اجتماع الرياض يعمل على رفع سقف حجم التبادل التجاري إلى 50 مليار دولار

السعودية تمد جسرًا جديدًا من التعاون الاقتصادي وإنشاء شركة قطاع خاص مشتركة للنقل البحري

مقر انعقاد اجتماعات القمة العربية ــ اللاتينية في الرياض ({الشرق الأوسط})
مقر انعقاد اجتماعات القمة العربية ــ اللاتينية في الرياض ({الشرق الأوسط})
TT

اجتماع الرياض يعمل على رفع سقف حجم التبادل التجاري إلى 50 مليار دولار

مقر انعقاد اجتماعات القمة العربية ــ اللاتينية في الرياض ({الشرق الأوسط})
مقر انعقاد اجتماعات القمة العربية ــ اللاتينية في الرياض ({الشرق الأوسط})

تحت سقف مجلس الغرف السعودية، التقى رجال الأعمال ومسؤولو المال والاقتصاد في الدول العربية، ودول أميركا الجنوبية يوم أمس، ليرسموا بذلك جسرًا جديدًا من التعاون الاقتصادي المشترك، وهو التعاون الذي من المتوقع أن يقفز بسقف حجم التبادل التجاري بينها، إلى نحو 50 مليار دولار مع نهاية العام 2020.
وأبدى مشاركون في الملتقى، أمس، ثقتهم في قدرة الاقتصاد السعودي على تجاوز مرحلة انخفاض أسعار النفط، مؤكدين أن انخفاض الأسعار الحالي لن ينعكس على حجم التبادلات التجارية بين السعودية والدول العربية، أو دول أميركا الجنوبية، موضحين أن السعودية تعتبر بيئة جاذبة للاستثمار.
ويأتي هذا اللقاء الحيوي، في وقت بلغ فيه حجم التبادل التجاري بين الدول العربية ودول أميركا الجنوبية مع نهاية عام 2014 30 مليار دولار، بعد أن كان نحو 6 مليارات دولار عام 2005، جاء ذلك عند انطلاق أول قمة عربية مع دول أميركا الجنوبية في البرازيل.
وفي شأن ذي صلة، أوصى المنتدى الرابع لرجال الأعمال للدول العربية ودول أميركا الجنوبية الذي استضافه مجلس الغرف السعودية، أمس الأحد، بإنشاء شركة قطاع خاص مشتركة للنقل البحري، وإنشاء شركة أخرى للخدمات اللوجستية، وذلك بين الدول العربية ودول أميركا الجنوبية.
وحث المنتدى في ختام جلساته على زيادة الرحلات الجوية المباشرة بين الدول العربية وأميركا الجنوبية، وتسهيل منح تأشيرات الدخول للسياحة والأعمال، كما دعا إلى تعزيز مستوى التمثيل التجاري المتبادل بين المنطقتين وتشجيع إنشاء مجالس أعمال ثنائية في دول المنطقتين.
وحث البيان الختامي للمنتدى، الدول العربية ودول أميركا الجنوبية على ضرورة الإسراع في تحرير التجارة، وتهيئة البيئة الملائمة لتشجيع وضمان الاستثمارات تفاديا للازدواج الضريبي، لما لهذه الخطوة من آثار إيجابية في تنمية التجارة والاستثمار بين المنطقتين، مكلفًا الأمانة العامة وتحديدًا قطاع الشؤون الاقتصادية بجامعة الدول العربية بالتنسيق مع الجهات المنظمة للمنتدى لمتابعة تنفيذ تلك التوصيات.
ورحب المنتدى في ذات الوقت بدراسات الجدوى الاقتصادية المبدئية التي أعدتها الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري بشأن إنشاء شركة قطاع خاص مشتركة للنقل البحري بين الدول العربية ودول أميركا الجنوبية، وكذلك إنشاء شركة قطاع خاص مشتركة للخدمات اللوجستية بين الدول العربية ودول أميركا الجنوبية، حيث أكد المشاركون أن إقامة مثل هذه المنتديات ستدعم العلاقات الاقتصادية والتجارية بين أصحاب الأعمال في المنطقتين بتنظيم لقاءات ثنائية بين أصحاب الأعمال في المجالات ذات الاهتمام المشترك، واستكشاف الفرص الاستثمارية، وعقد اتفاقيات تجارية من شأنها تعزيز التجارة والاستثمار في المنطقتين.
وتأتي هذه التوصيات بعد أن ناقش لقاء الأمس، من خلال 4 جلسات مركزة، عدة ملفات تتصدر اهتمامات رجال أعمال الدول المشاركة، حيث تطرقت جلسة العمل الأولى وهي جلسة حوارية وزارية مفتوحة، إلى استراتيجيات التعاون والتكامل بين الدول العربية ودول أميركا الجنوبية في الأنشطة الاقتصادية المختلفة، خاصة مجالات التجارة والصناعة والنقل والسياحة.
