صدى الطائرات في سوريا يخترق أجواء مؤتمر تعزيز العلاقات بين موسكو وأنقرة

نائب وزير الخارجية التركي: تجمعنا وروسيا مخاوف وقلق وخيبة أمل

عسكريون من قوات النظام السوري يسيرون على طريق قرب مطار كويرس العسكري بشمال غربي سوريا (أ.ف.ب)
عسكريون من قوات النظام السوري يسيرون على طريق قرب مطار كويرس العسكري بشمال غربي سوريا (أ.ف.ب)
TT

صدى الطائرات في سوريا يخترق أجواء مؤتمر تعزيز العلاقات بين موسكو وأنقرة

عسكريون من قوات النظام السوري يسيرون على طريق قرب مطار كويرس العسكري بشمال غربي سوريا (أ.ف.ب)
عسكريون من قوات النظام السوري يسيرون على طريق قرب مطار كويرس العسكري بشمال غربي سوريا (أ.ف.ب)

تسود حالة من القلق في الأوساط الاقتصادية – التجارية التركية والروسية، كما في الأوساط السياسية. وهو ناجم عن التوتر الحالي بين موسكو وأنقرة، الذي يشكل التناقض في المواقف حيال الأزمة السورية عنوانا عريضًا له، بينما شكلت حادثة اختراق مقاتلات روسية للمجال الجوي التركي نقطة تصعيد خطيرة فيه.
على خلفية هذا المشهد انعقد في موسكو المؤتمر الدولي لتعزيز الشراكة الروسية - التركية بمشاركة عدد كبير من ممثلي النخب الاقتصادية والسياسية من البلدين، وكان البحث عن سبل تجاوز الخلافات التي هيمنت على العلاقات بين البلدين نتيجة الأزمة السورية موضوعًا رئيسيا على طاولة المؤتمر، الذي تغير جدول أعماله بسبب التطورات الأخيرة في سوريا، لا سيما التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا.
خلال النقاشات التي حاول المؤتمرون الإجابة فيها على سؤال إلى أي مدى قد يذهب التوتر بين موسكو وأنقرة، قال علي كمال إيدين، نائب وزير الخارجية التركي المشارك في المؤتمر، إن بلاده «لم تفهم حتى الآن الهدف من المناورات الخطيرة التي نفذتها الطائرات الروسية»، وأعرب عن أمله في أن تقدم روسيا توضيحا مناسبًا للحادثة. بينما أوضح السفير التركي السابق في موسكو خليل آكنجي رد فعل إردوغان الغاضب وقال: إن «هذا الأمر جاء بعد أن انتهكت الطائرات الروسية المجال الجوي التركي، وفي موقف كهذا يجب على أي سياسي يحترم نفسه أن يظهر رد فعل حازما». كان كمال إيدين قد بحث في وقت سابق هذه المسائل مع أليكسي ميشكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، خلال محادثات مغلقة. ونقلت صحف روسية عن مصدر دبلوماسي تركي قوله بأن «المحادثات لم تؤد إلى تقريب المواقف حيال كل القضايا الخلافية، إلا أن هذا لن يؤثر على مواصلة الاتصالات على أعلى مستويات». ومن المتوقع أن يلتقي الرئيسان التركي رجب طيب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين على هامش قمة العشرين في منتصف الشهر المقبل.
هذا، وفي حين لم يحمل النقاش بين السياسيين خلال المؤتمر أي نتائج ملموسة، أولى ممثلو المجالات الاقتصادية في البلدين اهتمامهم لتقييم آفاق التعاون الثنائي، ولا سيما على خلفية تلويح إردوغان بتأمين مصدر بديل لتركيا عن الغاز الروسي، ووقف العمل بمشروع بناء شركة روسية لمحطة طاقة كهرو - ذرية في تركيا، وصولا إلى تجميد التعاون مع موسكو في مشروع «السيل التركي» الذي تعلق موسكو عليه الآمال لتتخلص من اعتمادها على الشبكة الأوكرانية في نقل الغاز الروسي إلى الأسواق الأوروبية.
بشكل عام لم تكن الأجواء خلال بحث ملف التعاون في مجال الغاز مشجعة، إذ قالت مصادر من داخل الجلسات إن المؤتمرين كانوا أقل حماسة في بحث هذا الملف، واعتبر الجانب الروسي أن الكرة الآن في «الملعب التركي»، لافتًا إلى أن روسيا أرسلت نص الاتفاقية الحكومية حول مشروع «السيل التركي» وتنتظر الرد من أنقرة عليها. إلا أن الأمر كان مختلفا خلال بحث ملف التعاون في مجال الطاقة النووية، إذ برز خلال المؤتمر إصرار من جانب مديري شركات الطاقة النووية في روسيا والشركة التركية على المضي في التعاون. إذ تحدث ظافر البير، مدير شركة الطاقة النووية في تركيا، بإسهاب عن نجاح مشروع محطة «آكويو» للطاقة النووية، وانضم إليه في هذا الحديث كيريل كوماروف، نائب مدير الشركة الروسية للطاقة النووية، الذي عدد الجوانب الإيجابية التي يمكن أن يتمتع بها هذا المشروع بفضل استخدام التقنيات والخبرة الروسيتين في تنفيذه.
مع هذا كله تشير نتائج المؤتمر إلى أن المشاركين لم يتمكنوا من القفز على تبعات الأزمة السورية وانعكاسات التباينات السياسية حولها بين موسكو وأنقرة على تعزيز علاقات التعاون الاقتصادي بينهما. إذ حرص ميشكوف، نائب وزير الخارجية الروسي على توضيح موقف بلاده من جديد، وأعرب عن أسفه لرفض التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة تفهم العملية الروسية، ورد على الاتهامات الموجهة لروسيا بأنها تقصف مقرات الفصائل السورية المعارضة للأسد، مكرّرًا التصريحات التي طلب فيها بوتين، وبعده وزير الخارجية سيرغي لافروف، بتقديم إحداثيات المجموعات التي يعتبرها الغرب معارضة معتدلة. أما كمال إيدين، فقال: إن «أحداث الأيام الأخيرة خلقت مشهدًا غير مشجع لتطوير العلاقات التركية - الروسية. تربطنا الآن مع روسيا مخاوف كثيرة وقلق وخيبة أمل. لقد عبرنا أكثر من مرة للقيادة الروسية عن قلقنا إزاء الوضع في سوريا».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.