«بلاي بوي» تحتشم: لا صور عارية بعد اليوم

ظهرت مارلين مونرو على غلاف عددها الأول عام 1953

غلاف لمجلة «بلاي بوي» عام 1970
غلاف لمجلة «بلاي بوي» عام 1970
TT

«بلاي بوي» تحتشم: لا صور عارية بعد اليوم

غلاف لمجلة «بلاي بوي» عام 1970
غلاف لمجلة «بلاي بوي» عام 1970

وصل عمر هيو هافنار، مؤسس مجلة «بلاي بوي» المتخصصة في صور النساء العاريات، إلى تسعين عامًا، وقلّ شغف الرجال الأميركيين لصور النساء العاريات، وقلّ الجنس العام في الثقافة الأميركية (وربما الخاص)، وزادت مطالب الأميركيات باحترام الرجال لهن، وبألا ينظروا نحوهن نظرة جنسية. لكن أهم من هذا كله، غيّر الإنترنت كل شيء، بما في ذلك توفر الصور والفيديوهات الجنسية في عشرات الملايين من المواقع.
وبدأت صحيفة «يو إس إيه توداي» أمس (الثلاثاء) الخبر بجملة: «لم يعد تصفح مجلة (بلاي بوي) في مكان عام شيء يدعو للإحراج أو الخجل». وبدأت صحيفة «واشنطن بوست» الخبر (وهي تخاطب الرجال) بجملة: «لا تضعوا نظارات القراءة فوق أعينكم، ولا تشكّوا في صحة الخبر: مجلة (بلاي بوي) توقفت عن نشر صور النساء العاريات».
وكان عنوان خبر صحيفة «واشنطن بوست»: «(بلاي بوي) تتغطى». وعنوان خبر صحيفة «يو إس إيه توداي»: «لا صور عارية». لكن كان خبر صحيفة «نيويورك تايمز» (أول من نشرت الخبر) أقل الأخبار إثارة.. وقدمت الخبر من دون تحيز.
قالت: «في الشهر الماضي، ذهب غوري جونز، رئيس تحرير مجلة (بلاي بوي)، من رئاسة المجلة في نيويورك، إلى هيو هافنار، مؤسس وصاحب المجلة، والذي ظل يعيش في (قصر بلاي بوي/ بالقرب من شيكاغو). وفي مكتب هافنار الفخم، ووسط لوحات تقدر بعشرات الملايين من الدولارات، منها لوحات للرسام بيكاسو، كان رئيس التحرير صريحًا مع صاحب المجلة، وقال له باختصار: (انتصر علينا الإنترنت. صارت صور النساء العاريات في كل مكان، ومجانًا)».
وحسب الصحيفة، اقترح رئيس التحرير إعادة تصميم المجلة كالآتي، بداية من عدد مارس (آذار) المقبل:
أولاً: التركيز على المقابلات مع شخصيات هامة.
ثانيًا: استكتاب أشهر الكتاب في العالم لكتابة آراء وتقارير.
ثالثًا: وقف صور النساء العاريات تعرية كاملة. والاكتفاء بصور «مثيرة، لكن ليست فاضحة»، وحسب المجلة، وافق هافنار «من دون تردد».
وقبل أكثر من نصف قرن، في شيكاغو، أسس هافنار المجلة بهدف واحد، لم يتردد، ولم يخجل، في أن ينشره في أول عدد: «ستكون هذه المجلة مجلة الرجال الأولى. ستركز على نشر صور النساء الجميلات جدًا، والعاريات تمامًا».
وقبل ذلك بعام (في عام 1953) فصل هافنار من مجلة «أسكوايار»، حيث كان صحافيًا، وذلك بعد أن حاول نشر صور نساء شبه عاريات، مع تقرير جنسي مثير. تحمس لفكرته، واستدان من والدته، التي اضطرت لبيع بعض أثاث منزلها. قال لها: «لن تفهمي ما أريد، ولن توافقي عليه. لكنه سيكون مشروعًا مثيرًا جدًا، ورابحًا جدًا».
وبطريقة ما يقال إنه يسحر النساء بكلام معسول، أقنع الممثلة الشقراء مارلين مونرو في عام 1953 لتظهر عارية على غلاف أول عدد.
وزّع العدد الأول قرابة مائة ألف نسخة، بقيمة نصف دولار للنسخة.
وفي ثمانينات القرن الماضي، وصلت المجلة إلى قمتها.. وزّعت عشرة ملايين نسخة (في أميركا، وحول العالم بطبعات بلغات مختلفة، لكن نفس الصور). وقبل عشرة أعوام، بلغت قيمة شركة «بلاي بوي» نصف مليار دولار. وعندما احتفلت المجلة بمرور خمسين عامًا على تأسيسها، ظهر هافنار في «قصر بلاي بوي»، تحيط به مجموعة من أجمل النساء الأميركيات (كلهن ظهرن عاريات في أعداد سابقة من المجلة).
لكن، خلال العشر سنوات الماضية، صار الإقبال على المجلة يقل. تعمّدت منظمات حقوق المرأة الهجوم على المجلة، واتهامها بالإساءة إلى النساء، وباعتبارهن مجرد أجساد لمتعة الرجال الجنسية.
سبب آخر: ظهرت مجلات منافسة، مثل «بنتهاوس» التي تفوقت على «بلاي بوي» بنشر صور نساء أكثر تعريًا، وأكثر إثارة.
وكما قالت صحيفة «نيويورك تايمز»: «هزم (بلاي بوي) نجاحها». وصار واضحًا أن المنافسة في نشر الصور النسائية المثيرة لا حدود لها. وأن تعرى النساء، أيضًا، لا حدود له. عندما زادت مجلة «بنتهاوس» الإثارة في الصور العارية، تراجعت مجلة «بلاي بوي»، ثم وجدت أن الإقبال عليها قلّ، فعادت إلى صور عارية «أكثر تطرفًا»، وهكذا.
الآن، حسب صحيفة «نيويورك تايمز»، لن تنشر «بلاي بوي»، بداية من العام القادم صورًا عارية متطرفة، أو عارية معتدلة. ستنشر صورًا «مثيرة، لكن ليست فاضحة».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».