قوى عاملة أكثر صحة واستدامة بما يخدم أهداف التنمية طويلة الأمد في المملكة. وفيما يخص الابتكار الطبي، والبحث العلمي.

دعم السياحة العلاجية

لا يقتصر دور المركز على تقديم الرعاية الصحية وحسب، بل يسعى لتعزيز البحث العملي، ونقل المعرفة، والتجارب الطبية إلى السعودية، بالتعاون مع القطاعات الحكومية، والخاصة، مستلهماً نموذج مستشفى جونز هوبكنز في الولايات المتحدة الذي نشأ من رحم جامعة جونز هوبكنز العريقة.

تؤكد الدكتورة نفيسة الفارس أن السعودية تمتلك بيئة خصبة للتميز في مجالات البحث العلمي، والابتكار الطبي، ما يجعلها وجهة مهمة للباحثين، والمستثمرين الصحيين. وأيضاً الباحثين عن دور المركز في دعم السياحة العلاجية.

وتلفت المسؤولة في المركز إلى أن افتتاح سلسلة «مراكز التميز» ضمن تخصصات طبية متنوعة، بدءاً بمركز طب الأورام، يمنح المنطقة الشرقية ميزة تنافسية في تقديم رعاية صحية عالمية المستوى تجذب المرضى من داخل السعودية، ودول الخليج، والعالم، دون الحاجة للسفر إلى الخارج.

وتابعت أن العائد الاقتصادي المباشر من هذه الخطوة لا يزال مبكراً لتقييمه، لكنها تعد بداية لمراحل أكبر تهدف إلى تعزيز مكانة السعودية لتكون وجهة مثالية للسياحة العلاجية عالية المستوى.

وتؤمن الدكتورة نفيسة الفارس على أن افتتاح المركز يسهم في تحقيق أهداف "رؤية 2030" من خلال توطين الرعاية الصحية، وتمكين المرضى، وبناء نظام مستدام للأجيال المقبلة.

وسلطت مديرة مركز طب الأورام بالمركز على دعم برنامج تحول القطاع الصحي عبر زيادة الطاقة الاستيعابية، وتطوير الكفاءات المحلية، ويقدم منصة تعليم وتدريب متقدمة لتأهيل الجيل القادم من المتخصصين السعوديين، بما يضمن حماية القوى العاملة، ورفع إنتاجيتها، ويعزز النمو الاقتصادي المستدام.


نائب رئيس الغرفة التجارية الأميركية: زيارة ولي العهد تدفع الشراكة لمستويات غير مسبوقة

ستيف لوتس
ستيف لوتس
TT

نائب رئيس الغرفة التجارية الأميركية: زيارة ولي العهد تدفع الشراكة لمستويات غير مسبوقة

ستيف لوتس
ستيف لوتس

لا يتحدث ستيف لوتس بصفته دبلوماسياً أو مسؤولاً كبيراً بالغرفة التجارية الأميركية، بل بصفته رجل أعمال يرى فرصاً تاريخية مهمة في زيارة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، إلى واشنطن، ولا يعدّها حدثاً عابراً أو زيارة بروتوكولية، بل محطة مهمة في مسار تعاون أوثق وفرص استثمارية أكبر، مؤكداً أن السعودية ليست سوقاً نائية، «بل شريك استراتيجي عالمي في مجال الذكاء الاصطناعي والسياحة والطاقة النظيفة والفضاء».

يؤكد لوتس، وهو نائب رئيس غرفة التجارة الأميركية لشؤون الشرق الأوسط، أن زيارة ولي العهد محرك رئيسي للأعمال، يجمع بين طموحات «رؤية 2030» السعودية ونتائج مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار». وشدد على أن الهدف هو الارتقاء بالعلاقة الاقتصادية الثنائية إلى مستويات غير مسبوقة، مع تركيز خاص على قطاعات الذكاء الاصطناعي، والسياحة، والطاقة المتجددة، والفضاء.

تسريع عمل مجتمع الأعمال

يصف لوتس زيارة ولي العهد بأنها «مرحلة متقدمة في مسار تعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين، تُكمل ما بدأ في زيارة الرئيس دونالد ترمب إلى الرياض». ويؤكد أن مثل هذه الزيارات الكبرى «تُركز انتباه مجتمع الأعمال الأميركي والسعودي على المشروعات، والاستثمارات، والشراكات الجديدة»، وهي بذلك «تبلور التركيز، ثم تحفّز وتُسرّع عمل مجتمع الأعمال للمتابعة والتنفيذ وبناء الشراكات على مدار العام».

