سلطنة عمان تدخل على خط الوساطات.. والأسد لا يمانع لقاء معارضيه

بوغدانوف التقى معارضين سوريين.. واستعدادات روسية لنقل قوات النخبة إلى الداخل السوري لإحداث خروقات براً

الرئيس بشار الأسد مستقبلا وزير الخارجية العماني الذي وصل بصورة مفاجئة لدمشق أمس (أ.ف.ب)
الرئيس بشار الأسد مستقبلا وزير الخارجية العماني الذي وصل بصورة مفاجئة لدمشق أمس (أ.ف.ب)
TT

سلطنة عمان تدخل على خط الوساطات.. والأسد لا يمانع لقاء معارضيه

الرئيس بشار الأسد مستقبلا وزير الخارجية العماني الذي وصل بصورة مفاجئة لدمشق أمس (أ.ف.ب)
الرئيس بشار الأسد مستقبلا وزير الخارجية العماني الذي وصل بصورة مفاجئة لدمشق أمس (أ.ف.ب)

دخلت سلطنة عمان على خط الوساطات الجارية حاليا لحل الازمة السورية، من خلال الزيارة التي قام بها وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي يوم أمس إلى العاصمة السورية دمشق حيث التقى الرئيس السوري بشار الأسد، حيث اشارت مصادر الى وجود أفكار يريد الوزير العماني طرحها امام النظام السوري، خصوصا أن بن علوي كان استقبل قبل أسبوع رئيس الائتلاف السوري خالد خوجة في مسقط.
ونقلت الوكالة العربية السورية للأنباء «سانا» عن وزير الخارجية العماني خلال لقائه الأسد أن بلاده تبذل قصارى جهدها للمساعدة في التوصل إلى حل للأزمة السورية، لافتة إلى أنّهما بحثا «أفكارا إقليمية ودولية» طرحت للتعامل مع الأزمة. وقالت الوكالة إن الأسد أكد من جديد أن «القضاء على الإرهاب سيساعد في نجاح أي مسار سياسي في سوريا».
وبينما نفى الائتلاف السوري المعارض أن يكون رئيسه حمّل بن علوي أي رسالة إلى الأسد أو طلب منه أن يكون وسيطا بين المعارضة والنظام، رجّح معارضون سوريون أن يتم تفعيل المسار السياسي في غضون أسابيع بدفع روسي، لأن ما تتجنبه موسكو وبقوة هو إطالة أمد التدخل العسكري في سوريا.
وكشفت مصادر سورية معارضة من موسكو عن «إشارات أرسلها الأسد لاستعداده الجلوس مع شخصيات معارضة للبحث في الأزمة السورية وتبادل الأفكار حول سبل الخروج منها». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «المسار السياسي للحل يسير حاليا بشكل متوازٍ مع المسار العسكري، وهو ما تتمسك به روسيا التي لا تجد مصلحة لها بإطالة أمد وجودها العسكري هناك».
وعقد أمس لقاء بين ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي المبعوث الخاص للرئيس الروسي للشرق الأوسط وأفريقيا، وممثل «جبهة التغيير والتحرير» السورية المعارضة قدري جميل. وأشار بيان صادر عن الخارجية الروسية إلى أنّه «جرت خلال اللقاء مناقشة تفصيلية للوضع الناشئ في سوريا وحولها، مع التركيز على ضرورة تفعيل العملية السياسية الرامية إلى تسوية الأزمة السورية على أساس بيان جنيف الصادر في 30 يونيو (حزيران) عام 2012».
