المبعوث الياباني للسلام: العالم مسؤول عن إعادة الشرعية لليمن وإنجاح الحل السياسي بسوريا

قال لـ {الشرق الأوسط} إن الرياض من أهم شركاء طوكيو لبسط السلام والأمن الدوليين

المبعوث الياباني للسلام: العالم مسؤول عن إعادة الشرعية لليمن وإنجاح الحل السياسي بسوريا
TT

المبعوث الياباني للسلام: العالم مسؤول عن إعادة الشرعية لليمن وإنجاح الحل السياسي بسوريا

المبعوث الياباني للسلام: العالم مسؤول عن إعادة الشرعية لليمن وإنجاح الحل السياسي بسوريا

قال ماساهارو كوهنو المبعوث الياباني للسلام لـ«الشرق الأوسط»، إن دول العالم معنية ببسط السلام والأمن في منطقة الشرق الأوسط، ومسؤولة عن إعادة الشرعية باليمن وإنجاح الحل السياسي بسوريا، مشيرا إلى أن الرياض من أهم شركاء طوكيو على صعيد العلاقات الثنائية خاصة، وعلى مسألة بسط السلام والأمن الدوليين عامة، متطلعا لشراكة كاملة بين البلدين.
وأضاف كوهنو أن بلاده تقف بقوة خلف السعودية وأعوانها في قوات التحالف، بهدف إعادة الشرعية في اليمن، واستعادة الأمن والاستقرار فيه، مشددا على أهمية تحريك مجموعة واسعة من الدول لدعم ورعاية عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط باستمرار. وفي السياق نفسه، أكد المبعوث الياباني للسلام، أن منطقة الشرق الأوسط، تواجهها صعوبات غير مسبوقة، تتمثل في انتشار التطرف الذي يتحدى النظام الدولي الحالي، في وقت تواجه فيه عملية السلام بالشرق الأوسط ركودا، والأزمة السورية ما زالت مستمرة، على حد تعبيره.
ونوه كوهنو إلى أن رؤية بلاده تجاه الأزمة السورية، ترتكز على الحل السياسي، المعتمد على بيان جنيف 2012، الذي يحدد عملية انتقالية بقيادة سوريا، مبينا أن ذلك يمثل أساس العملية السياسية..
المزيد من التفاصيل خلال الحوار الذي أجرته «الشرق الأوسط» مع المبعوث الياباني للسلام إبان زيارته الأخيرة للرياض.
* ما طبيعة زيارتكم للسعودية وماذا عن مباحثاتكم في الرياض؟
- منذ أن عُينت في المنصب الحالي كممثل لحكومة اليابان ومبعوث خاص للسلام بالشرق الأوسط، زرت الكثير من دول الشرق الأوسط، ومن دواعي سروري أن أزور السعودية، حيث إنها من القوى الكبرى ومن أهم شركاء اليابان بالمنطقة على صعيد العلاقات الثنائية خاصة، وعلى مسألة بسط السلام والأمن الدوليين عامة، وأملي تكريس زيارتي القصيرة للسعودية، للمساهمة في التأكيد على عمق علاقات الصداقة والتعاون المشتركة بين الرياض وطوكيو، وبطبيعة الحال اشتملت مباحثاتي تبادل وجهات النظر مع كبار مسؤولي الحكومة السعودية حول القضايا المهمة التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط، بما فيها عملية السلام بالشرق الأوسط والأزمة السورية، وأعتقد أن هذه الزيارة ستؤدي إلى مزيد من تعزيز الشراكة الكاملة بين اليابان والسعودية، كما أُعلن في البيان المشترك الذي صرح به رئيس الوزراء شينزو آبي أثناء زيارته للسعودية، عام 2013.
* ما وجهة النظر اليابانية نحو ما تواجهه منطقة الشرق الأوسط من اضطرابات سياسية ومهددات أمنية؟
- إن منطقة الشرق الأوسط، تعد واحدة من أهم مصادر الطاقة، ومركزا لوجستيا مهما جدا للعالم، كما أنها منطقة مهمة لمنع انتشار الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل، إذ إن السلام والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط، يرتبطان بشكل مباشر باستقرار اليابان والعالم أجمع، وللأسف، يساورني قلق شديد بما تواجهه منطقة الشرق الأوسط من صعوبات غير مسبوقة مثل انتشار التطرف الذي يتحدى النظام الدولي الحالي، في وقت تواجه فيه عملية السلام بالشرق الأوسط، ركودًا والأزمة السورية ما زالت مستمرة، ورؤية رئيس الوزراء شينزو آبي، تتفهم أهمية الشرق الأوسط جيدًا، ويبقى على اتصالٍ وثيقٍ بالزعماء في المنطقة لإيجاد حلول مناسبة وعاجلة، ولذلك فإن حكومة اليابان سوف لا تدخر جهدًا في دعم دول الشرق الأوسط لاستعادة حيويتها وعودة الاستقرار بأنواعه كافة إلى منطقة الشرق الأوسط، وذلك بروح «خير الأمور أوسطها» كما صرح رئيس الوزراء من قبل، وعلى سبيل المثال، حيث وعد في شهر يناير (كانون الثاني) المنصرم أن دولة اليابان ستقدم مساعدات مجددًا بقيمة 2.5 مليار دولار في المجالات غير العسكرية، بما في ذلك المساعدات الإنسانية وتنمية البنية التحتية.
