انطلاق الانتخابات البرلمانية في أذربيجان.. وسط مقاطعة المعارضة

حزب الرئيس علييف سيحتفظ بالأغلبية بسهولة ويتجه لتعزيز سلطته

أعضاء حزب المساواة المعارض يتظاهرون في العاصمة باكو عشية الانتخابات ضد هيمنة الحزب الحاكم على السلطة في أذربيجان (أ.ف.ب)
أعضاء حزب المساواة المعارض يتظاهرون في العاصمة باكو عشية الانتخابات ضد هيمنة الحزب الحاكم على السلطة في أذربيجان (أ.ف.ب)
TT

انطلاق الانتخابات البرلمانية في أذربيجان.. وسط مقاطعة المعارضة

أعضاء حزب المساواة المعارض يتظاهرون في العاصمة باكو عشية الانتخابات ضد هيمنة الحزب الحاكم على السلطة في أذربيجان (أ.ف.ب)
أعضاء حزب المساواة المعارض يتظاهرون في العاصمة باكو عشية الانتخابات ضد هيمنة الحزب الحاكم على السلطة في أذربيجان (أ.ف.ب)

أدلى الناخبون في أذربيجان أمس بأصواتهم في انتخابات تشريعية تقاطعها المعارضة ويفترض أن تعزز هيمنة الرئيس إلهام علييف على السلطة في هذه الجمهورية السوفياتية السابقة في القوقاز. واتهمت المعارضة ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان الحكومة بسجن الكثير من المعارضين السياسيين باتهامات مفبركة وبالحد من قدرة الأحزاب على القيام بالحملة الانتخابية.
لكن حزب علييف «أذربيجان الجديدة» الذي سيحتفظ على الأرجح بالأغلبية بسهولة على أثر هذه الانتخابات، أكد أن الانتخابات ديمقراطية. وأكد رئيس اللجنة الانتخابية المركزية مظاهر باناخوف لوكالة الصحافة الفرنسية أن «كل الشروط تضافرت لسير الاقتراع بشفافية. ودعي نحو 5.9 مليون ناخب لانتخاب 125 نائبا في البرلمان لمدة خمس سنوات. وستغلق مراكز الاقتراع أبوابها عند الساعة 15:00 بتوقيت غرينتش. وقد بلغت نسبة المشاركة بعد أربع ساعات من بدء الاقتراع 28.2 في المائة، حسب اللجنة الانتخابية. ويتنافس في هذه الانتخابات 700 مرشح من 13 حزبا وكتلة واحدة على 125 مقعدا في المجلس الوحيد للبرلمان لولاية مدتها خمس سنوات.
وقال علي موسى ساتاروف (58 عاما) أستاذ المدرسة لوكالة الصحافة الفرنسية إنه يدعم الحزب الحاكم «لأنه قادر على ضمان التنمية الاقتصادية والاستقرار للبلاد». أما ايسل حجييفا (29 عاما) التي تعمل في محل تجاري، فقد أكدت أنها «لا تثق في حزب أذربيجان الجديدة ولا الأحزاب التي تدور في فلكه وتخوض هذه الانتخابات».
وأضافت: «وضعت إشارة على كل الأسماء الواردة على اللائحة. هذا تعبير عن احتجاجي. كنت أود التصويت للمعارضة لكنها قاطعت الانتخابات». ودانت أحزاب المعارضة الكبرى بما فيها الجبهة الوطنية للقوى الديمقراطية وحزب مساواة والحزب الديمقراطي لأذربيجان الاقتراع معتبرة أنه «مهزلة»، ورفضت المشاركة فيه.
وقالت الجبهة الوطنية للقوى الديمقراطية إنها «ترفض المشاركة في هذه المهزلة الانتخابية وإضفاء الشرعية عليها»، بينما أكد حزب البديل الجمهوري المعارض أيضا أنه لن يعترف بنتائج هذا الاقتراع.
أما منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، فقد تخلت عن إرسال مراقبين دوليين إلى المكان بسبب «القيود» التي تفرضها السلطات.
وقالت المسؤولة في الجمعية البرلمانية للمنظمة إيزابيل سانتوس في بيان الثلاثاء إن «ملاحقة الحكومة الأذربيجانية الأصوات المستقلة والمنتقدة لها مضر قبل الانتخابات».
ومنذ وصول علييف إلى السلطة في 2003. لم يعترف المراقبون الدوليون بأي انتخابات جرت على أنها ديمقراطية. وكان حيدر علييف والد إلهام علييف رجل الاستخبارات السوفياتية السابق، حكم البلاد من دون انقطاع من 1969 إلى 2003.
وتقمع السلطات في هذا البلد الغني بالمحروقات كل أشكال المعارضة بينما تؤكد منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان أن الوضع في هذا المجال تراجع منذ إعادة انتخاب إلهام علييف رئيسا لولاية ثالثة في 2013. وتقول منظمة العفو الدولية إن «نحو عشرين على الأقل مسجونون حاليا لمجرد أنهم شككوا في سياسة الحكومة».
من جهتها، ذكرت منظمة هيومان رايتس ووتش أن الحكومة لجأت إلى توجيه اتهامات كاذبة بحيازة أسلحة أو مخدرات أو بتهرب ضريبي وحتى بالخيانة العظمى إلى ناشطين سياسيين وصحافيين.
ويلغار مامادوف المعارض الرئيسي للرئيس إلهام علييف الذي يقود حركة «البديل الجمهوري» المعارضة مسجون منذ 2013. كما صدرت أحكام بالسجن لمدد طويلة على الصحافية خديجة إسماعيلوفا والزوجين ليلى وعارف يونس اللذين يتمتعان بنفوذ كبير ويقومان بحملة ضد انتهاكات حقوق الإنسان. وعلى الرغم من الانتقادات الدولية تمكن علييف من البقاء في الرئاسة لولاية ثالثة على التوالي في 2013 لتستمر بذلك هيمنة أسرته منذ عقود على الحكم في هذا البلد الواقع على بحر قزوين ويضم 9.5 مليون نسمة.
ويعتبر الغرب هذا البلد المسلم أساسيا في جهوده لخفض اعتماد أوروبا على الغاز الروسي.
وتعتمد البلاد إلى حد كبير على صادرات النفط والغاز لذلك تأثرت إلى حد كبير بانخفاض الأسعار والأزمة الاقتصادية في العالم. وقد خفضت في فبراير (شباط) الماضي قيمة عملتها المانات بنسبة 34 في المائة مقابل الدولار العام الماضي.



