عراقي ينظم متحفًا متجولاً ضم نحو 8 آلاف صورة تراثية

بينها مجسمات جديدة لآثار عراقية دمرها تنظيم داعش

عراقي ينظم متحفًا متجولاً ضم نحو 8 آلاف صورة تراثية
TT

عراقي ينظم متحفًا متجولاً ضم نحو 8 آلاف صورة تراثية

عراقي ينظم متحفًا متجولاً ضم نحو 8 آلاف صورة تراثية

«المتحف العراقي المتجول»، عنوان انطلق منه المصور العراقي هشام محمد طراد ليعرض من خلاله أكثر من 8 آلاف صورة تراثية، بينها صور نادرة للتحف والآثار العراقية المسروقة، فضلا عن صور لمخطوطات قديمة غير مألوفة في الشارع العراقي وتجسد حضارة بلاد الرافدين، وذلك في أهم مكان في وسط العاصمة بغداد.
وشكل المعرض المتجول علامة مميزة في المشهد الثقافي العراقي، بطابعه الفردي التطوعي، وفكرته المتفردة، وهي توثق للأمكنة والذكريات وتقترب من الجمهور في أحب الأماكن التي يرتادها بعد قطيعة طويلة مع المتاحف المحلية التي عادة ما يصعب ارتيادها بسبب روتينها وإحاطتها بإجراءات أمنية مشددة.
يقول الفوتوغرافي هاشم محمد طراد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «قضيت وقتا طويلاً لأجل جمع الصور والمحافظة عليها، على مدى أربعين عامًا من الترحال والتجوال بين البلدان، فأنا عاشق للصور القديمة التي تتحدث عن أمكنة قديمة بعضها اندثر الآن أو هو في طريقه للاندثار، لكنها لا تلقى اهتماما من الجهات الحكومية للمحافظة عليها».
وأضاف: «سبق أن شاركت في معارض كثيرة في دول عربية وأجنبية، ونالت المعارض إقبالاً كبيرًا من الجمهور لأجل التجوال والتقاط الصور أيضًا».
وعن استقرار متحفه في منطقة القشلة، وهي بناية تعود للحكم العثماني على ضفة نهر دجلة قرب أهم شارع للثقافة في العراق، شارع المتنبي، وسط العاصمة بغداد، قال: «قمت مع مجموعة من الهواة بتأسيس منظمة مستقلة تعنى بالثقافة والتراث والفن وأطلقت عليها المتحف العراقي المتجول عام 2012، وهو يهدف إلى نشر الثقافة والتوعية بأهمية التمسك بالحضارة والتأريخ والكنوز التراثية للبلاد، خصوصا لدى الشباب، وكذلك التذكير بآثارنا المسروقة والدعوة المتواصلة لاستردادها، واخترت منطقة القشلة كونها مزارا للعائلة العراقية كل يوم جمعة، إضافة إلى الحضور الكبير من قبل المثقفين والفنانين والنشطاء».
وأضاف: «إن المتحف يهدف إلى توعية الصغار والشباب بضرورة تمسكهم بحضارتهم وتاريخهم المجيد، وإعادة الآثار إلى العراق، وهو يعرض صورًا لكنوز العراق الأثرية في المتاحف العالمية، فضلاً عن صور للحضارة الإسلامية، ورواد الشعر والأدب والسياسة في العراق وبعض مقتنيات العائلة المالكة العراقية، وأبرز الشخصيات في الفترة ما بين عام 1921 إلى عام 1958». طراد يطمح في المستقبل إلى أن يتمكن من القيام بجولة حول العالم برفقة صوره ومعرضه المتجول الذي توسع يوما بعد يوم وصار ينظم فعاليات متعددة من بينها عمل مجسمات من المرمر والنحت على الحشد لتماثيل آشورية، وذلك بعد الهجمة التي تعرضت لها الآثار على يد «داعش» الإرهابية.
يقول الإعلامي ناصر أحمد خلال تجواله في المعرض المتجول: «إن المتحف يشكل علامة فارقة في منطقة القشلة، وهي تحكي آثار العراق بطريقة العرض الأقرب للجمهور، إذ لا حواجز ولا مكاتب تفتيش أو ممنوعات للتصوير والتوثيق، وكل ما تريده متاح لديك، إضافة إلى أنها فكرة فردية وعلينا تشجيعها».
وأضاف: «المتحف ضم مشغولات نحتية لأهم القطع الأثرية التي هدمها تنظيم داعش الإرهابي في تحدٍّ كبير من قبل الفنانين على إدامة الصلة بآثارهم والتذكير بالجريمة الكبيرة لهدمها». اللافت في المعرض المتجول هو تلك السيارة الخاصة بالمتحف، وهي من نوع فورد وموديل 1957، يقول طراد عنها إن جمع أدواتها لأجل صيانتها كلفته مبالغ طائلة، دون أن يتلقى دعما من أحد في تنظيم المعرض وكل محتوياته.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».