* كيف تنظرون إلى محاولة اختطاف الحوثيين للشرعية في اليمن؟
- إن اليابان تقف بقوة خلف السعودية وأعوانها من قوات التحالف، بهدف إعادة الشرعية في اليمن، واستعادة الأمن والاستقرار فيه، وكان لي في هذا الموضوع مباحثات مع كل من تركي بن محمد وكيل وزير الخارجية السعودي، والدكتور نزار مدني الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، والدكتور عبد اللطيف الزياني الأمين العام لدول مجلس التعاون الخليجي، حيث دار الحديث كثيرا حول أهمية استعادة الشرعية في اليمن، ونحن في اليابان لا نرى غير ذلك، وأقول بالفعل إن دول العالم معنية ببسط السلام والأمن في منطقة الشرق الأوسط، ومسؤولة عن إعادة الشرعية باليمن وإنجاح الحل السياسي بسوريا وفلسطين.
* ما التدابير الملموسة من قبل حكومة اليابان لترميم عملية السلام في فلسطين؟
- هنا، أعيد التأكيد على أن عملية السلام لمنطقة الشرق الأوسط، من أهم الأولويات التي يجب أن تطرح على عجل وبأهمية كبيرة من بين القضايا الأخرى في المنطقة، وحان الوقت الآن، أن نجمع حكمة المجتمع الدولي ونحث الطرفين على المضي قدمًا في عملية السلام مرة أخرى، وعند ركود العملية وتدهور الوضع الأمني في الضفة الغربية وإسرائيل، فحكومة اليابان لديها اهتمام كبير بهذه القضية على أعلى مستوى في الحكومة، وعلى سبيل المثال، زار رئيس الوزراء شينزو آبي كلاً من إسرائيل وفلسطين، وحث قيادة الطرفين على تكملة محادثة السلام في يناير، فاليابان قدمت أكثر من 1.6 مليار دولار كمساعدة للفلسطينيين منذ عام 1993. بالإضافة إلى ذلك، عززت اليابان مبادرات فريدة كمؤتمر التعاون بين دول شرق آسيا للتنمية الفلسطينية، وهو مؤتمر دولي عقد بمبادرة من قبل اليابان لدول شرق آسيا لمناقشة مساعدة فلسطين، بالاستفادة من الموارد ومعرفة وخبرة دول شرق آسيا في التنمية الاقتصادية، و«ممر للسلام والازدهار» الذي يهدف إلى بناء ثقة مشتركة بين الأطراف المعنية وتأسيس اقتصاد فلسطيني مزدهر.
* ولكن عملية السلام الفلسطينية لا تزال متعثرة.. فما إمكانية إحداث اختراق يحقق السلام؟
- أود أن أشدد على النقطتين التاليتين، أولاً من أجل عمل اختراق يحقق السلام، لا بد لنا أن نركز كثيرًا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لفلسطين، بالإضافة إلى الجهود السياسية، حيث إن تحقيق نجاح اقتصاد مستدام لفلسطين، سيتركز على أساس حل دولتين، والتنمية الاقتصادية أيضا ستؤدي إلى منع توسعة الحركات المتطرفة، وحينها سيجد الفلسطينيون أملا وليس يأسا، علاوة على ذلك أود أن أركز على الحاجة إلى الدعم من المجتمع الدولي من أجل تنمية غزة، حيث إن الأوضاع الإنسانية لا تزال صعبة، ثانيًا من أجل تعزيز عملية السلام، فإنه من المهم تحريك مجموعة واسعة من الدول بغض النظر عن الإطار القائم وإنشاء آلية ستدعم العملية باستمرار، ليجعل المجتمع الدولي بأكمله راعيًا لعملية السلام، عموما سيشهد العام المقبل، ترؤس اليابان قمة المجموعة الـ7 (G7) ومن خلالها تعتزم اليابان المساهمة بنشاط أكثر في عملية السلام للشرق الأوسط، وذلك عن طريق التعاون مع المجتمع الدولي وتقديم أفكار خلاقة.
* ما التدابير الملموسة من قبل حكومة اليابان تجاه الوضع في سوريا؟ وما رؤيتكم لحلول السياسية المطروحة حاليا؟
- فيما يتعلق بالأزمة المستمرة في سوريا، فإنني أشعر بقلق عميق بشأن تدهور الأوضاع الإنسانية وإطالة أمد الأزمة، ومن المهم، تقديم المساعدة لأكثر من 10 ملايين لاجئ سوري والأشخاص النازحين داخليًا والمجتمعات المضيفة، وفي هذا الصدد قدمت اليابان أكثر من 1.1 مليار دولار لمساعدة سوريا والدول المجاورة منذ عام 2011. وهذا الدعم لا يضم مساعدة الفترة القصيرة كالطعام والصحة العامة والصرف الصحي فحسب، بل أيضًا المساعدة في مجالات التعليم وحماية المرأة والطفل، أما فيما يتعلق بالحل السياسي، فإنني أعتقد أنه يعتمد على بيان جنيف 2012. الذي يحدد عملية انتقالية بقيادة سوريا هي أساس العملية السياسية، إذ إن البيان المشترك الذي جرى الاتفاق عليه من قبل الدول المعنية في يوم 30 أكتوبر (تشرين الأول)، يعد متناسقًا أساسيا مع بيان جنيف، وعلى كل حال فإن اليابان ستستمر في تقديم المساعدة الإنسانية جنبًا إلى جنب مع المساهمة في الحوار السياسي.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.