حتى بيت المتنبي لم يسلم من الدمار في مدينة حلب

كان قد اكتشف ووثق من قبل المؤرخين قبل 10 سنوات

حتى بيت المتنبي لم يسلم من الدمار في مدينة حلب
TT

حتى بيت المتنبي لم يسلم من الدمار في مدينة حلب

حتى بيت المتنبي لم يسلم من الدمار في مدينة حلب

عانت مدينة حلب الويلات منذ بداية الحرب، دمرت أسواقها القديمة، ودمّر جزء من جدران القلعة، ودمر متحف ذاكرتها والخانات والمدارس الأثرية، وحتى منزل الشاعر الشهير المتنبي لم ينجُ من الدمار، كما تؤكد المصادر المعنية بآثار المدينة.
تعد مدينة حلب من أهم المدن السورية التاريخية التي تعاقب عليها ومنذ آلاف السنين كثير من الحضارات، وخلفت وراءها المئات من أبرز المعالم التاريخية، وتأتي في مقدمتها قلعتها الضخمة وأسواقها المسقوفة، والتي يزيد طولها على الخمسة عشر كيلومترًا في وسط المدينة؛ حيث سجلت في موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية بوصفها أكبر وأطول أسواق قديمة في العالم. كما سجلت قلعتها في الموسوعة نفسها بوصفها أكبر قلعة تاريخية في العالم. وحسب ترتيب «اليونيسكو» لأقدم مدن العالم التي لا تزال مسكونة حتى اليوم، جاءت حلب واحدة من أقدم المدن المسكونة حتى الآن، حيث يزيد عمرها على 12200 سنة.
حلب أنهكتها المعارك والحرب المستمرة منذ أربع سنوات وأدّت لتدمير كثير من منشآت المدينة القديمة. وما يحصل فيها يشابه ما حصل لمدن أوروبية في الحرب العالمية الثانية مثل وارسو، وإن لم تتوقف الحرب في حلب فستذهب المدينة إلى ما لا نهاية!
وفي هذا الصدد، يقول مدير عام الآثار السورية مأمون عبد الكريم لـ«الشرق الأوسط»: «بشكل متواز مع ما يجري في مدينة تدمر من فعل إجرامي وحشي من قبل الدواعش، نحن نفقد مدينة أخرى مسجلة ضمن قائمة التراث العالمي وتعد من أمهات المدن الإسلامية والعربية والعالمية، ولها مكانتها الكبيرة في العالم؛ وهي حلب التي تتعرض لتدمير ممنهج بفعل الاشتباكات القائمة منذ أكثر من ثلاث سنوات».
وحسب تقرير مديرية الآثار السورية العامة المعتمِد على تقرير مديرية آثار ومتاحف حلب المعتمَد لدى «اليونيسكو»، فإن التدمير والتخريب في حلب تسبب في أضرار طالت 193 مبنى أثريا وتاريخيا؛ فقد احترقت الأسواق القديمة التي تعد جوهرة أثرية وتراثا عالميا؛ فالأسواق تقع في وسط المدينة، وتحديدًا بين قلعتها الشاهقة الضخمة، والبوابات التي كانت تغلق مساء كل يوم لحماية محلات تجار هذه الأسواق وهي بوابات: الفرج وأنطاكيا وقنسرين والجنان والنصر.
ويقسم الباحثون أسواق حلب القديمة إلى مجموعتين: الأولى على شكل خطوط متوازية مع جدار الجامع الأموي الكبير الجنوبي، ويعود تاريخها إلى القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلادي، والمجموعة الثانية مكونة من سوق وخان قيسرية، وفيها مجموعة من الدكاكين، وتعود أصول أسواق حلب القديمة إلى القرن الرابع قبل الميلاد؛ حيث أقيمت المحال التجارية على طرفي الشارع الممتد من قلعة حلب وباب أنطاكيا حاليًا، وأخذت الأسواق شكلها الحالي في مطلع العصر العثماني، وهي بوضعها الراهن تحمل طابع القرن السابع عشر، كما أن سقوفها كانت مغطاة بالحصر والقصب، ولكن في عام 1868 احترقت، فأمر الوالي العثماني آنذاك ببنائها على طريقة الجملون مع النوافذ السقفية.