برلمان كوريا الجنوبية يعزل الرئيس... ويون: سأتنحى ولن أستسلم

TT

برلمان كوريا الجنوبية يعزل الرئيس... ويون: سأتنحى ولن أستسلم

رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول ينحني بعد خطاب اعتذار بثه التلفزيون الرسمي في 7 ديسمبر (أ.ف.ب)
رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول ينحني بعد خطاب اعتذار بثه التلفزيون الرسمي في 7 ديسمبر (أ.ف.ب)

صوّت البرلمان في كوريا الجنوبية، السبت، على عزل الرئيس يون سوك يول، بعد محاولته الفاشلة لفرض الأحكام العرفية وعرقلة عمل المؤسسة التشريعية عبر اللجوء إلى الجيش في الثالث من ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وقال يون سوك يول، عقب قرار عزله، إنه «لن يستسلم أبداً»، داعياً في الوقت ذاته إلى الاستقرار.

واحتشد عشرات آلاف المتظاهرين أمام الجمعية الوطنية في أثناء إجراء عملية التصويت، معبرين عن فرحتهم لدى إعلان رئيس البرلمان وو وون شيك نتيجة التصويت. وصوّت 204 نواب لصالح مذكرة العزل، في حين عارضها 85 نائباً، وامتنع ثلاثة نواب عن التصويت، وأُبطلت ثماني بطاقات تصويت. وكان ينبغي أن يوافق البرلمان على مذكرة العزل بأغلبية 200 صوت من أصل 300. ونجحت المعارضة، التي تضم 192 نائباً، في إقناع 12 من أصل 108 من أعضاء حزب السلطة للشعب الذي ينتمي إليه يون، بالانضمام إليها. وبذلك، عُلق عمل يون في انتظار قرار المحكمة الدستورية المصادقة على فصله في غضون 180 يوماً. ومن المقرر أن يتولّى رئيس الوزراء هان دوك سو مهام منصبه مؤقتاً.

«انتصار عظيم»

قال زعيم الحزب الديمقراطي الذي يمثّل قوى المعارضة الرئيسة في البرلمان، بارك تشان داي، بعد التصويت، إن «إجراءات العزل اليوم تمثّل انتصاراً عظيماً للشعب والديمقراطية»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». وقبل التصويت، أكد بارك في كلمة أمام البرلمان، أن فرض الأحكام العرفية يشكّل «انتهاكاً واضحاً للدستور وخرقاً خطيراً للقانون»، مضيفاً أن «يون سوك يول هو العقل المدبر لهذا التمرد».

