الآثار السورية تدمر وتسرق وتباع في المزادات

داعش ليس الجهة الوحيدة المذنبة.. الأصابع تشير إلى تواطؤ النظام مع المافيات الروسية

أعمدة الدخان تتصاعد من معبد بعل الشمس في مدينة تدمر التي تخضع حاليا لسيطرة داعش (أ.ب)
أعمدة الدخان تتصاعد من معبد بعل الشمس في مدينة تدمر التي تخضع حاليا لسيطرة داعش (أ.ب)
TT

الآثار السورية تدمر وتسرق وتباع في المزادات

أعمدة الدخان تتصاعد من معبد بعل الشمس في مدينة تدمر التي تخضع حاليا لسيطرة داعش (أ.ب)
أعمدة الدخان تتصاعد من معبد بعل الشمس في مدينة تدمر التي تخضع حاليا لسيطرة داعش (أ.ب)

وفقا لمعلومات جمعها تقرير أميركي فإن 26 في المائة من المواقع الأثرية السورية نهبت في مناطق يسيطر عليها الأكراد أو مجموعات معارضة أخرى، وتعرضت نحو 21.4 في المائة من المواقع للتخريب في المناطق الواقعة تحت سيطرة تنظيم داعش و16.5 في المائة في المناطق التي يسيطر عليها النظام. بعض الآثار المنهوبة بدأت تجد طريقها إلى الأسواق العالمية والمزادات.
ومع استمرار الحرب والأزمة السورية ومفرزاتها الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية تفاقمت أزمة سرقة وتهريب الآثار السورية بواسطة عصابات متخصصة ولصوص من خارج وداخل الحدود، كما يقول خبراء. وكان البارز في هذا المجال وحسب المعلومات المتوفرة هو زيادة أعمال التنقيب اللاشرعي في منطقة (أفاميا) وسط غرب البلاد وهي منطقة تماس واشتباك واسعة بين قوى المعارضة المسلحة والجيش الحكومي مما جعل لصوص الآثار يستبيحون هذه المنطقة بكثافة.
في سبتمبر (أيلول) أوردت قناة «سي بي إس نيوز» قصة مهربين يبيعون قطعا أثرية مسروقة للمساهمة في تمويل تنظيم داعش منها فسيفساء نهبت من مدينة أفاميا الأثرية في غرب سوريا.
أفاميا تعتبر من أغنى المواقع السورية بالآثار خاصة في مجال اللوحات الفسيفسائية ويوجد فيها متحف متخصص بالفسيفساء. لصوص الآثار يستبيحون أماكن كثيرة في شمال وشرق وجنوب سوريا ويعملون على التنقيب وما يكتشفونه من قطع أثرية يقومون بتهريبها خارج الحدود وبيعها في صالات المزادات الأوروبية.
ويرجح الباحث والكاتب السوري تيسير خلف عادة أن ما يباع يسرق من المستودعات. متحف دمشق لوحده فيه ربع مليون قطعة أثرية، ولذلك الكثير مما يباع غير معروف ولكن توجد قطع معروضة للبيع من تل براك وهما موقعان نقبا جيدا، ومن المستحيل أن تباع قطعهما دون علم السلطات أو بتواطؤ منها.
وأضاف خلف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنه حتى الآن لم يفصح النظام ولم يقدم دليلا واحدا على أن المتاحف التي كانت تحت سيطرته أنه أفرغها ونقلها إلى أماكن آمنة. خصوصًا في ظل ارتفاع في المعروض من القطع الأثرية السورية في المزادات العالمية وانخفاض أسعارها. ثمة تأكيدات سمعتها من مصادر موثوقة بالنسبة لي أن شخصيات من النظام تتاجر بالقطع الأثرية السورية عن طريق موسكو إذ تتولى مافيات روسية تأمين كل ما يلزم لتبييض هذه القطع واستخراج الشهادات اللازمة لها وبيعها في السوق الدولية.
