رئيسة البرازيل تتهم المعارضة بالسعي لإطاحتها بانقلاب

قائد الجيش يحذر من أزمة اجتماعية واقتصادية

الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف أثناء إلقاء كلمتها خلال اجتماع نقابي أقيم في ساو باولو أول من أمس (رويترز)
الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف أثناء إلقاء كلمتها خلال اجتماع نقابي أقيم في ساو باولو أول من أمس (رويترز)
TT

رئيسة البرازيل تتهم المعارضة بالسعي لإطاحتها بانقلاب

الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف أثناء إلقاء كلمتها خلال اجتماع نقابي أقيم في ساو باولو أول من أمس (رويترز)
الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف أثناء إلقاء كلمتها خلال اجتماع نقابي أقيم في ساو باولو أول من أمس (رويترز)

حصلت الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف مهلة لالتقاط أنفاسها في المعركة التي تخوضها بشراسة حول إجراءات الإقالة ضدها، التي رأت فيها مناورة من قبل المعارضة للقيام «بانقلاب».
وقالت روسيف في خطاب خلال اجتماع نقابي أقيم في ساو باولو أمس إن «المعارضة تسعى باستمرار إلى اختصار الطريق إلى الحكم، والقفز والوصول إلى السلطة من خلال انقلاب»، وأضافت روسيف، التي شهدت ولايتها الرئاسية الثانية أزمة سياسية حادة، أن خطة المعارضة «تقضي بإقالة مصطنعة لحكومة منتخبة بالاقتراع المباشر».
وبعد توتر وشائعات انتشرت صباح أول من أمس، قرر رئيس مجلس النواب إدواردو كونا أن يرجئ إلى الأسبوع المقبل قرار المجلس بشأن بدء إجراءات محتملة لإقالة روسيف، مما سيمهلها بعض الوقت لالتقاط الأنفاس، في وقت كان فيه السياسيون يتوقعون أن تحسم هذه القضية بشكل نهائي أول من أمس.
وصرح ناطق باسم مجلس النواب أن كونا «سينتظر حتى الأسبوع المقبل ليتخذ القرار»، من دون أن يذكر سبب هذا التأجيل. لكن في الوقت نفسه، وتلبية لطلبات نواب المعارضة، علق ثلاثة قضاة في المحكمة الفيدرالية العليا مؤقتا في قرارات فردية لتنفيذ الإجراءات التي حددها كونا لتجنب «مساس خطير بالنظام الدستوري»، حسبما قال أحدهم. ويفترض أن تجمد هذه القرارات، نظريا، بدء أي إجراءات إقالة إلى أن تعلن المحكمة العليا رأيها في جلسة عامة خلال أسابيع. لكن كونا رأى أن القرارات المؤقتة لقضاة الهيئة القضائية العليا لا تؤثر على صلاحيته في البت في طلبات إقالة روسيف الموجودة حاليا على مكتبه، موضحا أنه يمكن أن يتخذ قرارا من دون انتظار حكم المحكمة العليا حول لب الموضوع. وقالت روسيف مساء أول من أمس إن «الانقلاب الذي يريد الغاضبون تنفيذه يمثل ضربة للشعب، لكن ليكونوا واثقين أنهم لن يحققوا ذلك». وكانت الرئيسة البرازيلية قد تحدثت من قبل عن انقلاب، لكن ليس بهذه الحدة.
وأضافت روسيف موضحة أن «54 مليون برازيلي صوتوا مع مشروعنا.. وأنا ماذا امثل؟.. إنني أمثل الإنجازات التاريخية لحكومة لولا التي غيرت وجه البرازيل».
وأصبح كونا، العضو في الحزب الديمقراطي البرازيلي (يمين الوسط)، الحزب الرئيسي المتحالف مع الحكومة في البرلمان، الخصم الرئيسي لروسيف، خاصة بعد أن اتهمه القضاء بتلقي رشى بقيمة خمسة ملايين دولار، في إطار فضيحة فساد داخل شركة بتروبراس النفطية العملاقة. لكنه ظل يؤكد أنه ضحية تلاعب للرئاسة بالقضاء. إلا أن المعلومات التي كشفها القضاء مؤخرا بشأن حساباته المصرفية في سويسرا، التي لم يصرح عنها، عززت الشكوك فيه.
ويتهم معسكر الرئيسة كونا علنا بأنه يريد إسقاط الرئيسة ديلما روسيف (67 عاما) قبل سقوطه، في وقت تواجه فيه الرئيسة، التي تراجعت شعبيتها إلى الحد الأدنى في استطلاعات الرأي (10 في المائة)، انكماشا اقتصاديا في سابع اقتصاد في العالم، وعجز الحكومة عن تنسيق تحالف.
وقال ايدينو سيلفا، الناطق باسم روسيف، إن «إجراءات الإقالة ليست مبررة بأساس قانوني، وليس هناك أساس قانوني لها». لكن في حال عرضت إجراءات إقالة على النواب في نهاية المطاف، فإنه يفترض أن تتولى لجنة تقييمها، ويجب أن تحصل بعد ذلك على ثلثي أصوات البرلمانيين. وبذلك تتم إزاحة الرئيسة عن السلطة خلال 180 يوما على الأكثر، ويعود إلى مجلس الشيوخ محاكمتها بإشراف رئيس المحكمة العليا.
وقال المحلل السياسي ديفيد فليشر، القريب من المعارضة لوكالة الصحافة الفرنسية إنه «إذا شكلت لجنة للإقالة فسيكون ذلك بداية نهاية ديلما (روسيف). لذلك فإنهم (الحكومة) يبذلون جهودا شاقة لمحاولة جمع نواب عبر إعادة توزيع مناصب من أجل كسب دعم عند التصويت».
وتأثرت بورصة ساو باولو سلبا بالأزمة السياسية الحالية، حيث تراجعت أربعة في المائة أول من أمس، بينما سجل سعر الدولار أكبر ارتفاع له خلال جلسة واحدة منذ أربع سنوات، وكسب بين 3.58 و3.89 في المائة مقابل الريال البرازيلي.
من جانبه، قال قائد الجيش البرازيلي إن تنامي الاضطراب السياسي والاقتصادي في البرازيل قد يتحول إلى «أزمة اجتماعية»، بحسب تصريحات نقلتها صحيفة «فولها». وأطلق الجنرال إدواردو فياش بواش تحذيره غير المعتاد خلال فيديو مع ضباط الاحتياط الجمعة الماضي، بحسب ما أوضحت صحيفة «فولها» أمس الأربعاء، إذ قال بواش في خطابه الذي نقله الموقع الإلكتروني لصحيفة فولها «نحن نعيش في وضع صعب وحرج للغاية، أزمة ذات طابع سياسي واقتصادي، ذات طابع إثني خطير للغاية».
مضيفا أن الخطر «هو أنه في حال استمرار الوضع قد يتحول إلى أزمة اجتماعية، مع آثار سلبية على الاستقرار». لكن فياش بواش، الذي عينته الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف في يناير (كانون الثاني) الماضي، أكد أن «المؤسسات في البلاد تعمل بشكل منتظم».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.