وتتابع المعارضة السورية باهتمام الحراك الدولي الحاصل والساعي لحل الأزمة السورية، وفي هذا السياق أشار أحمد رمضان، عضو الائتلاف السوري المعارض، إلى استمرار هذا الحراك، إلا أنه شدّد على عدم إمكانية الحديث عن «تقدم كبير» في هذا المجال ما دامت الشروط الروسية على حالها.
ونبّه رمضان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى عدم إمكانية «حصر أي طرح للحل بموضوع الانتخابات الرئاسية والحكومة الموسعة، باعتبار أن ذلك يُعتبر انقلابا على مبادئ جنيف»، مشيرا إلى أن «الحل الوحيد الذي تسير به المعارضة هو هيئة حكم انتقالية بصلاحيات كاملة».
وقال رمضان: «رئيس الائتلاف شرح خلال الزيارة التي قام بها مؤخرا إلى مسقط وجهة نظر المعارضة لكيفية حل الأزمة على أساس جنيف1، وأبلغناهم بأن التدخل الروسي العسكري يؤدي إلى تعطيل كبير لمسار التسوية».
وإذ أكد أن «الائتلاف لم يطلب وساطة عمانية لحل الأزمة، لأنه لا وسيط بيننا وبين النظام إلا الأمم المتحدة»، شدّد على أن المعارضة تدعم أي جهد يدفع باتجاه وقف العنف وعقد مؤتمر جنيف3.
وكشف رمضان عن معلومات وصلت إليهم عن «استعدادات روسية لنقل وحدات من قوات النخبة لديها إلى الداخل السوري بمسعى لإحداث خروقات في المجال البري، علما بأن جزءا من الأسلحة الروسية التي وصلت إلى سوريا مخصصة لهذه القوات».
ويبدو أن روسيا، التي أعربت الأسبوع الماضي على لسان وزير خارجيتها، عن استعدادها تقديم غطاء جوي للمعارضة السورية، بما في ذلك لـ«الجيش السوري الحر»، تحاول تعويم جهات معينة في «الحر» ليست ذات حيثية، بحسب رمضان الذي نبّه من «تضليل» تمارسه موسكو التي تلتقي بشخصيات تقول إنها من «الجيش الحر» وهي بالحقيقة لا تمت إليه بصلة وتنتحل صفات ليست لها.
بدوره، كشف عضو المجلس العسكري المجمّد أبو أحمد العاصمي أن نائب وزير الدفاع الروسي حاول قبل نحو أسبوعين التواصل مع بعض فصائل الجيش الحر، إلا أن الأخيرة رفضت وأصدرت بيانا في هذا الإطار اتفق عليه 71 فصيلا من جبهات الشمال والجنوب. وأكد العاصمي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الجيش الحر لن يقبل بالتواصل والتعاون مع الروس «إلا إذا أعلنوا تخليهم عن الأسد». وقال: «لن يكون لدينا أدنى مشكلة عندها بفتح باب الحوار والتواصل معهم في حينها، خصوصا أننا نعتبرهم أصدق من الأميركيين الذي راوغوا وما زالوا يراوغون وقد سلموا الملف السوري لموسكو». وأردف: «أما في حال العكس فسنبقى نعتبرهم أعداء وسنقاتلهم».
ونقلت وكالة «رويترز» يوم أمس عن عصام الريس أحد المتحدثين باسم الجبهة الجنوبية للجيش السوري الحر أنه «متشكك من اقتراح روسي لمساعدة مقاتلي المعارضة»، وقال: «كلماتهم ليست مثل أفعالهم.. كيف يمكننا الحديث معهم بينما يضربوننا؟».
وأضاف الريس أنه لا يوجد اتصال بين المقاتلين والروس ليوضح تصريحا سابقا لمحطة «بي بي سي» قال فيه إن المقاتلين لم يرفضوا عرضا روسيا. وقال: «لا يوجد عرض، ولا يوجد اتصال».
من جهتها، رجّحت مصادر سورية كردية معارضة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن يسعى الروس للتعاون مع التشكيل العسكري الجديد الذي تم الإعلان عن قيامه، مؤخرا، وأطلق عليه اسم «قوات سوريا الديمقراطية»، ويضم «التحالف العربي السوري وجيش الثوار وغرفة عمليات بركان الفرات وقوات الصناديد وتجمع ألوية الجزيرة والمجلس العسكري السرياني المسيحي ووحدات حماية الشعب الكردية ووحدات حماية المرأة»، علما بأن هذا التشكيل يلقى دعما أميركيا.
وتتوقع مصادر أن تلعب سلطنة عمان دور الوسيط بين النظام والمعارضة السورية، ويمكن أن تستضيف محادثات مقبلة بين الجانبين، في خطوة تشبه المشاورات التي جرت بين وفد الحوثيين والحكومة اليمنية، حتى وإن لم تحقق ما يفضي إلى نتائج مثمرة.
وذكرت المصادر أن وفد المعارضة السورية طلب لقاء المسؤولين العمانيين على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخير في نيويورك، وجاء الرد العماني بأن الوفد مرتبط بجدول مسبق ولا يمكنه لقاء ممثلي المعارضة، لكنه رحب بمقابلتهم في مسقط وليس نيويورك، وهو ما حدث أخيرا لدى استقبال يوسف بن علوي لخالد خوجة رئيس الائتلاف السوري المعارض.
ووفقا لبيان صدر عن وكالة الأنباء العمانية فإن يوسف بن علوي بن عبد الله، الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية، قد أجرى أمس زيارة إلى العاصمة السورية دمشق، التقى خلالها بشار حافظ الأسد.
وجرى خلال اللقاء بحث تطورات الأوضاع في المنطقة ولا سيما الحرب على الإرهاب في سوريا والأفكار المطروحة إقليميا ودوليا للمساعدة في إيجاد حل للأزمة في سوريا.
وأعرب الأسد عن ترحيبه بمواقف وجهود السلطنة التي تبذلها للمساعدة في حل الأزمة السورية، مشددا على أن القضاء على الإرهاب سيسهم في نجاح أي مسار سياسي في سوريا.
من جانبه، قال يوسف بن علوي إن بلاده «تبذل قصارى جهدها للمساعدة في التوصل لحل الأزمة السورية»، مؤكدا أهمية وحدة واستقرار سوريا بما يخدم أمن واستقرار المنطقة والحفاظ على مصالح شعوبها.
وتلقى السلطان قابوس بن سعيد، سلطان عمان، رسالة شفهية من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تتعلق بالأوضاع في المنطقة، عقب الاجتماع الرباعي الذي عقد الجمعة الماضي في العاصمة النمساوية فيينا، وناقش الأزمة السورية بمشاركة وزراء خارجية كل من الولايات المتحدة وروسيا والسعودية وتركيا، ولم يتوصل المجتمعون إلى توافق في ما يتعلق بمصير الأسد، لكن الدول الأربع اتفقت على مواصلة تلك المشاورات.
وأعلنت موسكو على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف تأييدها إجراء محادثات بين حكومة الأسد «وجميع أطياف» المعارضة السورية، وأضاف أن الأطراف كافة تتفق على الحاجة إلى دعم الجهود لعملية سياسية في التسوية السورية».
وأوضح أن ذلك يتطلب بدء محادثات واسعة بين ممثلين عن الحكومة السورية وجميع أطياف المعارضة السورية الداخلية والخارجية بدعم من لاعبين خارجيين.