رئيس الجمعية الوطنية وو وون شيك يوقّع على قرار عزل رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول في 14 ديسمبر (أ.ف.ب)

وأضاف: «أحضكم على التصويت لصالح العزل من أجل ترك درس تاريخي مفاده بأن أولئك الذين يدمّرون النظام الدستوري سوف يُحاسبون»، لافتاً إلى أن «يون سوك يول هو الخطر الأكبر على جمهورية كوريا». وفي السابع من ديسمبر الحالي، فشلت محاولة أولى لعزل يون عندما غادر معظم نواب حزب السلطة للشعب الجلسة البرلمانية لمنع اكتمال النصاب القانوني.

مظاهرات واسعة

عند إعلان عزل يون، عبّر نحو 200 ألف متظاهر كانوا محتشدين أمام الجمعية الوطنية عن فرحهم، ورقصوا على أنغام موسيقى البوب الكورية الصاخبة، كما احتضنوا بعضهم فيما كانوا يبكون، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». وقالت تشوي جانغ ها (52 عاماً): «أليس من المدهش أننا، الشعب، حققنا هذا معاً؟».

كوريون جنوبيون يحتفلون بعد عزل البرلمان الرئيس يون سوك يول في 14 ديسمبر (رويترز)

في المقابل، تجمّع آلاف من مناصري يون في وسط سيول، حيث حُملت أعلام كوريا الجنوبية والولايات المتحدة. وقال يون للتلفزيون إنه «محبط للغاية»، مؤكداً أنه «سيتنحى جانباً لبعض الوقت». ودعا إلى إنهاء «سياسة الإفراط والمواجهة» لصالح «سياسة التروي والتفكير». وأمام المحكمة الدستورية ستة أشهر للمصادقة على قرار البرلمان أو نقضه. ومع تقاعد ثلاثة من قضاتها التسعة في أكتوبر (تشرين الأول) من دون أن يجري استبدالهم بسبب الجمود السياسي، سيتعيّن على الستة المتبقين اتخاذ قرارهم بالإجماع. وإذا تمّت الموافقة على العزل فستُجرى انتخابات رئاسية مبكرة خلال فترة ستين يوماً. وتعهّد رئيس المحكمة مون هيونغ باي باتخاذ «إجراء سريع وعادل»، في حين دعا بقية القضاة إلى أول اجتماع صباح الاثنين.

تحديات قانونية

ويون سوك يول (63 عاماً) هو ثالث رئيس في تاريخ كوريا الجنوبية يعزله البرلمان، بعد بارك جون هيي في عام 2017، وروه مو هيون في عام 2004، غير أن المحكمة العليا نقضت إجراءات عزل روه موه هيون، بعد شهرين على اتخاذ القرار بعزله من قبل البرلمان. وباتت الشبكة القضائية تضيق على يون سوك يول ومعاونيه المقربين، بعد إبعاده عن السلطة وخضوعه لتحقيق جنائي بتهمة «التمرد» ومنعه من مغادرة البلاد.

زعيم الحزب الديمقراطي لي جاي ميونغ يُدلي بصوته خلال جلسة عامة للتصويت على عزل الرئيس يون سوك يول في 14 ديسمبر (أ.ب)

وكانت النيابة العامة قد أعلنت، الجمعة، توقيف رئيس القيادة العسكرية في سيول، كما أصدرت محكمة مذكرات توقيف بحق قائدي الشرطة الوطنية وشرطة سيول، مشيرة إلى «خطر إتلاف أدلة». وكان وزير الدفاع السابق كيم هونغ هيون، الذي يُعدّ الشخص الذي دفع الرئيس إلى فرض الأحكام العرفية، أول من تم توقيفه واحتجازه في الثامن من ديسمبر الحالي.

وأحدث يون سوك يول صدمة في كوريا الجنوبية ليل الثالث إلى الرابع من ديسمبر، عندما أعلن الأحكام العرفية للمرة الأولى منذ أكثر من أربعة عقود في البلاد، وأرسل الجيش إلى البرلمان، في محاولة لمنع النواب من الاجتماع. مع ذلك، تمكّن النواب من عقد جلسة طارئة في قاعة محاطة بالقوات الخاصة، وصوّتوا على نص يطالب بإلغاء الأحكام العرفية، الأمر الذي كان الرئيس ملزماً دستورياً على الامتثال له. وكان يون سوك يول مدعياً عاماً في السابق، وقد دخل السياسة متأخراً وانتُخب رئيساً في عام 2022. وبرر انقلابه الأخير بأنه لـ«حماية كوريا الجنوبية الليبرالية من التهديدات التي تشكلها القوات الشيوعية الكورية الشمالية والقضاء على العناصر المعادية للدولة»، مُتهماً البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة بنسف كل مبادراته وتعطيل البلاد.