لكن مدير عام الآثار السورية الدكتور مأمون عبد الكريم أوضح لـ«الشرق الأوسط» حول آخر المستجدات في مجال سرقة الآثار السورية والتعدي على المواقع الأثرية والإجراءات المتخذة أو تلك التي يجب أن تتخذ قائلا: إن سرقة الآثار والتنقيب السري اللاشرعي في المواقع الأثرية ظاهرة موجودة في كل زمان ومكان وليست مرهونة بسوريا الأزمة، وسوريا ما قبل الأزمة، فهي موجودة في البلدان المجاورة وغيرها أيضًا حيث هناك لصوص آثار يقومون بأعمال النهب بصفة فردية وفي أغلب الأوقات تحدث ليلاً خاصة في المناطق النائية البعيدة عن السلطات الحكومية والشعبية.
وقال عبد الكريم هناك قوانين وأنظمة تلاحق هذه الظاهرة. ولكن ما جرى في سوريا أمام استفحال الوضع الأمني والفلتان الأمني في كثير من المناطق وغياب الشرطة السورية والأنظمة والقوانين الموجودة والملاحقة القضائية حدثت عمليات الفلتان وخاصة مع فلتان الحدود فجاءت عصابات من دول الجوار ودخلت إلى سوريا وعاينت المواقع ونحن في مديرية الآثار العامة ومن خلال 2500 موظف لدينا موجودين في دوائرنا بالمحافظات حاولنا حماية آثارنا وطالبنا من خلال نداء دولي ومن العالم أجمع بمؤتمر اليونيسكو بالعاصمة الأردنية عمان في شهر فبراير (شباط) 2013 بالتدخل والمساعدة.
في ديسمبر (كانون الأول) 2014، أفادت الأمم المتحدة عن تعرض نحو 300 موقع بارز للتدمير أو الضرر أو النهب منذ بدء النزاع السوري.
وقال أخصائي في علم الآثار في الشرق الأوسط جيسي كازانا الأستاذ المساعد في جامعة دارتماوث شمال شرقي الولايات المتحدة الذي أعد التقرير بأن اهتمام وسائل الإعلام «أدى إلى اعتقاد سائد بأن تنظيم داعش هو الجهة الرئيسية المسؤولة عن أعمال النهب».
وأوضح كازانا أن هذه المدينة تعرضت أولا للنهب من قبل الجيش السوري وبدأت أعمال التخريب في 2012 بعد استيلاء القوات السورية عليها وسجلت أهم عمليات التخريب في جزء المدينة الذي تشرف عليه الحكومة.
لفترة طويلة تصدرت أخبار تنظيم داعش الصفحات الأولى للصحف بسبب هجماته الدامية وتدميره للمواقع الأثرية كما حصل في مدينة تدمر لكنه ليس الفصيل الوحيد الذي يدمر الآثار في سوريا.
وكان كازانا عمل في عدة مواقع أثرية في سوريا قبل الحرب التي اندلعت في 2011. وتولى مشروع وضع قائمة مفصلة بأعمال النهب قبل عام تقريبا بفضل منحة من وزارة الخارجية الأميركية. ويريد الآن توسيع أعماله إلى مواقع أخرى في سوريا وشمال العراق.
وقال: «أعتقد أنه من المهم أن نعرف ما يحصل خلال هذا النزاع. أردت أن أفعل شيئا. عملت مطولا في سوريا وأعرف الكثير من الأشخاص هناك (...) من خلال استخدام الصور الملتقطة بالأقمار الاصطناعية على الأقل لا يمكنهم اتهامي بأني أقوم بحملة دعائية». ووفقا للتقرير يرتكب النظام السوري وأيضا مجموعات المعارضة أعمال التدمير والنهب.
وتستند الوثيقة التي نشرتها صحيفة «نير ايسترن اركيولوجي» إلى تحليل لمعلومات وصور تم جمعها بالأقمار الاصطناعية تظهر 1300 موقع أثري من أصل نحو ثمانية آلاف تضمها سوريا.
