لم يكن مستغربًا أن تفوز رواية «القندس» التي صدرت ترجمتها الفرنسية، العام الحالي، بجائزة «معهد العالم العربي» للرواية التي تمنح بالتعاون مع مؤسسة «لاغاردير».. فحال صدور الترجمة عن منشورات «سوي»، لقيت اهتماما نقديًا ونشرت عنها صحيفة «لوموند» مقالاً يتوقف عند أهمية موضوعها وموهبة كاتبها. ومن المعروف أن نقاد ملحق الكتب في الصحيفة لا يختارون إلا الكتب اللافتة للانتباه، وهم لا يكيلون المديح جزافًا.
ما «القندس»؟ سألنا علوان، فأجاب بأنه «ذلك القارض الذي يدمر الغابة من أجل أن يبني سدًا.. إنه حيوان أناني لا نكاد ننتبه لسلوكه حتى نتذكر سلوكنا كبشر، ونحن ندمر الطبيعة من أجل أن نبني بيوتًا أكبر وشوارع أوسع». ويضيف الروائي الشاب الذي عاش شطرًا من حياته في الولايات المتحدة الأميركية ويقيم حاليًا في مدينة تورنتو في كندا: «لا أحد يزور ولاية أوريغون الأميركية دون أن يلتقي بالقندس في بيئته الطبيعية، وقد عشت في هذه الولاية سنتين، درست خلاهما لشهادة الماجستير». فهل وجد علوان نفسه يراقب ذلك الحيوان الدؤوب ويتأمل سلوكه ويبحث عن أوجه الشبه بينه وبين سلوك بعض البشر، ومنهم بطل روايته؟
يقول: «نعم، من بعض النواحي أجدني أتصرف بسلوك يشبه القندس. كلما أوصدنا الباب وانكفأنا على أنفسنا، فنحن نبني سدًا على طريقة القندس. وكلما استأثرنا بخيرات الطبيعة وبددناها بأنانية، فلا فرق بيننا وبين القندس الذي يقضم شجرة هائلة من أجل أن يغير بها مسار النهر. تموت الغابة ويموت السمك. والقندس لا يأبه لذلك».
أما عن وصول الرواية إلى يد ناشر فرنسي، فيقول المسؤول في دار «سوي» إنهم حصلوا على حقوق نشر الرواية بالفرنسية بعد أن تابعوا أعمال علوان لبضع سنوات، لا سيما منذ أن تم ترشيحه ضمن 39 كاتبًا في مهرجان «هاي فيستفال» في بيروت وحتى دخلت الرواية إلى القائمة القصيرة للجائزة العربية للرواية «البوكر» عام 2013. وهو ليس الأثر الوحيد لـ«البوكر» على الرواية، فهو قد كتب فصولاً منها أثناء ورشة كتابة تعهدتها إدارة الجائزة في أبوظبي عام 2009، ودعت إليها كتابًا شبابًا وفرت لهم كل متطلبات الإبداع. وهناك، في جزيرة «بني ياس» الهادئة والمعزولة، تشكلت الرؤية الأولية للعمل.. وولد «القندس».
سبق لمحمد حسن علوان أن أصدر ثلاث روايات هي «طوق الطهارة» و«صوفيا» و«سقف الكفاية». وكلها من منشورات دار «الساقي». أما جائزة «معهد العالم العربي»، التي فازت بها «القندس»، فقد سبق أن فاز بها روائيون عرب مرموقون، أمثال المصري جمال الغيطاني واللبناني جبور الدويهي. وهي تشتمل على شهادة تقدير ومبلغ مالي. كما تمنح شهادة مماثلة ومبلغ مالي للفائز الثاني. وقد حل ثانيًا، هذا العام، الروائي اليمني علي المقري عن روايته المثيرة والجريئة «حرمة» التي صدرت ترجمتها الفرنسية عن دار «ليانا ليفي». وتسلم الفائزان جائزتيهما من يد فيليب لوروا، المدير المساعد لدى «لاغاردير» ورئيس لجنة التحكيم التي ضمت شخصيات عربية وفرنسية.
السعودي محمد حسن علوان يفوز بجائزة الرواية المترجمة في باريس
«القندس».. هذا الذي يدمر غابة ليبني سدًا
السعودي محمد حسن علوان يفوز بجائزة الرواية المترجمة في باريس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة