زيارة الأسد في الإعلام الروسي: «هيبة دولية» ونجاح للدبلوماسية الروسية

الزيارة خلقت أرضية للحديث بأن موسكو تُعد لخروج الأسد من السلطة

سوريون ممن فقدوا أعضاء من أجسامهم بسبب الحرب حصلوا أمس على سيقان اصطناعية بمركز «فرحة» الطبي في حمرايا بغوطة دمشق الشرقية (إ.ب.أ)
سوريون ممن فقدوا أعضاء من أجسامهم بسبب الحرب حصلوا أمس على سيقان اصطناعية بمركز «فرحة» الطبي في حمرايا بغوطة دمشق الشرقية (إ.ب.أ)
TT

زيارة الأسد في الإعلام الروسي: «هيبة دولية» ونجاح للدبلوماسية الروسية

سوريون ممن فقدوا أعضاء من أجسامهم بسبب الحرب حصلوا أمس على سيقان اصطناعية بمركز «فرحة» الطبي في حمرايا بغوطة دمشق الشرقية (إ.ب.أ)
سوريون ممن فقدوا أعضاء من أجسامهم بسبب الحرب حصلوا أمس على سيقان اصطناعية بمركز «فرحة» الطبي في حمرايا بغوطة دمشق الشرقية (إ.ب.أ)

أولت الصحف الروسية الصادرة يوم أمس جل اهتمامها على محادثات بوتين - الأسد مساء 20 أكتوبر (تشرين الأول) في العاصمة الروسية موسكو، وعرضت قراءات متنوعة لمعاني ودلالات زيارة الأسد إلى موسكو بطلب من بوتين. هذا في الوقت الذي جاءت فيه التعليقات حول نتائج الزيارة الخاطفة للرئيس السوري بشار الأسد لموسكو، مواكبة لإعلان نتائج الاستفتاء الذي أجرته خدمة قياس الرأي العام في موسكو، وأكدت فيه ارتفاع نسبة شعبية الرئيس فلاديمير بوتين حتى 90 في المائة.
واستعرضت صحافة الأمس آراء الكثيرين من المراقبين الذين قالوا في معظمهم بأن الزيارة جاءت تتويجا لجهود سابقة كثيرة حاولت موسكو من خلالها تأكيد ثوابت موقفها تجاه الأزمة السورية. ومن هؤلاء كان أندريه فيدوروف رئيس مركز الأبحاث الاستراتيجية نائب وزير الخارجية الأسبق في مطلع تسعينات القرن الماضي، الذي قال: إن زيارة الأسد لموسكو تعني «أن الكرملين لا يزال يعول عليه وأنه لا يعتقد في أن رحيله عن منصبه بات وشيكا»، فيما يرى آخرون ضرورة استمرار الأسد في منصبه نظرا للحاجة إليه لدى «ضبط آليات المرحلة الانتقالية». ويؤكد مثل هذا التوجه ما قاله فيدوروف حول أن موسكو مدعوة إلى مراعاة مواقف وتوجهات إيران، شريكها الاستراتيجي الإقليمي الذي لن ترضى بالتضحية به.
على أن ما نشرته الصحف الروسية من تعليقات لم يقتصر على زيارة الأسد الخاطفة بطلب من الرئيس بوتين، بل وتعداها إلى مواقف موسكو وسياساتها على ضوء اتصالاتها مع شركائها ومنهم السعودية والولايات المتحدة الأميركية. فقد أشارت صحيفة «كوميرسانت» القريبة من الكرملين وفي معرض تناول اللقاء الرباعي الذي من المقرر أن يعقد اليوم في فيينا، إلى أن سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية كان قد كشف لزميليه الأميركي والسعودي في لقائهما الثلاثي في الدوحة في 4 أغسطس (آب) الماضي، عن عزم روسيا على القيام بحملتها العسكرية ضد «داعش» والتنظيمات الإرهابية الأخرى في سوريا. وقالت: إنه طرح عليهما فكرة الرئيس بوتين حول تشكيل ائتلاف مضاد للإرهاب بمشاركة الجيش السوري والقوى الكردية، وهي الفكرة التي كان كشف عنها بوتين لأول مرة في لقائه مع الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد في سان بطرسبورغ في 18 يونيو (حزيران) الماضي. وقالت الصحيفة بأن بوتين اضطر إلى العمل منفردا في سوريا بعد رفض الأطراف التي طرح عليها فكرته.
وفي معرض تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» حول زيارة الأسد لموسكو وما إذا كانت المباحثات في الكرملين تطرقت إلى مسألة احتمالات رحيله، قال سيرغي ماركوف مدير معهد الدراسات الاستراتيجية عضو الجمعية الاجتماعية لدى الكرملين، بأن رحيل الأسد مسألة تخص الشعب السوري وحده وهو ما سبق وأكدته موسكو أكثر من مرة، وأن مثل هذه الأمور تقررها المؤسسات الدستورية والانتخابات التي تنص عليها وثيقة جنيف. وأعاد ماركوف ما قيل حول إعلان جنيف مؤكدا أن اللقاء الأخير الذي جمع الأسد مع بوتين في الكرملين بحث هذه الأمور. وعن الوصول المفاجئ للرئيس السوري، قال ماركو بأن الرئيس بوتين كان يريد على ما يبدو «سبر أغوار» الرئيس السوري عبر اللقاء الشخصي، على حد تعبيره. وأضاف أن بوتين كان يريد أيضا معرفة المدى الذي يمكن أن يذهب إليه في العملية العسكرية، وأبعاد الدور الذي يمكن أن يلعبه الجيش السوري على الأرض وحتى التخلص من التنظيمات الإرهابية وإعادة كامل السيطرة على الأراضي السورية.
وخلص ماركوف في تصريحاته إلى أن زيارة الأسد للكرملين وتأمين رحلته ذهابا وإيابا قبل الإعلان عن الزيارة، يؤكد مدى سيطرة موسكو على كل مقاليد الأمور، وأن أحدا لن يستطيع إبعادها وعزلها عن الاضطلاع بدورها في الساحتين الإقليمية والدولية، فضلا عن استحالة تقرير أي من القضايا في هاتين الساحتين من دون مشاركتها.
وكان أيفانوف أضاف أيضا في تصريحات نشرتها قناة «روسيا اليوم» على موقعها الإلكتروني، أن «الضربات الجوية وحدها لن تكفي، وأن العملية الجوية الروسية ليست عملية ضد السنة أو مع الأسد؛ إنها عملية ضد الإرهاب».
من جانبها أشارت صحيفة «غازيتا رو» إلى أن «الزيارة خلقت أرضية للحديث بأن موسكو تُعد لخروج الأسد من السلطة»، وتضيف أنه «في حال انتهت العملية العسكرية الروسية في سوريا بتغيير سلمي للسلطة وفق الشروط الروسية، فإن هذا سيشكل نجاحًا كبيرًا للدبلوماسية الروسية». من ثم تشير الصحيفة إلى ما جاء على موقع الكرملين حول الزيارة، لتقول إن «الخبراء يعتقدون أن ما جرى بحثه خلف الأبواب الموصدة ربما بلغ حتى مستويات الحديث عن الاستقالة الطوعية للأسد وانتقاله من دمشق حيث الحرب إلى روبليوفكا الهادئة»، في إشارة إلى المنطقة الفاخرة حيت تنتشر منازل كبار المسؤولين السوفيات السابقين والروس حاليا فضلا عن كبار رجال الأعمال، وهي من المناطق المعروفة بمنازلها باهظة الثمن، وتقع غرب العاصمة الروسية موسكو.
وتتابع الصحيفة في السياق ذاته فتقول: «لحسن الحظ لم يحدث هذا الأمر بعد ويمكن لروسيا أن تحصل من هذا الوضع على نقاط لصالحها». وتوضح ما تقصده «بنقاط لصالحها»، حين تشير إلى تصريحات ديمتري بيسكوف، السكرتير الصحافي للرئيس الروسي الذي أعلن أن بوتين أطلع قادة القوى الإقليمية المؤثرة على تفاصيل محادثاته مع الأسد. لتضيف الصحيفة بعد ذلك، أنه «من غير المستبعد أن موسكو بهذه الطريقة تلمح بأن النقاش مع الأسد حول انتقاله للعيش بجوار الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش، قد بلغ مرحلة متقدمة»، في إشارة أخرى هذه المرة إلى الرئيس الأوكراني يانوكوفيتش الذي فر من بلاده إلى روسيا العام الماضي نتيجة الأزمة في البلاد. وتعتبر الصحيفة أنه في حال «خسر الأسد الانتخابات بطريقة سلمية، فإن نقله إلى روسيا سيتم بكل سهولة».
صحيفة «فيدوموستي» عرضت وجهات نظر أكثر من خبير سياسي، منهم إيفان كونوفالوف، الذي قال في سياق تعليقه على زيارة الأسد إلى موسكو ومكانتها في التسوية السياسية للأزمة السورية، إن «موسكو ودمشق تدركان أنه لا بد من تنازلات وتضحيات في العملية السياسية، إلا أن الوقت لم يحن بعد لهذه العملية. أما زيارة الأسد إلى موسكو والمحادثات التي ستجري يوم الجمعة في فيينا، فهي مجرد مقدمات للتسوية السياسية»، حسب قول كونوفالوف، الذي رأى أنه لا يمكن الحديث حاليا سوى عن الخطوط الرئيسية للعملية السياسية، بانتظار أن تتضح الأمور للاعبين الدوليين على الأرض (أي من الناحية العسكرية) في سوريا بصورة دقيقة.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.