فيما ناقشت الجلسة الثانية، دور النقل البحري والخدمات اللوجستية من خلال استعراض الصعوبات والمقترحات الرامية للنهوض بهذا المجال، حيث جرى استعراض تجربة الشركة العربية المتحدة للملاحة في نقل التجارة بحرا بين الدول العربية ودول أميركا الجنوبية، ومناقشة دراسة جدوى إنشاء شركة مشتركة للخدمات اللوجستية بين الجانبين، بالإضافة إلى دراسة جدوى إنشاء شركة مشتركة للنقل البحري بين الطرفين.
في حين تناولت الجلسة الثالثة واقع السياحة والخدمات المالية لدى الجانبين، وذلك باستعراض أهم الفرص الاستثمارية المشتركة في قطاع السياحة والخدمات المالية، إلى جانب الاطلاع على تجارب صناديق الاستثمار في الدول العربية ودول أميركا الجنوبية كأداة لتنشيط الخدمات المالية المشتركة.
أما الجلسة الرابعة من الملتقى المنعقد في الرياض، أمس، فبحثت التجارب الناجحة في مجال المشروعات المشتركة، بالإضافة إلى مناقشة التشريعات والإجراءات وحرية التنقل بين الدول العربية ودول أميركا الجنوبية لدعم منظومة التجارة.
ويستهدف الملتقى تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدان العربية وأميركا الجنوبية، والترويج للفرص الاستثمارية المشتركة بين الجانبين، حيث يشكل المنتدى فرصة لإطلاع مجتمع الأعمال العربي والأميركي الجنوبي على ملامح التطور الاقتصادي في كل جانب، والمشروعات الكبيرة التي تنفذ فيه، بالإضافة إلى شرح وتوضيح أنشطة مجتمعات الأعمال العربية والأميركية الجنوبية، ومواكبتها للسياسات الاقتصادية العالمية ودور مؤسسات القطاعين العام والخاص التكاملي في دعم الاقتصاد لكل جانب.
وفي هذا الشأن، ثمّن محمد شاهين الرئيس المؤسس لمجلس العمل والاستثمار اللبناني بالسعودية، إقامة مثل هذه المنتديات ودورها في تعزيز العمل المشترك بين الدول العربية، والدول العربية مع المجموعات الدولية الأخرى كدول أميركا الجنوبية، مؤكدًا أهمية المنتدى في تشجيع العلاقات التجارية، وفتح آفاق جديد للتبادل التجاري، للاستفادة منها في تقوية اقتصاد الدول، وتوفير فرص العمل للشباب.
ونوه شاهين باستضافة السعودية لهذا اللقاء الذي يأتي في إطار فعاليات قمة الدول العربية مع دول أميركا الجنوبية، ودورها في دعم العلاقات بين الدول العربية والدول الإسلامية مع دول العالم، وذلك لتشجيع العلاقات الإنسانية والاقتصادية والتجارية. وقال شاهين «السعودية تشجع الاستثمار الخارجي والأجنبي، وتقدم التسهيلات كافة للمستثمرين»، مشيرًا إلى أن السعودية تعد بيئة جاذبة للاستثمار لما تتمتع به من اقتصاد قوي وبنية تحتية محفزة للمستثمرين.
وأوضح شاهين أن مشاركة الوفد اللبناني جاءت بغية تبادل الأفكار، والاطلاع على المستجدات الاقتصادية والتجارية على الساحتين العربية والدولية، مبديًا ثقته في أن انخفاض أسعار البترول - حاليًا - لن يؤثر في حجم الاستثمارات ولا التجارة الخارجية للسعودية، وذلك بفضل الخطط التي تضعها حكومة خادم الحرمين الشريفين، التي تعودت على استيعاب الأزمات وحلها.
إلى ذلك، توقع الدكتور خالد اليحيى الخبير الاقتصادي والمالي أن يصل حجم التبادل التجاري بين الدول العربية ودول أميركا الجنوبية إلى نحو 50 مليار دولار، مع نهاية العام 2020. وقال لـ«الشرق الأوسط» أمس «بحسب نمو حجم التبادل التجاري بين الدول العربية ودول أميركا الجنوبية، فإن الرقم مرشح للتحسن، خصوصًا أن قمة الرياض ستكون أكثر تركيزًا على المشهد الاقتصادي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».