الأميركيون يعلنون «الحرب» على منظمة الصحة العالمية

«ماذا نأكل؟.. هل نصبح نباتيين؟»

الأميركيون يعلنون «الحرب» على منظمة الصحة العالمية
TT

الأميركيون يعلنون «الحرب» على منظمة الصحة العالمية

الأميركيون يعلنون «الحرب» على منظمة الصحة العالمية

نزل الخبر كالصاعقة على الأميركيين بعد أن أعلنت منظمة الصحة العالمية أن كثرة أكل اللحوم المعلبة والمجففة تسبب السرطان. وأن الإكثار من أكل اللحوم الحمراء (بقر، خراف، ماعز)، بصورة عامة، أيضا يسبب السرطان.
وجاءت عناوين صحف وأخبار تلفزيونات أميركية على النحو التالي:
«واشنطن بوست»: «هل يعني القرار أننا يجب أن نكون نباتيين؟».
«بوسطن هيرالد»: «قرار مخبول عن اللحوم يثير غموضا لا داعي له».
«نيويورك تايمز»: «ماذا يجب أن تعرف عن قرار اللحوم؟»
«سي إن إن»: «الحرب على اللحوم تؤدي إلى شعارات النصر وسط النباتيين».
«إنترناشونال بيزينس»: «مقارنة اللحوم بالسجائر كذبة كبرى».
«ديموين ريجسترار»: «منتجو اللحوم في أيوا يقولون: هذا هراء».
«تلفزيون بي يو آر»: «هل نتوقف عن أكل اللحوم تماما؟»
من جانبه قال كريستوفر وايلد، رئيس مركز الدراسات الغذائية، الذي كان له رأيان في الموضوع: «تقرير منظمة الصحة العالمية يدعم توصياتنا عن أهمية وضع حدود لكمية اللحوم التي يأكلها الشخص كل يوم»، وفي جانب آخر، قال: «يجب ألا ننسى أن اللحوم الحمراء (غير السمك والدجاج) فيها قيمة غذائية هامة».
وفي مقابلة في تلفزيون «إيه بي سي»، قالت سوزان غابستر، خبيرة في جمعية السرطان الأميركية: «نعم، يجب تخفيض كمية اللحوم الحمراء التي نأكلها هنا في الولايات المتحدة. ليس سرا في بقية العالم أننا نأكل لحوما كثيرة جدا».
وقالت ماريون نستل، أستاذة التغذية والدراسات الغذائية والصحة العامة في جامعة نيويورك، نفس الشيء تقريبا: «لنأكل لحوما أقل». لكنها، ردا على سؤال من صحافي، رفضت أن تقول إن كل الأميركيين يجب أن يكونوا نباتيين. وردا على أسئلة من مشاهدين عن: «ماذا نأكل الآن؟»، نصحت بالأتي:
أولا: لا باس من وجبة لحوم مرة أو مرتين في الأسبوع. لكن، ليس كل يوم.
ثانيا: تتلازم التغذية والرياضة على كل حال. لهذا، لا بد من التركيز على الرياضة يوميا. وأمس، في موقع قسم الغذاء والدواء، التابع لوزارة الزراعة الأميركية (يو إس دي إيه)، ظهر تركيز على نصائح قديمة عن أهمية تناول كثير من الخضراوات، والفواكه، والسلطات، والأسماك، والحبوب (فول، عدس، الخ...). وتوجد إشارة إلى أن رطلا من اللحم (16 أوقية) هو الحد الأقصى لكمية اللحوم التي يجب أن يأكلها الشخص كل يوم (وعدم أكل اللحوم المصنعة).
وبعد ساعات من إعلان تقرير منظمة الصحة العالمية، سارع معهد أميركا الشمالية للحوم (إن إيه إم اي)، وأصدر بيانا شديد اللهجة، وكأنه أعلن الحرب على تقرير المنظمة. لكن، طبعا، تحاشى ذكر المنظمة مباشرة، وتحدث عن الحكومة الأميركية. وقال: «ليس هذا موضوعا جديدا. هذا موضوع قديم، ظللنا نتناقش فيه، ونجري أبحاثا حوله منذ عشرات السنين. وصار واضحا أنه لا يوجد اتفاق».
وأضاف المعهد أن هذا «موضوع معقد». ولم يقل إن الأميركيين يجب أن يأكلوا أكبر كميات ممكنة من اللحوم. لكنه قال إنه «لم يثبت علميا، ونهائيا» أن أكل اللحوم يؤذي. (لاحظ «نهائيا»، أي إن العلماء لا يزالون يختلفون، وربما سيظلون هكذا).



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».