الأسواق كانت قبل الحرب عامرة ومزدهرة، وكانت عبارة عن متاحف شعبية حية تقدّم الحياة كما كانت في القرون الوسطى، ويبلغ عددها 39 سوقا؛ منها: الدهشة والزرب والبلستان والخيش والقطن والسراجين والحبالين والعطارين والنحاسين وسوق الصابون والجمرك.. وغيرها من التسميات لهذه الأسواق التي كانت تصنّع وتبيع المنتجات اليدوية الحلبية من خلال حرفيي حلب الماهرين.. للأسف كل ذلك دمّرته الحرب، فاحترقت الأسواق مع بضائعها، وذهبت جهود حرفيي حلب الماهرين سدى.
من المباني التاريخية التي خربتها الحرب بشكل واسع، الجامع الأموي الكبير المجاور للأسواق، الذي تضرر بشكل كبير. وحسب مديرية الآثار السورية العامة والتقرير الذي أعدّه مديرها العام الدكتور مأمون عبد الكريم، واعتمادًا على معلومات مديرية آثار محافظة حلب وفي تقريرها الذي أعدّته مؤخرًا عن حجم الأضرار الذي تعرض لها هذا المسجد الذي يعد من أجمل وأهم المساجد التاريخية في سوريا.. فإن مئذنة الجامع دُمِّرَتْ بالكامل في شهر أبريل (نيسان) 2013، وكانت تعد من أجمل المآذن الإسلامية في المدينة القديمة المدرجة على لائحة التراث العالمي لـ«اليونيسكو». كما فكّت مجموعة مسلحة المنبر الخشبي للجامع وادّعت نقله إلى مكان آخر آمن - كما يقول التقرير - وذلك دون علم السلطات الأثرية المعنية بحماية التراث الثقافي في مدينة حلب. كما طالت الأضرار البنية الإنشائية في أماكن متعددة، ولم تستطع مديرية آثار حلب استيضاح شدّة الأضرار لاستحالة الوصول إلى المكان ومعاينته بسبب عنف الأحداث.
يقول المؤرخون، ومنهم ابن العديم، إن سليمان بن عبد الملك هو الذي بنى جامع حلب الأموي، وتأنَّقَ في بنائه ليضاهي به ما عمله أخوه الوليد في جامع دمشق، وتم ذلك عام 98هـ، فيما كان المبنى قد حول إلى جامع في فترة الفتح الإسلامي لمدينة حلب أي عام 17هـ، وإن جامع حلب تميز بالزخرفة والرخام والفسيفساء، كما هو جامع دمشق، وهو أكبر جامع تاريخي في المدينة.
أما مئذنة الجامع، فهي مربعة الشكل، وجدد بناؤها في العصر السلجوقي عام 1089م، وتعد من روائع العمارة الإسلامية؛ حيث يبلغ ارتفاعها 46 مترًا، ويصعد إليها بـ174 درجة، وعليها كتابات بالخطين الكوفي المورق والثلث المزخرف، ويبلغ ضلع المئذنة نحو خمسة أمتار. كما يتميز مصلى الجامع الكبير بكثرة عدد أبوابه التي تصل لخمسين بابًا، وتطل على الصحن، وهناك أيضًا الأقواس المعمارية الجميلة والزخارف المميزة للجامع. وكان الجامع قد رممّ بشكل كامل في عام 2006 بمناسبة الاحتفاء بحلب عاصمة للثقافة الإسلامية في ذلك العام.
أضرار أخرى طالت المباني الأثرية في مدينة حلب، ومنها مبنى البيمارستان الأرغوني، الذي يعرف بـ«متحف الطب والعلوم»، في حين أن معظم بيوتات المدينة القديمة تعرضت لأضرار، ومنها بيت الشاعر الشهير المتنبي، الذي كان قد اكْتُشِفَ ووثّق من قبل المؤرخين في حلب قبل نحو عشر سنوات، كما تضرر حمام «يلبغا» المجاور للقلعة وجوامع: الخسرفية والسلطان والمهمندار والحدادين وناقوسا والتوت والبهرمية وأصلان داده والفستق، والزاوية الصيادية (دار الفتوى) والزاوية الكمالية والمكتبة الوقفية وكنيسة الشيباني وكنيسة الكاثوليك والكنيسة المارونية ومبنى الهجرة والجوازات القديم وحمام سوق الغزل وحمام النحاسين وخانات خير بك والجمرك والنحاسين والكتان والوزير والتتن الصغير والصابون، وكذلك أسواقها آنفة الذكر.



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.