حملة في صنعاء لابتزاز مُصنِّعي الأكياس البلاستيكية

عناصر حوثيون يتجولون في أحد مصانع الأكياس البلاستيكية في صنعاء (إعلام حوثي)
عناصر حوثيون يتجولون في أحد مصانع الأكياس البلاستيكية في صنعاء (إعلام حوثي)
TT

حملة في صنعاء لابتزاز مُصنِّعي الأكياس البلاستيكية

عناصر حوثيون يتجولون في أحد مصانع الأكياس البلاستيكية في صنعاء (إعلام حوثي)
عناصر حوثيون يتجولون في أحد مصانع الأكياس البلاستيكية في صنعاء (إعلام حوثي)

لم تكد الجماعة الحوثية تنتهي من استهداف مصانع الدواء، والمياه المعدنية، والعصائر والمشروبات الغازية، حتى بدأت في صنعاء تنفيذ حملة ميدانية لاستهداف مصانع ومعامل الأكياس البلاستيكية، ضمن مساعيها المستمرة للتضييق على اليمنيين، وجباية مزيد من الأموال تحت مسميات غير قانونية.

أفصحت مصادر تجارية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إطلاق جماعة الحوثي حملة واسعة طالت بالتعسف والابتزاز والإغلاق عدداً من مصانع ومعامل الأكياس البلاستيكية في صنعاء، بذريعة تسجيل مخالفات وعدم الالتزام بالتعليمات.

عنصر حوثي أثناء إغلاقه مصنع أكياس بلاستيكية في صنعاء (إعلام حوثي)

وأغلقت الحملة، التي أشرفت عليها ما تسمى «الهيئة العامة لحماية البيئة» الخاضعة للجماعة، أكثر من 5 مصانع أكياس بلاستيكية في مديرية معين بصنعاء، مع الاستمرار في استهداف ما تبقى من المصانع ببقية المناطق والتي يزيد عددها على 48 مصنعاً ومعملاً.

وكانت حملات الجباية الحوثية دفعت الكثير من مُلاك الشركات والمصانع والتجار وأصحاب المهن المتوسطة والأصغر إلى التهديد بإغلاق متاجرهم ووقف أنشطتهم التجارية، احتجاجاً على السلوك الانقلابي الذي يطالهم في كل مرة لنهب أموالهم تحت ذرائع واهية.

وتحدث شهود في صنعاء عن مداهمة مشرفين حوثيين مسنودين بدوريات أمنية عدة منشآت تعمل بصناعة الأكياس البلاستيكية بصنعاء، حيث مارسوا أساليب استفزازية وابتزازية ضد مُلاك المصانع والعاملين فيها، بحجة وجود مخالفات.

وأقر الانقلابيون عبر وسائل إعلامهم بإغلاق 5 مصانع أكياس بلاستيكية، قبل أن يقوموا بأخذ ما أسموها عينات من الأكياس للتأكد من مدى مطابقتها للاشتراطات.

دفع إتاوات

في حين تَزْعُم الجماعة الحوثية بأن حملتها الاستهدافية لمصانع البلاستيك تأتي للحفاظ على البيئة من التلوث، يتحدث عدنان، اسم مستعار لمالك مصنع استهدفته الجماعة، عن أن عناصرها وافقوا بعد ساعات من إغلاق مصنعه على السماح بإعادة فتحه مقابل دفع مبلغ مالي.

ويؤكد عدنان أن الاستهداف الحوثي لمصنعه ليس له أي علاقة بالبيئة والتلوث، ويقول إن ذلك يندرج ضمن الأساليب والطرق التي اعتادت الجماعة على ابتكارها لتبرير جرائم الاقتحام والإغلاق.

معمل لتصنيع الأكياس البلاستيكية استهدفه الحوثيون بحملات الجباية (فيسبوك)

ويشير إلى أن الجماعة لا تتحدث عن إيجاد حلول لأي مخالفات أو اختلالات تزعم اكتشافها في المصانع، بل تركز بالدرجة الأولى على دفع الإتاوات مقابل إعادة فتح ما قامت بإغلاقه من تلك المصانع.

وعلى وقع تلك الانتهاكات وحملات التنكيل الحوثية المتواصلة، ندد ناشطون اقتصاديون في صنعاء بالتعسف الجديد ضد مُلاك المنشآت الصناعية الرامي إلى استكمال إحلال الجماعة طبقة تجار جديدة من عناصرها.

وحذر الناشطون من التضييق المستمر للجماعة ضد من تبقى من العاملين بمختلف القطاعات التجارية والصناعية والحرفية في صنعاء وبقية المناطق المختطفة، وهو ما سيفاقم معاناة اليمنيين ويزيد أسعار مختلف السلع والمنتجات بما فيها الأساسية.

وسبق لجماعة الحوثي أن ضاعفت خلال السنوات الماضية حجم الإتاوات والجبايات المفروضة على مُلاك المصانع والشركات، وسنَّت تشريعات غير قانونية رفعت بموجبها الرسوم الضريبية والجمركية والزكوية؛ بغية تغطية نفقات حروبها من جانب، بالإضافة إلى تكوين ثروات لقادتها ومشرفيها.