قوات التحالف تحرر سد مأرب.. واستعدادات لتحرير الجوف

محافظ مأرب لـ«الشرق الأوسط»: عثرنا على أجهزة اتصالات وأسلحة إيرانية

خالد بحاح رئيس الوزراء اليمني أثناء حديث مع قائد القوات السعودية في مدينة عدن أمس (رويترز)
خالد بحاح رئيس الوزراء اليمني أثناء حديث مع قائد القوات السعودية في مدينة عدن أمس (رويترز)
TT

قوات التحالف تحرر سد مأرب.. واستعدادات لتحرير الجوف

خالد بحاح رئيس الوزراء اليمني أثناء حديث مع قائد القوات السعودية في مدينة عدن أمس (رويترز)
خالد بحاح رئيس الوزراء اليمني أثناء حديث مع قائد القوات السعودية في مدينة عدن أمس (رويترز)

تمكنت قوات الجيش اليمني المدعومة من قوات التحالف العربي أمس من تحرير سد مأرب من الميليشيات الحوثية وأتباع الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، محققة بذلك تقدما كبيرا على صعيد المواجهات مع الميليشيات.
واعتبر سلطان العرادة، محافظ مأرب أن تطهير منطقة سد مأرب «انتصار تاريخي عظيم»، وإن «أيدي سبأ تفرقت من سد مأرب وها هي تلتقي فيه مرة أخرى، تحت راية النصر واللقاء بين أبناء اليمن ودول التحالف العربي».
وأضاف العرادة لـ«الشرق الأوسط» أن «تطهير منطقة السد، جرى من خلال عملية عسكرية ناجحة، شاركت فيها القوات البرية والمدفعية بتغطية من طيران التحالف»، مضيفًا أن العشرات من عناصر الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع سقطوا قتلى وجرحى في عملية تحرير سد مأرب فيما وقع الآخرون في الأسر بيد القوات المشتركة.
وذكر العرادة أن القوات المشتركة وجدت الكثير من العتاد والأسلحة ومعدات عسكرية كبيرة ومتنوعة من ميليشيات وقوات الانقلابيين، بينها الرشاشات وبنادق قنص حديثة ومتطورة وتجهيزات عسكرية والتي وجد عليها كتابات فارسية تدل على أنها أسلحة إيرانية لدى الحوثيين.
وأشار العرادة إلى أن معظم أجهزة الاتصالات، التي خلفها الحوثيون وراءهم في جبهات القتال عقب هزيمتهم وفرارهم، هي إيرانية الصنع وتحمل كتابات باللغة الفارسية، وقال: «لا شك أن الدعم الإيراني واضح من خلال المعدات التي عثرنا عليها، وهناك لمسات إيرانية واضحة»، واعتبر العرادة أن «سد مأرب معلم تاريخي واحتلاله من قبل الميليشيات الحوثية له معنى وأن عمليه تحريره من أيديهم له معنى أكبر من الناحيتين التاريخية والعسكرية».
وأضاف العرادة أنه يتقدم بالشكر لقوات التحالف العربي بقيادة السعودية وللجيش الوطني الأبي لتحرير سد مأرب وأنه يتقدم باسمه وباسم أبناء مأرب، بل وباسم أبناء كل اليمن لدول التحالف العربي، إزاء ما قدموه من دعم وإسناد يستحق التقدير والاحترام.
وتواصل القوات المشتركة تقدمها المتواصل في المواجهات المسلحة في مأرب، إذ تمكنت، أيضا، من السيطرة على أجزاء واسعة من تلة «حمة المصارية»، وهي واحدة من أهم التلال في مأرب، وتوصل إلى طريق منطقة كوفل، حيث يضخ النفط إلى ميناء رأس عيسى، على البحر الأحمر، وذلك بعد قتال عنيف قتل وجرح خلاله العشرات من عناصر الميليشيات وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
وتشير المصادر إلى أن القوات المشتركة، استطاعت، عبر التقدم والنتائج الإيجابية التي حققتها ميدانيا، من قطع طريق الإمدادات للمتمردين في جبهة الجفينة، وهي واحدة من أقوى جبهات القتال في مأرب، التي تعد من أبرز المحافظات التي رفضت الانصياع لسيطرة الحوثيين وحليفهم صالح، عقب الانقلاب على شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، العام الماضي، ورفضت التسليم وشرعت في قتال الانقلابيين، منذ اللحظة الأولى، بعد تأييدها للشرعية.
وجاءت النتائج العسكرية الميدانية الإيجابية في مأرب، في وقت تجري الاستعدادات الكاملة للبدء في عملية تحرير محافظة الجوف المجاورة، إذ أكد العميد أمين العكيمي، قائد لواء النصر في الجوف لـ«الشرق الأوسط» أن اجتماعات موسعة، عقدت اليومين الماضيين، في إحدى المناطق الصحراوية على الحدود اليمنية - السعودية، جرى خلالها دراسة خطة تحرير الجوف، من مختلف الزوايا.
وأشار العكيمي إلى أنه جرت لقاءات جمعته مع محافظ المحافظة، العميد حسين العجي العواضي، وقائد المنطقة العسكرية السادسة، اللواء أمين الوائلي، وقادة عسكريين في العمليات المشتركة لقوات التحالف وقوات الجيش الوطني لدراسة عملية تحرير منطقة الجوف.
وبين العكيمي أن الترتيبات شبه كاملة لبدء عملية تحرير الجوف، مؤكدًا أن القوات العسكرية الموجودة في الجوف سوف تحرر المحافظة «ولن يستغرق ذلك طويلا»، وأنها سوف تشارك في عملية تحرير العاصمة صنعاء، وتقدم العكيمي بالتهاني الحارة إلى مقاومة وقبائل مأرب على تحرير منطقة سد مأرب، مؤكدًا أن مقاومة مأرب «حققت شيئا كبيرا، منذ البداية، بإمكانياتها الذاتية»، وأنها «أصبحت قدوة وعلما في اليمن».
وفي هذا السياق، تعتبر قبائل ومقاومة مأرب والجوف أن جبهة القتال في المحافظتين، هي جبهة واحدة، وتستعد قوات مؤيدة للشرعية وقوات المقاومة الشعبية في منطقة صحراء الريان بمحافظة الجوف، وقد استكملت معظم ترتيبات البدء في الحملة العسكرية لتحرير المحافظة، التي سقطت في أيدي الميليشيات في يونيو (حزيران) المنصرم.
على صعيد آخر، واصلت قوات التحالف قصفها العنيف لعدد من المواقع التي تتمركز فيها الميليشيات الحوثية، في عدد من المحافظات، وكشفت مصادر إعلامية يمنية أن طائرات التحالف أحبطت، من خلال قصفها في تعز والبيضاء، محاولات للميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح، استهداف مطار عدن الدولي، أثناء مغادرة طائرة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى نيويورك للمشاركة في قمة الأمم المتحدة، بواسطة صواريخ باليستية، وأشارت المصادر إلى أن القصف أحبط تلك المحاولات في البيضاء وتعز وأدى تفجير منصات تلك الصواريخ التي كانت ستقصف بها عدن.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.