وقال كازانا «لكن باستخدام الصور الملتقطة بالأقمار الاصطناعية أثبتت دراساتنا بأن أعمال النهب شائعة جدا في أنحاء سوريا».
وذكرت الدراسة أنه تم تسجيل أعمال تخريب محدودة في مناطق الأكراد والمجموعات المعارضة الأخرى. لكن تنظيم داعش يقوم بأعمال تدمير على نطاق واسع موضحة أن 42.7 في المائة من أعمال التخريب على يد تنظيم داعش يمكن أن توصف بالكبرى مقابل 22.9 في المائة في مناطق النظام و14.3 في المائة في مناطق المجموعات المعارضة و9.4 في المائة في المواقع تحت السيطرة الكردية.
وصرح كازانا لوكالة الصحافة الفرنسية قبل أيام أن «تنظيم داعش فظيع ووحشي. من ناحية أخرى تسجل أعمال نهب على نطاق واسع في عدة مواقع أخرى عبر سوريا». ووقعت أعمال تخريب مهمة في مواقع أثرية تقع تحت سيطرة النظام ربما من قبل الجيش السوري ولم يتم توثيقها.
وعمد تنظيم داعش إلى أعمال تخريب وتدمير لمواقع أثرية عدة في سوريا والعراق خصوصا في مدينة تدمر التي استولى عليها التنظيم المتطرف في مايو (أيار) الماضي.
وقال كازانا بأن «الجيش الأميركي قادر على التخلص من كل الجهاديين لكن ذلك لن يضع حدا لأعمال النهب. إنها مشكلة مرتبطة بالحرب وليس بتنظيم داعش بحد ذاته».
وفي بداية هذا الشهر قام تنظيم داعش بتفجير قوس النصر الأثري الشهير في تدمر في آخر عملية تفجير تستهدف معالم هذه المدينة الأثرية المدرجة على لائحة التراث العالمي للإنسانية.
وتبعث هذه العملية الجديدة، برأي المدير العام للآثار والمتاحف في سوريا مأمون عبد الكريم، المخاوف من تدمير كامل للمدينة الواقعة في ريف حمص الشرقي والتي سيطر عليها تنظيم داعش في 21 مايو.
ووقعت هذه العملية في وقت ازداد النزاع في سوريا تعقيدا مع تدخل روسيا التي باشرت حملة ضربات جوية. قوس النصر الذي يعود إلى ألفي عام ويقع في مدخل شارع الأعمدة في هذه المدينة التاريخية «هو أيقونة تدمر». وقال عبد الكريم «إننا نعيش كارثة. منذ سيطرة (الجهاديين) على المدينة، نشهد الصدمة تلو الأخرى». وتابع: «إنه تدمير منهجي للمدينة. يريدون هدمها، إزالتها تماما عن الخريطة. قد نخسرها بالكامل».
وحذر عبد الكريم «نعرف أن تنظيم داعش فخخ معالم أخرى. إنهم يريدون تدمير المسرح والأعمدة ونحن نخشى على مجمل المدينة الأثرية».
وفي 23 أغسطس (آب) فجر الجهاديون معبد بعلشمين في تدمر وذلك بعد أيام على قطع رأس مدير الآثار السابق للمتاحف في المدينة خالد الأسعد (82 عاما)، أحد أبرز خبراء الآثار في العالم، وتعليق جثته في ساحة عامة.
وكان التنظيم دمر في يوليو (تموز) تمثال أسد أثينا الشهير الذي كان موجودا عند مدخل متحف تدمر. وفيما بعد فجر الجهاديون معبد بل، جوهرة مدينة تدمر الأثرية في سوريا، ووصفت اليونيسكو ذلك بأنه «جريمة لا تغتفر بحق الحضارة». وفي سبتمبر فجر عددا من المدافن البرجية القديمة.
وكانت جمعية حماية الآثار السورية التي تتخذ من فرنسا مقرا لها عددت مؤخرا «أكثر من 900 صرح وموقع أثري تضررت أو دمرت» في النزاع في سوريا. ويتوقع خبراء أن تستمر وتيرة هذا التدمير المنهجي للآثار.



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.