الأحذية في مصر القديمة.. معرض نوعي عن صناعة ذات طبيعة رمزية

يقدم بانوراما عبر ألوف السنين لحرفة تمثل قيمة حضارية عبر العصور

معرض القاهرة في ميدان التحرير
معرض القاهرة في ميدان التحرير
TT

الأحذية في مصر القديمة.. معرض نوعي عن صناعة ذات طبيعة رمزية

معرض القاهرة في ميدان التحرير
معرض القاهرة في ميدان التحرير

بوسط القاهرة، في معرض غير تقليدي بالمتحف المصري المطل على ميدان التحرير، تقدم «الأحذية» بتنوعها وتطور صناعتها جانبا من الحياة الاجتماعية «الطبقية» والدينية في مصر الفرعونية.
وطبقا لبطاقات تعريفية بالمعرض الذي يحمل اسم «خطوات عبر الزمن.. الأحذية في مصر القديمة» فإن الأحذية كانت منتشرة بين كل طبقات المصريين في مصر القديمة حتى بين الفلاحين خلال عملهم في الزراعة، «أما الآلهة فلا ترتدي الأحذية أبدا حتى عندما يقف الملك أمام الآلهة يرتدي هو فقط الصندل في كثير من الأحيان، الأمر الذي يوضح مكانته أمام الآلهة». كما كانت الأحذية في تلك الفترات المبكرة ذات طبيعة وظيفية وطبقية.. فهناك اختلاف بين أحذية العامة وأحذية الجنود وأحذية الأطفال التي «كانت نسخا مصغرة لأحذية الكبار» وأحذية الملوك، فأحذية الملك توت عنخ آمون تشمل صنادل ذهبية عثر عليها في مقبرته التي اكتشفت في جنوب مصر عام 1922 وصنادل أخرى استخدمت فيها الألياف النباتية.
والمعرض الذي افتتحه وزير الآثار المصري ممدوح الدماطي مساء الأحد الماضي يتصدره تمثال من الحجر الجيري الملون لخادم يحمل حقيبة على كتفه اليسرى وفي يده اليمنى صندل. والتمثال الذي اكتشف في منطقة سقارة الأثرية جنوب القاهرة يرجع إلى الأسرة الخامسة (2494 - 2345 قبل الميلاد).
وقال الدماطي في الافتتاح - الذي حضره السفير الإسباني فيديل سيندا جورثا - إن هذا المعرض «فريد من نوعه»، إذ يقدم بانوراما عبر ألوف السنين لحرفة «تمثل قيمة حضارية عبر العصور»، مضيفا أن كثيرا من تفاصيل الحضارة المصرية القديمة يصلح لكي يقام عنه معرض نوعي.
والمعرض الذي ينظم بالتعاون مع المعهد الهولندي الفلمنكي بالقاهرة يضم 47 قطعة تتنوع بين مختلف أشكال الصنادل والأحذية المصرية القديمة.
وكان أندريه فلاديمير الباحث الزائر بالجامعة الأميركية بالقاهرة أعد مشروعا بحثيا لدراسة الأحذية في مصر القديمة قبل عشر سنوات، وجاء هذا المعرض ثمرة له، حسب «رويترز».
وتزود القطع المعروضة بلوحات إرشادية عن تاريخها وبدء استخدامها والسياق الاجتماعي أو الديني الخاص بها. ويقدم المعرض تفاصيل عن وجود أحذية مصنوعة من المعدن والجلود وأخرى مزينة بالخرز أو مغطاة بالذهب، وبعضها صنع من الخشب والجلود معا أو من عناصر نباتية أو كرتونية يتم ضغطها لتمنح الصندل نوعا من المتانة، وقد يستخدم الكتان في بعض منها، كما وجدت أيضًا صنادل خشبية «تم صنعها خصيصا ليستخدمها المتوفى في العالم الآخر» وفقا لعقيدة المصريين القدماء.
ويضم المعرض لوحة حجرية لرئيس صانعي الأحذية الملكية «ايبو» وزوجته وابنتهما «في وضع تعبدي» أمام أوزير الذي يحكم عالم الموتى وإله البعث في مصر القديمة. ويستمر المعرض حتى 31 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».