«مغردون سعوديون» يعقد اجتماعه الثاني حول «تويتر» في الرياض

انطلق العام الماضي برعاية مؤسسة محمد بن سلمان الخيرية «مسك الخيرية»

بعض من المشاركين في اللقاء الأول
بعض من المشاركين في اللقاء الأول
TT

«مغردون سعوديون» يعقد اجتماعه الثاني حول «تويتر» في الرياض

بعض من المشاركين في اللقاء الأول
بعض من المشاركين في اللقاء الأول

كانت وسائل الإعلام التقليدية بأذرعها الثلاث مسيطرة على المشهد سنوات طوالا، وعندما ظهر ما يطلق عليه الإعلام الرقمي هز عرش الإعلام التقليدي وبات وجهة لغالبية المجتمع، ففيه يجدون المعلومة القصيرة والخبر الجديد بعيدا عن بيروقراطية الإعلام التقليدي، الذي ناصب هذا الفتى اليافع العداء لكنه تراجع وقرر أن يواكبه، فبدأت الوسائل التقليدية تساير هذا (الجديد) وتصالحه. ويعتبر «تويتر» منفذا سهلا للوصول للمتابعين بشتى أنماطهم واتجاهاتهم. وتعد انطلاقة ملتقى «مغردون سعوديون» لأول مرة في عام 2013 ميلاديا حصيلة سنوية لما تم تداوله في «تويتر» الشبكة الاجتماعية الأكثر نموا في السعودية والأكثر تأثيرا في العالم.
والجدير بالذكر أن عدد مستخدمي «تويتر» تعدى حاجز المليار. ويتفاعل عبرها ما يقارب 100 مليون «مغرد» من مختلف الدول يوميا، وتُطرح فيها كل ثانية أكثر من 143 ألف تغريدة. وقد لقي ملتقى «مغردون سعوديون» صدى إيجابيا بين المغردين، وجعلهم ينتظرون هذا الحدث الذي تتجدد الجلسات الحوارية فيه هذا العام، ضمن دورته الثانية، التي تعقد بتنظيم من مؤسسة الأمير محمد بن سلمان الخيرية «مسك». ويجري هذا العام بحث مواضيع مختلفة تتعلّق بموقع التواصل الاجتماعي العالمي «تويتر»، ومدى تأثيره على المجتمع السعودي بمختلف فئاته.
ويأتي ملتقى هذا العام الذي ينطلق غدا الاثنين في فندق الـ«ريتز كارلتون» في الرياض امتدادا لدورته الأولى التي أقيمت في المكان ذاته العام الماضي، والتي شهدت مشاركة أكثر من 400 شخص من المتخصصين والمهتمين بالتقنية ومواقع التواصل الاجتماعي، شاركوا بأفكارهم وآرائهم ومقترحاتهم في سبيل رفع الوعي الاجتماعي بالكيفية المُثلى لاستخدام «تويتر» والمواقع المشابهة له، مستعرضا مجموعة من النماذج الناجحة التي أثبتت تميّزها من خلاله على مستوى مجالات عدة.
وكان ملتقى «مغردون سعوديون» الأول أحد «الهاشتاغات» الرائجة في «تويتر»، وهو هاشتاغ «السعودية» الذي يشهد تغريدات يومية متنوعة ترتبط بالشأن المحلي، وقد تحدث مؤسسه فارس المطيري عن بدايات هذا الهاشتاغ وما وصل إليه من تفاعل واهتمام، وكذلك تم تسليط الضوء على تجربة سعودية تمثّلت في تأسيس شركة متخصصة في التسويق عبر «تويتر»، إذ تحدث مؤسسها أحمد الجبرين عن هذه التجربة وفوائدها المكتسبة.
ولم يغب المجال الإعلامي عن جلسات الملتقى في دورته الأولى، إذ تناول المشاركون كيفية استفادة الإعلامي من «تويتر»، وأبرز التحديات التي يواجهها لتحقيق مطلبه، إلى جانب شكل التنافس القائم بين الإعلام التقليدي والإعلام الجديد، وهذا ما تناوله صلاح الغيدان الذي تحدّث عن توظيفه لـ«تويتر» في دعم برنامجه التلفزيوني، الأمر ذاته كان مع عبد الله المديفر الذي اعتبر «تويتر» منصة جيدة لإثراء برنامجه التلفزيوني، خصوصا من حيث طرح الأسئلة على ضيوفه، في حين تناول صاحب حملة «صدقوني» على «تويتر» فهد الفهيد تجربته مع هذه الحملة التوعوية التي تستهدف الشباب، ومدى إسهامها في إثرائهم بالكثير من الرسائل الإيجابية.
وأعطي الشأن القانوني والرقابي مساحة من الطرح في الملتقى، إذ تمّت مناقشة أسباب حدوث بعض التجاوزات عبر «تويتر» وما هي الآلية الأنسب للحد منها، وما هو الرأي القانوني حول ذلك، إذ تحدث في هذا الموضوع كل من سلطان المالك وعبد العزيز الشعلان وبندر النقيثان.
وحول نشر الأفكار وصناعتها في «تويتر» وعوائق نشرها وكيفية تعزيز الإيجابي منها، فقد تحدث عن هذا الجانب صاحب موقع «تويت ميل» صالح الزيد، الذي تناول دور «تويتر» في زيادة شعبية موقعه، كذلك صاحب موقع «متوترون» نايف القزلان، الذي استعرض تجربته وعمله على محاربة بعض الأفكار لبعض الأفكار السلبية.
واستعرض الملتقى كذلك مجموعة من التجارب الذاتية لعدد من رواد «تويتر»، جاء بينهم عبد الله المغلوث، الذي ألف كتابا عن هذه الموقع، والمدرب على تطبيقات «تويتر»، محمد بدوي، ووليد سموم الذي قدّم بعض الأفكار في كيفية الاستخدام الجيّد لـ«تويتر». ويعتقد الكثيرون أن العلاقة بين «تويتر» والمجتمع لا بد أن تتسم بالإيجابية والفعالية بشكل أكبر لتكون مفيدة لكلا الطرفين. ويؤكد الباحث في مجال الإعلام الجديد عبد الله بن حمد الداود صاحب «مدونة سلطان وعالية» أن السلبيات في وسائل الإعلام الجديد مقارنة بإيجابيته تعتبر قليلة وبالإمكان القضاء عليها من خلال حملات توعوية تنبذ السلبية في هذه الوسائل، وكذلك أن يعتاد النجوم في شتى المجالات أن يسهموا فيها بإيجابية بعيدا عن الخلافات مع أطراف أخرى، فهناك لهم متابعون يرونهم قدوة وقد يسيرون على نهجهم. وأكد الداود أن «إقامة الملتقيات للشباب للتوعية بأهمية الاستفادة من الإعلام الجديد بشكل صحيح أمر ضروري، وقد أحسنت مؤسسة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز الخيرية (مسك الخيرية) بمبادرتها بإطلاق ملتقى (مغردون سعوديون) الأول الذي وجد صدى طيبا لدى رواد (تويتر) في السعودية من خلال بعض المتابعات التي جرى رصدناها بعده، وأتمنى أن يستمر هذا الملتقى ويصبح منصة لإطلاق المبادرات الإيجابية التي تخدمه المجتمع في عالم (تويتر)».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».