وأشار لوتس إلى أن توسيع وتنويع العلاقة بدأ فعلياً مع إطلاق «رؤية 2030» في أبريل (نيسان) 2016، حيث «انفجر اهتمام الشركات الأميركية؛ لأنها رأت فرصاً في كل القطاعات». وشدد على أن غرفة التجارة الأميركية تدعم الزيارة بقوة، مشيراً إلى أن عشرات الشركات الأعضاء تشارك بنشاط في «منتدى الاستثمار الأميركي - السعودي» الذي يقام في «مركز كيندي»، مؤكداً أن مهمة «الغرفة» هي تعزيز الشراكة الاستراتيجية «يومياً».

الذكاء الاصطناعي «شراكة مثالية»

بشأن القطاعات الأعلى جذباً للمستثمرين الأميركيين، أكد لوتس أن الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي يحتلان صدارة الاهتمام، واصفاً هذا التعاون بأنه «شراكة مثالية». ويوضح أن هذه الشراكة هي بين «الولايات المتحدة التي تجلب أفضل التكنولوجيا والابتكار في العالم، والسعودية التي تجلب رأس المال، والمواهب، والطاقة لتشغيل مراكز البيانات»، مؤكداً أن هذا يصب في تحقيق «رؤية 2030» لتكون المملكة «جزءاً من البنية التحتية العالمية للذكاء الاصطناعي وقائدة فيه».

ويأتي قطاع السياحة في مقدمة القطاعات التي تجذب الاهتمام، مشيراً إلى التوسع الهائل لفنادق عالمية مثل «هيلتون» و«ماريوت». كما أشار لوتس إلى أن «قطاع الطاقة ليس النفطَ التقليدي فقط، بل الطاقة المتجددة، وتقليل الانبعاثات، بالإضافة إلى اقتصاد الفضاء الذي أصبح يجذب مزيداً من الاهتمام من (ناسا) والشركات الخاصة»، مؤكداً: «نحن نصل إلى السماء عندما نتحدث عن هذه الشراكة».

عناصر نجاح المستثمر الأميركي في المملكة

قدم لوتس خريطة طريق واضحة وبسيطة لأي شركة أميركية ترغب في دخول السوق السعودية، مشيراً إلى 3 أسباب تجعل السوق السعودية أعلى تنافسية من بقية دول المنطقة: «سوق ضخمة، وعدد سكان كبير وقدرة شرائية عالية، والتزام يومي نابع من تنفيذ رؤية واضحة لقيادة ملتزمة، وهو ما يلهم الشركات».

وقدم لوتس 3 عناصر مفتاحية لنصيحته للمستثمرين الأميركيين: «فكّر بعمق؛ وكن شريكاً لعقود؛ وكن موجوداً بنفسك».

واختتم لوتس حديثه بتأكيد «التفاؤل الكبير لدى الشركات الأميركية بعائد الاستثمار؛ لأن السوق السعودية كبيرة، وغنية، وترى الولايات المتحدة المملكة شريكاً مفضلاً»، حيث «يمنح تاريخ التعاون التجاري الثقة، فيما تُلهم (رؤية 2030) الشركات بصفتها طموحاً وواضحة».


الذكاء الاصطناعي يعزز «العصر الذهبي» للشراكة التقنية بين الرياض وواشنطن

الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء والرئيس الأميركي دونالد ترمب في منتدى الاستثمار السعودي الأميركي بالرياض (منتدى الاستثمار)
الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء والرئيس الأميركي دونالد ترمب في منتدى الاستثمار السعودي الأميركي بالرياض (منتدى الاستثمار)
TT

الذكاء الاصطناعي يعزز «العصر الذهبي» للشراكة التقنية بين الرياض وواشنطن

الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء والرئيس الأميركي دونالد ترمب في منتدى الاستثمار السعودي الأميركي بالرياض (منتدى الاستثمار)
الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء والرئيس الأميركي دونالد ترمب في منتدى الاستثمار السعودي الأميركي بالرياض (منتدى الاستثمار)

تستعد السعودية والولايات المتحدة لمرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي، يتصدرها الذكاء الاصطناعي والتقنيات التحويلية، في وقت يشهد فيه العالم سباقاً محموماً نحو بناء اقتصادات رقمية قائمة على المعرفة والابتكار. وبالتزامن مع زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي لواشنطن، وما تخللها من زخم رفيع المستوى كان البيت الأبيض قد وصفه سابقاً بـ«العصر الذهبي»، تتأكد قوة الشراكة التقنية بين البلدين.

فخلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى السعودية، في مايو (أيار) الماضي، أعلنت شركات سعودية وأميركية عن حزمة من الاستثمارات الضخمة التي تجاوزت قيمتها 100 مليار دولار، توزعت بين مشاريع للبنية التحتية المتقدمة، ومراكز بيانات متخصصة، وشراكات استراتيجية في مجالات التقنية والطاقة والابتكار، تؤسس لمرحلة تحول رقمي غير مسبوقة تدعمها «رؤية 2030».

وأكد مسؤولون تنفيذيون في شركات ذكاء اصطناعي كبرى لـ«الشرق الأوسط» أن السعودية باتت واحدة من أكثر الأسواق نمواً وجاذبية للاستثمارات التقنية، مشيرين إلى توسّع الشراكات بين الجانبين في مجالات الذكاء الاصطناعي والحوسبة المتقدمة والأمن السيبراني، بدعم من «رؤية 2030»، وتطوير البيئة التنظيمية والبنية الرقمية في المملكة.

استثمارات عابرة للقارات

انعكس توسُّع الأجندة التقنية للمملكة على المستوى العالمي، حيث كشفت شركة «داتا فولت» السعودية عن خططها لاستثمار 20 مليار دولار لإنشاء مراكز بيانات متخصصة بالذكاء الاصطناعي والبنية التحتية للطاقة في الولايات المتحدة. تأتي هذه الخطوة ضمن توجُّه المملكة لتوسيع حضورها الاستثماري في قطاع التقنية العالمي وتعزيز التعاون مع الشركات الأميركية الرائدة، في نموذج للشراكة المتبادلة.

وفي المقابل، عزَّزَت شركات التكنولوجيا الأميركية التزامها تجاه السوق السعودية؛ حيث أعلنت شركات عملاقة مثل: «غوغل» و«أوراكل» و«سيلزفورس» و«إيه إم دي» و«أوبر»، عن التزامها باستثمارات مشتركة تصل إلى 80 مليار دولار، لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي في البلدين، بهدف تعزيز الابتكار وتمكين الاقتصاد القائم على المعرفة.

صورة تجمع رؤساء كبرى الشركات من الجانبين السعودي والأميركي مع الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء والرئيس الأميركي دونالد ترمب في الرياض (منتدى الاستثمار)

ويُتوقع أن تغير موجة الاستثمارات الأخيرة خريطة الشراكات، خصوصاً أن الاستثمارات الأميركية في قطاع الذكاء الاصطناعي داخل المملكة لم تكن تتجاوز 3.9 مليار دولار قبل هذا الزخم الأخير. ومن المتوقّع أن تُضيف مبادرة تعزيز التعاون بين صندوق الاستثمارات العامة و«غوغل كلاود» نحو 70.6 مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي السعودي خلال السنوات المقبلة، بحسب تقديرات أولية أجرتها «غوغل كلاود»، من خلال شركة «أكسس بارتنرشيب» الاستشارية المتخصصة في مجال سياسات التقنية.

«هيوماين» و«إنفيديا»: تأسيس لمركز حوسبة إقليمي

كانت هناك نقطة تحول لافتة بعد إطلاق شركة «هيوماين» التي تهدف إلى بناء بنية تحتية ضخمة للحوسبة المتقدمة والذكاء الاصطناعي داخل المملكة، بالتعاون مع شركات أميركية رائدة. كذلك، أعلنت «هيوماين» عن تعاون استراتيجي مع شركة «إنفيديا» لتطوير مراكز بيانات ضخمة ومنصات متعددة الوكلاء للذكاء الاصطناعي، ما يجعل المملكة أحد أبرز مراكز الحوسبة المتقدمة في المنطقة.

الرئيس التنفيذي لـ«نفيديا» جينسن هوانغ والرئيس التنفيذي لـ«هيوماين» طارق أمين في منتدى الاستثمار السعودي الأميركي (منتدى الاستثمار)

وقال طارق أمين، الرئيس التنفيذي لشركة «هيوماين»، خلال مشاركته في مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» بالرياض، إن إحدى الشركات العالمية الموردة لرقائق الذكاء الاصطناعي تدرس الاستثمار في الشركة، دون الكشف عن اسمها.

وتستورد «هيوماين» الرقائق من شركة «إنفيديا»، و«إيه إم دي»، و«كوالكوم»، «وغروك»، لتشغيل منصاتها ومراكز بياناتها المتطورة.

تعميق التعاون

في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، قال نائب الرئيس الإقليمي لعملاق التكنولوجيا الأميركي «آي بي إم» في السعودية، أيمن الراشد، إن مشهد الشراكة التكنولوجية بين الولايات المتحدة والمملكة يدخل مرحلة جديدة تتسم بتعميق التعاون والالتزام المشترك.

وأوضح الراشد أن «آي بي إم» عززت وجودها في المملكة عبر تأسيس مقرها الإقليمي في الرياض، وإطلاق مركز متقدم للأمن السيبراني، واستثمرت أكثر من 200 مليون دولار في مختبر لتطوير البرمجيات يركز على تنمية المواهب وحلول الذكاء الاصطناعي المتقدمة ومنصات البيانات والذكاء الاصطناعي المتقدمة، والحلول الجاهزة للتصدير.

وأشار الراشد إلى أن تعاون الشركة مع الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا» لاستضافة نموذج اللغة العربية الكبير «عَلَّام»، على منصة «آي بي إم واتسون إكس»، يعكس قدرة هذه الشراكات على تطوير حلول ذكاء اصطناعي متطورة مُصممة خصيصاً لتلبية الاحتياجات المحلية، مما يُمكّن السعودية من قيادة التقدم التكنولوجي الإقليمي. وتوقع الراشد أن النمو السريع للسوق السعودية، المدعوم بالاستثمارات الضخمة وأجندة الابتكار الوطنية الطموحة، سيخلق فرصاً واسعة لتعميق التعاون التقني الأميركي - السعودي.

طلب متزايد

أكد زيد غطاس، المدير العام لشركة «إيه إم دي» في الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، لـ«الشرق الأوسط» أن الشراكة التقنية بين السعودية والولايات المتحدة تشهد نمواً نوعياً يقوده «الطلب المتزايد على الحوسبة المتقدمة والذكاء الاصطناعي». وأفاد غطاس بأن «إيه إم دي» تساهم في دعم مشاريع المملكة الاستراتيجية عبر تقنيات الحوسبة عالية الأداء وتطوير مراكز البيانات.

وأشار إلى أن السنوات الخمس المقبلة ستشهد توسعاً أكبر في التعاون، خصوصاً مع برامج مثل «صُنِع في السعودية» التي تعزز توطين التقنيات، لافتاً إلى تعاون الشركة مع «هيوليت باكارد إنتربرايز» و«الفنار» لتصنيع خوادم تعمل بمعالجات «إيه إم دي» محلياً في الرياض.

مهندسون في أحد مراكز البيانات (رويترز)

وأكد غطاس أن الاستثمار السعودي الكبير في البنية الرقمية والمواهب يجعل المملكة من أكثر الأسواق جاذبية عالمياً، مع توقعات بارتفاع مساهمة الذكاء الاصطناعي إلى أكثر من 135 مليار دولار في الناتج المحلي بحلول 2030.

مقرات إقليمية

أما الرئيس التنفيذي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة «غلوبانت»، ممدوح الدبيان، فقال لـ«الشرق الأوسط» إن السعودية أصبحت من أهم أسواق التكنولوجيا في المنطقة، مدفوعة بنمو سنوي متوقَّع يصل إلى 9 في المائة في خدمات تقنية المعلومات حتى عام 2027.

وأوضح أن «رؤية 2030» أسهمت في خلق بيئة أعمال جاذبة دفعت الشركات العالمية لافتتاح مقرات إقليمية في الرياض، ومنها «غلوبانت» التي تركز على تقديم حلول الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية والبيانات.

وأضاف أن السوق السعودية تشهد طلباً متزايداً على الحلول الرقمية المتقدمة، مدعوماً بتشريعات مرنة، ومبادرات حكومية في المدن الذكية، ووجود كفاءات وطنية مؤهلة، ما يجعل المملكة وجهة مثالية للشركات التقنية العالمية.

أخيراً، يأتي هذا الحراك في وقت تمضي فيه السعودية قدماً نحو تحقيق مستهدفات «رؤية 2030»، التي تضع التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي في صميم استراتيجيتها لتنويع الاقتصاد، فيما تطرح الولايات المتحدة مشروع «ستارغيت» بوصفه أحد أضخم مشاريع البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في العالم.